عند إذعان رئيس منظمة ما يسمى بقوات سوريا الديموقراطية ، والمسماة إختصارا ب " قسد " للضغوط الروسية الأمريكية التركية ، بالإنسحاب جنوبا ، وحتى الحسكة ، وبعيدا عن الحدود التركية شمال سوريا ، وبعمق 32 كم ؛ فيجب أن نلاحظ الآتي :
أولا ؛ لكي يمرر أردوجان تحركه في الشمال السوري من غير معارضة ، أو حتى إمتعاض أمريكي ـ روسي ، وللحؤول أساسا دون إنشاء أو قيام دولة أو كيان كردي على الأراضي السورية فإنه قد أعلن إبتداء أنه ليس له أية أطماع في الأراضي السورية ، وأنه أيضا حريص على وحدة الأراضي السورية ، وكذا إنشاء منطقة آمنة ــ وليس عازلة فقط ، وبنفس العمق تقريبا التى انسحبت إليه قصد ــ اي حوالي 35 كم وذلك لعودة حوالي 4و3 مليون لاجىء سوري متواجدين فقط في تركيا ..!
ثانيا ؛ عند الإعلان عن قيام أو إنشاء منطقة للحكم الذاتي الكردي داخل الأراضي السورية ، وعلى الحدود التركية ، قد لقي الأمر ترحيبا ، وكذا تشجيعا وتأييدا واسعا لدى الكيان الصهيوني ، الأمر الذي أقام الدولة التركية ولم يقعدها وحتى إنسحاب قسد حتى عمق 32 كم داخل الأراضي السورية ..!
ثالثا ؛ عند إنسحاب قسد إلى هذا العمق السوري ، ونحو الجنوب ، وبعيدا عن الحدود التركية ، فإن قسد لا تزال تحمل في أحشائها سفاح إنشاء الكيان الكردي اللقيط داخل الأراضي السورية ؛ الأمر الذي لا يزال يحمل في طياته أيضا تهديدا للأمن القومي التركي من ناحية ، وشبح تقسيم الدولة السورية من ناحية أخرى ، وهذا ما ينقلنا مباشرة إلى البند رابعا ..!
رابعا ؛ لتفويت فرصة دخول القوات التركية للأراضي السورية ، وزوال كل حجة لبقائها هناك ، ُطلب غالبا من قسد أن تعلن هي الأخرى حرصها على وحدة الأراضي السورية ــ قولا وليس فعلا ..! ــ ما يعني ، أو ما يفهم ضمنا إقلاع قسد عن إنشاء كيان كردي داخل الأر اضي السورية . ولكن تصريح رئيس تلك الحركة الكردية السورية الأنفصالية ــ والتي هي بحق إمتداد لل"بي بي كيه" أو حزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجلان ، والذي هو قيد الأعتقال الآن بالسجون التركية..! ــ تكذبه ــ " والصب تفضحه عيونه " ..! ــ تصريح أخر له بأنه اتفق/ إشترط مع الجانب السوري والروسي لدمج قسد مع الجيش السوري الحفاظ على الإدارة الذاتية للأكراد داخل سوريا ..!
وذلك هو إذن بيت القصيد ، أو بالأحرى ، جرثومة أو لغم توريط سوريا وربما بتواطيء روسي على إنشاء كيان إنفصالي كردي داخل الأراضي السورية ، وقد أُتخذ خطوته الأولى بزعم "الإدارة الذاتية للأكراد " ، ولكن أين ؛ داخل الأ راضي السورية ؛ الأمري الذي يعني ، من ثم ، تهديد وحدة الأراضي السورية ، وفي وقت لاحق ، وعندما يرونه مناسبا ؛ فسوف يدعو الأكراد إلى قيام حكم ذاتي على غرار كردستان العراق ، ثم ، وفي وقت لاحق أيضا ، ويرونه مناسبا ؛ كيان كردي مستقل ، وداخل الأراضي السورية ..!
إذن مصطلح الإدارة الذاتية ، هو وكما رأينا ، تمويها على المطلوب إنشاءه من دولة ، أو كيان سفاح لدولة كردية مزعومة ، يتمتع دعاتها بقدر لا بأس به من الإنحطاط والأستغلال والإنتهازية ، وحيث استغلوا ضعف النظام السوري وتفكك أوصال الدولة السورية ، وتشتت وانقسام وحتى هجرة القسم الأكبر من شعبها خارج وداخل سوريا ، وكذا تنازع عدة قوى دولية على التراب السوري ــ منها الصهيونية العالمية ذاتها بطبيعة الحال ــ لكي تلوى ذراع النظام السوري ــ والذي لا يملك سوى الخضوع لرغباتها حاليا ــ مشترطة عليه ما ادعته بالإدارة الذاتية لأكراد سوريا ، مع الإحتفاظ بكامل سلاحها وعتادها والتى تراجعت به إلى داخل العمق السوري وبعمق 32 كم من الحدود التركية شمال سوريا ..!
فهل مثل هذا الأمر يسمى إندماج أم ضغط على النظام السوري ، ومن أطراف دولية فاعلة عدة بالقبول بهذا الأمر ــ والذي هو شبيه بحق بزنا المحارم وليعاذ بالله ..؟!
وهل كانت تجرأ قسد أو حزب العمال الكردستاني بمثل ما طالبت به ، وحصلت عليه ، عندما كانت سوريا مسيطرة على قواتها وكامل ترابها ، وسواء كان ذلك في عهد حافظ الأسد ، أوأبنه بشار ، أو حتى قبلهما ــ وليس معنى هذا الحط من قيمة الثورة السورية وما نادت به من حرية وعدالة إجتماعية ، ولكننا لسنا هنا بصدد إطلاق أحكام أو عقد محاكمات الآن ، ولكننا بصدد إطلاق جرس إنذار لخطر داهم يتهدننا جميعا في هذه المنطقة ..!
لذا ؛ فإنني أدعو الرئيس أردوجان ــ والمعروف ببارجماتيته" ، والذي لا أشك لحظة في تقديره لهذا الموقف ، وكذا حرصه على الأمن القومي التركي ، والذي هو جزء لايتجزء ، وفي حقيقة الأمر ، من الأمن القومي العربي ، إلى تجرع السم على الطريقة الخومينية ، وإعادة العلاقات مع النظام السوري بشرط عودة كل اللاجئين السوريين في تركيا ، وغيرها من دول أخرى ــ ولمن يرغب منهم في العودة ــ إلى ديارهم التى هُجروا ونزحوا عنها في سوريا . وذلك من شأنه أن يقوي من الدولة السورية ــ وهذا في حقيقة الأمر من مصلحة كل من العرب والأتراك ــ وعندما يحدث ذلك فلن يكون هناك داع لأي تواجد قوات أجنبية في سوريا ، وسواء كانت روسية أو حتى إيرانية ..!
وعلى الله قصد السبيل ..!
التعليقات (0)