كيف يريد المستشرقون الالمان الوصول الى اثار بدايات القرآن
يصطدم العلماء الغربيون الذين يعنون بدراسة الانبياء بعدم الثقة من قبل العالم الاسلامي . بسبب ان معظمهم كانوا يعملون كمرشدين او جواسيس. يتعلم الاوربيون اليوم اللغة العربية، لغة محمد، بدون الدخول بالاسلام، واما بالنسبة للكثير من الكاثوليك، فالغرض اسوأ، فهم يريدون من بحثهم القرآني، دحض نزول الوحي.
وعندما حصل المستشرق الالماني من بون (ستيفان فيلد 70 عاما) Stefan Wild على دعوة من السعودية كانت تمثل بالنسبة له سبقا بسيطا. ويعد البروفسور في اللغات السامية وعلم الاسلاميات في جامعة بون خبيرا في تاريخ نزول الوحي. استطاع فيلد في السنوات الماضية في "دولة القلب الاسلامي" المنغلقة بشدة ولاول مرة باعتباره الوحيد غير المسلم وكذلك الضيف النجم الهاديء للاحتفالية "القرآن الكريم والدراسات الشرقية" من قبل "مركز الملك فهد لطباعة القرآن الكريم" ان يحصل على دعوة الى "المدينة" ثاني اكبر المدن المقدسة في المملكة. فقط لان موقع المناقشات يقع خارج المنطقة المقدسة حول قبر الرسول محمد. الذي هو من حق المسلمين فقط. فلقد استدعي عميد المستشرقين الالمان مثله مثل العالم تيودور نولديكة Theodr Nölde من قبل وكان قبلهم كلهم اجناتس جولدتسيهر Ignaz Goldziher، الذي تربع في القرن التاسع عشر بـ "دراسته المحمدية " دراسة اللغة والثقافة الشرقية. وبسبب عدم امتلاك القيصرية الالمانية لمستعمرات عربية، كان التعامل مع المسلمين غير مجهد نوعا ما. ولقد ادى العمل على القرآن لان تكون الالمانية ثاني اهم لغة موقتة الى جانب العربية.
لم يذهب الكثير من رجال الدين لعقد مقارنات حرجة بين التوراة والانجيل والقرآن، فلا احد يثق بمعتقدات كتابة التاريخ الاسلامية، حتى بالنسبة للمستشرقين فلقد كان القرآن عبارة عن عمل موحد قد تم تدوينه بعد نزول الوحي بواسطة جبرائيل. وفي عام 1979 كتب رودي باريت Rudi Paret من توبنج ترجمته للقرآن والتي تتخذ كنموذج لحد الان "نحن نتفق على انه ليس هناك اي دليل، ان تكون حتى ولو اية واحدة في القرآن هي من تأليف محمد شخصيا". اما حول قدسية القرآن فلقد انتبه المستشرقون متأخرا، ولكن ببحوث مضطردة ومركزة. ولقد كسر (التابو) اولا من قبل احد ادباء المهجر اللبنانيين بكتابه "القراءة السريانية الآرامية للقرآن".
توصل الباحث ـ وهو مسيحي ـ في بحثه المنشور سنة 2000 الى ان القرآن يمس في بعض اجزاءه النصوص المسيحية. والتي كتبت بلغة هجينة تخلط ما بين اللغة الارامية ـ لغة المسيح ـ واللغة التي تطورت منها العربية تدريجيا فيما بعد. وخلال نقلهم لهذه المؤلفات وقع النساخ المسلمون باخطاء كارثية. لم يخطر ببال نساخ القرآن في ذلك الوقت، ان جذر الكلمة في كلتي اللغتين هو نفسه، ولكن اختلاف المعنى في احد اجزائها شاسع جدا.
الحلقة اللاحقة كانت ارسال المنظمات الارهابية مثل القاعدة وحماس لانتحارييهم الى الموت معتمدين على كلام فارغ لايات مقدسة، وبعد ذلك سوف يستقبل الشهداء في الجنة من قبل فتيات جميلات جدا، لقد كان هذا بالنسبة لعلماء اللغة عبارة عن خطأ في الترجمة، فعندما تحدث القرآن عن "الحوريات" فلقد فسرها المفسرون لاحقا بانها تعني (حور العين)، ولكن في القراءة السيريانية الآرامية تعني "العنب الابيض". وهذا المعنى يعطي تفسيرا اكثر منطقية للمعنى، فالجنة يتم وصفها في القرآن على انها حديقة مزهرة.
ولعلمه الى اي دوامة ستقوده حلقات نظريته، عاش الكاتب لحد الان في المجهول، فلقد اختار اسما مستعارا وهو كرستوف لوكسينبيرك Christph Luxenberg. الاسم يذكر بكلمة نبي، حيث معرفة الضوء Lux.
لم يكن هذا الرجل الوحيد الذي يقف يائسا امام تاريخ تطور القرآن، فالباحث الاسلامي جيرد روديجر بوين Gerd-Rüdiger Puin اراد ايضا اعادة كتابة تاريخ صدر الاسلام. فلقد انشغل هذا المستشرق بحل لغز النسخة القرآنية التي تم اكتشافها في اليمن في العام 1973. ففي العاصمة اليمنية استطاع ان يقرأ النسخة المكتشفة والمرممة والتي تعد واحدة من النسخ القديمة للقرآن. ولقد اكتشف بوين اثناء قراءته هذه، ان بعض النصوص تختلف اختلافات جسيمة مع النسخ المتاخرة الرسمية من القرآن. فكانت النقاط والحركات التي ترافق الكتابة العربية والتي تمثل الاختلاف في المعاني، كانت في بعض المواضع تختلف اختلافا جذريا، وبذلك اعطت الكلمات معاني اخرى.
حول تلك "البدايات الغامقة" للاسلام ضارب ايضا عالم الاديان كارل هاينس اوليش Karl-Heinz Ohlig. فلقد امتعض عالم اللاهوت الكاثوليكي هذا من طائفة المستشرقين من زعمهم ان محمد ويسوع هم نفس الشخص، وان القرآن كان يمثل بحقيقته فقط "انجيل عربي" للمسيحيين العرب.
ولقد تصرفت احدى المجاميع البحثية من برلين التابعة للبروفسورة في الدراسات العربية انجليكا نويفيرت Angeleka Neuwirth بحذر شديد، فالباحثة نفسها عاشت لسنين طويلة في الشرق الاوسط. وببحثها المسمى "الجسد القرآني" "Corpus Coranicum" تحاول نويفيرت 64 عاما، مع زميليها نيكولاي سيناي Niclai Sinai و ميشائيل ماركس Michael Marx اقتصاء تاريخ نزول الوحي. تقول البروفسورة "نحن نأخذ المسلمين على محمل الجد" لذلك تحترم مجموعتنا ايضا اسطورة النشوء الالاهي للقرآن "نحن لا نريد ان نحقر اي احد بالاكراه".
في البحث الماموثي والذي رصد له مبلغ مليوني يورو قسمت المجموعة البحثية الى قسمين، يقوم القسم الاول بتكوين قاعدة بيانات للقرآن، وتتضمن جميع الاصناف التقليدية و الادلة المصدرية والتي يجب ان يكون لها وجود مشابه في التوراة والانجيل. وباعمال مصغرة يتم اختبار التسلسل الزمني للقرآن لكل صورة وبدقة شديدة ، كلمة كلمة.
وهكذا تأمل المجموعة البرلينية ان تقوم باعادة تشكيل " المناخ الديني والتاريخي للفترة التي انشئ فيها القرآن". اما المعرفة فيتم تلخيصها بواسطة قسم العمل الثاني الى تعيقات قرآنية نقدية. بالطبع نحتاج الكثير من الوقت لتحليل وتقييم كل الايات، و لانجاز هذا المشروع فقد تم تخصيص سقف زمني يصل الى 18 عام.
وقدم مشروع "الجسد القرآني" الى العالم الاسلامي، لكي يضم الزملاء المسلمين ايضا. وتقول نويفيرت ان "المرء يصطدم باهتمام واسع للمشروع" عندما يلقي المحاظرات في كل من سوريا وايران. وحتى في المملكة العربية السعودية، فلم يعد هناك رفض من قبل الفقهاء، للطرق الحديثة الاتية من الغرب.
المصدر: مجلة "دير شبيجل" الالمانية العدد 52 لسنة 2007 صفحة 24ـ 25
ترجمة نزار النهري
التعليقات (0)