حوار مع الشاعر عبد اللطيف غسري
أخي عبد اللطيف غسري مرحبا بك في بيتك الثاني ملتقى الأدباء و المبدعين العرب .
قد أكون ثقيلا عليك بأسئلتي لكن تحملني .
1- تحدث لنا في سطور عن النشأة والدراسة
2- ماتأثير بيأة مراكش و بالتدقيق منطقة شيشاوة على الشاعر عبد الطيف غسري؟
3- ماسر اهتمامك بالشعر العربي الفصيح مع العلم أن تكوينك باللغة الانجليزية؟
4- ما الحكمة من توظيف السخرية في أشعارك؟
5- من خلال قراءتي لديوان "قوافل الثلج" أراك تميل إلى الغزل لكن الغزل الخجول هل هذا الخجل راجع إلى التربية في بيأة محافظة ؟ أم تراعي لمشاعر القراء ؟ أم للتربية و التكوين أثر في ذلك؟
6-لماذا تهتم بالشعر العمودي ؟ وهل هذا الاهتمام يعني استصغار لشعر التفعيلة؟
7-ديوان قوافل الثلج جدارية جميلة تشعر القارئ وكأنه أمام لوحة زيتية لماذا هذا التنويع في الصور و في سيميائيات النصوص المتحركة ؟
أخيرا ماهي أعمالك القادمة؟
8- لو تذكر قراءك بأهم الجوائز التي حصلت عليها في مجال الشعر
شكرا على سعة صدرك أخي عبد اللطيف
محمد يوب
////////////
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتُه
بداية، أعبر عن امتناني العميق وشكري الجزيل للأخ الفاضل الأستاذ محمد يوب على بادرته الطيبة هذه بفتح صفحة جادة وهادفة لمحاورة شخصي الضعيف بشأن تجربتي الشعرية والظروف التي دعتني إلى خوضها. إن مثل هذه الصفحات من شأنها أن تقرب المبدعين أكثر إلى القراء من خلال وقوفهم على بعض الأمور المتعلقة بحياتهم ودراستهم وأنماط كتابتهم الشعرية وغيرها. أعتذر عن التأخر في الرد نظرا لانشغالي خلال اليوم الماضي بامتحانات الباكلوريا التي، كما يعلم الأستاذ محمد يوب، قد انطلقت يوم أمس. سأحاول الرد على أسئلة الأخ الكريم الأستاذ محمد يوب واحدا تلو الآخر تفاديا للإطالة والإطناب.
1ـ اسمي الكامل عبد اللطيف غسري، وُلدتُ ونشأتُ في بلدة بإقليم شيشاوة المجاور والتابع لولاية مراكش، المدينة المغربية التاريخية، في يوم الخامس عشر من شهر يوليوز سنة 1973. تلقيتُ تعليمي الأولي والثانوي في هذا الإقليم قبل الانتقال إلى بوجدور، وهي مدينة ساحلية تقع جنوبَ المغرب، حيث حصلتُ على الباكلوريا، ومِن ثمَّ ذهبتُ إلى أكادير، المدينة الساحلية الجميلة، لمتابعة دراستي الجامعية حيث حصلتُ على الإجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة بن زهر سنة 1998. وفي عام 2000 تمَّ تعييني أستاذا مدرسا للغة الإنجليزية لفائدة طلاب الباكلوريا في بلدة مجاورة لمراكش تدعى سيدي رحال حيث ما زلتُ أزاول عملي حتى الآن.
2ـ تتسِم منطقة مراكش وشيشاوة بمناخها المعتدل طيلة السنة تقريبا وشمسها الساطعة التي تبعث أشعتها الدافئة في كل مكان فتشيع الدفء في النبات والحيوان والإنسان وحتى الجماد. كما أن هذه المنطقة غنية بمناظرها الطبيعية الخلابة من جبال وسهول وأشجار ووديان. وقد كان لهذه العوامل الطبيعية أثر خاص في نفسيتي وفي تأثير الطبيعة الكبير على نصوصي الشعرية. ذلك لأنني شغوف بالجمال أيا كان مصدرُه، والطبيعة بسحرها الدائم الذي لا حدود له تمنحنا مصدرا للجمال لا يكاد ينضبُ معينه. لذلك فإنني وجدتُ في الطبيعة منبعا للجمال أستعيض به عن منابع الجمال الأخرى التي قد لا تتهيَّأ لي دائما. والقارئ لنصوصي الشعرية في ديوان "قوافلُ الثلج" مثلا يستشعر طغيان الطبيعة في الإطار الفني لهذه النصوص وكيف أن مفردات الرومانسية الطبيعية أكثر شيوعا من غيرها.
3ـ كنتُ وما أزال شغوفا بلغتنا العربية السامقة لتفردها وتميزها الملحوظ بنيةً ومفرداتٍ وإيقاعًا عن باقي لغات العالم، وقد رافقني هذا الشغف منذ السنوات الأولى لطفولتي حيث كان لقراءة القرآن وأشعار الفحول منذ العصر الجاهلي إلى الآن مرورا بالعصر الأموي والعباسي، أكبر الأثر في تنمية سليقتي اللغوية وصقلها. وكان لقراءاتي المستمرة هذه أكبر الأثر أيضا في تحريك موهبة الكتابة الشعرية لديَّ فبدأت قرضَ الشعر منذ الطفولة. وعلى الرغم من أنني تخصصتُ في دراسة اللغة الإنجليزية وآدابها خلال المرحلة الجامعية إلا أن ذلك لم يُلهِنِي عن لغتي الأم ولم يشغلني عن جمالياتها الكثيرة.
4ـ توظيف السخرية وهي ما يُطلق عليه الإنجليز لفظ irony أو satire، في النصوص الشعرية وفي الأدب عموما يحقق غايتين اثتنين في منظوري الخاص: أولاهما، أن السخرية تضفي بعضا من خفة الظل على النصوص الإبداعية فتجعلها أقرب إلى التغلغل في وجدان القارئ وفكره بسهولة ويسر. فالقارئ بطبيعته ميال إلى النصوص خفيفة الظل حتى ولو كان بها عمق من نوع ما. والثانية، أن هذا التوظيف يمنح المبدع فضاءً آخر لاستخدام عناصر البلاغة والإثارة والتشويق من تقابل وتجانس وتناغم وتنافر وتآلف إلى غيرها، وهذه العناصر هي ما يمنح النصوص فرصة أن تجد قبولا وإقبالا عند القارئ. ومع ذلك، فإن استخدامي لأسلوب السخرية ليس شائعا كثيرا في نصوصي كلها، لكني أعمد إلى اللجوء إليه كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
5ـ إن القارئ لغزلياتي يجدني حريصا على تحري جانب التهذيب والابتعاد عن الإسفاف أو ما من شأنه أن يخدش الحياء العام. وقد كان للتربية التي تلقيتُها داخل أسرة محافظة متدينة دور كبير في هذا الملحظ. كما أن قناعتي الشخصية أن الشاعر أو المبدع بشكل عام يستطيع، إذا توفرت له اللغة السليمة والموهبة الحقيقية، أن يطرق شتى المواضيع بسلاسة وعمق وتفرد من غير أن يلجأ إلى الأساليب التي ينفر منها الذوق العام وهذا من شأنه أن يمنح نصوصه فرصة البقاء والخلود بين الناس.
6ـ صحيح أن الحيز الأكبر في ديواني "قوافلُ الثلج" مثلا هو للقصائد العمودية الخليلية، لكنني أعتبر الشعر التفعيلي بديلا ناجحا وهاما للشعر العمودي. فالذين يتحججون بعدم قدرتهم على التكيف مع "القيود" التي تفرضها الأوزان الخليلية قد يجدون في القصيدة التفعيلية بعض "الحرية" التي ينشدونها. والمتصفح لديواني الشعري، يجد عددا من النصوص التفعيلية مُدرجة ضمن الديوان، وقد تعمدتُ ذلك لأبينَ شغفي بهذا النوع من الكتابة الشعرية أيضا إلى جانب البناء الكلاسيكي للقصيدة العربية. لكن الغاية الكبرى من وراء تمسكي بالشكل الكلاسيكي للقصيدة العربية هي أن أكتب قصيدة حديثة تنتمي إلى العصر الذي أعيش فيه من حيث موضوعاتها وصورها الشعرية، مع المحافظة على "الهوية الشكلية" للقصيدة العربية. إنني على قناعة كبيرة بأن المزج بين الأصالة من حيث الشكل والحداثة من حيث الموضوعات والصور ممكن جدا إذا توفرت الإرادة وصحت العزيمة. وإني لأغتنم هذه الفرصة لدعوة شعرائنا الكرام في وطننا العربي الكبير إلى خوض هذه التجربة (كتابة قصيدة عمودية تستجيب لمعطيات الحداثة) حتى نتمكن من التصدي لرياح الإسفاف التي صارت تهب على شعرنا العربي المعاصر تحت مسميات غريبة لم يكن لنا بها عهد من قبل.
7ـ أشكرك أخي الكريم على وصفك لديواني "قوافلُ الثلج" بأنه جدارية زيتية تعج بالصور والألوان. هذا أمر من شأنه أن يشيع في داخلي شعورا بالثقة والأمل في مستقبل الشعر. والشئ الذي أحب أن أضيفه هنا هو أنني عمدتُ إلى التنوع في نصوص الديوان. جاءت نصوص الديوان كلها متنوعة من حيث شكلها ومفرداتُها وطابعها الفني وحمولتها الشعورية والفكرية. وهدفي من ذلك أن يجد القارئ في نصوصي ما يحقق رغبته في الاغتراف من منابع شعرية شتى تشبع نهمه إلى الجمال وسحر الكلمة. أرجو أن يحقق الديوان هذا الأمر لدى قرائه إن شاء الله.
بخصوص أعمالي القادمة، فأنا أنوي إن شاء الله إصدار دواوين شعرية أخرى فيما يُقبل من السنوات، لأنني أومن بقدرة الشعر على خلق عالم من التواصل الروحي والفكري بين قراء الكلمة في شتى بقاع العالم. وأود الإشارة إلى أن الترجمة هي أحد اهتماماتي الأخرى، وفي هذا الصدد أشير إلى أنني أنوي إصدار بعض المؤلفات في مجال الترجمة الروائية والنقدية لِما لهذين المجالين من أهمية قصوى لدى المثقفين في وطننا العربي الكبير.
8ـ كل الجوائز التي حصلتُ عليها حتى الآن تتعلق ببعض المسابقات على مستوى المواقع الإلكترونية من بينها موقع المربد وموقع المجد الثقافي، حيث كان لبعض نصوصي كقصيدة "عيناكِ تفاحتانِ" مثلا حضور مميز والحمد لله.
في الخاتم، آمل ألا أكون قد أطلتُ على القارئ الكريم وأن أكون قد أجبتُ على الأسئلة إجابات وافية.
أجدد شكري الجزيل إلى الأستاذ الكريم محمد يوب.
مودتي وتقديري الكبير.
أخوكم عبد اللطيف غسري
التعليقات (0)