مواضيع اليوم

حوار مع الشاعر الفلسطيني راسم المدهون

نوارة لحرش

2009-04-25 15:53:20

0

 

الشاعر الفلسطيني راسم المدهون:

(الشعر ليس موظفا عند الحدث اليومي)

(يمر الشعر العربي بتحوّلات وهذا طبيعي، بل مطلوب ومنطقي)

(المعركة ضد قصيدة النثر شاهد إثبات على إفلاس من يشعلونها، ودليل توقفهم عن كتابة الشعر الحقيقي)

(ولو عاش المتنبي بيننا اليوم لكتب قصيدة نثرية متألقة ولكان أيضا شاعرا عظيما من خلالها)

راسم المدهون شاعر فلسطيني مقيم في دمشق وكاتب صحفي في أكثر من جريدة أهمها جريدة الحياة والنهار والمستقبل والسفير وهي أكبر وأشهر الجرائد اللبنانية،وقبلها عمل في الصحافة الفلسطينية،هو ناقد أيضا قدم وقرأ الكثير من التجارب الشعرية العربية وتناولها بالدراسة والتحليل، أصدر حتى الآن 4 مجموعات شعرية هي: "عصافير من الورد" العام 1983، "دفتر البحر" العام 1986 ، "ما لم تقله الذاكرة" العام 1989، "حيث الظهيرة في برجها" العام 2002. حاليا يستعد لإصدار مجموعة شعرية جديدة بعنوان "قصائد الجحيم" ويعكف على كتابة رواية يقول أنه وقتها الآن وأنه آن أوان إنزال أعباء كثيرة تثقل كاهله من غرفها اللامرئية في الذاكرة كي تكون في متناول آخرين من الناس عبر الرواية. في هذا الحوار يتحدث المدهون عن الصحافة التي يرى أنها عشق آخر وعن الشعر العربي بما فيه الفلسطيني والجزائري وعن التجارب الشعرية الجديدة، كما يتحدث عن شعر المقاومة الذي يرى أنه لم يتعرض مصطلح للإلتباس وسوء التفسير كما هو مصطلح شعر المقاومة،وعن أشياء أخرى تشكل بعض هواجسه الفكرية والأدبية.

حـاورته / نـوّارة لـحـرش

أنت الموزع بين الكتابة الصحفية في الثقافة والفكر والسياسة والنقد، وأنت الشاعر أيضا،كيف توفق في كل هذه الممارسات دون أن تظلم الشاعر فيك؟

راسم المدهون : سأعترف أنني لم أستطع التوفيق أبدا بين بيتي الأول والأخير الشعر، وبين كل تلك الممارسات الكتابية التي تشبه لهاثا متصلا "لا يبقي ولا يذر"، ويتركني مشتتا أبحث عن الشعر وأجده أغلب الأحيان عند آخرين.
مع ذلك ثمة دائما عودة إلى الشعر تشبه بحث يوليسيس عن إيثاكا ، جزيرته النائية،الصخرية التي يعرف أكثر من معرفته عن أي شيء آخر بحتمية عودته إليها ولو شيخا أبيض الشعر منهكا،ولكن غزير الرؤى ومحمّلا بتجارب العيش والسفر. الشعر تلك النار التي نسرقها نحن لصوص النار، ولأننا نسرقها فهي تشبه حبيبة أجمل ما فيها أنها ليست قريبة في المكان كما هو قربها في الرّوح. ثمة وقت ما دائما يفرضه الشعر بجبروته وسلطانه علينا فلا نجد أنفسنا إلا طائعين نتبع خطاه كي تأخذنا نحو العوالم السفلية لأرواحنا المتعبة. تلك الساعات "الشّقية" هي ملاذنا، وهي نافذتنا التي نتلصّص منها على ملامح المستقبل، بل التي تجعلنا نرى المستقبل برادارات أرواحنا وعدسات قلوبنا.
ثم هناك ما هو أهم..إنه الحب. سأقول هنا أننا ننفق أعمارنا بحثا عن طيف الحبيبة فتؤرّقنا صورتها وملامحها وتسحبنا حين تكون شاعرة إلى عوالم لم نعرفها من قبل. الطفولة أولا والحبّ بيدها، يسيران متشابكي اليدين ونحن بينهما نبتسم بحزن وننشد.

