بقلم: محمد أبو علان
شريط الذاكرة الفلسطينية زاخر بجرائم الاحتلال الإسرائيلي بشكل عام وبجرائمه على الحواجز العسكرية والسدات الترابية والطرق الالتفافية وبوابات الجدار بشكل خاص، فلكل حاجزٍ قصة، وعلى كل بوابة حديدية أو سدةً ترابية رواية، روايات وقصص حملت الدم والموت لعمال وطلبة وأطباء وأمهات وأطفال على يد جنود مدججين بالسلاح وظيفتهم الوحيدة زراعة الموت وبث الرعب.
كل هذه الأمكنة أضحت نقاط إعدام للمواطنين الفلسطينيين على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي مع سبق الإصرار والترصد، التهمة الزائفة جاهزة، والمبررات الكاذبة صيغت سلفاً، إما محاولة الاعتداء على جنود الحاجز ألاحتلالي، وإما عدم الالتزام بتعليمات الجنود الإسرائيليين بالتوقف.
الشهيدين محمد وصلاح قواريق من قرية عورتا جنوب نابلس لن يكونا آخر الشهداء على حواجز الاحتلال الإسرائيلي ونقاط تفتيشه مادام هذا الاحتلال جاثماً على صدورنا وعلى أرضنا ويمتهن القتل دون حسيب أو رقيب، وهم ليسوا أول الشهداء على هذه الحواجز، فالقتل على هذه الحواجز بات ظاهرة دائمة وكانت شبه يومية طوال سنوات الانتفاضة الثانية التي شهدت إقامة ما يقارب أل (600) حاجز كانت تقطع أوصال الضفة الغربية لوحدها ، وقد أشارت تقارير حقوقية فلسطينية إلى استشهاد (152) فلسطيني على حواجز الاحتلال الإسرائيلي خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية حتى نيسان 2008، ناهيك عن مئات الجرحى ومسلسل الإذلال اليومي للفلسطينيين على هذه الحواجز.
في شتاء العام 2001 وبالتحديد في 11 تشرين ثاني قادني القدر وظروف التنقل بين المحافظات الفلسطينية لأكون شاهد عيان مع مئات آخرين على جريمة أخرى من جرائم الاحتلال على الحواجز العسكرية، هذه المرّة كان "حاجز الحمرا" على طريق نابلس أريحا ساحة الجريمة، يومها قتل جنود الحاجز الإسرائيلي الشابين الفلسطينيين رشاد مهنا (27) عام من قرية عتيل، وحسن زبيدي (22) عام من مخيم بلاطة، قتل كان بدم بارد على مرأى من مئات البشر، وليس لسبب إلا لممارسة جنود الاحتلال الإسرائيلي لساديتهم ونازيتهم ضد الشعب الفلسطيني.
وبعد ساعة من الجريمة أصدر ما يسمى بالناطق الرسمي لجيش الاحتلال الإسرائيلي بياناً كله عبارة عن كذبة واحدة كبيرة يقول فيه " القوات الإسرائيلية تقتل شابين فلسطينيين حاولا اقتحام الحاجز بسيارتهما"، نفس الشريط ونفس الحجج تتكرر مع اختلاف في ساحة الجريمة وتوقيتها، والثابت فيها هو أن الفلسطيني دائماً الضحية.
وبنفس الطريقة وبنفس الحجج أيضاً قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأول من أيار 2003 العامل الفلسطيني من قرية تياسير رايق مسعود غوري على ما كان يعرف في حينه "بحاجز التماسيح" الذي كان قائماً على خط (90) بالقرب من مدينة أريحا، وجريمته أنه نزل من الباص الذي أقله من مكان عمله إلى مكان سكنه لقضاء حاجته بين شجيرات على جانب الطريق القريبة من الحاجز بعد طول انتظار على هذا الحاجز.
وفي ساعات المساء في السابع عشر من أيار من العام 2007 السائق زكريا دراغمه (37) عاماً من مدينة طوباس كان على موعد مع الموت بفعل رصاصات الاحتلال الإسرائيلي على السدات الترابية التي كانت تغلق المدخل الغربي لمدينة نابلس ليس لسبب إلا لسعيه لتوفير قوت أطفاله الخمسة الذين تركهم أيتاماً من ورائه.
ولم يكتفي الاحتلال الإسرائيلي بتحويل حواجزه العسكرية لنقاط إعدام، بل حولها كذلك لأماكن ولادة للنساء الفلسطينيات الحوامل نتيجة الإعاقات التي يضعها أمام مرورهن للمستشفيات، وبين تقرير سابق "للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال" أن نسبة المواليد على الطرق والحواجز في الضفة الغربية بلغت 4.8% نتيجة إعاقات وإجراءات جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وفي السياق نفسه أشار تقرير للأمم المتحدة والذي يستند إلى تقارير من وزارة الصحة في السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية إن 60% من المواليد على الحواجز يتوفون، وأشار التقرير إلى انه ما بين ألأعوام 2000- 2004 وضعت (61) امرأة فلسطينية عند انتظارهن على حواجز جيش الاحتلال الإسرائيلي, (36) من المواليد توفوا كنتيجة لملابسات ولادتهم.
بعد كل عمليات القتل هذه الذي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بدمٍ بارد ومع سبق الإصرار والترصد يخرج علينا دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم الغربي بدعوات لضبط النفس وعلى قاعدة المساواة ما بين المجرم والضحية، والأشد مرارة من هذا الموقف أنه بات بين ظهرانينا من يرفض مواجهة هذه الجرائم الإسرائيلية حتى بالطرق السليمة، فالكل يريدنا أن نموت بصمت.
http://blog.amin.org/yafa1948
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)