مواضيع اليوم

حينما في الانتظار ...

سعد الياسري

2012-01-25 11:06:20

0

 

حينما في الانتظار
(ستَّةُ أيَّامٍ لتجريدِ كلمةِ : أحبُّكِ !)

على سبيلِ الإهداءِ :

إلى كلِّ اثنيْنِ .. إلى المُثنَّى عامَّةً .. إلى من يقوى على القولِ :
في البدءِ كانتِ القصيدةُ موحشةً ؛
ثمَّ قلتُ "أحبُّكْ" ؛ فصارتْ موسيقى .. و استحسنتُها !


 

اليومُ الأوَّلُ : اللَّحظةُ

حسنًا ؛
أنا كما أنا ..
فيما أنتِ لا كما أنتِ ؛
بلْ : طائرُ النَّارِ !
قِفي أمامي قليلاً ..
ثُمَّ حلِّقي باتِّجاهيَ على مَهلٍ ؛
اقتربي ..
أكثرَ ..
لا !
لا هكذا ؛ بلْ ببُطءٍ ..
نعم ..
تمامًا ..
و الآنَ الفحي صَدري – جهةَ القلبِ أعني - بجناحيْكِ اللاَّهبيْنِ ..
لاااا ؛ اللَّعنة !
دونَ لَعقٍ .. فقطْ بالجناحيْنِ ..
نعم ؛ هذا حَسنٌ !
الآنَ انفخي في رمادي كي تشهدي اللَّحظةَ ..
ما الذي ترينهُ ؟
نعم !
إنَّه أنا ..
وحيدًا – تقريبًا - أجلسُ في قلبي برفقةِ انتظارِكِ !

اليومُ الثَّاني : المُحاصَصةُ

أتذكَّرُكِ ..
في مُنتصفِ القُبلةِ تمامًا ،
حيثُ عيناكِ توْمضانِ بوَقارٍ مُجهَدٍ ؛
كفَنارٍ على كتفِ ساحلٍ ..
توزِّعينَ حِصصَ النِّعمةِ على الكوكبِ الذي يجهلُ اسمَكِ ،
بارتجافِكِ الأُسطوريِّ كنتِ تَمنحينَ :
البحرَ رغوتَهُ و الموجةَ مُتعتَها ،
الضَّبابَ غموضَهُ و الرِّيحَ عنفوانَها ،
البَتُولا موقفَها و الزَّنزلختَ صُمودَهُ ،
الغزالةَ جفلتَها و الدُّرَّاجَ الذَّهبيَّ عشرةَ ألوانٍ كاملةً ،
النَّجمةَ عُريَها و القمرَ منشفتَهُ ،
النَّحلةَ قفيرَها ..
و الوردةَ حنانَها المعروفَ خطأً بـ (الرَّحيقِ) ،
الهنديَّ الأحمرَ اسمَهُ الشَّاعريَّ و لقوسِهِ توتُّرَها ،
تمنحينَ صديقةً تحبُّ يقينَها ،
و أُخرى لا تحبُّ أملاً بشاعرٍ يشغفُها بالفحشِ و البراءةِ ...
نعم ؛
كلُّ هذا يحدثُ في مُنتصفِ القُبلةِ تمامًا ،
حيثُ عيناكِ توْمضانِ بوقارٍ ؛
كفَنارٍ على كتفِ ساحلٍ .. إلخْ !

اليومُ الثَّالثُ : الحِيلُ الخَمْسُ

بأقلِّ حيلِكِ براعةً تفتكينَ بي ؛
و أرضخُ !

الأولى : إنزالُ شفتِكِ السُّفلى بطريقةٍ راجيةٍ ؛
بطريقةٍ توحي بأنَّ البحيرةَ الغافيةَ تحتَ جفنيْكِ قد استيقظتْ ،
و أنَّها على وشكِ تعليمي مبادئَ في لومِ النَّفسِ ...
و أرضخُ .

الثَّانيةُ : الوقوفُ بجواري حينَ أغضبُ ..
الوقوفُ بصمتٍ و إصرارٍ غريبيْنِ ؛
كما يصمدُ شالٌ على كتفٍ ..
لا .. بل كما تصمدُ شمعةٌ في صحنٍ من الفخَّارِ ..
فيما لمعةُ عينيْكِ المُعتذرتيْنِ تضيءُ المشهدَ بكلِّيَّتهِ ،
بخيولهِ و أشجارهِ و ملوكهِ المخلوعينَ ...
و أرضخُ .

