كثيرون يتمنون زيارة لندن ولكن الحياة فيها شئ أخر . لندن عالم بذاته ومدينة صاخبة بالنسبة للشباب فيها ما يشبع عبثهم وتتبلور فيها أحلامهم وطموحاتهم ويجدون فيها منهلا للعلم والمعرفة لا حد له وهي بهذا لا يمكن لأي مدينة في العالم مجاراتها ولكن لندن مدينة رتيبة لكبار السن يجترون فيها أحلامهم ويذكرهم شبابها بأيامهم ومغامراتهم ويقضون وقتهم أما في الحانات اوالمقاهي أوفي زيارات الأطباء أو المستشفيات في طوابير وبالنسبة لبعضهم يقضون ساعات الصباح في المتاجر الكبرى بحثا عن الدفء قبل الرجوع الى بيوتهم حيث يقبعون فيها لمشاهدة التلفزيون والنوم حتى صباح اليوم التالي ورغم هذه الحياة الروتنية ألاأن الوقت يمر في لمح البرق وسرعان ما تمر الأيام والشهور والسنوات في لحظات مؤذنة بالرحيل,أما بالنسبة لي فهي كما يلي
أصحو صباحا الساعة السادسة وقد أبقى في السرير حتى السابعة , أقوم بعدها الى المطبخ حيث أعد الشاي لنفسي وأجهزالقهوة لزوجتي التى تصحو بعد التاسعة صباحا .وبالنسبة لي أجلس أمام التلفزيون لأتابع أخبار الصباح بفنجان من الشاي وقطعة أو قطعتين من توست الخبز بالجبنة , وأتناول أثناء ذلك حبوب الدواء وعددها ما بين ثمانية أو اكثر قليلا أو كثيرا حسب المواصفات , وأقيس درجة السكر في الدم ’ وضغط الدم .وأبقى أمام التلفزيون أشاهد أخبار ب ب س وما يجري في لندن وبريطانيا والعالم وأخبار الجو . واحول أحيانا مفتاح التلفزيون على س ن ن أوالقنوات العربية وعلى الأخص مصر أو ليبيا . وحوالي الساعة الثامنة اخرج لأحضر الجريدة اليومية من المدخل الرئيسي للعمارة أذا تعذر على موزع الجرائد الوصول الى باب شقتي لأن كل الأبواب موصد ة ولا طريقة لدخول الغرباء للعمارة الا بموافقة أحد سكان العمارة . والجريدة اليومية التي أشترك فيها عادة جريدة التايمس اللندنية . و جريدة الهرالد تريبون لأنها تحتوي أخبارا عالمية أكثر بينما أصبحت جريدة التايمس اللندنية كغيرها من الصحف البريطانية تهتم بأخبار بريطانيا والجرائم والمجتمع البريطاني كزواج فئات الشدود الجنسي وزواج الرجال مع بعضهم البعض أو النساء مع بعضهن البعض الذي أصبح موضة بعد صدور قانون بالسماح بزواج الجنس الواحد من بعضه وكذلك متابعة حياة كبار الفنانين والرياضيين والساسة وحياة الجنس والأباحية والأعلانات التجارية الخ .
وبعد الساعة الثامنة أذهب الى حجرة مكتبي المنزلي وأفتح الكميوتر وأقرأ الأميل البريد القادم وأرد على بعضه واقرأ ملخصات الصحف العربية والأنجليزية والسويسرية الفرنسية على الكمبيوتر حسب ما يتيح الوقت وتتوفر الرغبة . وهذه الملخصات تغنيني عن قراءة الصحف رغم أن قدرتي على القراءة قد ضعفت ألى حد كبير وحتى الجرائد والمجلات والكتب التي أشتريها لا أستطيع الأستمرار فيها والجرائد ترمى في سلة المهملات والكتب تبقى في الأدراج الى حين ترى.زوجتي,التخلص منها لأنها لا تتحمل وجود عدد كبير من الكتب في الأدراج ولا تترك جريدة مضى عليها أكثر من يوم , والسبب كما تقول ضيق الشقة التي نسكنها والتي يتعذر على أكثر من شخصين العيش والنوم أو التحرك فيها دون أزعاج الأخر .
وحوالي الساعة التاسعة صباحا تصحو زوجتي وتعد قهوتها التي سبق لي أن جهزنها لها كما تعد توستا بالزبدة والمربى , و أحيانا قليلة تطبخ لي ولها بيضتين . وبعد ذلك نجلس معا أمام التلفزيون لمتابعة أخبار لندن وبريطانيا والعالم من محطة ب ب س وحالة الجو . ومراجعة برنامجنا اليومي. وبعد ذلك تفضل زوجتي أخذ قهوتها الى غرفة نومها حيث تشاهد برامج التلفزيون الأنجليزية والأللماانية او قراءة الجرائد في سريرها في غرفة النوم . وأرجع أنا ألى مكتبي لمتابعة مشاهدة الكميوتر وقراءة تعليقات الصحف , وأحيانا تخطر لي فكرة أو تعليق على الأخبار فأقوم بكتابتها وأحتفظ بهذه التعليقات أو أعد مها بعد أن رأيت أن نشرها غير مستحب , وليس من السهل أرسالها ألى الصحف لأسباب كثيرة . فأنا كاتب سياسي ووضعي كوضع الكثيرين لا يسمح لهم بالكتابة في السياسة في الخارج أو الداخل لأن من يكتب لا يستطيع أن يقصر كتابته على المباح وترك غير المباح ألا أذا كان يكتب بأجر مدفوع كالصحفيين العرب في كل العالم العربي .
