علي جبار عطية
الأربعاء 26-06-2013
يحار المرء وهو يحاول ان يسمو على احزانه ويكتب عن شخص افتقده بالموت الذي لابد منه .. ربما لاحساسه بانطفاء شيء منه .. هذا الامر يحصل معي في اوقات متباعدة حين افتقد صديقاً مقرباً او استاذاً تتلمذت على يديه فاشعر ان جزءا من كياني قد تهدم وهذا ما لازمني منذ ان غادرنا الى جوار ربه الاستاذ حسين محمود الشمري مساء الخميس 20-6-2013 اذ تمتد علاقتي بالاستاذ الراحل منذ سنة 1992 وقد دخل قلبي مباشرة ونحن نعمل سوية في جريدة العراق وانبهرت بشخصيته القوية المرحة واكتشفت استعداده للاجابة عن اي سؤال نحوي او لغوي بأريحية ولا يكتفي بالجواب بل يسنده برأي احد النحاة او اللغويين فهو يفلسف اللغة فلا يمكن للمعلومة التي يقولها ان تغيب عن البال ومن صفاته المميزة روح الابوة التي يحيط بها كل من يتعرف اليه فيشعر بها كلما امتدت العلاقة الانسانية وتعمقت وهو لا يبخل بمعلومة او نصيحة يعطيها لكل باحث او طالب معرفة بصبر قل نظيره .
وهناك بعض الصفات المثيرة في شخصيته ناتجة من خبرته وممارسته الطويلة في التدريس والصحافة فجعلته لا يقبل تقديس اية شخصية او تبجيل اي شخص مهما بلغت مكانته العلمية والادبية والاكاديمية مع استثناءات قليلة لبعض الشخصيات التي عرفها عن قرب او زاملها ورأي الاستاذ حسين محمود هنا يكون ذا وزن وقيمة عليا لانه لم يأت من فراغ بل جاء على وفق اسس علمية .
كان مرجعا متحركا لمن يعرفه ولمن لا يعرفه حتى اذا اشتد النقاش بشأن مفردة او جملة لذنا بابي علي ليعطينا الجواب الفصل الذي غالبا ما يكون مدعوما بشرح ابن عقيل او قاموس المنجد او يأتيك بالشاهد القرآني .
وربما يدهش من يتعرف اليه اول مرة حين يكتشف ان الذي امامه شيخ في السبعين لانه كان يعيش الشباب بحماسة ومرح .. كان يأتينا انيقا يرتدي البدلة الرسمية صيفا وشتاءً مع ان آراءه تكتشف عن تقويمه للحياة على انها رحلة شاقة وكان يردد دائما قول الشاعر :
يارب لا تبقني الى امدٍ
اكون فيه كلاً على احد
خذ بيدي قبل ان اقول لمن
ألقاه عند المغيب خذ بيدي !
فكنت اشعر بالآسى وانا اسمع هذا الشعر الحزين .
وبرحيل ابي علي نكون قد خسرناه شخصاً وانساناً واباً واستاذاً قديراً نلوذ به حين تشتد بنا عواصف الحياة بقي ان اقول ان الراحل كان مرشحا للدراسات العليا وهو جدير بها لولا التقلبات السياسية وعدم الاستقرار واظن ان لقب الدكتوراه كان يتزين به اكثر مما يضيف الى الاستاذ الراحل شيئا وحسبه ان تلاميذه وزملاءه يقدرون جهوده في خدمة اللغة العربية .
رحم الله استاذنا حسين محمود فقد رحل عنا وظلت انفاسه الطيبة معنا.
التعليقات (0)