الثَّالثةُ : الابتسامةُ فاحشةُ البياضِ ..
تلكَ التي تصرعُ السَّأمَ ؛
كما يصرعُ البدويُّ عوزَهُ بالأملِ .
ابتسامةٌ أشبهُ بطقسٍ دينيٍّ ذي مفتتحٍ طويلٍ و مُسالمٍ ،
ترنيمةٌ من أجلِ دوامِ النَّشوةِ و اعتيادِ الكسلِ ...
و أرضخُ .

الرابعةُ : تقولينَ ؛
– و الوجودُ يستندُ في موقفهِ إلى طفولةِ عينيْكِ –
لو كنتُ غيري لأحببتُكَ مرَّةً أخرى ..
لو كنتَ غيرَكَ لهجرتُكَ !
ثُمَّ تنظرينَ إليَّ بغموضٍ لذيذٍ .. و تهمسينَ باسميَ ..
و كأنَّكِ تُعلمينني الأسماءَ كلَّها !
و أرضخُ .

الخامسةُ : الحماسُ و الحماسةُ مرَّةً أخرى و أخرى ؛
البهجةُ التي بقيتْ مجهولةً ثلاثةَ عقودٍ ،
حتَّى تسلَّلتُ إليكِ فأزلتُ عنها غبارَ الحياءِ ..
بفُرشاةِ الحنانِ أزلتُهُ .. و بالرِّفقِ ؛
كـ (أركيولوجيٍّ) أمامَ شواهدِ أسلافِهِ !
مرحى !
الآنَ ..
الآنَ فقط و أنتِ تقرئينَ هذا السَّطرَ أشرقتْ حماستُكِ ..
الآنَ .. الآنَ فقط سأرضخُ حقًّا !

اليومُ الرَّابعُ : المُعاقَبةُ

ما الذي سأفعلهُ حينَ أغضبُ منكِ ..
كيفَ سأعاقبُكِ ؟
أ ليسَ هذا هو سؤالكِ ؟
أ ليسَ هذا ما يشغلُكِ حقًّا ؟
حسنًا .. حسنًا :
سأصفعُ خدَّيكِ – غمَّازتيكِ أعني - بالوردِ بلا رأفة ،
سأجلدُ روحَكَ بأوتار كمانٍ جبليٍّ أو بشَعرِ حِصانٍ برِّيٍّ أشقرَ ،
سأقيِّدُ طفولةَ أصابعِ كفَّيْكِ و قدميْكِ بعشرينَ (مفتاحَ بيانو) ..
سأرتكبُ بها (سُوناتا) لا تصلحُ للرَّقصِ ..
و لا حتَّى لوضعِ ساقٍ على أختِها في مكانٍ عامٍّ !
آهِ ؛ لا طاقةَ لكِ بما سأفعلهُ :
سأكتبُ قصيدةً أجملَ من مهبطِ رقبتِكِ على الكتفيْنِ ..
أو لأقُلْ : سأجتهدُ في كتابتِها !
قد أجلسُ أمامَ فنجانِ قهوتي دونَ أنْ أرشفَها إمعانًا في تعذيبِكِ !
قد أهجوكِ : متورِّمةٌ بالحُبِّ !
قد أشتمُكِ : ركبتاكِ عاديَّتانِ ..
نعم ؛ الكوكبانِ النَّائمانِ أسفلَ فخذيْكِ عاديَّانِ !
قد أزيلُ صورتَكِ التي بجوارِ وسادتيَ ..
و أضعُها في جيبِ معطفي !
إيَّاكِ و غضبتي يا صَبيَّةُ ..
فالعقوبةُ مرعبةٌ !

