حياة هانئة.. لم تستمر طويلا.. (قصة قصيرة.. لمعاناة طويلة)..
في العراق.. بلدي الذي خطت فيه أولى صفحات الحضارة..
في العراق.. بلدي الذي زرع فيه القلم.. فاستوى على سوقه أحرفا مسمارية..
في العراق.. بلدي ذلك النور الذي شعشع الأرض ضياء.. ليسطر حمورابي أروع مسلة في القضاء..
في العراق.. بلدي ذلك الجبل الذي سجدت له بقاع الأرض..
نعم.. في العراق بلدي..
لم يستمر الفجر طويلا.. فسرعان ما عاد الليل نحيلا.. وسرعان ما إجتمعت الذئاب وتلطخت رداءة يوسف لكن هذه المرة ليس بدم شاة.. بل بدم يوسف والعراق..
نعم ها هو العراق..
أصبح وليمة.. وغنيمة.. لكل من هب ودب.. فها هي ثرواته الطائلة.. تنتفع منها بطون الأغراب.. بينما شعبه قد جثم الفقر على صدورهم.. وأغلق الأبواب..
عمارات.. ومستشفيات.. وبيوت سكنية.. وأسواق عصرية.. ومسابح.. ومتنزهات وحدائق.. تبنى من أموال العراق.. لكنها.. خارج العراق.. فلو نظرت نظرة خاطفة حولك.. لرأيت أرضا جرداء.. وسباخا فارهة الأفواه.. وأسواقا.. خاوية العروش.. المتسولين في كل مكان.. أطفالٌ صغار.. نساء وفتيات.. وشيبة كبار..
ساسةٌ وشقاق.. رجالات دين ونفاق.. كذب ومراق.. آه.. آه.. يا عراق..
تتكلم.. فقالوا أغلقوه فمه.. أغلقوه.. فقد تحدى الديمقراطية.. ووقف ضد الحرية..
تصرخ وتتألم.. قالوا.. إقتلوه.. حرقوه.. فقد شتم الآلهة.. وتعدى على الربوبية..
يا ويلاه.. أي خيانة أعظم من تلك.. وأي جريمة هي اكبر من هذه..
العراق.. يسبح في دوامة لا تنتهي.. وحكومات الشعب (كما يدعون) تقتل الشعب وتسرق أمواله وثرواته.. فلعمري.. سنوات مرت.. وجاءت سنوات.. وإنكمش الزمن واللحظات.. ولم نر تلك الوعود.. ولم نستشف تلك العهود..
أين الكهرباء.. والماء.. والبناء.. ؟!!
أين النفط.. والصحة.. والتعليم.. والغذاء..؟!!
أين مليارات العراق.. وثرواته..؟!!
دعك من هذا..! بل قل: أين الحرية المزعومة.. وأين حقوق الانسان..؟!!
وأين الديمقراطية المنشودة؟!!
لا أدري.. فهل الحرية عندكم هي التعذيب والتنكيل؟!! هل هي الظلم والتقتيل..؟!! وهل حقوق الانسان هي غلق وتكميم الأفواه.. وإهانة الانسان..؟!! وهل الديمقراطية هي سرية المعتقلات وغياهب السجون..؟!!
أقول: اذا كانت الحرية.. الديمقراطية.. وحقوق الانسان هي كذلك؛ فتعسا لحريتكم.. لديمقراطيتكم.. ولحقوقكم.. وبعدا لكم.. كما بعدت ثمود..!!
التعليقات (0)