بكل صدق هو موضوع لا غنى عنه لأي كاتب مهتم بهذا الفن الجميل.
لديّ أسئلة حول هذا الموضوع أستاذي الفاضل :
1- هل من سمات القصة القصيرة جدًا أن تكون معقدة أو أشبه بالألغاز والأحاجي ؟
للقصة القصيرة جدا معايير ينبغي احترامها ، منها اختزال العالم في كلمات دقيقة ومركزة ، وهنا تأتي صعوبة هذا الجنس الأدبي ، فكلما كانت العبارات ضيقة كلما كانت المعاني عميقة وشاسعة الدلالة، وهي هنا بهذا المعنى تستفيد من البلاغة العربية ، لأن البلاغة في تعريف من تعاريفها هي الإيجاز .
فليس المهم هو الإطناب ، بل المهم هو أن تؤدي المعنى وتترك أثرا في نفسية القارئ في أقل الكلمات دون مجهود لغوي يذكر .
إن القصة القصيرة كرحم امرأة ، إنه ضيق لكنه يحمل من التوائم التي لا يمكن تصوره .
هكذا هي القصة القصيرة جدا التي نتمنى أن نجد لها اسما من خلال هذا المنتدى ، سنخصص مجالا للتسمية في ما يأتي من الأيام .
ولها من المواضيع التي ذكرت مادة خصبة تتغذى عليها ، ولكن لا ينبغي نقل النكتة أو الحكاية بالمعنى الذي نعرفه بل لابد من توظيفها التوظيف الجيد ، ولنا في هذا المجال نماذج متعددة في تراثنا العربي.
2- كاتب القصة القصيرة هل له جمهور معين يكتب لهم ؟
الجميل في القصة القصيرة جدا أنها اكتسحت فضاء الكتابة الأدبية ، حيث لقيت إقبالا منقطع النظير بين القراء لما تحتويه من جماليات ، وهي موضة العصر فمن لم يكتب القصة القصيرة جدا وكأنه لم يكتب شيئا في مجال الأدب ، وهناك من الكتاب من يبالغ في القول حيث يقول :من لم يكتب ومن لم يقرأ القصة القصيرة جدا لا يدخل الجنة ، لاحظ مدى عشق الناس وولعهم بهذا الفن ، ولكن إذا توفرت فيه الشروط و المعايير المناسبة .
3- أحيانًا نجد أن العناصر المذكورة في دراستك القيّمة لا تتوفر كلها في القصة القصيرة جدا ، سؤالي ما هي أهم العناصر التي إذا توفرت في النص يمكن عندها أن نطلق على هذا النص قصة قصيرة جدا ؟
لقد أجبت عن هذا السؤال و أعيد إن أهم خاصية تميز القصة القصيرة جدا أو الأقصودة ، أعتذر على اسم لأنني أتطفل به على هذا الفن ، قلت إن أهم خاصية هي الاختزال و المفارقات و البعد الدلالي للألفاظ ، فكل لفظة ينتقيها القاص ينبغي أن تكون لها دلالات متعددة لكي تعطي للأقصودة قراءات متعددة ، وهذا هو سر جمال هذا الفن هو اختلاف القراء حول قصة واحدة فكل قارئ يقرؤها من زاوية معينة .
4- ما هي الأساليب التي تراها مجدية لتطوير القصة القصيرة وبشكل عام بالنسبة للكاتب تحديدًا ؟
سؤال مهم وذكي فلكتابة قصة جيدة لابد من الموهبة في مجال الكتابة القصصية ، وهذه الموهبة تصقل بواسطة المعرفة ، ومع الأسف فالكتابة القصصية في وطننا العربي مازالت في مرحلة التجريب ، قد تسألني إلى متى سنبقى نجرب ، أجيب إن كل جنس أدبي لابد أن يأخذ وقتا طويلا لتطويره ، لكن أخاف ممن يتطفل على القصة القصيرة جدا ، بل يتطفل على الأدب من باب استسهال الكتابة ، بحكم توفر شروطها الموضوعية ، لكن الشروط الذاتية غير متوفرة ، وأقصد بالشروط الذاتية ، هذه الموهبة و هذه التقنية في كتابة قصة قصيرة جدا ، فكلما تعلمنا وركزنا في اهتمامنا بهذا الفن الجميل كلما أنتجنا عملا رفيعا .
إن هذا الجنس الأدبي الجديد نمى وتطور في أمريكا الجنوبية فكانت أجمل الكتابات هي أدقها و أكثرها اختزالا و اقتصارا و اقتضابا ، أي كل ما قل ودل .
و أعطيك مثالا على ذلك فأشهر قصة هي للكاتب الكواتيمالي أغوستو مونتيروسو وكانت هذه القصة تحت عنوان الدينصور وكانت في ست كلمات ( عندما أفاق كان الدينصور هناك)
وهناك قصة للمبدع همنغواي للبيع : حذاء رضيع لم يلبس قط
5- هل تعتقد أن أفضل مكان للكاتب لنشر كتاباته ومعرفة مستواه الحقيقي هو المنتديات أم الصحف والكتب الورقية أم أن هناك نافذة إعلامية أخرى أكثر فاعلية ؟
لقد كان للفضاء الافتراضي مساحة واسعة للتعبير و البوح ونشر الإبداعات ، لما تؤدي هذه الوسيلة من سرعة في النشر ، وهي أهم وسيلة تناسب الكتابة القصصية لما تحتاجه هذا الجنس الأدبي من سرعة ، لأنه يباغت صاحبه في لحظة سريعة ودقيقة ، وينبغي أن ينشر بالطريقة التي جاء بها .
إن العالم الافتراضي فرصة ماتعة للأدباء الشباب للتعبير عما يخالجهم من إحساس جميل ، لقد أعطت التقنية الفرصة لتبيان المواهب وظهورها ، ففي الميدان يعز فلان ويذل علان .
ولهذا ظهرت أسماء كانت مقبورة لم تكن لها الفرصة للنشر لأن النشر الورقي يحتاج إلى الواسطة سواء الشخصية أو الحزبية....
6- هل تتفق معي في مقولة أن هناك مجاملات كثيرة نراها بين الكتّاب – كبار صغار هواة....وغيرهم...- مما ينعكس سلبًا على مستوى هذا الفن وتقدمه ؟
أنا شخصيا من الناس الذين لا يجاملون و أكره المجاملة ، لماذا لأنني أثناء دراسة عمل إبداعي أنكر صاحبه ، أعتبر هذا العمل يتيما لا أب له ولا أما ، انطلاقا من رأي رولان بارث الذي يدعو إلى موت الكاتب أو ما سماها بدرجة الصفر في الكتابة ، بمعنى أنني أدرس النصوص الإبداعية في غياب أصحابها وحينها تكون القراءة قراءة علمية وليست قراءة إعجاب أسميها بالقراءة العاشقة البعيدة كل البعد عن النقد الأدبي العلمي.
مودتي
التعليقات (0)