كانت وسائل الاعلام الموجهة من اجهزة النظام السابق تشيع ان للرئيس اشباه كثر يقومون مقامه اثناء تنقلاته او حضوره بعض المهرجانات والندوات الكبيرة او زياراته للمحافظات، بل ذهب البعض الى انهم كانوا يشغلون مكانه في العديد من سفراته، وسواء صدقت مثل هذه الروايات او كانت مجرد ادعاءات مفبركة فان اشباه الدكتاتور صدام حسين من رؤساء الانقلابات يتهاوون اليوم واحدا تلو الاخر امام سيول لا اول لها ولا آخر من طوفان الاهالي بمختلف شرائحهم وطبقاتهم، يتقدمهم في ذلك اصغرهم سنا من الشباب كما رأيناهم في سيول تونس وميدان التحرير وليبيا واليمن وسوريا؟
ليس بالضرورة ان يكون رؤساء المنظومة الشمولية في الشرق الاوسط نسخا مطابقة لمعلمهم الكبير كما في حالة العقيد صاحب الزنقة الذي لولا اسمه لقلنا ان تجارب الاستنساخ الجيني بدأت تأكل اكلها في انتاج اجيال مطابقة لدكتاتورنا الراحل(!) بل ان الكثير منهم يشبهونه في الالتصاق السيكوتيني بالكرسي الساحر، او بخطوط الحماية وتولي الابناء والاقرباء مواقع القيادة في السلطة والمال، او في العنجهية الفارغة والنرجسية المقيتة التي حولتهم الى كائنات غريبة في شكلها وسلوكها، حتى يظن المرء انهم فعلا من افضل ممثلي هوليود، او انهم مخلوقات لا علاقة لها اطلاقا بالبدائيين من ابناء ادم وحواء المساكين؟
والغريب في هؤلاء الاشباه كما في كبيرهم الذي علمهم السحر، ان الصفات التي اطلقوها على انفسهم كانت ابعد ما تكون عنهم في اتون الصراع الحقيقي، فلم يعد باستطاعة المنقذ أن ينقذ نفسه أو حتى ذويه حينما توارى عن الانظار واستقل طائرة وهرب أو حفر حفرة واختبأ فيها، وبعد أن كان القائد الضرورة امسى لم يعد وجوده ضروريا بل حصل العكس حينما اصبح من الضروري جدا التخلص منه ومن نظامه ليس من شعبه فحسب وانما من كل الشعوب قريبة او بعيدة حيث اكتوى الجميع بنيران غطرسته ونرجسيته، وهكذا دواليك مع من تصوروا انهم قادة عصرهم وزمانهم الذين تحولوا بين ليلة وضحاها الى اضحوكة يتندر بمخازيها كل من عرفهم طيلة حكمهم واطلع على سلوكهم وهم في اخريات ايامهم؟
حقيقة إن كل هؤلاء المستبدين من رؤساء الانظمة المتخلفة وملحقاتهم من الانتهازيين والمرتزقة والفاسدين، اشباه بعضهم عبر حقب التاريخ والازمان، بل وتوائم قذفت بهم الظروف السوداء في واحدة من اردء ما حملته بطون السياسة والحكم في غفلة من الزمن فكانوا فعلا نتاج عملية اغتصاب ابتلت بهم شعوب الارض ونالت على ايديهم شتى صنوف العذاب النفسي والجسدي، حتى جاءت عواصف الحق وطوفانات المضطهدين والمهمشين كأنها تقول للزمن ان التاريخ يعيد نفسه اليوم في طوفان جديد ابتدأ من ارض ما بين النهرين وما يزال في ذات المنطقة وحواليها يجرف عفونة الكفر السياسي والاضطهاد الانساني وكأننا نسمع صدى الطوفان الاول وصرخة السماء:
في هذا الطوفان يخال للمرء انه استبدال لطوفان الماء بطوفان البشر، ليكتسح بروحه وعقله ودمه هذه الاكوام من الادران المتكلسة في جسد البشرية ويطهر البلدان في واحدة من اكثر مناطق الارض تألقا في الروح والعقل والدماء والدموع ليقول للارض:
التعليقات (0)