وبعد الساعة العاشرة تبدأ زوجتي في عملية تنظيف البيت اليومبة من الصالون الى المطبخ ألى حجرات النوم ويشمل هذا الأرضية والأثات والنوافد وغسل الملابس وهذه العملية قد تاخذ ساعات طويلة ألا أذا كان لدينا موعدا في الخارج . أما أنا فأعد نفسي وألبس الملابس الملائمة للجوفي الخارج وأخرج للتمشي ميلين تقريبا . وأحيانا نخرج معا زوجتي وأنا ونذهب الى السوبر ماركت أو أي متجر أخر حسب الحاجات التي نريد شرائها ,احيانا تذهب زوجتي للسباحة , أما أنا فأذهب حيث أجلس في قهوة وأشتري كبشينو وأقرأ الجرائد الأنجليزية مجانا أذا توفرت في المقهى , وأحيانا ألتقي بزوجتي بعد ذلك ونشتري بعض الحاجات اللازمة ونرجع للبيت بالأتوبيس أو سيارتنا الصغيرة وعادة نأكل للغذاء شاندويتش أو ما تبقى من عشاء الأمس ثم ننام (سييستا)وحوالي الساعة الرابعة أو الخامسة نقوم باعداد العشاء وهو عادة قطعة لحم أو دجاج مشويةأومطبوخة( كاري) واحيانا قطعة سمك ودائما مع سلطة أو خضار مطبوخة مع أرز . وفي بعض الحالات وهي قليلة جدا نعد مكرونة باللحم المفروم وطبعا الفاكهة دائما متوفرة والمشروبات . وبعد العشاء نتناول حبات الدواء مع قياس السكر قبل الأكل وبعد ذلك تذهب زوجتي ألى حجرة النوم لمتابعة البرامج الأنجليزية أو الألمانية على التلفزيون أو قراءة الجرائد بينما أبقى أنا في الصالون لمتابعة البرامج التلفزيونية ومن بينها العربية وخاصة ليبيا ومصر أذا كان فيها ما يهم . أوأعود الى مكتبي لمتابعة برامج الكميوتر, واحيانا مكالمة الأصدقاء على الكميوتروهي نادرة وخاصة مكالمة الأخوة أذا كانوا على الخط . وبعد ساعات تختلف من يوم لأخر ننام .هذا هو برنامجنا اليومي ينطبق على معظم الايام السنة ألا في حالات تقتضيها الحاجة والضرورة وهي كثيرة مثل زيارة الأطباء والمصحات والمستشفيات حسب مقتضبات الحاجة أو وجودنا في أجازة خارج البلاد .ويرافق أحدنا الأخر كل ساعات النهار والليل. وفي المساء هناك حالات قليلة ندعو فيها بعض الأصدقاء ألى العشاء أو قبول دعوتهم وهم في الحقيقة كلهم من ًصديقات زوجتي القدامي وأزواجهن . أما أنا فليس لدي صديق عربي في لندن أعرفه أو أراه أو أدعوه في البيت الا أذا كان هناك زائر ألى لتدن من الوطن وهي حالات نادرة . وأحيانا لا أتكلم اللغةالعربية لشهور الأ على الهاتف مع العائلة , لانه ليس لدي من أكلمه بالعربي كما أن مشاهدة الأفلام او المسرح أو زيارة المطاعم خارج البيت حالات أستتنائية لا تحدث ألا نادرا بسبب كير السن والعجز . هذه هي حياتنا في لندن وهي رتيبة كما سردتها ولكن الوقت فيها يمر بسرعة لا يجد فيه أحدنا ساعة فراغ لتغيير مسار الحياة أومرافقة زائر أو زيارة الأصدقاء أو حتى زيارة المتاحف والأسواق اللندنية العظبمة. ورغم أننا من سكان لندن لكننا لا نرى فيها شيئا الأ على التلفزيون . ورغم هذه الحياة المريحة لمن هم في عمري الأ ان الفكر دائما بعيش مع الوطن . ابن الأهل والأصددقاء والأرض التي ولدنا فيها وتمرغدنا في ترابها . وفي النهاية لا شئ يعدل الوطن رغم جفاء وظلم ذوي القربى وأعلل النفس في لندن بالقول مكره أخاك لا بطل .
December 23, 2007 4:52 PM
التعليقات (0)