اليومُ الخامسُ : المُفاجأةُ

لو دخلتُ إلى شِقَّتي يومًا ..
و رأيتُ فرسَ نهرٍ يجلسُ إلى المائدةِ و يشربُ (الفودكا) فلنْ أُفاجأ ،
لو مدَّ صاحبي المفلسُ يديهِ في جيبيهِ المثقوبيْنِ ..
ثُمَّ أخرجَ منهما قُنفذيْنِ برونزيَّيْنِ فلنْ أُفاجأ ،
لو هوتْ طائرةٌ مروحيَّةٌ على رأسي ..
و أنا أهمُّ بالانتحارِ أو بتناولِ فطوريَ فلنْ أُفاجأ .
ملولٌ و نافدُ الصَّبرِ أنا ؛
كربٍّ أضجرَهُ طولُ انتظارِ القيامةِ ,
كجروٍ وقعتْ أمُّهُ الذِّئبةُ في مصيدةٍ و لنْ تعودَ !
لا شيءَ .. لا شيءَ ..
ليس ثمَّةَ ما يثيرُ اهتماميَ .. إلاَّكِ ؛
إذْ يكفي أنْ تسحبي ثوبَكِ الفاحشَ ..
بغنجٍ عنْ عظمتيْ ترقوتيْكِ السَّاحرتيْنِ كيْ تدوخَ القصيدةُ ،
يكفي أنْ تكشفي عنْ ساقيْكِ المُزهرتيْنِ كيْ تُهزمَ المدينةُ ..
و ترتديَ نقابَها الحالكَ ،
يكفي أنْ تنظري إلى شيءٍ ما بعنايةٍ ..
كيْ نرى تاريخَ الأنوثةِ متجمِّدًا في لمحةٍ .
بالطَّبعِ لنْ تفهميني أبدًا ..
و لا سحرَ المفاجآتِ ..
لأنَّهُ سحرُكِ .. لأنَّكِ المُفاجأةُ !

اليومُ السَّادسُ : الدَّينُونَةُ

يتشهَّاكِ الآخرونَ ؛
حينَ يخمِّنونَ - عاجزينَ - ما تحتَ ثيابِكِ ..
- امرأةٌ لا تُشتَهى وتشعلُ القلوبَ يجبُ أنْ تُحرَقَ بتقديري -
و يبهجُني أنَّني صنعتُ - بالدَّمعِ و الدَّمِ و القصيدةِ - ما تحتَ ثيابِكِ ،
يبهجُني أنَّكِ و تلكُما الكرزتانِ اللَّتانِ شارَفتا على ثقبِ القميصِ .. لي !
تذبحينَ الشَّمسَ كلَّ صباحٍ ؛
لتبريرِ خروجِكِ الواثقِ على العالمِ ليسَ إلاَّ ،
تنحرينَ المَدى كأضحيةِ الحَجِّ ؛
لأنَّهُ أقلُّ من اتِّساعِ عينيْكِ حينَ ترضينَ ،
تمزِّقينَ التقاويمَ التي تستعملُها الشُّعوبُ ؛
لأنَّها لا تشيرُ بأمانةٍ إلى مواقيتِكِ النَّاضجةِ ،
تركُلينَ الأسطورةَ بقدمِكِ الحَلوى ؛
لأنَّ الأساطيرَ أضعفُ مِن أنْ تنافسَ الحقيقةَ ...
ثمَّ ها هو الوجود حائرٌ مما يجري ..
ولكلٍّ تعبيرُهُ :
راصدو الزَّلازلِ لمْ يُدركوا أنَّكِ تختالينَ بالكعبِ العالي اليومَ ؛
أطْلقوا إنذارًا .. و منحوا أنفسَهم إجازةً مفتوحةً !
الجنودُ المتِّجهونَ إلى كتائبِهم يشعرونَ بالهباءِ :
جوربُكِ أشرفُ من عَلمِ البلادِ !
الأشجارُ التي على ضَفَّتيْ الرَّصيفِ بانتشاءٍ :
إنِّها أختُنا الصُّغرى !
الدبُّ في الغابةِ .. مشوَّشًا يطلبُ الطُّمأنينةَ :
بربِّكِ ؛ هل أنتِ قفيرُ العسلِ على قدميْنِ ؟
المؤمنونَ يتهامسونَ برعبٍ :
لمَ لمْ نجدْ هذا في كتبِنا المقدَّسةِ !
عشرونَ إلهًا – يمثَّلونَ محنةَ الكوكبِ - يقفونَ أمامَ المرآةِ ..
ساترينَ خجلَهم : يااااه ؛ لكمْ نبدو مشوَّهينَ !
الشُّعراءُ الذينَ كتبوا كلامًا هزيلاً ..
حينَ ظنُّوا بأنَّهم عرفوا امرأةً يومًا .. هتفوا أمامَكِ :
غفرانكِ ؛ سنحرقُ كلَّ قصائدِنا .. خَسِرنا !
فيما أنا المغروسُ في أحشائكِ كسيفٍ أو لعنةٍ .. أقولُ :
كلُّ هذا .. لي ،
كلُّ هذا .. لي !


اللَّوحةُ بعنوانِ :
Summer Love
للتَّشكيليَّةِ البرازيليَّةِ | البريطانيَّةِ :
Liz Shewan

السويد - الكويت
كُتبَ النَّصُّ خلالَ صيفِ - خريفِ | 2011


سعد الياسري
كانون الثَّاني | 2012
السّويد
الموقع الشّخصيّ




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !