-
عزيزي القاري
-
هذا المقال كتبته في العام 2003 م عندما كان يدور الحديث عن انعقاد مؤتمر للسلام في الشرق الاوسط وحينها كتبت ما كتبت على ضوء ما توفر لي من معلومات .. تغير الزمان وتغيرت الحكومات ولكن لم تتغير الاحداث فالحال هو الحال والاحتلال هو الاحتلال لذلك رايت ان اعيد نشره هنا من جديد ولك العتبى حتى ترضى ,,
حول مؤتمر السلام في الشرق الأوسط
محمد حسن العمدة
17/01/2003
كثر الحديث عن ضرورة عقد مؤتمر دولي من اجل السلام في الشرق الأوسط. ولعل هذا يذكرنا بمؤتمر السلام بجنيف الذي طالب به العرب في السبعينات من القرن الماضي, وبما أن ملابسات ذلك المؤتمر وما أفضت إليه لا تزال في الذاكرة فلا بد من أن نحاول استكشاف ما يمكن أن يفضي إليه مؤتمر الألفية الثانية. وذلك لا يتم إلا بمعرفة الأطراف التي يهمها أمر المؤتمر ودور كل منها إيجابا وسلبا وإذا نظرنا إلي خارطة الشرق الأوسط السياسية لوجدنا أن هنالك عدة أطراف منها: -
1/ الولايات المتحدة
2/ الإتحاد الأوربي3
/ إسرائيل
4/ الدول العربية
هي صاحبة فكرة المؤتمر في أصعب ظروفها السياسية علي الإطلاق إذ أنها تمر بأزمة هزت مكانتها في العالم بل وحتى ثقتها في نفسها وذآتها أزمة أحدثت ارتجاج عنيف بين مختلف الأجهزة والمؤسسات التي تقوم عليها الدولة بدءا بالإدارة الأمريكية نفسها و المخابرات والمباحث الفيدرالية مرورا بالأجهزة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني. إن أحداث سبتمبر جعلت من الولايات المتحدة نمرا جريحا يأكل حتى بنية ولا أستبعد في الأيام القادمة أن تستفحل الصراعات بين هذه المؤسسات خاصة إذا أخزنا في الاعتبار دور الحزب الديموقراطي كقوة معارضة واللوبي الصهيوني الذي سوف يسعى جاهدا إلي الاستفادة من هذه الأحداث , وما الأحداث الأخيرة بالأراضي الفلسطينية ببعيدة عن الأذهان. كما أن المخابرات الأمريكية تحاول أن تعيد الثقة في أفرادها. وبنفس القدر المباحث الفيدرالية.والأهم من كل ذلك شخصية الرئيس الأمريكي نفسها التي يغلب عليها طابع الحنين إلي ماضي الأجداد وأفلام ألكاو بوي مما جعلها عرضة لانتقادات دولية واسعة, إضافة إلي ضعف الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بأمر السياسة الخارجية مما جعل الضبابية سمة مميزة لها ( ولعل هذا يفسر الانتقادات الخارجية السابق ذكرها ). وهنا يتضح لنا أن المستفيد الأوحد هو شارون الذي لم يتهاون في استغلال هذه السانحة في ظروف مواتية وثبات عميق لأنظمة الدول العربية, حتى أنه لا يعبأ بندآءات الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته.إلي جانب كل ذلك علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية وهذا هو الجانب الأهم, إذ أن الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل الولاية الواحد والخمسون وتريد أن ، تحتفظ بها كقاعدة عسكرية دائمة في العمق العربي ( إلي جانب الموقع الديني نجد إسرائيل تمثل مرتكز عسكري مطل علي البحر المتوسط ويجاور أكثر الدول العربية حراكا - مصر , سوريا , العراق إلي جانب إيران - ) وذلك لان الولايات المتحدة اعلم بالمارد المتغلغل في وجدان الشعوب العربية وما يحبسه أن يخرج إلا أنظمة الشعوب العربية نفسها فلذا نجدها تنظر إلي العرب بعين المتوجس من خطر قادم لا محالة فلذا لا بد من وجود إسرائيل . أما من الناحية الثيوقراطية فنجد أن معظم الرؤساء الأمريكان يعتقدون بأحقية إسرائيل في ارض الميعاد فمقولة جيمي كارتر لا تزال تصك آذاننا حيث قال - إنني ملتزم التزاما كاملا كإنسان وكأمريكي وكمسيحي متدين بإسرائيل إن إسرائيل هي مصداق نبوءة الإنجيل وإن قيامها وفاء بعهد الرب لإبراهيم وهو تحقيق لوعد مقدس... !؟؟؟ بل إن الرؤساء الأمريكان يتفاخرون بما يقدمونه لإسرائيل من مساعدات لوجستية وعسكرية ووو..إلخ _ ولا أظن أن بوش سوف يكون اقل تدينا أو أكثر بخلا من سلفه- وإليكم بيان بعض المساعدات الأمريكية لإسرائيل علي سبيل المثال فقط لا الحصر , علي مدي سبعة عشر عاما ( متصلة ) من 1949 إلي 1965 م رئاسات ترومان وإيزنهاور وكنيدي فقط: -
حصلت إسرائيل من الولايات المتحدة علي مساعدات مجموعها 1065 مليون دولار أي بمعدل 60 مليون دولار كل عام – بيان انتخابي للرئيس جيرالد فورد بتاريخ 24 أكتوبر 1976م. ولقد سبق له القول ( فيما يتعلق بإسرائيل فإنني فخورا بأن أقدم سجلا متصلا لمدة 28 سنة في تأييد إسرائيل منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه خدمتي العامة )) .
وفي ميزانية 66 – 1967م رئاسة جونسون حصلت إسرائيل علي مساعدات بقيمة 150 مليون دولار,
وفي 70 -1971م حصلت علي ما قيمته 728 مليون دولار72 – 1973م حصلت علي ما قيمته 946 مليون دولار74 – 1975م حصلت علي ما قيمته 3391 مليون دولار76 – 1977م حصلت على ما قيمته 4460 مليون دولاروحين منحت إسرائيل كارتر جائزة الاليانور روزفلت وإسرائيل قال كارتر _ إن حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بالذات وفي المجال الدولي عموما لا بد أن يكون المحافظة علي قوة وتفوق إسرائيل _. ولا يخفي علي احد حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل إبان فترة بوش الأب خاصة ما يمكن أن يسمي بفترة ضبط النفس التي دعي بوش إسرائيل للتحلي بها عندما ضربها العراق. كما أن فترة الرئيس كلينتون شهدت مساعدات هائلة لإسرائيل.أما الرئيس الحالي بوش الابن ورغما عن ما قيل سابقا من ضعف تأثير اللوبي الصهيوني عليه إذا صح هذا أو غيره فإن الواقع الآن يقول بأنه غارق في حب ليلي حتى الثمالة ولا يستطيع أن يعصى لها أمرا أو يرفض لها طلبا. فالواضح أن الرئيس الأمريكي في اشد حالات الحوجه إلي دعم المنظومات اليهودية, لدرجة أن مدير مخابراته جورج تينيت قال ( إذا استمرت العمليات الإستشهاديه فإن عرفات سيجد نفسه وحيدا في الميدان أمام شارون وان الولايات المتحدة قد ترفع يدها وتفسح المجال أمام شارون لان يتصرف بكامل الحرية في الرد علي العمليات ) !!؟؟بمعني انه بعد كل العمليات الوحشيه التي قام بها شارون تري الولايات المتحدة إنها مقيده ليد حبيبها شارون وهو يواجه جبروت أطفال الحجارة !!؟؟ولقد وتواردت الأخبار بأن البيت الأبيض ليست لديه أفكار محددة تجاه قضية الشرق الأوسط وبذا تفتح المجال واسعا أمام إسرائيل لكسب المزيد من المذابح وأوراق الضغط علي الجانب العربي في حين نراه متنازلا من دون أي أوراق ضغط من جانب إسرائيل ولكنها فرحة الثعلب بفريسته ومداعبتها. وها نحن نسمع بضرورة إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية بل وذهبت أطماع إسرائيل ابعد من ذلك بأن صارت تنادي باستبدال ياسر عرفات وحينها تحولت معركة العرب من قضية شعب إلي قضية رئيس !! ؟ وقال الرئيس المصري بواشنطون إنه من الممكن استبدال ياسر عرفات ولكن بعد عامه هذا . من يا تري له الحق في اختيار الرئيس الفلسطيني الشعب الفلسطيني أم أمريكا أم إسرائيل أم مصر الثالثة الأخرى. ومثل ما يحدث الآن حدث في السبعينات من القرن الماضي عندما طُلب من منظمة التحرير الفلسطينية حينها أن تتنازل عن دستورها الذي يدعو إلي العلمانية لأن ذلك يتناقض مع مفهوم الدولة اليهودية ذو الطابع الثيوقراطي , جاء ذلك في حديث وزير الخارجية الأمريكي حينها سيروس فانس حيث قال ( يجب علي المنظمة أن تقوم بتعديل ميثاقها بما يؤكد تخليها عن مفهوم الدولة العلمانية واستعدادها بالتالي للاعتراف بإسرائيل !!؟؟ لا تعليق.يتوافق هذا التصريح مع تصريح لنائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية في ذلك الوقت يجال ألون ( نحن لا نستطيع أن نقبل إشراك منظمة التحرير الفلسطينية أو حضورها بينما ميثاق هزة المنظمة ينادي بدولة علمانية في فلسطين وهذا معناه إلقاء وجود الدولة اليهودية إسرائيل. أوليس هذا هو نفسه ما قاله المستر سيروس السابق ذكره, إن ما تقوله أمريكا هو نفس ما تقوله إسرائيل قديما وحديثا وما أظن تلكم الزيارات المتكررة لشارون إلي الولايات المتحدة سوي تنسيق للمواقف والآراء.ومن كل ذلك يتضح أن الولايات المتحدة غير مؤهلة للعب دور الوسيط بين العرب وإسرائيل. بل كل الذي تريده واشنطون وسط غفلة العرب هو تقوية موقف الرئيس بوش بإحداث حدث سياسي كبير في الشرق الأوسط إلي جانب الحدث العسكري في أفغانستان وربما العراق ! حدث تواري به سوءتها بعد الحادي عشر من سبتمبر يكون نصيب الأسد فيه لإسرائيل حتى تضمن الإدارة الأمريكية دعم اللوبي الصهيوني في الانتخابات القادمة.
بالرغم من أنه بدأ يتحرك أخيرا تجاه قضية الشرق الأوسط إلا أن هنالك معوقات داخليه ناتجة من تركيبته التحالفية, ومعوقات خارجية, تظهر من خلال التناقط بين الموقفين البلجيكي الذي بلغ حد أن أعلن استعداده لمحاكمة شارون إذا ثبت أنه مجرم حرب وبين بريطانيا التي لا تخفي دعمها الصارخ لإسرائيل, مثل هذا التضارب والتناقض يجعل من القرار تجاه الشرق الأوسط مصحوبا بكثير من التوازنات, كما أن إسرائيل عبر منظوماتها الإعلامية والاقتصادية تؤثر علي الرأي العام الأوربي مستغلة في ذلك الأنظمة العربية نفسها باعتبار أن معظمها إذا لم تكن كلها أنظمة استبدادية تمارس الاضطهاد تجاه شعوبها ولا يخفي علي أي إنسان مدي تأثير ذلك علي الرأي العام الأوربي. ومن الجانب الإسرائيلي نجدها لا تأبه كثيرا بالجانب الأوربي ويظهر ذلك واضحا عند منعها لسولانا موفد الإتحاد الأوربي إلي الشرق الأوسط من زيارة ياسر عرفات إبان فترة حصاره في رام الله مما يعد أهانه كبيرة عجز الإتحاد الأوربي عن التصدي لها أو حتى الاحتفاظ بما وجهه. وعندما اتهم نائب رئيس الحزب الليبرالي الألماني موللمان إسرائيل بممارسة إرهاب الدولة وانتقاده لنائب رئيس المجلس اليهودي ميشائيل فريدمان, قامت قائمة إسرائيل ومنظوماتها ولم تهدأ إلا بعد اعتذار موللمان لليهود بطلب من رئيس الحزب الليبرالي !. أضف إلي ذلك مساندة المخابرات الألمانية للموساد في تتبع الفصائل الفلسطينية حسب ما أفاد بذلك المستشار الألماني بنفسه. من كل ذلك يتضح أن دور الإتحاد الأوربي لا يتجاوز دور المراقب لما يمكن أن يفضي إليه التفاوض بين العرب وإسرائيل.
إسرائيل قامت لتبقي وهي مصداق لنبوة الإنجيل وهي وعد الله وشعبه المختار من دون العباد هكذا تري إسرائيل !!؟ لإسرائيل الحق في انتهاج ما تراه مناسبا من سياسات وخطط وإستراتجيات لتحقيق هذه الأهداف, متخذه في ذلك كل أساليب الخداع والزيف والقهر و التشهير الإعلامي ودعاوى معاداة السامية مستفيدة من عناصر القوة المتوفرة لديها. ولها أن تحدد متي تدخل في تفاوض مع العرب ومتي ترفض ذلك, ولها حق أن تنقض العهود والاتفاقات متي ما أحست بالملل منها كيف لا ؟ فإنها إسرائيل ؟ ولنا في اوسلو عبرة وبشار ون غصة. إن إسرائيل لا تريد سلاما مع العرب فهي الآن تأخذ متي تريد وتفعل ما تريد وراس المال العربي في متناول يدها ومنتجاتها بالسوق العربية – من الكوكا كولا والبيبسي ووو وحتي الكاتشب والشطة وو..الخ , فكل أرباح هذه المنتجات تذهب لدعم إسرائيل وشراء أدوات قمع أطفال الحجارة بدءاً بالغاز المسيل للدموع إنتهاءً بالراجمات وصواريخ الاباتشي , ولها حق الأخذ من فائض أموال العرب بالمصارف الغربية . وهي عبر مؤسساتها بالغرب وأمريكا تتحكم في الاقتصاد العربي وتوظفه حسب مصالحها. ولنا أن نسأل الحكام العرب, هل سوف تموت الشعوب العربية إذا لم تتناول الكاتشب والكوكا كولا والاجبان الدنماركية ؟؟!!, و هل إسرائيل فعلا مستعدة للتنازل عن الأراضي العربية التي احتلتها منذ عام 1948م إلي الآن بما في ذلك كل الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية ؟ ... قطعا الإجابة لا وكل من يقول بغير ذلك فهو كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال هروبا من الواقع, فلا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها.. وببساطه لا يمكن مثلا أن نطلب من لص أن يسلم ما سرقه ونفسه مع علمه المسبق أن الثمن هو حياته.. وإذا ما تناسينا وخنا أنفسنا بسلام جزئ مع إسرائيل هل سوف تنسحب إسرائيل من الأراضي اللبنانية والسورية وفتات أو ما تبقي من الأرض الفلسطينية ؟ هل سوف تسمح إسرائيل بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلي ديارهم ؟ لا أعتقد ذلك فإسرائيل لو استطاعت لمنعت أرحام الفلسطينيات من تلدن لقد قرأءت إسرائيل عن فرعون وهتلر ولكنها لم تعي الدرس النهاية ؟
أما بالنسبة للعرب فحالهم يغني عن سؤالهم فبني تغلب مشغولون بنسوانهم وبني مازن مشغولون بغلمانهم. وفاقد الشئ لا يعطية فإذا كانت الأنظمة العربية عاجزة علي أن تنشر السلام بينها وبين شعوبها فهي اعجز في تحقيقة للفلسطينيين, إن كل رئيس عربي عبارة عن شاروناً في بلدة وان كل بلد عربي عبارة عن فلسطين أخري وان ظلم ذوي ألقربي لأشد من وقع الحسام المهند, إن العرب يفتقرون إلي ابسط مقومات التفاوض الأساسية ألا وهي :القوة الذاتيةالقوة الجماعيةالقوة البيئية الدوليةالقوة الذاتية لا وجود لها بسبب عدم ثقة الأنظمة العربية بزاتها كما إنها مرتبطة بتحالفات خارجية لحفظ نظامها وها نحن نشهد موسم الركض نحو أمريكيا والكل يدعي الوصل بليلي وليلي عنهم اعرض, فعندما اندلعت المظاهرات الشعبية في كثير من الدول مؤيدة ومطالبة بالحق الفلسطيني ورافضة للمذابح التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني ووجهت بالبطش والقمع, في حين ان المظاهرات في الغرب باتت تخرج من اجل حقوق الحيوان ولكن يبدو ان المواطن العربي صار في نظر حكامه دون الحيوان .اما القوة الجماعية فالقمة العربية الأخيرة ببيروت خير دليل علي فقدان الترابط بين الرؤساء العرب والحال يغني عن السؤالالقوة الدولية : إن حال العرب والأنظمة العربية بعد الحادي عشر من سبتمبر صار يرثي له فبعد كل بيانات الإدانة والهرولة علي واشنطون ذهابا وإيابا حتى من دول كانت تجاهر بعدائها لأمريكا, بعد كل هذا نجد أن الإدانة الدائمة من واشنطون سوي إدارة أم منظمات مدنية هي للعرب شعبا وحكومات وصار العرب في نظر كثير من الدول وحوشا قادمين من العصور الوسطي . فأي نظام هذا في العالم يخاطر بتحالف مع هؤلاء الوحوش ويعادي سيدة العالم.. أمريكيا ؟؟فهل بعد كل هذا ينجح مؤتمر للسلام بين العرب وإسرائيل ؟
التعليقات (0)