حول زواج الرسول الكريم بزينب رضي الله عنها
ومن بين تلك الأكاذيب التى يرددها الأفاقون أعداء محمد عليه الصلاة والسلام ويتشبث بها صاحبنا الكندى كما يتشبث الكلب الأجرب بعظمة بين أسنانه لا يتركها أبدا، زواجه صلى الله عليه وسلم من ابنة عمته السيدة زينب بنت جحش أم المؤمنين.
يقول المجرم الأفاق: "فأما ما كان بينه وبين زينب بنت جحش امرأة زيد فإني أكره ذكر شيء منها إجلالاً لقدر كتابي هذا عن ذكرها، غير أني آتي بشيء مما حكاه في كتابه الذي يقول إنه نزل عليه من السماء إذ يقول: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ واللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَّوَجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهُ مَفْعُولاً مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (سورة الأحزاب/ 37- 38)".
ظريفٌ والله هذا الأفاق! لقد بلغ من حيائه أنه لا يريد أن يتكلم فى هذا الموضوع، وكأنه يتجنب مسألة مفحشة لا يصح تناولها على الملإ، وليس زواجا طبيعيا شرعيا ليس فيه شىء البتة مما يُسْتَحَى منه، اللهم إلا عند الشواذ: شواذ العقل والضمير والجسد، إذ ماذا فى زواجه عليه الصلاة والسلام من زينب بنت جحش؟ وماذا فى الآية القرآنية التى ساقها هنا؟
لا شىء. نعم لا شىء بالمرة، وإلا لما تورع أن يبدئ فى الأمر ويعيد، من الصباح للمساء، ومن المساء للصباح! وأكمل أنا الأمر فأقول: إنهم يكذبون فيقولون أولا: كيف يقدم محمد على التزوج من امرأة ابنه؟ رغم أن زينب لم تكن زوجة ابنه، لسبب بسيط جدا، وهو أنه لم يكن له آنذاك ابن أصلا ولا كان له فى أى يوم من الأيام ابن بلغ مبلغ الأزواج، لأن أولاده الذكور ماتوا كلهم وهم أطفال صغار. إلا أن الأفاقين المنافقين الذين سيشويهم الله شيًّا فى نار الجحيم يتابعون الجاهليين على فهمهم وظنهم أن وضع الابن بالتبنى هو نفسه وضع الابن الحقيقى. وحتى لو كان الأمر كذلك لقد نزل القرآن قبل تلك الحادثة بما يمحو ذلك الفهم الجاهلى ويبين للمسلمين أنه لا يحق للمسلم أن يستلحق به ولدا ليس من صلبه، بل لا بد أن ينسب ذلك الولد إلى أبيه. فإذا سددنا هذه الثغرة ولم يجدوا بابا يَلِجُون منه إلى الزراية على عميد النبيين عادوا فقالوا: ولكنه كان يشتهيها، ولذلك أخذها من زيد. وهذا أيضا كذب مبين وتدليس شنيع، فإنه عليه السلام لم يأخذها من زيد، بل حين سمع من زيد أنه ينوى طلاقها قال له: "أمسك عليك زوجك، واتق الله". لكن زيدا مضى فطلقها لأن العشرة بينهما أصبحت مستحيلة، إذ لم تكن زوجته تحبه وتجد غضاضة فى أن يكون زوجها عبدا سابقا ومن قبيلةٍ أقلَّ شرفا من قبيلتها. سيقولون إن محمدا رآها ذات يوم فى مباذلها، وقد ذهب يسأل عن زيد فوقعت فى نفسه موقعا. ونحن نقول: فليكن ما تقولونه صحيحا، ولكن ماذا كان رد فعله صلى الله عليه وسلم عندما رآها فى مباذلها؟ هل دخل وراءها البيت فى غياب الزوج ليتمتع ولو بالحديث معها على انفراد؟ والجواب: أبدا، فهذا لم يحدث. إذن ماذا فعل؟ يقولون إنه انصرف وهو يردد بينه وبين نفسه: سبحان مقلب القلوب! ونسأل نحن بدورنا: وماذا فى هذا؟ أليس ذلك دليلا على إيمانه بربه حتى إنه ليذكره فى ذلك الموقف الذى لا تَرَوْن فيه من دليل إلا أنه رجل شهوانى؟ وهكذا يظلون يثيرون الاتهامات ويفترعون الأقاويل، ونحن وراءهم نسألهم عن دلالة كل شىء ينسبونه إليه صلى الله عليه وسلم إلى أن يتضح للقارئ أن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة فى فنجان. ونحن نزيدهم من الشعر بيتا بل أبياتا ونقول: وحتى لو كانت قد وقعت من نفسه موقعا، فماذا فى ذلك؟ ماذا فى أن يرى الرجل منا امرأة جميلة فتقع من نفسه موقعا؟ أوكان يتجسس عليها أو يعمل على اللقاء بها وهى تتمنع عليه؟ أوكان يراودها عن نفسها؟ أوشرع يخطط عقب ذلك لينال منها فى الحرام ما يبغيه الرجل من المرأة؟ أأرسل إليها يستقدمها إلى بيته وزنى بها؟ أتآمر على رجلها وقتله بدم بارد وضمها إلى حريمه غير شاعر بأية خالجة ندم كأى بلطجى حقير؟ أبدا أبدا. إذن ما الذى فى تصرف النبى عليه السلام فى ذلك الموضوع مما يمكن تناوله بلسان المنتقد؟ لا شىء، لا شىء بالمرة! أما قوله تعالى: "وتخشى الناس، والله أحق أن تخشاه"، فهو خوفه صلى الله عليه وسلم من كلام العرب حديثى العهد بالجاهلية أن يقولوا إنه تزوج امرأة ابنه، لكن كان للسماء موقف آخر، إذ لا بد أن يبدأ أحد الأشخاص بكسر هذا الحظر الذى أكسبه الزمن رسوخا لا يقبل المراء، فشاءت السماء أن يكونه محمد، فنفذّه عليه السلام على مرارته. وفى "فتح البارى" لابن حجر: "عن السدي بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوِّجها زيدَ بن حارثة مولاه فكرهت ذلك. ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوّجها إياه، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: "تزوج امرأة ابنه"، وكان قد تبنى زيدا".
أما الذى لابد من محاسبته وفضحه ولَوْك سيرته فى العالمين فهو مَنْ كتب مؤلفو العهد القديم عنه ما يلى:
2Sa 11:1 وكان عند تمام السنة في وقت خروج الملوك أن داود أرسل يوآب وعبيده معه وجميع إسرائيل، فأخربوا بني عمون وحاصروا ربة. وأما داود فأقام في أورشليم.
2Sa 11:2 وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جدا.
2Sa 11:3 فأرسل داود وسأل عن المرأة، فقال واحد: «أليست هذه بثشبع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي؟»
2Sa 11:4 فأرسل داود رسلا وأخذها، فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها. ثم رجعت إلى بيتها.
2Sa 11:5 وحبلت المرأة، فأرسلت وأخبرت داود وقالت: «إني حبلى».
2Sa 11:6 فأرسل داود إلى يوآب يقول: «أرسل إلي أوريا الحثي». فأرسل يوآب أوريا إلى داود.
2Sa 11:7 فأتى أوريا إليه، فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب.
2Sa 11:8 وقال داود لأوريا: «انزل إلى بيتك واغسل رجليك». فخرج أوريا من بيت الملك، وخرجت وراءه حصة من عند الملك.
2Sa 11:9 ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده ولم ينزل إلى بيته.
2Sa 11:10 فقالوا لداود: «لم ينزل أوريا إلى بيته». فقال داود لأوريا: «أما جئت من السفر؟ فلماذا لم تنزل إلى بيتك؟»
2Sa 11:11 فقال أوريا لداود: «إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام، وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي! وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر».
2Sa 11:12 فقال داود لأوريا: «أقم هنا اليوم أيضا، وغدا أطلقك». فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده.
2Sa 11:13 ودعاه داود فأكل أمامه وشرب وأسكره. وخرج عند المساء ليضطجع في مضجعه مع عبيد سيده، وإلى بيته لم ينزل.
2Sa 11:14 وفي الصباح كتب داود مكتوبا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا.
2Sa 11:15 وكتب في المكتوب يقول: «اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت».
2Sa 11:16 وكان في محاصرة يوآب المدينة أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البأس فيه.
2Sa 11:17 فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داود، ومات أوريا الحثي أيضا.
2Sa 11:18 فأرسل يوآب وأخبر داود بجميع أمور الحرب.
2Sa 11:19 وأوصى الرسول: «عندما تفرغ من الكلام مع الملك عن جميع أمور الحرب،
2Sa 11:20 فإن اشتعل غضب الملك، وقال لك: لماذا دنوتم من المدينة للقتال؟ أما علمتم أنهم يرمون من على السور؟
2Sa 11:21 من قتل أبيمالك بن يربوشث؟ ألم ترمه امرأة بقطعة رحى من على السور فمات في تاباص؟ لماذا دنوتم من السور؟ فقل: قد مات عبدك أوريا الحثي أيضا».
2Sa 11:22 فذهب الرسول ودخل وأخبر داود بكل ما أرسله فيه يوآب.
2Sa 11:23 وقال الرسول لداود: «قد تجبر علينا القوم وخرجوا إلينا إلى الحقل فكنا عليهم إلى مدخل الباب.
2Sa 11:24 فرمى الرماة عبيدك من على السور، فمات البعض من عبيد الملك، ومات عبدك أوريا الحثي أيضا».
2Sa 11:25 فقال داود للرسول: « هكذا تقول ليوآب: لا يسؤ في عينيك هذا الأمر، لأن السيف يأكل هذا وذاك. شدد قتالك على المدينة وأخربها. وشدده».
2Sa 11:26 فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها ندبت بعلها.
2Sa 11:27 ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته، وصارت له امرأة وولدت له ابنا. وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب.
ومع ذلك فإن الأفاقين الكذابين لا يجدون فى سلوك داود هنا ما يمكن أن يؤاخَذ عليه، ويجدون فى السلوك الطاهر النقى الذى صدر عن محمد العيب كل العيب! أليس الله قد غفر لداود وأصبح قريبا منه سبحانه كما يقولون ويبررون؟ لكن لماذا لم يغفر الله لمحمد هو أيضا هذا الــ... هذا الماذا؟ والله لا أدرى، فإنه لم يرتكب شيئا يمكن أن يؤاخَذ عليه أيا ما تكن الزاوية التى ننظر منها إليه! أم ترى الإله الذى تؤمنون به أيها الأوغاد إلها مخلول العقل، فهو يغفر للمجرم القرارى مستبيح الأعراض الوالغ فى الدماء البريئة الوفية، ولا يتسامح مع الرجل الذى يتزوج بامرأة على سنة الله ورسوله ويخشاه ولا ينسى ذكره أبدا فى أى موقف من المواقف؟ يا حرام! فانظر أيها القارئ إلى أولئك المجرمين الوقحين وكيف تلتوى ضمائرهم التواء لا يمكن إصلاحه أبدا! وأخيرا فلست أظننى فى حاجة إلى أن أقول إن المسلمين لا يثقون بما يقوله مخترعو العهد القديم فى حق نبى الله داود، بل يَرَوْنه شُنْعًا لا يُقْبَل أبدا بل كفرًا بَوَاحًا، بَيْدَ أننى أردت أن آخذ الكذابين المنافقين بما فى كتابهم مما لا يمكنهم المجادلة فيه! هذا، ولا أتكلم عن يهوذا وامرأة ابنه الحقيقى وزناه بها وليس زواجه منها، ولا عن مضاجعة لوط لابنتيه بعد أن سقتاه خمرا ونامتا معه الواحدة بعد الأخرى وحبلهما منه، ولا عن نشيد الأناشيد الذى نظمه فى زعمهم القذر مثلهم سليمان بن داود ( نبذة عن نشيد الأناشيد ) مما يعجز تماما أبو نواس ونزار قبانى أن يكتبا شعرا مثله فى العهر والفحش والإغراء بالفجور، ولا ولا ولا، فالله حليم ستار.
الكاتب/ د / إبراهيم عوض
الرجوع الي الرد علي شبهات النصارى حول السنة
مقالات مشابهة
شبهة زواج الرسول بأمنا زينب بنت جحش
دموع التماسيح علي زيد بن حارثة
http://www.burhanukum.com/article394.html
التعليقات (0)