مواضيع اليوم

حول شركة إنتاج فنية شعبية

نزار يوسف

2009-12-18 20:43:16

0

حول شركة أنتاج فنية شعبية

 

عند مشاهدتي للتلفاز و قراءتي لبعض الصحف الرسمية اليومية أو المجلات الفنية .. أشاهد فيها لقاءات و مقابلات فنية مع ممثلين سوريين و كذا مخرجين و كتاب . و الكل حسبما شاهدت و سمعت و قرأت ، ينحون باللوم في حالة تقصير و ضعف الدراما السورية ، على قلة رأس المال الوطني الذي يساهم في إنتاج الأعمال الفني السورية . و طرح أفكار عن رأس المال الخليجي ( على سبيل المثال ) و تحكمه بنوعية و كيفية الأعمال التلفزيونية السورية ، و كثير من المخرجين الذين أشاهدهم على التلفاز يطرحون فكرة قيام الدولة بتبني الأعمال الفنية السورية عن طريق إنشاء شركة إنتاج للدولة تقوم بإنتاج الأعمال الفنية من مسلسلات و أفلام و غيرها .


على أنني و حسب خبرتي و معرفتي الضئيلة بالدراما و الفن عموماً ، و قد أكون مجانباً للصواب في ذلك ، أرى أن الدولة بشكل عام ليس من مجالها بالضرورة تبني هكذا مشروع بشكل كامل . بل لاحظت ( و قد أكون مخطئاً في ذلك ) أن معظم الدول لا تتبنى مثل هكذا مشاريع بالشكل الكامل الرسمي و بالخصوص في هذا الزمن .. ربما في الماضي كان يحصل شيء من هذا القبيل . و حسبما أعلم فإنه يوجد في سورية هيئة رسمية لقطاع الإنتاج التلفزيون تابعة للدولة قامت قديماً بإنتاج العديد من المسلسلات الفنية الرائعة و المشوقة . و منذ مدة تابعت بالمصادفة مسلسل قديم جداً أنتجته على ما أعتقد هيئة الإذاعة و التلفزيون في سورية ، و هو مسلسل بالأبيض و الأسود .. ذو وسائل أنتاج ضعيفة و متدنية للغاية لناحية التقانة ، نظراً لقلة الموارد التقنية الموجودة آنذاك .. بدءاً من شارة المقدمة التي كانت مكتوبة بخط اليد و الوجوه المرسومة باليد أيضاً ، وصولاً إلى التصوير الذي كان من المؤكد أنه بالأستوديو و محكوماً بعوامل البيئة المحيطة به ، و مع كل ذلك فإن هذا المسلسل كان من أروع و أفضل المسلسلات لجهة النص و أداء الممثلين و الموسيقى التصويرية ، حيث أن أي خطأ بالكلمات يستوجب أعادة التصوير مرة أخرى و إتلاف المقطع كله نظراً لعدم وجود إمكانية للمونتاج في تلك الفترة . اسم هذا المسلسل ( زقاق المايلة ) و هي أول مرة أشاهده ، و قد عرض على قناة ( سورية دراما ) . كان مسلسلاً من أنجح المسلسلات و أمتعها و قد تابعته بمتعة بالغة علماً أنه كان يعرض في فترة متأخرة من الليل .


عوداً على بدء فإن لي رأياً متواضعاً و اقتراحاً خجولاً لجهة موضوع شركة إنتاج وطنية ، كونه لا باع لي في قضايا الدراما و الفن بشكل عام و لو أني اتصلت مع بعض الجهات الفنية ( المحلية و العربية و الأجنبية ) في فترة من الفترات لعرض أحد أعمالي .


لماذا لا يتم إنشاء شركة أنتاج فنية وطنية بموجب و مبدأ قانون الاستثمار رقم / 10 / على غرار الشركات التجارية التي شكلت بموجب هذا القانون و هي شركات مساهمة منها الخاصة و منها الشعبية . أي أن يتم تشكيل إنشاء شركة إنتاج فني مشتركة .. شعبية و خاصة ، بين عموم الشعب و بين جهات وطنية تجارية تمول جزءاً لا بأس منه فيها و تطرح هذه الشركة أسهمها للاكتتاب أسوة بباقي الشركات التجارية . بالتالي فإن تلك الخطوة تحقق أمور عدة مهمة منها :


1 ) - تأمين رأس مال وطني حر مستقل يدعم صناعة فنية سورية و يؤمن لها مجال الاستقلالية الحرفية و المهنية و الأفكار الفنية الخاصة بها ، و ذلك بمنأى عن أي تدخل خارجي حسبما يقال ( علماً أنه و برأينا ، من حق الجهة الخارجية الممولة في حال وجدت ، أن تفرض شيء من أفكارها أيضاً ) .


2 ) - إن وجود رأسمال شعبي و لو بشراكة / 49 % / من الأسهم ، يؤدي إلى تكوين صياغة فكرية و نصية لمواد الدراما تكون مقبولة من عموم الجمهور و بالتالي يساهم الجمهور بصياغة عمومية و لو غير مباشرة لفكرة و اتجاه الأعمال الفنية التي تكون بذلك قد حصنت نفسها من النقد الجماهيري ، فلا يستطيع الجمهور فيما بعد توجيه النقد المباشر لعمل ما ، قد حدد هو مساره العام و أطره العريضة . و لا يكون النقد و الحالة هذه إلا بالتفاصيل الثانوية ( على ما أظن و أعتقد ) .


3 ) - عندما يساهم الجمهور بالاشتراك مع النخبة المالية الممولة لهذه الشركة في صياغة الأفكار الفنية ، سيكون هنالك و لا شك تحييد للأعمال الفنية الهابطة أو الضعيفة أو ذات التوجه الفني الغير الهادف ، اللهم إلا حسب السوية الثقافية ، و هذا ما يقع على عاتق الوعي الجماهيري الفكري و الثقافي .


4 ) - إحساس الجمهور بالمسؤولية تجاه الدراما السورية و ما تقدمه من أعمال ، يدفعه و لو حتى بشكل غير مباشر إلى تبني هذه الشركة الإنتاجية و توسيعها و تطويرها قدماً على الأمام . و أنا كلي ثقة أن أعداد غفيرة من المواطنين ستساهم بهذه المؤسسة الفنية من منطلق تحمل المسؤولية .


5 ) - وجود شركة إنتاج فنية أهلية كهذه ، يؤدي إلى مشاركة و إنتاج أعمال درامية لا يستطيع أصحابها إنتاج أعمالهم ، و تقيهم شر الوقوع تحت رحمة بعض ( نقول بعض و ليس كل ) شركات الإنتاج الفنية الخاصة و ذل الخضوع المعيب لمزاج أصحابها .


6 ) - وجود شركة إنتاج فنية كهذه يؤدي إلى انتفاء المحسوبيات و المزاجية الخاصة التي تقوم بها بعض شركات الإنتاج الخاصة المذكورة آنفاً . فهنالك مجلس إدارة مشترك و مراقبة و تحديد للسياسة العامة ، متفق عليها مسبقاً .


أدعو من يهمه الأمر إلى تبني هذه الفكرة و أخذها بعين الاعتبار .


أقول قولي هذا و استغفر الله لي أن كنت قد جانبت المنطق و الصواب أو تعديت على مصلحة ليس مصلحتي .

 

نزار يوسف
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !