بينما انا سائراً في طرقات بغداد استوقفني كهلٌ وقورٌ متكئٌ على عكازه .. ترك الزمان اثارهُ على محياه و انحنى ظهره من وطأة احمال العمر و قبل ان احييه بادرني بالسؤال .. كيف حالك يا بني .. هل لك ان تدلني على ارض العراق ؟؟؟
قلت له سؤالك غريب يا والدي !!.. انت على ارض العراق ساد الحزن على وجهه و قال .. كم كنت اتمنى ان اسمع غير هذا الجواب.. قلت و لماذا يا والدي ... فأجاب
لم اعهد نخل العراق حزينا غادره الكبرياء
و لا دجلة الخير ظمان يشكو قلة الماء
و لِمَ الفرات معتقلُ لدى الجيران و الاشقاء
لم اسمع بين شعبه جياع فقراء
يفترشون الارض و يلتحفون السماء
لماذا اراهم يأكلون و لا يزرعون
و لماذا لم اشاهد بيادر الحنطة و السنابل الصفراء
ماذا جرى يا بني
احقاً هذه بلاد الرافدين
بلاد العزة و الفخر و الاِباء
احقاً انا على ارض العراق
قلت .. من اين ابدا يا والدي
منذ سنوات هبت علينا الريح الصفراء
وعاد كسرى متحالفاً مع ابناء العمومة و ابناء الشيطان
و المسوخ و ثلةً من الغرباء
فجاسوا خلال الديار ... اهلكوا الزرع و قتلوا الضرع
كأنهم الطاعون ... نشروا الخراب و الاشلاء
قال...
و ما بال ابناء العراق
هل اصبحوا نِعاجا يذبحها الاشقياء
قلت...
كثيرهم تغلبَ عليه المال و الجاه و السلطة ً
و استحلوا النفاق و الرياء
و بعضهم من غادر يلتمس العيش الرغيد و الهناء
و قليلهم يصرخ و يقاتل وينادي للحرية
و ما تبقى .. صمُ .. بكمُ
لا يجيبون و لا حتى يسمعون النداء
ولكن من انت يا والدي ؟؟
ادار ظهرهُ و اتكأ على عكازه و اجابني و هو يرحل
أنا تاريخكم الجميل
جئت ارى ما تناقلته لي الاخبار و استقصي الانباء
التعليقات (0)