لم تكن أول مرة يشعر فيها الإنسان بقسوة الألم عندما شاهدنا صورة شاب جميل الوجه الذى كرمه ربنا عز وجل لتأتى أياد آثمة لتهدم وتقتل خلق الله ، فهؤلاء المجرمون لم يقتلوا خالد سعيد وحدة ولكنهم قتلوا الناس جميعاً .
لماذا لم تكن تلك الجريمة هى الأولى لأننا رأينا منذ أكثر من عامين صورة أخرى لا تختلف عن صورة الشهيد خالد سعيد ولكن تلك المرة كانت لطفل صغير تم إتهامه بسرقة باكو شاى " نصفه نشارة خشب " ثم تم وضعه مع كبار المساجين فى مخالفة جسيمة للقانون وقُتل أيضاً وكانت قضيته تحت مسمى " طفل شها " http://www.youtube.com/watch?v=CEcQRm97MqE )))) وكان وقتها أيضاً تشغل الرأى العام فى مصر قضية أخرى وهى قضية "عماد الكبير" ووقتها كتبنا وطلبنا محاكمة الجناة لأنهم ليسوا أكثر من أنهم أشخاص مجرمون ومرضى نفسيون يجب محاكمتهم حتى لا يُلوث ثوب رجال الشرطة بذنب هؤلاء وقلنا وقتها " لا ندري ما وجه الإساءة إذا ما أعلنت تلك الوزارة المهمة التي نحترمها جميعًا عن حقيقة تلك الحوادث الفردية التي تمس سمعة أجهزة محترمة ولماذا تدافع الوزارة - بقدها وقديدها - عن هؤلاء المرضي مرتكبي تلك الحوادث" ثم طالبت بالإعتذار قائلاً " فلماذا لا يظهر شخص وطني حقًا يطالب أي مسؤول بالاعتذار عما أصابنا علي يد بعض المتغطرسين؟! لماذا لا يعتذر الكابتن إسلام نبيه معذب عماد الكبير (الذي أعتبره - عماد - رمز عام ٢٠٠٧) لما أصابنا نفسيا ومعنويا من جراء ما اقترفت يداه؟! لماذا لا يعتذر قتلة طفل شها المسكين؟! "
وقضية هذا الشهر وستكون قضية هذا العام بلا شك هى قضية من الممكن أن يتعرض لها أى إنسان فى مصر طالما ليس هناك ظهر يحميه وصَّور لنا بيان وزارة الداخلية المتعجل بأن هذا الشاب مجرم وسوابق ومتهم فى كثير من القضايا إعتقاداً منهم بأن ذلك سيبرر قتله ونسوا أهم شىء وهو كونه فقط إنسان .
وبعد أن إستبشرنا خيراً بقرار النائب العام بتكوين لجنة ثلاثية من الطب الشرعى للكشف عن الشهيد وإذ بالجميع ُيصدم اليوم بصدور تقرير مبدئى من كبير الأطباء الشرعيين يوضح أن خالد سعيد مات بـ"اسفيسكيا الخنق" بدعوى إبتلاعه لفافة من مخدر البانجو ، وبفرض صحة تلك الرواية المستحيلة كيف يبتلع شخص شىء حجمه 2.5 سم فى 7.5 سم موضوع فى كيس بلاستيك ولم يُخرِج تلك اللفة عندما شعر أنه يختنق ؟!
ولماذا لم ينقذه الساده المخبرون عندما رأوه يبتلع تلك "البتاعة" المتهمة الأساسية ؟! شخص يتم ضربه ومكتف اليدين من الخلف بواسطة أحد المتهمين كيف يستخرج لفافة – أو بتاعة – ويبتلعها ؟!
لو إدَّعوا أن الشهيد حاول أن يأكل اللفافة ـ كما كان يفعل الفنان إسماعيل ياسين فى أفلامه ـ لكان ذلك أهون من البلع وأهون فى التصديق ، فالبلع يحتاج أكثر لكوب ماء لكى ينزل " البتاع المبلوع " وحتى كان إسماعيل ياسين يحتاج ويشرب الماء عندما يأكل شيك مثلاً فى أىٍ من لقطاته الكوميدية ، ونحن وللأسف بصدد لقطات كوميدية ولكنها فعلاً كوميديا مأساوية .
والتقرير المبدئى للجنة الثلاثية أوضح أنهم وجدوا آثار لعقار الترمادول ومادة الحشيش فى أحشاء الشهيد وذكر الطبيب أن آثار الضرب الظاهره على جثة الشهيد نتيجة للسيطرة على المتهم " الشهيد " قالها كبير الأطباء الشرعيين لبرنامج تسعون دقيقة تليفونياً وقُطع الإتصال التليفونى بعدها بدون مبرر ودون أن يرد على تساؤلات عم الشهيد ، وذكر د. أيمن فودة كبير الأطباء الشرعيين سابقاً لبرنامج بلدنا بالمصرى أن مادة الحشيش لا تظهر فى التحليل ولكن تظهر مركبات التمثيل الغذائى للحشيش فى الدم وكذلك مادة الترمادول وهو عقار دوائى لا يظهر فى الدم ولكن مركبات تمثيله الدوائى هى التى تظهر ، وقال أن الطب الشرعى ليس من إختصاصه أن يشرح سبب آثار الضرب على الجثة ولا أن يقول أن تلك السجحات
نتيجة السيطرة على المتهم " يقصد الشهيد" لأن هذا ليس إختصاصه ، وقال يجب وزن المخ وأخذ عينات موضوعية ومن الممكن أن تكون هناك إصابة بسيطة فى مظهرها لكنها من الممكن أن تؤدى للوفاة ، وقال أخيراً " إحنا قدام جريمة قتل " .
حيث طرح عم الشهيد أسئلة لم يجاوب عليها كبير الأطباء ومنها لماذا لم يتم عمل أشعة على جمجمة الشهيد لكى توضح ما بها من كسور ؟! ولماذا لم يكتب آثار الضرب الواضحة فى جنب الشهيد ؟!
وفى إتصال المذيع محمود سعد مع كبير الأطباء وصاحب التقرير المبدئى بدا أنه تراجع قليلاً مع إلحاح محمود سعد – المحسوب – حيث ذكر ما قاله سابقاً ولكنه بدا موافقاً لمحمود سعد وإن لم يقولها صراحة من أن الشاب " أخذ علقه " بنص كلام المذيع فإضطرأن يبلع اللفافة وقالها سعد للدكتور إحنا يا دكتور ما بنقولش هما حطوا اللفافة بالقوة وغصب عنه فى زوره (!!!!) ... فإذا كان محمود سعد مذيع على التليفزيون الحكومى لا يقول ولا يستطيع أن يقول ذلك فنحن جميعاً نتسائل ولماذا لا يكون هؤلاء المخبرون هم فعلاً من دسوا اللفافة فى زور الشهيد غصب عنه بعد أن رأوه يحتضر وخاصة أنهم أخذوه بسيارة الشرطة بما يزيد على الربع ساعة وأعادوه مرة أخرى لمكان الواقعة ؟! وخاصة أن عم الشهيد قال لبرناج تسعين دقيقة أن جسم المتوفى يظل فى حالة إسترخاء لمدة ثلث ساعة تقريباً وعلى مايبدو أنه يشير إلى إمكانية دس اللفافة فى زور الشهيد .
وحتى تكتمل تساؤلاتنا وتهدأ نفوسنا لابد أن نسأل هل ما زال مخبرى الشرطة عوض إسماعيل سليمان ومحمود صلاح محمود كما عرفنا أسماءهما من التقارير هل مازالا يعيشان فى الإسكندرية وسط الناس والأهالى هناك ؟! هل لديهما أبناء وزوجات يعلمن بما إقترفت أيديهما الآثمة ؟! والمخبران ليسا وحدهما المتهمان ولذلك فهل أُسر وأشقاء وعائلات وجيران كل من إشترك فى تلك الجريمة يعلمون بأن أخيهم أو أبيهم أو جارهم هذا ملوثة أيديه بدم هذا الشاب المسكين وما موقف هؤلاء من الأسر من هؤلاء الملطخة أيديهم بالدماء .
إن إختيار العنوانً كان مقصوداً حيث أن شقه الأول كتبه أحد كتبة النظام ورئيس تحرير جريدة حكومية فى مقالين ينمان على أن أى شخص يجب أن يعذر رئيس الجمهورية والمسئولين عندما يأخذوا معلوماتهم من كتبة مثل هذا الكاتب ، وبفرض أن هذا الشاب يشرب بانجو مثل أبطال معظم أفلام تلك الأيام فهل هذا يبرر قتله وهل يعلم هذا الكاتب أن مصر تنفق كل عام 27 مليار جنيه على المخدرات أى أن كثير من الشباب للأسف يشربون البانجو بسبب سوداوية المستقبل أمامهم ، فهل يا ترى هذا الكاتب يتفق على ما قاله وزير الداخلية الأسبق زكر بدر من أنه لدية تفويض على بياض بقتل ثُلث الشعب المصرى ولن يُساءل (!!) فهل لدى هذا الكاتب تصريح بقتل كل من أُشيع عليه أنه يشرب بانجو (!!) .
وليس لدىَّ إلا أن أكرر ما كتبته منذ سنوات عن طفل شها حيث قلت " من فضل الله علي الشعب المصري أنه مسالم وصبور ومع هذا فهو شعب عندي (بكسر العين) فالكلمة الدارجة معلهش أو معلش يمكن أن تطفئ نار إحداث عاهة مستديمة لأي شخص.. فالكثيرون - مثلي - يشعرون بالألم الشديد والحزن العميق عند نشر صور ضحايا أقسام الشرطة وليس معني هذا أنني أطالب بألا تنشر هذه الصور بل إنني أطالب بنشرها طالما توافرت فربما شاهد مخبر
سري متغطرس صورة طفل شها - المتهم بسرقة باكو شاي نصفه نشارة خشب - ويشعر أنه من جيل أحد أبنائه فيحن قلبه ويحزن مثلنا فيمنع نفسه الأمارة بالسوء من تكرار هذا المشهد المحزن حقًا مع طفل آخر . .. فوزارة الداخلية من أهم الوزارات ومهمتها الأساسية هي خدمة الشعب وليس إهانته فليس هناك بيت أو عشة في مصر كلها لا يتمني أبناؤه أن يصبحوا ضباطًا " .
التعليقات (0)