تكتب في أكبر وأهم الجرائد اللبنانية كالنهار والمستقبل والسفير، هل هي صدفة أم اختيارا مسبقا ؟

راسم المدهون : الكتابة الصحافية عشق آخر. أنا أنشر أولا في "الحياة" منذ نهايات العام 1991، ثم أضفت إليها بعد ذلك "المستقبل" و"النهار" وفي أوقات متباعدة "السفير".أعترف أنني غزير الكتابة، وأعترف لكِ بسر آخر هو أنني "مدمن" في حب كتابات الشباب، وأحاول قدر استطاعتي تناولها بمقالاتي لتلك الصحف.
مع كل تلك القراءات النقدية الأدبية يصعب علي أن تمر بي الأحداث الفلسطينية دون أن أقول رأيا فيها، وهكذا أضيف لذلك كله كتابات سياسية نقدية أعرف أنها غالبا حادّة ولا تجامل وليست حيادية على الإطلاق وهو ما يسبب لي متاعب كثيرة. هل اخترت الكتابة في تلك الصحف الكبرى؟، بسرعة أقول بالتأكيد ففي "الحياة" أجد مساحة أطل منها على قراء في العالم كله، فيما "النهار" العريقة تسحرني وتفعل ذلك "المستقبل" خصوصا من خلال ملحقها الأسبوعي "نوافذ" الذي أكتب فيه أسبوعيا، والذي يسمح لي بتنوع يمتد من المقالات السياسية الرّصينة إلى مقالات الذكريات الشخصية.

كيف هي حالة الشعر عندك،كيف تبدأ كيف تتوهج،كيف تورطك؟

راسم المدهون : كما قلتُ لكِ أنا شاعر مقل كثيرا حتى أنني لم أنشر إلى اليوم سوى أربع مجموعات شعرية فيما وصلت أعمال أبناء جيلي إلى العشرين،لست نادما بالتأكيد، ومع ذلك أرى الشعر حالة تأتي وتبتعد وأحاول القبض عليها بكل ما أوتيت من قدرة. في الكتابة الشعرية لا يمكنني الحديث عن "نسق" ما أو عادة فثمة قصائد "إجترحتها" بصعوبة وجهد كبيرين ، فيما قصائد أخرى من أحبّها إلى نفسي كتبتها خلال أقل من نصف ساعة، لقد فعلت ذلك وكأنني أعرفها وأحفظها عن ظهر قلب وما عليّ سوى تسجيلها على الورق. في السنوات الأخيرة أصبحت أكتب الشعر مباشرة على الكمبيوتر وهي حالة لا يزال كثيرون يرفضونها.

هل الشعر دوما حالة إلهام، هل تؤمن أن الإلهام هو دوما الذي يدفع الشعر إلى الاستيقاظ؟

راسم المدهون : لا أعرف إن كان إلهاما أم لا.. مع ذلك هو يأتي في حالة "صفاء"، شيء خارق يشبه الحب.تلك الحالة نكون خلالها كمن طرد من روحه كل الانشغالات ولم يبق سوى الشعر. يا صديقتي الشاعرة هناك دائما حزن يملأ العالم نحدق فيه ونكتب، أيضا ثمة ما هو خالد في أرواحنا: الموت ، حزن حبيبة بعيدة نحلم برؤيتها وتدمّر أحلامنا المسافات ، ثم النار التي ابتعدت ولكنها تظل تحرق قلوبنا وأعني الطفولة، ذلك كله يمتزج بلهيب قسوة الرّاهن وحتى تفاهاته فيحيلنا إلى كائنات شعرية تبكي وتغني معا.

كيف ترى المسافة الآن بين قصيدة النثر وقصيدة العمودي؟

راسم المدهون : المسافة بين قصيدة النثر والأخرى العمودية ؟ ، هي مسافة بين إنارة الكهوف بالأعواد الخشبية وضوء النيون، في الحالتين نحن نسعى لإنارة المظلم في دروبنا وفي أرواحنا. التقنية الشعرية إبنة انتباهاتنا الذكية كبشر لسيرورة العالم نحو فضاءات مغايرة ولو عاش المتنبي بيننا اليوم لكتب قصيدة نثرية متألقة ولكان أيضا شاعرا عظيما من خلالها. المعركة ضد قصيدة النثر شاهد إثبات على إفلاس من يشعلونها، ودليل توقفهم عن كتابة الشعر الحقيقي حتى بالتفعيلة، فالشاعر إما أن يكون مبدعا أو لا يكون ولا منطقة رمادية بين الحالتين.

