مواضيع اليوم

حينما يصبح الفساد مؤسسة

محمد الشبراوي

2022-01-28 19:42:29

0

 تقرير ترانسبارنسي عن الفساد في المغرب,كشف الغابة التي ننادي بقطعها, فالمغرب احتل الرتبة 87 من أصل 180 دولة في مؤشر الفساد,و أصبح الأخير بنيويا,مؤسساتيا,يحتاج إلى إرادة سياسية عميقة من أجل اقتلاعه من جذوره ,مما يدق ناقوس الخطر في دولة تترنح في شعارات التنمية و الدولة الاجتماعية.

يعد الربيع العربي ابرز المحطات التي انتفض فيها الشعب ضد الفساد, وضد رموزه, و إذا كانت حركة 20 فبراير تقمصت دور ممثلة الشعب في المطالبة بالتغيير, فإن احتواء الأخيرة و التغيرات الاقليمية و الوطنية لعبت دورا مهما في تأخر محاربة الفساد كما رفع في شعارات الحركة.
ففشل بعد الثورات العربية في تحقيق مرادها, و إظهارها ككارثة على الشعوب المطالبة بالتحررو محاربة الفساد, جعل بعض الأنظمة و منها المغرب يتراجع عن خطة التغيير , و محاولة الاصلاح المنشود, بربط المسؤولية بالمحاسبة و محاربة الزبونية و المحسوبية, و تضارب المصالح كما الرشوة, فبعد دستور 2011 الذي استبشرنا به خيرا, عادت بعض الممارسات إلى الظهور بقوة,  بالضغط  للحفاظ على مصالح طبقة حاكمة, و هذه المرة عن طريق مؤسسات, و بأغلبية مريحة.
فالعشر سنوات التي قضاها العدالة و التنمية في الحكم كانت كفيلة بتمرير مخططات و إقصاء أخرى, و تنفيس الأزمة السياسية الممكنة نتيجة الربيع العربي,لتتدخل ايادي خفية لإخفاءه مجددا, و شكره على الهدايا التي قدمها,برئاسته للحكومة.
تقرير ترانسبارنسي أماط الللثام عن موضوع قدر له أن يغيب عن الاعلام, فلا حديث اليوم سوى عن تنزيل النموذج التنموي, وإصلاح التعليم على حساب الطبقات المعوزة , و تمرير مخططات جاهزة, كأن الحكومة في محاولة لإنقاذ المغرب من سكتة قلبية, الجميع يعلم أن سببها الفساد و التغاضي عن الملفات الجوهرية التي أوصلت المغرب إلى هذه المرحلة.
يشير التقرير إلى غياب قوانين رادعة للمفسدين, و محاولة  عزل المؤسسة التشريعية, و عدم سنها قوانين تساهم في محاربة الفساد , كما حدث مع قانون الإثراء غير المشروع الذي سحب من البرلمان, إضافة إلى قانون المناجم, و احتلال الملك العام الذين سحبا كما حدث للأول.
و لأن الفساد أصبح مؤسساتيا , من خلال تكتلات و لوبيات تدافع عن نفسها انطلاقا من المؤسسة التشريعية, و عن طريق اعلامها, بعدم إثارة النقاش حول القضايا الشائكة, و حتى ممثلي الحكومة, يقفون بالمرصاد للأخبار التي قد تؤثر على صورة اللوبيات, من خلال استعمال بيانات النفي غالبا, لمواضيع و تحقيقات مستقلة هدفها خدمة المواطن, كما حدث لوزير الصحة و نفيه لمعطيات صحفية مؤكدة عن صفقات مشبوهة في الوزارة.
ترانسبارنسي أكدت على ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية من أجل القضاء على الفساد, لكن واقع الحال يؤكد أن المغرب ذاهب للتطبيع مع الظاهرة أكثر منه محاربتها, مادام الصحفيون الاستقصائيون,الذين بمقدورهم  كشف الفساد مهددون دائما بالسجن, و حتى الجمعيات الحقوقية أصبحت تجد أذان صماء في التعامل مع الشكايات الموجهة إلى الحكومة.
إن الحديث عن فساد بنيوي يحيلنا بالدرجة الأولى إلى فشل اي نموذج تنموي, أو رغبة في التغيير, لأن المسؤولين عن مرتبة المغرب في مؤشر الفساد , لا زالو في كراسيهم و يتمتعون بمناصبهم و امتيازاتهم, و ناقوس الخطر يظهر في تركيبة المؤسسة التشريعية, التي شاب تكونها مجموعة من الاختلالات , خلال و بعد الانتخابات, و حتى شعار هذه الحكومة, هو شعار "تستاهل أحسن" و شعار الدولة الاجتماعية, ويغيب تماما الحديث عن محاربة الفساد و الرشوة .
طموح مغرب جديد يجب أن يبدا بمحاربة الفساد, و هو موضوع غيب مع الجائحة و لا زال يغيب لأنه ليس أولوية لحكومة تحاول الحفاظ على مصالحها أولا مهما رفعت من شعارات, لأنها تتكسر أمام الواقع الملموس.
محمد الشبراوي



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات