العام الإيراني الجديد الذي يطلق عليه خامنئي اسماً جديداً في بداية كل سنة إيرانية جديدة تبدأ في الحادي والعشرين من آذار/مارس من كل سنة ؛ انعكاس لواقع تمرّها البلاد ، و تتناسب تلك التسمية و الظروف التي تواجهها الحكومة الإيرانية وكذلك متطلّبات الأزمة التي يعيشها المواطن طيلة العام . فيوظّف النظام ماكنته الإعلامية للترويج للأعوام حيث تسثمرالسلطات إمكانياتها للإعلان عن نيّتها في التسمية الواردة في كل عام وتنفّذ الإيرانية بطريقة دعائية بعض المشاريع للتتناسب مع تسمية الأعوام التي يطلقها خامنئي بنفسه ومن على منبر التلفزيون الإيراني ومنبر أئمة الجمعة في البلاد.
قام خامنئي بتسمية السنة الإيرانية الجديد بـ " الإقتصاد و الثقافة و الإرادة الوطنية و الإدارة الجهادية" وهي تسمية فريدة من نوعها بسبب احتوائها على عدة حقول منها الثقافية والإقتصادية و الإدارة . وكلّ تلك الحقول مؤزّمة بأزمات مستعصية تواجهها السلطات الإيرانية منذ نشأتها ولحد الآن وهي عاجزة عن استئصالها لوجود ظاهرة ظلّت تخرم جسد الإقتصاد والثقافة والإدارة في إيران، فرغم تأكيد القادة السياسيين والدينيين في إيران على مكافحتهم لها إلا أنهم فشلوا في احتوائها.
الفساد الإداري و الكشف عن سرقات بليونية في البنوك الإيرانية وتورّط بعض المنتسبين للقضاء الإيراني في ذلك الفساد يعكس قلق المسؤولين الإيرانيين من الظروف الراهنة هناك .و إنّ تسمية الإدارة الجهادية من قبل خامنئي نفسه تصبّ في صلب هذه القضية في إيران . إضافة الى المعركة الوطيس التي تدور رحاها في المجال الثقافي منذ عقود وفي السنة الحالية على وجه التحديد بين وزارتي الثقافة والإعلام الإيرانية التي يترأسها رجال الرئيس المعتدل روحاني وبين مؤسسات التمييز التي يديرها قادة متشددون في الحرس الثوري.
إضافة الى خوف المسؤولين الإيرانيين من الثورة في العلوم الإنسانية والتوجه السائد نحو العلوم الإنسانية نحو الفلسفة الغربية والإبتعاد عن النهج الديني والثوري الإيراني.فإنّ ما يقلقهم هو حصول الجيل الجديد على المعلومة الغير مشفّرة. وهذا ما عبّر عنه خامنئي في عدة مناسبات والكامن في مشروع أسلمة العلوم الإنسانية و طرد الافكار المستغربة من هذا الحقل . وبالفعل تمّ فصل العديد من الأساتذة العلمانيين من الجامعات الإيرانية بعد أن ثبت عدم التزامهم بثوابت النهج الأصولي الحاكم في الجامعات الإيرانية.
فحملة اعتقال المتبرّجات في المدن الإيرانية بحجة عدم مراعاة الحجاب تسير بشكل عشوائي لتعترض الحريات الفردية للشباب الإيراني والتضييق على مساحة اللبس و الموظة في إيران هو تدخّل سافر يصبّ في اتجاه حرمان الجيل من أن يصبحوا مثل نظرائهم في البلدان الأخرى وتعدٍ خطير على الحقوق المدنية يعكس خوف السلطات من أن يتحوّل هذا الأمر الى اعتراض على السلطة الدينية في إيران.
كل ذلك يحدث علاوة على التحذيرات اليومية التي تصدر مؤسسات الإعلام الإيرانية من خطر الهجمة الثفافية . و تحذير أئمة الجمعة من التغيير النمطي في المعيشة والإبتعاد عن النهج الثوري الذي كان سائداً . فإن دلّ هذا على شئ فهو خير دليل على القلق الحكومي الإيراني تجاه القاضايا المذكورة في إيران .ودليل آخرعلى فشل الثورة الإيرانية من التغلغل في وجدان وضمير الجيل الثالث .إنّ الإنفتاح الحكومي الذي يرعاه روحاني ما هو إلا استجابة لهذا الجيل الصاعد في إيران. و إنّ الفشل الذي مني به النظام في إيران عموماً وإدارة خامنئي للأزمات الداخلية على وجه الخصوص، لهو خير مؤشّرعلى النهج الأصولي الذي كان سائداً في إيران فتصحيح المسار و الإستجابة لمتطلباتهم يعتبر من أفضل الحلول و أنجعها لمعالجة الأخطاء.
التعليقات (0)