أنت أكثر ناقد قدم وقرأ وتابع الكثير من التجارب الشعرية الجديدة، كيف تجد هذه التجارب،كيف تراها ،ما الذي يميزها ،ما صوت التفرد فيها؟

راسم المدهون : كتبتُ مقالات كثيرة جدا عن شعراء عرب من الشباب، ربما تشدني لتجاربهم تلك النزعة الجريئة على المغامرة، اليوم وبعد كل تلك الكتابات أستطيع أن أحس بفرح غامر لمجموعة كبرى من الأصوات الشعرية الندية للأجيال الجديدة من الشعراء العرب وأخص بالذكر الشاعرات العربيات من مختلف البلدان العربية هن من الأصوات التي أخذت في السنوات الأخيرة تطلع كبشارات فرح ومنهن على سبيل المثال فقط خلود الفلاح من ليبيا وفاطمة ناعوت وهبة عصام من مصر ورنا جعفر ياسين من العراق وإيناس العباسي من تونس ووجدان عياش الفلسطينية ونوارة لحرش من الجزائر دون أية مجاملة على الإطلاق. الشعر الجديد يحمل لي فرحا من نوع خاص ..إنه يأخذني نحو فضاءات أرواح تعذبت ورأت سواد العالم فكتبت صورتها بشفافية وصدق، هؤلاء هم عشيرتي وأهلي.

ماذا عن الشعر العربي الآن ؟

راسم المدهون : على العكس مما يشاع أرى الشعر العربي بخير، ولو تأمّلتِ في حكاية أزمة الشعر ومقولة "الطريق المسدود" تكتشفين أن من أدمنوا الكلام فيها هم "الشعراء النجوم" والذين لم يعد أحد يقرأ شعرهم منذ زمن طويل.
بالنسبة لي أنا لا أرى أن بول شاوول أو عباس بيضون مثلا في أزمة، بل لقد رأيت في قصيدة بول الأخيرة عن أطفال غزة نصا طافحا بالحيوية الشعرية وجماليات فنية عالية خصوصا وأنه قارب مشهدا لا يزال ملتهبا، وجاءت مقاربته طالعة من الروح. يمر الشعر العربي بتحوّلات وهذا طبيعي، بل مطلوب ومنطقي، وعلينا أن لا نفقد التوازن في متابعته، مثلما علينا أن نقشر عن أرواحنا كل ما يعلق بها من غبار الترحال الدائم في دروب القصائد.

وماذا عن الشعر الفلسطيني ؟

راسم المدهون : الشعر الفلسطيني قصة أخرى، لقد صرخ محمود درويش: "أنقذونا من هذا الحب القاسي"،وكافح بجمالية فائقة حتى أعاد الشعر الفلسطيني إلى مرجعيته الفنية وليس السياسية، هو فعل ذلك بتجربة شعرية بالغة الجمالية كان التجريب ومغامراته الكبيرة في صلبها، اليوم لا يعيش الشعر الفلسطيني تلك الإشكالية التي حلّها درويش ببراعته وموهبته، الشعر الفلسطيني ومنذ عقود ثلاثة فيه أصوات كثيرة تكتب عن الحياة والاغتراب الفردي ولوعة الروح وتضمر السياسة والعناوين الكبرى بعد أن كانت تلك العناوين هي المسيطرة وكأنها "أبواب الشعر"، فارق آخر يمكنه ملاحظته عن الجيل الشعري الفلسطيني السابق هو أننا اليوم أمام حركة شعرية كثيرة الأصوات وجميلة ولكنها بلا نجوم.

كيف هي نظرتك لشعر المقاومة،وهل مازال رائدا كما في سنوات خلت؟ أم تغيرت النظرة لهذه التسمية وحتى لمحتواها؟

راسم المدهون : لم يتعرض مصطلح للإلتباس وسوء التفسير كما هو مصطلح شعر المقاومة. الفوضى بدأت وانتشرت منذ قرّر البعض أن المقاومة هي مقاومة الشعوب للاحتلال وحسب ، دون أن يدرك المروّجون أن الشاعر إنسان فرد وله قراءاته الخاصة وبالغة الحساسية لأوجاعه الفردية، وفي سياق فهم مغلوط كهذا انحسرت مساحة الروح في القصيدة لتحل محلها عناوين عامة تتحدث عن الخارجي وتهمل الداخلي. أعتقد أن هذا حدث بسبب من المفهوم الخاطىء لمعنى الإلتزام والذي تحوّل إلى نوع من "إلزام" الشاعر والشعر بوظائف إجتماعية لا تفيد المجتمع ولكنها في الوقت نفسه تلغي طبيعة الشعر وجماليات القصيدة، سألتحق بسؤالك الثاني لأقول أن الشعر يواكب الحياة وعليه أن يفعل ذلك بجدارة وجمالية. ليس الشعر موظفا عند الحدث اليومي فتلك وظيفة "الإخباريين" من صحافيين ومتابعين تلفزيونيين. علينا أن ننتبه إلى عناية الشعر بالتعبير عن الألم الإنساني كما يتبدى من الروح الداخلية وليس من مشاهد الأحداث وتفاصيلها وتطوراتها.

تقول: "الحزن هو خميرة العيش ونبع الخلق الذي لا ينضب" هل هو دوما هكذا،وهل هذه الخميرة صالحة كل الوقت للخلق الذي لا ينضب؟

راسم المدهون : الحزن هو مهنتنا جميعا كما نفهم من عنوان الماغوط مقلوبا، هل يمكنكِ أن تتخيلي شاعرا سعيدا؟، ربما نعثر عليه ولكنه عندئذ سيكف بالتأكيد عن الشعر، هي معادلة تأخذنا إلى ملاحظة العلاقة بين الوجد الإنساني ولغة التعبير الجمالي بما في ذلك ملاحظة أن البكاء أكثر صدقا من الضحك، ولو عدنا اليوم إلى الشعر الجاهلي وما بعده،الأموي والعباسي لاكتشفنا صدق الرثاء غالبا وكذب المدائح،الشاعر لا يقصد احتراف الحزن لأنه ليس هواية، لكن الصحيح أن الحزن ذاته يحترف الإلتصاق بأرواح الشعراء ويأخذ بتلابيب القصائد، والحال أنه لا مفر من المواجهة، لكن السؤال يظل هو السؤال الأبدي: كيف نواجه الحزن جماليا ؟ وكيف نعبر عنه بطلاقة تخلو من الإبتذال والضعف ومن تكرار البنائية الشعرية والمناخ والصورة وكيف يمكننا زج المخيلة في ذلك الأتون الصاخب بلهيبه؟.

ابنك البكر غياث تورط في الشعر أيضا، كيف تجد شعره، وهل ستكتب عنه وتقدمه كما تفعل دوما مع التجارب الشعرية الشابة؟

راسم المدهون : إبني غياث فاجأني منذ سنوات بعلاقته بالشعر،كان كل من حوله يعلمون سواي، أحب قوله الذي يكرّره عن أنه لا يحب شعري، مع ذلك هو إبن تجربة راهنة، حديثة وشديدة الإتصال بالحياة وعليه أن يتدبر أمر شعره وحيدا كما فعل شعراء الأرض كلهم. هو أصدر قبل أيام مجموعته الشعرية الثانية "كلما اتسعت المدينة ضاقت غرفتي" والتي فازت ضمن12 مجموعة أصدرتها الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية،تجربته في المجموعة الجديدة أقرب ما تكون إلى مرحلة انتقالية،إذ فيها قصائد نثرية إلى جانب قصائد التفعيلة، بالتأكيد ولأسباب موضوعية لا أستطيع أنا الكتابة عنها ، بل إنني قمت فعلا بالكتابة عن مجموعات زملائه كلهم ثلاثة مقالات نشرت في جريدة "النهار" اللبنانية ولكن دون الاقتراب من مجموعته التي أترك لغيري الكتابة عنها والحكم عليها.

ماذا عن التجارب الشعرية في الجزائر، هل قرأتها، هل تعرف بعض ملامحها ؟

راسم المدهون : الجزائر حبيبتي التي أشتاق لها دائما وأتذكر شوارعها وأماكنها الكثيرة الشابة. نعم هي أماكن شابة إذ لم يحدث أن رأيت مكانا في ذروة شبابه كما هو حال الأمكنة الجزائرية ، فيما البشر الجزائريون لا يشيخون، الشعر الجزائري فيه اليوم جماليات كثيرة وإن كنت سأمتنع عن ذكر الأسماء،ما يعنيني هو بالتحديد تلك الموجة من الحداثة الشعرية الممتزجة بمعرفة واعية لأسرار اللغة العربية، وهي معرفة يبدو أن الشعراء الجزائريين الشباب يتقنونها بعد زمن طويل على تجربة التعريب، ثمة شعراء وشاعرات أحبهم وأحب تجاربهم ، أنا الذي ارتبطت ذاكرتي الأدبية الجزائرية بالنثر وبالذات بالرواية منذ محمد ديب وكاتب ياسين وعبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطار ورشيد بوجدرة وبعد ذلك واسيني الأعرج، الروائي الوحيد اليوم إلى جانب رشيد بوجدرة الذي يقنعني بأدبه الروائي أنه من قامة عالية تليق بالجزائر وتجربتها الإنسانية الكبرى والغنية.

هل لنا أن نعرف مشاريعك الشعرية التي في الأفق القريب؟

راسم المدهون : ليس من مشاريع سوى لملمة قصائدي المبعثرة في الصحف والمواقع لإصدار مجموعتي القادمة "قصائد الجحيم"، ربما المشروع الوحيد هو رواية بدأت كتابتها ولا أعرف إلى أين ستأخذني.

لماذا الرواية الآن ،وفي هذا التوقيت بالتحديد؟


راسم المدهون : فكرة الرواية تأتي من فكرة الرّغبة في التعبير عن الحياة والذاكرة والمخيلة معا، ثمة ما يفيض عن طاقة الشعر ويحتاج إلى اتساع سردي يمكنه استيعابه، والرواية بهذا المعنى هي فن "الشروح" والإسترجاعات التي يمكن عبرها إقامة بناء متكامل للماضي منظورا إليه من عدسة الروح أيضا.
حياتي كفلسطيني كانت ولا تزال نوعا من اللاإستقرار في المكان ، وفي الوقت نفسه معايشة لأبلغ صنوف القسوة في مواجهات لم تتوقف مع واقع بالغ الصلافة. في تلك الحياة المريرة والطافحة بالسواد ثمة دائما ما يمكن العودة إليه واستقراءه من جديد، بل وتقديمه في صورة فنية كرواية.
إن عليّ أن أفتح خزائن الذاكرة كي تنثال منها أيام العصف الكئيبة تلك وأن أنتقي تلك المسارات الفنية التي أحلم أن تجعل العذاب نافعا وجميلا أدبيا، أما لماذا الآن وفي هذا الوقت بالذات فأعتقد أن الأمر كله يعود إلى رغبتي في التعبير بطلاقة أكبر عن أعباء تثقل كاهلي وأرى أنه آن أوان إنزالها من غرفها اللامرئية في الذاكرة كي تكون في متناول آخرين من الناس ، هي مجرد محاولة لا أدري إن كانت ستنجح أم لا.

هل الشعر العربي يواكب الأزمات العربية بالقدر اللازم والضروري، أم هو مفردات على الهوامش ؟

راسم المدهون : أريد أن أقول وحسب: ها نحن نرى ويا لقسوة ما نرى فهل نستطيع الكتابة عنه بكفاءة ؟ أتمنى.

كلمة تود قولها ؟

راسم المدهون : أحب في الختام أن أوجه تحيات حارة إلى الجزائر التي أحبها، والتي أحمل شوقا كبيرا لها بعد كل هذا الغياب الذي طال منذ عام 1980 هي بلاد الينابيع العذبة والشعراء وبالذات بلاد الروائيين الذين أحببتهم منذ محمد ديب وكاتب ياسين ، مرورا بالطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة، وصولا لصديقي الرائع واسيني الأعرج. لكل أهل الجزائر أقول كونوا بخير دائما.

--------------------------
جريدة النصر الجزائرية في 10 فبراير2009

http://www.alnoor.se/article.asp?id=45524




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !