مواضيع اليوم

حماية الثورة السعودية(الجزء الثالث)

محمد سرتي

2011-03-02 06:22:55

0


لو طلب منا تجميع عشرة آلاف رأس من البقر في بقعة واحدة تتلاصق أجسادهم بعضها ببعض، والإبقاء عليهم في نفس المكان لأربع وعشرين ساعة، فإننا بالتأكيد سنرفض هذه المهمة لأنها مستحيلة. في المقابل؛ مجموعة من الأشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة بكثير، يستطيعون من مكتبهم الصغير في نيويورك أو واشنطن أو لندن أو تل أبيب أو حتى طهران؛ أن يكردسوا عشرة ملايين مصري في ميدان التحرير لمدة شهر كامل، ولا يلزمهم في كل هذه العملية سوى لاب توب وإنترنت وصفحة على الفيس بوك.
وعندما يتم إقرار نظام الملكية الدستورية في السعودية –على جثاميننا بإذن الله- فإن أي كلب ابن كلب ابن عاهرة يهودية جاءت من محافظة ريمة أو من شعب الفقهاء أو وادي زهران، أو ديوث بن ديوث بن عاهرة مصرية أو مغربية أو فلسطينية أو لبنانية استطاعت أن تحصل لأسرتها على الجنسية السعودية بفضل مجهوداتها فوق أسرة بعض المتنفذين، أو فرخ أتراك، أو ابن متعة، أو لقيط حسينيات؛ يستطيع بمنتهى السهولة واليسر أن يصبح رئيساً لمجلس الوزراء السعودي، وقائداً أعلى للقوات المسلحة السعودية، بمجرد قدرته على وضع الكلمات التالية في جمل مفيدة وخطابات رنانة: "الحرية، المساواة، الديموقراطية، العدالة، حق الشعب، تقرير المصير، البطالة، الفقر، مصادرة الحريات، تكميم الأفواه، نظرية المؤامرة، الظلامية، الرجعية، التخلف، الفساد، القمع، الاضطهاد، القهر، الظلم، الطغيان، الديكتاتورية، الكرامة، الشعب العظيم، الشعب الحر، ثورة الشباب، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل....إلخ"
عندها تستطيع تلك العاهرة المصرية صفاء أبو السعود أن تصبح السيدة السعودية الأولى لمجرد تمكن زوجها الديوث من إقناع السعوديين بأن الله قد فضله عليهم من فوق سبع سماوات ليتخذ منهم سخرياً في خدمته وخدمة راقصته.
يقولون:-
"إن الديمقراطية هي الوسيلة الأمثل لخداع الشعوب، امتصاص غضبهم، اكتفاء شر مظاهراتهم وثوراتهم، إشعارهم بنوع من احترام النفس، إشعارهم باحترام آراءهم واختياراتهم، إشعارهم بأنه لا يوجد من يمارس الوصاية عليهم كالأطفال والسفهاء والقصر....إلخ. وبواسطة الديموقراطية يستطيع كائن من كان خداعهم بالألفاظ المفخمة والخطب الرنانة، وربما مظاهر التدين والصلاح الزائفة، فيتسيد عليهم ويتحكم في أرزاقهم ومقدراتهم ومستقبلهم، يغشهم ويسرقهم وينهب ثرواتهم لمدة أربع سنوات، حتى إذا ما اكتشفوا خداعه وكذبه وتضليله يتقبلوا الأمر بروح رياضية، حيث لا يوجد من يلومونه سوى أنفسهم، فهم من اختاره وانتخبه بمحض إرادتهم، لم يفرضه عليهم ملك دكتاتور، فبالتالي لن يجدوا من يثورون ضده، ولا يستطيعون المطالبة برحيل الأسرة المالكة، فالذنب ذنبهم والاختيار اختيارهم، كل ما يمكنهم فعله هو اختيار رئيس آخر لفترة أخرى؛ وصلى الله وبارك.
بهذه الطريقة قد تذهب الدولة إلى الجحيم؛ لا يهم، المهم أن تظل الأسرة المالكة محتفظة باحترامها وحب الناس لها، لا ينالها أي لوم أو عتب مهما استشرى الفساد وتدهورت أحوال البلاد والعباد، أليس هذا هو حال ملكة بريطانيا (على سبيل المثال)؟"
حسناً:-
لقد اقتنع آل سعود بهذا الكلام، تسعة من أبناء الملك عبد العزيز يؤمنون بهذه النظرية ويتبنونها منذ عام 1957 للميلاد، هذا ما اعترف به سمو الأمير طلال بن عبد العزيز بعظمة لسانه.
وفي ظل الأوضاع الراهنة؛ وتحت هذا الضغط الشعبي الموجه والمتنامي؛ لا يسعنا سوى الجزم بأن الملكية الدستورية قادمة لا محالة، إنها مسألة وقت لا أكثر، ربما تكون مسألة أيام أو أسابيع معدودة.
إليكم هذا السيناريو الذي ربما تضحكون عليه الآن؛ ولكن عما قريب ستذكرونني وتترحمون علي:
سيتم انتخاب أحد أفراد العوائل متعددة الجنسيات، أو القبائل متعددة الولاءات، ولكن لن يتم منحه سلطات مطلقة في البداية، حيث سيحتفظ الملك بالكثير من صلاحياته.
ستقوم عصابة التجار برفع الأسعار وافتعال نوع من التضخم تزيد معه حالة الاحتقان الشعبي لدرجة معينة تسمح لمنتديات اللبراليين بشن حملات تجييش مقننة، فتبدأ صفحات الفيس بوك بتحديد أماكن التظاهرات ومواعيدها للمطالبة بالمزيد من زيادة الرواتب، وتوفير المزيد من الوظائف والمساكن، والمزيد من إلغاء الرسوم، والمزيد من دعم السلع المستوردة (تخفيض الأسعار)، والمزيد من تخفيض الفواتير، وإقرار بدلات السكن، والمزيد المزيد جداً من إعانات البطالة، والمزيد من تخفيض أسعار البنزين والديزل....إلخ
يخرج الرئيس المنتخب معتذراً للناس بأن هذه الأمور ليست بيده، إنها من صلاحيات الملك، وأن جميع برامج الإصلاح التي وعدهم الرئيس بها معطلة بسبب تدخل الملك واستخدامه لصلاحياته بشكل تعسفي، مما أدى لشلل الحكومة وتجمد مشاريعها الإصلاحية. عندها تتحول مطالب المتظاهرين إلى "الشعب يريد إسقاط النظام".
يتم تعديل الدستور بحيث يتجرد الملك من كافة صلاحياته التي تتحول بدورها ليد الرئيس المنتخب، ليسارع هذا الأخير على الفور بتلبية جميع طلبات المتظاهرين.
يوجد لدينا من الاحتياطي النقدي حوالي ألف وخمسمائة مليار ريال، لو تم تقسيمها على عشرين مليون مواطن دفعة واحدة فسيكون نصيب كل مواطن خمسة وسبعون ألف ريال فقط. بمعنى أنه لو تم تلبية طلبات المتظاهرين سالفة الذكر دفعة واحدة؛ فإن جميع ما لدينا من احتياطي نقدي سينفذ تماماً في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام. وستعود بعدها الدولة إلى الاستدانة عند مواجهة أي ظرف طارئ.
ولكن أين سيذهب هذا المال؟
سيسارع الرئيس لإقرار قانون الرهن العقاري، ربما يكون أول قرار يتم اتخاذه، فالرئيس المنتخب لن يفكر في التأثير المستقبلي بعيد المدى عند إقرار قانون كهذا في الوقت الراهن، فهو رئيس مؤقت، هدفه إرضاء الجماهير الآن، في الوقت الراهن فقط، وذلك لسببين: ليستطيع تمرير أجنداته العائلية (أو القبلية) بسلاسة ودون أن يلفت الأنظار، فإرضاء الجماهير في جانب من الجوانب من شأنه أن يصرف أنظارهم عن رؤية ما يحاك في الجانب الآخر. والسبب الثاني هو الحصول على فترة رئاسة أخرى علّه يكمل ما لم يتم إنجازه من بنود الأجندة في الفترة السابقة.
في الوقت الراهن يبلغ سعر الحديد ستة أضعاف سعره الطبيعي، وهو المادة الأساسية في البناء، أما المواد الأخرى فهي أيضاً متضخمة مع تفاوت النسب، هذا بالإضافة للتضخم الفاضح في أسعار الأراضي والعقارات. فلنا أن نتخيل ما الذي سيحدث لو تم إقرار قانون الرهن العقاري الآن.
ستنهال الطلبات على البنوك والشركات العقارية كالسيول الجارفة، وفي غضون أشهر ستتضاعف الأسعار إلى سبعة أو ثمانية أو ربما عشرة أمثالها، وتتحول السيولة التي توفرت في أيدي الناس جراء زيادة الرواتب وتخفيض الرسوم والأسعار وخلافه إلى أقساط شهرية تصب في جيوب تجار الحديد ومواد البناء والمقاولين والبنوك والشركات العقارية، الذين بدورهم سيرفعون الأسعار متحججين بزيادة الطلب ونفاذ الكمية من السوق العالمي مما حدا بالمصدرين لرفع أسعار صادراتهم.
تنهال المطالبات للحكومة بدعم هذه السلع، فتلبي الحكومة (الطيبة الحنونة) هذه الطلبات بسرعة البرق، وتدفع الخزينة العامة للتجار فروقات الأسعار، وفي زمن قياسي يتحول كامل الاحتياطي النقدي إلى جيوب مجموعة محددة من الرأسماليين العالميين متعددي الجنسيات والولاءات، والذين ينتمي إليهم الرئيس المنتخب بطبيعة الحال.
هذا فقط لو تحدثنا عن العقار، فما بالك ببقية السلع والواردات الأخرى.
وعلى الجانب الآخر (الخفي) من اللعبة؛ يشرع الرئيس المنتخب في التمكين لشلته متعددة الجنسيات والولاءات داخل جميع مرافق الدولة ومؤسساتها، فيقوم بتوظيفهم وترقيتهم وترسيمهم على المناصب الاستراتيجية ومراكز صنع القرار، حتى إذا ما انتهت فترة رئاسته تكون شلته هي من يحكم الدولة في الخفاء، وإلى الأبد، بصرف النظر عن كنه وماهية الرئيس القادم.
سيقوم الرئيس برصد ميزانية ضخمة للبلاد، يتم تخصيصها لمشاريع التعمير والتشييد والبنى التحتية والفوقية إلى آخره، ولكن في الحقيقة ستذهب ثلاثة أرباع هذه الميزانية –على الأقل- لجيوب جماعته –متعددة الجنسيات والولاءات- عن طريق ما يسمى بـ "عقود الباطن".
سيقوم الرئيس بإطلاق حملة لمكافحة الفساد لا هوادة فيها، تستهدف تصفية وتنقية جميع الإدارات والمؤسسات الحكومية من الفاسدين والمرتشين والمزورين والمتكاسلين؛ هذا ما سيتم الإعلان عنه. أما الأهداف الحقيقية للحملة فهي تصفية الحسابات، وإبعاد وإقصاء جميع من كانوا يقفون بالمرصاد لجماعته متعددة الجنسيات، ويحولون دون سيطرة شلته متعددة الولاءات على مقاليد الأمور بشكل مطلق، وذلك بتلفيق التهم لهم ونسجها وتفصيلها على مقاسهم بإحكام؛ وبالقانون.
كل ما سبق ذكره في كفة؛ والمؤسسة العسكرية في كفة أخرى.
في تلك الحرب التافهة التي خضناها مع عصابات الحوثيين؛ ظهرت على اليوتوب لقطات لأفراد من الجيش السعودي يقفون عند سفح جبل الدخان يتغنون ويترنمون بأناشيد وقصائد السفح الآخر، وذلك في إعلان -لا يوجد في الدنيا أكثر وضوحاً منه- عن الجهة من الجبل التي كانت قلوبهم تهفو إليها وينتمي لها ولاؤهم. وعندما فشلت تحليلات العسكريين عن معرفة السبب الحقيقي للإخفاق الفاضح والمهزلة القتالية التي قدمها الجيش السعودي في تلك الحرب؛ جاءت هذه اللقطات لتضع بين يدي كل من قد يهمه الأمر حقيقة ما كان يحدث، وما الذي سيحدث في المستقبل لو قدر الله لنا وخضنا بهذا الجيش معركة حقيقية ضد جيش حقيقي.
أما أجهزة الاستخبارات والمباحث فهي قضية أخرى. كيف يمكننا أن نصدق بأن عاملاً باكستانياً يهرّب حبة كبتاجون في أحشائه فيقبضون عليه بمجرد نزوله من الطائرة، بمجرد تبليغ أحد المضيفين عنه بأنه لم يتناول وجبته كاملة، بينما يبقى ذلك العسيري الحقير –لعنة الله عليه- بينهم صائماً بشكل متواصل لمدة ثلاثة أيام متتالية؛ ثم يدخلونه بعدها على سمو الأمير محمد بن نايف دون تفتيش؟؟؟؟!!!!
نحن –حتى الآن- نتحدث عن دولة يرأس كل من مجلس وزرائها، ووزارة دفاعها، ووزارة داخليتها أمراء من الأسرة المالكة؛ فكيف بنا عندما يتم إقرار الملكية الدستورية ليرأس هذه الأجهزة والمؤسسات رئيس ينتمي عرقياً وثقافياً لذات العصابات متعددة الجنسيات والولاءات؟! هل تعتقدون أن الهالك الشهري –لعنة الله عليه- عندما كان يوجه نداءاته للجيش السعودي بالانقلاب والإطاحة بآل سعود؛ هل تعتقدون أنه كان يهذي أو يتكلم من فراغ؟؟؟؟!!!!
إن آل سعود ليسوا أغبياء أو مغفلين، هم يعرفون رموز الفساد جيداً، يعرفونهم واحداً واحداً، بأسمائهم ومواقعهم وتواريخهم وكافة تفاصيلهم، ولكنهم لا يستطيعون سوى السكوت عنهم وربما مداهنتهم في الوقت الراهن على الأقل، لأن هذه العصابات قد بلغت من القوة والتمركز والسيطرة على مواقع النفوذ حداً يجعلهم قادرين –وبمنتهى السهولة- على إشعال حرب أهلية، بل واستجلاب غزو خارجي للبلاد في حال تم المساس بمصالحهم ومواقعهم ومكتسباتهم.
يدير هذه العصابات مجموعة من اليهود الماسون الذين يحملون عدداً من الجنسيات الأمريكية والأوروبية وربما الإسرائيلية؛ بالإضافة لجنسياتهم السعودية، والذين تمكنوا –في وقت سابق جداً- من إضفاء نوع من القداسة الكهنوتية على شخصياتهم بادعائهم النسب الهاشمي أو القرشي، بينما يرجع بعضهم في الأصل لأكثر المناطق الجغرافية كثافة بالجاليات اليهودية، فـ "آل الطيب" –على سبيل المثال لا الحصر- جاءوا بداية من شبه جزيرة الكوجرات الهندية، وهي أقدم وأشهر منطقة تجارية وحضارية في شبه القارة الهندية، وكانت قديماً ولا تزال تحتضن أكبر جالية يهودية في تلك القارة. جاء آل الطيب من مدينة كوجراتية اسمها "فتن" كتجار للعود والعطور الشرقية، ثم غيروا اسمهم إلى "الطيب" وهو اسم مهنة، أي باعة الطيب (العطور)، ومن المعروف أن أكبر تجار العطور في شبه جزيرة الكوجرات هم من اليهود، ولكن آل الطيب الآن يزعمون انحدارهم من سلالة أبي بكر الصديق!!!!
أما آل الدباغ –وما أدراك ما آل الدباغ- فقد جاءوا من أسبانيا مع يهود الدونمة ليقودوا –بعد ذلك- جماعتهم في مهمة دينية إسرائيلية مقدسة للسيطرة على العالم الإسلامي. وعندما فشل قادة الدونمة الأول في تحويل المسلمين إلى يهود بشكل مباشر؛ أكتشف آل الدباغ أفضل سلاح غير مباشر لتنفيذ هذه المهمة، سلاح ذو حدين: حده الأول الانتساب إلى آل البيت، أما الثاني فهو الصوفية.

بعد سقوط غرناطة بقرابة الخمسة والعشرين عاماً توفي السلطان العثماني سليم الأول ليخلفه على العرش ابنه الشاب سليمان (القانوني) الذي كان رغم صغر سنه رجل حرب وسياسة من الطراز الأول، فقد حققت الامبراطورية في عهده أعظم إنجازاتها العسكرية على الإطلاق، حتى بات يلقبه الأوروبيون بسليمان الأكبر the great (على وزن الاسكندر الأكبر)، ولكن....
كان لسليمان زوجة يهودية تدعى خرم أو روكسلان، سيطرت على كيانه وامتلكت عليه قلبه حتى بات كالخاتم في إصبعها، وباتت هي وزوج ابنتها (رستم باشا) الحكام الحقيقيون للامبراطورية، فقاموا بحياكة مؤامرة ضد الأسرة الحاكمة انتهت بإبادة جميع أفرادها على يد سليمان القانوني نفسه، فلم يبق لسليمان سوى ابن وحيد هو ابن روكسلان هذه (سليم الثاني) والذي كان يهودياً بموجب ولادته من أم يهودية، حيث النسب اليهودي يتم اكتسابه عن طريق الأم، وبذلك تحولت الدولة العثمانية إلى دولة يهودية اعتباراً من القرن السادس عشر، فقد انحدر جميع سلاطينها بعد ذلك من نسل سليم الثاني هذا، فهم يهود بالوراثة، بصرف النظر عن اعتناقهم الظاهري للإسلام. وللمزيد من ترسيخ يهودية السلالة السلطانية؛ قامت روكسلان بتزويج ابنها سليم من فتاة يهودية اسمها راحيل ناسي، من يهود البندقية، والتي تحول اسمها لاحقاً إلى "نور بانو سلطان" أي سلطانة النور أو ملكة النور، لتلد له مراد الثالث الذي خلفه على العرش.
في عهد سليمان القانوني/روكسلان تنامي النفوذ اليهودي ليس فقط داخل القصر الامبراطوري بل وفي جميع أنحاء الامبراطورية: في المناصب الحكومية القيادية والمؤسسات السياسية والعسكرية والمالية والتجارية والاقتصادية بشكل عام، بل وحتى الدينية حيث تم استحداث منصب "الحاخام باشي" الذي شغله كبير الكهنة اليهود ممثلاً لجميع يهود الامبراطورية، وحاز بموجبه من الصلاحيات الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية والقضائية ما كان يفوق كثيراً صلاحيات المفتي العام بالنسبة للمسلمين (شيخ الإسلام). إلا إن أبرز انعكاسات هذا النفوذ تمثلت في الاتفاق السري بين سليمان القانوني/روكسلان وملوك أوروبا، والذي بموجبه تم تهجير عدد ضخم من يهود أوروبا عامة وأسبانيا خاصة إلى الأراضي العثمانية في حركة تشبه هجرة الحضارم إلى الحجاز في مطلع القرن العشرين، وقد تحجج سليمان أمام الناس في استقباله الحافل لتلك الأعداد الضخمة من يهود أوروبا (قرابة النصف مليون) بأن الامبراطورية في أمس الحاجة إلى خبراتهم ومهاراتهم الاقتصادية لبناء نظام تجاري حديث وتطوير النظام الضريبي وتأسيس وإدارة نظام مالي قوي وفعال.
أصدر سليمان أوامره إلى جميع ولاته بتقديم كافة التسهيلات للقادمين الجدد الذين انتشروا في كافة أرجاء الامبراطورية التي كانت تمتد آنذاك من الجزائر غرباً إلى الخليج العربي شرقاً ومن القرن الإفريقي جنوباً حتى التركستان شمالاً. ولكن أكبر تجمعاتهم عدداً كانت تتركز في البلقان، وخصوصاً منطقة سالونيكا التي ينتمي إليها معظم ضباط الانكشارية ومن بينهم محمد علي باشا مؤسس السلالة الملكية التي حكمت مصر من بداية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين.
كان الشعار الذي أطلقه اليهود على هجرتهم هذه هو "العودة" وسموا أنفسهم بـ "العائدون" ويقصد به تحديداً العودة إلى القدس؛ أرض الميعاد. ولكن العودة -في دينهم- لا تتحقق إلا على يد المسيح (المسايا) المنتظر (على وزن المهدي المنتظر)، ليظهر الحاخام "سبتاي زيفي" سنة 1648م معلناً أنه هو هذا المسايا.
وفي عام 1666م تم تتويج سبتاي حاكماً للكرة الأرضية في مدينة أزمير التركية التي احتشدت فيها الوفود من جميع أنحاء العالم (حتى من أوروبا) ومن مختلف الأديان والطوائف (حتى من النصارى والمسلمين) لمبايعته بالخلافة. ذاع صيته في كافة أرجاء المعمورة ودخل الناس في اليهودية أفواجاً لتقف الامبراطورية العثمانية على شفا حفرة من التهود، عندها فقط أرسل السلطان محمد الرابع فرقة للقبض على سبتاي وإحضاره لإستانبول وإيداعه سجن القصر، فكثر أتباعه ومريدوه وأصبح السجن مزاراً عالمياً ومركزاً لإعلان البيعة للمسيح (المهدي) المنتظر.
تعامل كل من السلطان وصدره الأعظم "فاضل باشا" مع الحدث بقدر من اللامبالاة يبعث على الدهشة ويثير التساؤلات ليس فقط حول تورط الباب العالي في الأمر بل وإيمان السلطان نفسه بدعوة سبتاي زيفي. فبالرغم من الخطابات التي كان يرفعها العلماء والمشايخ إلى السلطان متوسلين إليه أن يوقف هذه المهزلة، بل وبالرغم من رفض بعض الحاخامات اليهود أنفسهم لدعوة سبتاي، وتكذيبهم له، ولجوئهم إلى السلطان كي يخلصهم من شره وشر بدعته التي كانوا يرون فيها إساءة إلى اليهودية قبل الإسلام؛ ظل السلطان –وبشكل غير مفهوم- يتمسك بموقفه المحايد وكأنه كان ينتظر ما ستؤول إليه الأمور ليتخذ قراره إما بالإعلان رسمياً عن يهودية الدولة أو تأجيل هذا الإعلان إلى الوقت المناسب.
وعندما ارتفعت الأصوات جداً تدخل السلطان محمد الرابع –أخيراً- وحسم القضية، حيث أخرج سبتاي من السجن وأقنعه باعتناق الإسلام وعينه كبيراً للآذنين (أي رئيساً للحرس الملكي) فأصبح الحاخام سبتاي زيفي يدعى بـ "الشيخ محمد عزيز أفندي" البواب.
جمع عزيز أفندي أتباعه ومريديه وأمرهم باعتناق المذهب الصوفي الذي كان –آنذاك- هو المذهب الرسمي للدولة العثمانية، والذي يعتبرونه -تجاوزاً- مذهباً إسلامياً، فكان لهذا المذهب كل الفضل في تحويل يهود الدونمة إلى سادة وأشراف من آل البيت حتى باتت قبورهم مساجد ومزارات صوفية في معظم أقطار المسلمين، بما في ذلك الحجاز.
دخلت الصوفية آسيا الصغرى عن طريق السلاجقة الأتراك الذين سمّوا أنفسهم بسلاجقة الروم بعد استيطانهم الأناضول، أما موطنهم الأصلي فهو سهوب آسيا الوسطى فيما يعرف اليوم ببلاد التركستان (البخارية). وقبل وصول الديانات السماوية إلى تلك المنطقة كانت شعوبها تدين بالشامانية، أي عبادة الشامان (الساحر أو الكاهن)، وهي فلسفة تستند على أسس الصوفية الهندوسية كالتناسخ والحلول ووحدة الوجود وقدم العالم وتراتبية القدرة الإلهية (أي تعددية الآلهة، أو ما وصفها أفلوطين بـ "الفيض الإلهي" ثم سار على منواله كل من الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد إلى آخره، وصاغ منها القرامطة عقيدة "النور المحمدي" التي بلغت أوج تطورها على يد ابن عربي في فتوحاته المكية، وبنى السهروردي على أساسها أبستمولوجيته الشهيرة جداً "الإشراقية illuminatism" التي تبناها ابن خلدون وروج لها خصوصاً في كتابه "شفاء السائل" والتي صاغ منها آدم وايزهاوبت طقوسه التعبدية التي يمارسها النورانيون اليوم داخل محافلهم الماسونية). وبصرف النظر عن التفاصيل والمقارنات الميتافيزيقية؛ تتمخض جميع أنماط التصوف الفلسفي –في نهاية المطاف- عن ضرب من الوثنية الكهنوتية، أي تقديس الكهنة والسحرة ومشايخ طرق عبادة الشيطان على الأرض، بصرف النظر عن مسمياتهم وألقابهم (حاخام، قسيس، آية الله، قطب، ولي، شيخ طريقة......إلى آخره).
وعلى يد تجار الرذنية تسربت يهودية الكابالا إلى شعوب التركستان الذين لم يجدوا بينها وبين شامانيتهم عظيم فرق، فلم يأت القرن الثامن إلا وقد تحول عدد لا بأس به من التركستان إلى اليهودية قبل أن يقرع قتيبة بن مسلم أبواب بخارى ويجتاح مروان بن محمد أذربيجان ودربند وبلنجار وسمندار صاعداً عبر ضفاف الفولجا ليحاصر أقوى خاقانات التركستان (بولان) حتى اضطر هذا الأخير لإعلان إسلامه نفاقاً كي يحافظ على دولته الناشئة (خزاريا) من الانهيار والتلاشي، عندها أقره مروان والياً إسلامياً على القوقاز، وانسحبت الجيوش الأموية إلى ما وراء دربند. ولكن ما لبث مروان ينشغل بحربه الأهلية مع أبناء عمه حتى ارتد بولان وأعلن رسمياً اعتناقه اليهودية، وتبعه في ذلك أعيان آل البيت الخزري (الداغستان) ليعيدوا إحياء الامبراطورية الخزرية ولكن كإمبراطورية يهودية عظمى توسعت وامتدت ليشمل نفوذها جميع شعوب التركستان فيما بعد.
وبعد انهيار دولة الخزر تشتت أمراؤها بين الشرق والغرب، واندمج جزء منهم في قبائل الغز التي حكمت العالم الإسلامي تحت مسمى "السلاجقة" بعد إطاحتهم بالبويهيين في القرن الحادي عشر للميلاد.
اعتنق السلاجقة الديانة الصوفية باعتبارها -هي والتشيع- الأقرب عقائدياً وطقوسياً لكل من الشامانية والكابالا، ولكنهم اختاروا التصوف دون التشيع كنوع من المخالفة لمنافسيهم على السلطة (البويهيين). وبعد انهيار دولتهم (السلاجقة) في آسيا الصغرى تأسست على أنقاضها الدولة العثمانية، التي أسسها أحد أمرائهم "عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه"، والتي كانت الصوفية ديانتها الرسمية.

أسلم (تصوف) سبتاي زيفي (عزيز أفندي البواب) نفاقاً، وأمر قومه بتقليده فاعتنق الدونمة الإسلام (ظاهرياً) وتغلغلوا واندسوا بين المسلمين في كافة أقطار الامبراطورية، ثم انقسموا بعد وفاة زيفي إلى فرقتين رئيستين: أتباع يعقوب جلبي (صهر سبتاي) ولقبوا –بداية- باليعقوبيين، وأتباع مصطفى جلبي ولقبوا بالقارة قاشيين.
كان للدونمة من النفوذ في البلاط العثماني ما لم يكن لغيرهم، وكان زعماؤهم يمثلون البطانة الحقيقية للسلطان، فتمركزوا في أكثر المواقع استراتيجية وحساسية، سواء المدنية والعسكرية، وكانوا أكثر الناس ثقافة وعلماً وثراءً، أما المجالات التي برعوا في السيطرة عليها مطلقاً فهي الإعلام والاقتصاد.
ومع الزمن؛ لم يكن بمقدور أحد التمييز بين الدونمة وغيرهم، بل بات ينظر إليهم بقدر كبير من الاحترام والتقديس بسبب امتلاكهم للمال والجاه من جهة؛ وبسبب إتقانهم لمهارات الكابالا السحرية التي أظهرتهم بصورة الأولياء الصالحين الغارقين في الصوفية، والقادرين على فعل المعجزات وخوارق العادات والتنبؤ بالغيب من جهة أخرى، ليتحولوا مع الزمن إلى سادة وأشراف من آل البيت، والويل كل الويل لمن يشكك –مجرد تشكيك- في نسبهم "الشريف" والثابت قطعياً بـ "التواتر"!
البغاء المقدس، أو الزنا الجماعي هو أهم طقوس الكابالا على الإطلاق وأشد تعاليمها صرامة، فالحياة –في عقيدة الكابالا- عبارة عن ذكر وأنثى، زوج لا يجب أن ينفصل البتة، فكل شيء في هذا الوجود مكون من فلقتين متضادتين ومتحدتين في ذات الوقت، واتزان هذا الكون وعناصره يعتمد بالدرجة الأولى على اتحاد هذين الزوجين، وبقائهما متحدان إلى الأبد. وعملية التحكم في الكون أو أي من عناصره لا تتم إلا من خلال التحكم الطقوسي في عملية الالتصاق الجسدي هذه. ذلك طقس سحري قديم قدم التاريخ، تبناه الدونمة وأطلقوا عليه "عيد وليمة الخروف" أو "عيد إطفاء الشموع" والذي يحرصون على إقامته في أول يوم من الربيع.
ولعل البعد الاجتماعي لهذا العيد يكمن في المحافظة على لحمة الجماعة، وكسر جميع الحواجز الجنسية بين أفرادها، وإشعارهم بالانتماء الجسدي العائلي إلى بعضهم البعض. هكذا كان يفعل كهنة الزقورات العراقية قديماً مع مواطنيهم من سكان المدينة، فالمدنيون لا تجمعهم قبيلة أو يربط بينهم نسب، لذلك فروح العداء بينهم متقدة على الدوام، وربما كانت عادة البغاء الجماعي –رغم طابعها الديني المقدس- تهدف للتخفيف من حدة العداء والتناحر بين أبناء المدينة الواحدة عن طريق إخضاعهم لهذا النوع من التلاحم الجسدي، بل وإضفاء طابع من القداسة عليه من باب طرد أي شعور بالغيرة قد يتسلل للنفوس.
ولعله بإمكاننا أن نفهم كيف استطاعت جماعة الدونمة المحافظة على لحمتها الاجتماعية طيلة هذه القرون، وفي ظل ظروف التشتت الجغرافي التي كانت تعيشها، أليست هي نفس اللحمة التي يتمتع بها الشيعة اليوم حول العالم؟ أليست واضحة هي العلاقة بين لحمة الشيعة وطقوس عاشوراء؟
ولعل الوسيلة الأمثل لتمييز الدونمة اليوم، الذين يعيشون الآن بين ظهرانينا، هي مراقبة سلوكهم الجنسي، وأعني ما يتعلق بالبغاء الجماعي أو تبادل الزوجات، وهو أكثر ما كان يتميز ويشتهر به كل من شيخ الدونمة وفقيههم ووليهم الأكبر علوي بن عباس مالكي الدباغ، وابنه محمد.
يقدم آل الدباغ للناس اليوم مشجرة آل بيتية ينسبون أنفسهم من خلالها لشخص جاء من مدينة غرناطة بعد سقوطها (حسب زعمهم)، وغرناطة كانت مدينة يهودية خالصة قبل الفتح الإسلامي، وكانت تسمى بغرناطة اليهود، وظلت بعد الفتح تحتضن أكبر جالية يهودية في الأندلس. ومن الثابت تاريخياً أن يهود غرناطة كانوا يمتهنون مهناً أربعاً لا غير: الصياغة، الحدادة، التجارة، والدباغة.
جاء القادم من غرناطة إلى المغرب ليستولي على دار الدباغة فيها، ونسب نفسه إلى سلالة إدريس الثاني الذي يزعمون أنه ابن إدريس الأول مؤسس الدولة الإدريسية في المغرب، وهو نسب تحوم حوله الكثير جداً من علامات الاستفهام، فإدريس الأول لم يكن ينجب الأبناء، لا من زوجته "كنزة" الأمازيغية (اليهودية) ولا من إمائه الكثر اللاتي اقترب عددهن من العشرين.
وبعد وفاة إدريس الأول بقرابة العام؛ أنجبت كنزة غلاماً أسود البشرة، وزعمت أنه ابن إدريس الأول، وأسمته إدريس الثاني، وتوجته زعيماً على قبائل الأمازيغ تحت وصاية غلامها "راشد".
هذا إذا افترضنا -استهبالاً- صحة المشجرة التي خطّوها بأيديهم، وختموها بأختامهم، واستخدموا نفوذهم وسلطتهم ومالهم وجاههم وقدراتهم الإعلامية على صنع التواتر ليشيعوا بين الناس صحتها ومصداقيتها المطلقة (المتواترة).
ومما زاد هذا التواتر تواتراً ظهور أحد الدجالين ومحترفي ألعاب السحر والشعوذة ليقدم نفسه كولي من أولياء الله، منحه الله قدرة استثنائية على فعل المعجزات وخوارق العادات كونه ينحدر من سلالة آل البيت، إنه الدجال عبد العزيز بن مسعود الدباغ، الذي يلقبونه بـ "القطب" و "الإبريز"، والذي ينحدر علوي مالكي من سلالته.
قدم مسعود الدباغ من مدينة فاس المغربية إلى الحجاز في مطلع القرن العشرين (أي قبل مئة عام من الآن فقط)، وهي ذات الفترة التي شهدت تلك الهجرة الجماعية الغريبة للحضارم نحو الحجاز، وبطريقة غير مبررة؛ ولكنها باتت مفهومة.
تزامن قدوم الدباغ مع بداية الإعداد للحرب العالمية الأولى: سايس بيكو وقدوم لورانس العرب وتكوين حركة التحرير العربي التي كانت تدعو في ظاهرها لتتويج الشريف حسين خليفة للعالم الإسلامي بعد الإطاحة بالخلافة العثمانية، وكان أبناء مسعود الدباغ (خصوصاً المدعو طاهر) من أهم منظري الحركة (في الظاهر أيضاً)، فأعلنوا دعمهم المطلق للشريف وعرضوا عليه خدماتهم الثمينة التي كانت تتمثل –أكثر ما تتمثل- في علاقاتهم الدولية ونفوذهم العجيب لدى البلاط البريطاني، فما لبثوا أن أصبحوا بطانة الشريف المقربة ويده اليمنى وكبار مستشاريه، ووطدوا أقدامهم في الحجاز كطبقة ارستقراطية نبيلة، وكونوا حولهم عصابة عائلية ضخمة ومتشعبة يرتبط أفرادها بعلاقات التصاهر والنسب: آل المهنا، الصبان، زينل، آل يماني، آل طيب، آل نصيف، الخطيب، فقيه، أبو الجدايل....إلخ.

قبل حوالي خمسة عشر عاماً؛ وعندما كان غالبية الموظفين يتمتعون بإجازتهم الرمضانية (قبيل عيد الفطر)؛ كانت طائرة الخطوط السعودية من نوع بوينج 747 والتي تحمل الرقم التسجيلي (HZ-AIG) قد أكملت صيانتها المجدولة في هنقر الصيانة بمطار الملك عبد العزيز بجدة، وتم إدراجها في جدول الرحلات. وقد جرى النظام (في هذه الحالة) أن يتم سحب الطائرة بالتراكتور من هنقر الصيانة إلى ساحة الغسيل لتنظيفها من الخارج تنظيفاً سريعاً قبل القيام بسحبها إلى مواقف صعود الركاب. كانت المسافة بين هنقر الصيانة وساحة الغسيل لا تتعدى الخمسمائة متر، وعملية السحب (بالتراكتور) تستغرق من العشرين إلى الثلاثين دقيقة على الأكثر، وكان ممنوعاً منعاً باتاً إدخال أي طائرة إلى ساحة الغسيل إلا بواسطة التراكتور (السحب) وليس بطريقة تشغيل المحركات، وذلك نظراً لاكتظاظ ساحة الغسيل بالمخلفات والقطع الخفيفة التي قد تسبب أضراراً بالغة بالمحركات النفاثة التي تشفط كل شيء في طريقها.
تم تشبيك التراكتور، وسحب الطائرة خارج الهنقر، وعندما اقتربت الطائرة من مدخل ساحة الغسيل؛ تفاجأ المراقب الذي كان يجلس في قمرة القيادة بأن شخصاً ما قد أوقف الطائرة وفصل عنها التراكتور، ثم ما لبث ذلك الشخص الذي يدعى "عمرو سندي" أن صعد إلى قمرة القيادة وطلب من المراقب التنحي. جلس السندي في مقعد الكابتن وقام بتشغيل المحركات الأربع، ثم وجه الطائرة إلى داخل ساحة الغسيل حتى أصبحت الطائرة في منتصف الساحة؛ عندها توقف. ثم قام بإطفاء المحركين اللازمين لتغذية نظام الفرامل الهيدروليكي: محرك رقم واحد، ومحرك رقم أربعة، بعدها واصل تقدمه داخل الساحة بالمحركين الآخرين: رقم إثنين ورقم ثلاثة. وأثناء تقدمه كان يدوس على الفرامل بشكل متكرر وغير مبرر، حتى إذا ما اقتربت الطائرة إلى نهاية ساحة الغسيل –أي إلى حدود شبك المطار- كان الضغط الهيدروليكي الاحتياطي للفرامل قد نفذ تماماً، فلم يكن بالإمكان إيقاف الطائرة التي واصلت تقدمها حتى خرجت عن الساحة واصطدمت بالخزان الإسمنتي وتحطمت.
لقد صمم الأمريكان هذه الطائرة بحيث لا يمكن حصول حادث كهذا نتيجة لخلل فني، لا يمكن لنظام الفرامل أن يتوقف تماماً عن العمل في حالة كهذه إلا بفعل مقصود؛ متعمد؛ عن سبق إصرار وترصد. إن هذا النوع من الطائرات لديه عدد كبير من خطوط التغذية الهيدروليكية للفرامل: الخط الأول عن طريق مولدات المحركات رقم واحد وأربعة (EDP)، فإذا ما تم إطفاء هذين المحركين فسيتم تغذية الفرامل بطريق المولدات الهوائية رقم واحد وأربعة أيضاً (ADP)، فإذا ما تم إطفاؤهما عمداً أو حدوث خلل فيهما؛ يعمل المولد الكهربائي رقم أربعة (ACP)، فإذا ما تم إطفاء هذا الأخير أيضاً؛ تبقى هنالك كمية من الضغط الهيدروليكي الاحتياطي كافية لإيقاف الطائرة أربع مرات على الأقل. إلا أن عمرو سندي بعد أن قام بإطفاء المحركين واحد وأربعة، ثم إطفاء المولدات الهوائية واحد وأربعة (ADP) ثم (ACP) لم يكن ليترك مخزن الضغط الهيدروليكي الاحتياطي دون أن يفرغه تماماً من ضغطه قبل اقتراب الطائرة من خط الوقوف، حيث قام بالدعس على دواسة الفرامل عدة مرات وبشكل متكرر وغير مبرر، إلى أن تأكد تماماً بأن الطائرة قد فقدت كل ما تبقى لديها من ضغط هيدروليكي احتياطي في جهاز الفرامل، ليتركها بعد ذلك تندفع تلقائياً نحو الخزان الإسمنتي؛ وتتحطم.
ولكن لماذا فعل ذلك؟!
كان عدنان الدباغ هو المدير العام للشئون الفنية في الخطوط السعودية آنذاك، وكان يقول في جلساته الخاصة: "إن آل سعود ضحكوا علينا؛ أخذوا منا الحجاز وأقطعونا الخطوط السعودية، والآن يريدون حرماننا من الخطوط أيضاً".
سيطرت عصابة الدباغ ليس فقط على الشئون الفنية بل على الخطوط بأكملها بنفس أسلوب عصابات الدونمة، أي أسلوب الزنى الجماعي أو الدعارة المقدسة أو اللحمة الجنسية؛ سمه ما شئت. كانت أكثر المراكز حساسية واستراتيجية في المؤسسة يشغلها الديوثون والقوادون، وكان معروفاً لدى الجميع، وبشكل علني، إن من أراد الانضمام للعصابة فعليه أن يتزوج بعاهرة أمريكية أو أوروبية أو فلبينية أو مغربية أو مصرية....إلخ، أو أن يعمل قواداً لأفراد العصابة فيستأجر شقة أو شاليهاً باسمه ويقيم لهم فيها الحفلات الماجنة التي يجلب إليها المضيفات أو العاهرات من بنات جدة، هذا لمن لم يكن أهله من أعضاء مشجرة آل البيت.
شكلت عملية تبادل الزوجات رباطاً في غاية القوة والمتانة بين أفراد العصابة، فابن أحدهم هو ابنهم جميعاً، كل قد سقاه جرعة من مائه. جميع الحواجز الجنسية والعائلية والنفسية قد تم كسرها فيما بينهم، فتكونت بينهم لحمة تضاهي لحمة القبائل التي تنحدر من صلب رجل واحد؛ وربما تفوقها.
لا يوجد في هذه الدنيا مؤسسة طيران أكثر ربحية من الخطوط السعودية، فهي الشركة الوحيدة التي لا يمكن أن تخلو مقاعدها من الركاب في أي وقت من الأوقات، وعلى مدار السنة. تخرج من موسم لتدخل في موسم آخر: الحج، العمرة، الصيف، المدرسين. لا يمكن أن تتصل بالخطوط السعودية لتجد حجزاً في نفس اليوم، أو في نفس الأسبوع، بل ولا حتى في نفس الشهر إلا بطريق الانتظار، بل وفي كثير من الأحيان حتى قائمة الانتظار تكون محجوزة عن آخرها، كل هذه الأموال والدخل الطائل والمهول يتحول في الأوراق والميزانيات الرسمية إلى خسارة. حتى قبل أن يأتي خالد الملحم إلى الخطوط بقليل؛ كانت جميع ميزانياتها تصدر في نهاية العام بخسارة، وكانت الدولة تعوض هذه الخسارة من الميزانية العامة؛ وبالمليارات.
كانت مهمة قسم الصيانة الحيلولة –قدر المستطاع- دون القيام بصيانة حقيقية للطائرات، فالصيانة تتطلب قطع غيار بالمليارات، والتي كان يتم شراؤها بالفعل؛ ولكن على الورق. فقسم المخازن لم يكن يحتوى ولا حتى على عشرة في المئة من قطع الغيار التي يتم دفع ثمنها بالكامل لشركات الوساطة الأجنبية التي يملكها –بطريقة أو أخرى- أفراد هذه العصابة متعددة الجنسيات وعابرة القارات، بل وأحياناً يتم دفع ثمنها مضاعفاً بنظام الـ SD .
والظاهر أن آل سعود لم يكونوا يكترثون لهذه الأموال المهدرة، فالخير واجد ولله الحمد، و "لعلنا لو تركناهم يسرقون ويكفوننا شرورهم خير من استفزازهم فيثيروا في البلاد مشاكل أمنية لا تحمد عقباها". هذا ما كان يظهر لنا من سياسة آل سعود: الأمن قبل المال، بل وقبل كل شيء. ولكن –الظاهر أيضاً- أن آل سعود لم يكونوا يعلمون بأن الفساد الإداري هو أول مسمار تم دقّه في نعش هذا الكيان، وأنهم لو لم يتداركوه فلن ينعموا –ولن ينعم معهم أحد- بأي قدر من الأمن.
ولكن الظاهر –في المقابل- أن آل سعود قد استوعبوا –أخيراً- هذه الحقيقة، وبدأوا –ولو على استحياء- في نزع هذا المسمار من جسد الدولة. فبعد أن انعكس هذا الوضع على أبسط الخدمات الأساسية التي كان ينبغي أن تقدمها الخطوط السعودية للمواطنين؛ بدا وكأن صبر آل سعود قد نفذ، فقرروا إنقاذ المؤسسة من براثن هذه العصابة، رغم علمهم اليقيني بأنها مهمة ليست بالهينة.

ظهرت قبيل حادثة (HZ-AIG) إشاعة قوية بأن هنالك عدد من الأفكار المطروحة في أروقة القصر، أهمها: نقل المقر الرئيسي، والخصخصة. فوجود المقر الرئيسي بالرياض يسهل على أبناء نجد الالتحاق بالخطوط السعودية، فتمتلئ بهم المكاتب والإدارات، ويزيحوا شيئاً فشيئاً أبناء عصابة الدبابغة، ليحلوا –تدريجياً- محلهم. ولكن هذا الخيار –في ذلك الوقت- كان مشوباً ببعض الصعوبات لأسباب لوجستية واستراتيجية كثيرة، ليرسوا القرار -في نهاية المطاف- على الخصخصة.
فلو تم بيع المؤسسة إلى مستثمرين سعوديين حقيقيين كالراجحي والزامل والسريع والقصيبي والتويجري والعثيم والشعلان والطيار والوليد بن طلال....إلخ؛ فلن يستطيع الدبابغة أن يتوجهوا بأي لوم لآل سعود ويتهمونهم بمحاباة جماعتهم عندما يقوم ملاك الشركة بطردهم واستبدالهم بالشباب النجدي الوطني المخلص، فالشركة الآن ليست ملك الدولة، ولا سلطة لآل سعود عليها، ومن حكم في ماله ما ظلم.
وعندما تأكد الدبابغة من جدية آل سعود في خصخصة الخطوط السعودية؛ أدركوا أن المسألة بالنسبة لهم حياة أو موت، فالخصخصة تعني نهايتهم. إذاً لا مناص من فعل المستحيل للحيلولة دون الخصخصة، لا يوجد خيار آخر.
إن أكثر ما يجذب المستثمرين لشراء المؤسسة هو ربحيتها، فلا أحد في الدنيا يضع أمواله في شركة خاسرة، بل وليس ثمة بصيص أمل في إمكانية تحويلها لشركة مربحة. إذاً فالطريقة الوحيدة لمنع الخصخصة هي الإبقاء على الخطوط السعودية في حالة خسارة وإفلاس دائمين، بل والسعي لزيادة هذه الخسارة وتضخيمها بشكل مطرد. وكان قسم الصيانة أكثر الأقسام قدرة على هدر الأموال، ففواتير الصيانة لا يمكن تقنينها، خصوصاً ما يتعلق بالأعمال غير الروتينية (non-routine).
كان يتم تحطيم بعض أجهزة وأجزاء الطائرات عمداً، وتزوير أوراق صيانة البعض الآخر من الأجهزة لإبقائها في حالة خلل دائم، وذلك بغرض رفع تكلفة الصيانة غير الروتينية للحد الأقصى. ولكن المصيبة –بالنسبة للدبابغة- أن كل هذه الأمور لم تبد كافية لثني آل سعود عن المضي قدماً في عملية الخصخصة، بل كان إصرارهم عليها يزداد مع الوقت، عندها أصدر الدباغ أوامره بتحطيم الطائرة (HZ-AIG)، حيث كان لا مناص من إحداث مصيبة عظيمة تنهار معها ربحية الخطوط السعودية انهياراً ضخماً من شأنه صرف أنظار جميع المستثمرين –وإلى الأبد- عن التفكير –مجرد التفكير- في استثمار قرش واحد في الخطوط السعودية.
يوم الحادث المشئوم؛ أعدت العصابة عدتها بالعبث في جدول النوبات كي يضمنوا –قدر المستطاع- أن يقع الحادث بعيداً عن الأنظار. وبالفعل؛ كانت غالبية الموظفين المداومين في تلك النوبة هم من أفراد العصابة، وفيما يلي أسماء أبرزهم:-
- عمرو سندي: متزوج بمكسيكية كانت تعمل راقصة تعري في أحد نوادي اللهو في مدينة سان أنطونيو بولاية تكساس الأمريكية، هي وصديقتها الأمريكية المتزوجة برئيسه في العمل؛ المدعو "حسن ملائكة". وكان السندي يستغل كل مناسبة ليقص على الناس، وبشكل علني، وبكل فخر واعتزاز، قصة تعرفه على زوجته وإعجابه بأمانتها وصدقها، مما حدا به للاقتران بها. يقول إنه كان –ذات ليلة- يحضر عرضاً من عروضها عندما أعجبه جمال جسدها، فطلب منها أن تبيت معه ليلة، واتفق معها على مئة دولار. فأخرج من محفظته ورقة بمئة دولار وقسمها قسمين، أعطاها قسم واحتفظ بالقسم الآخر، ودلها على عنوانه وذهب ينتظرها في غرفته بالفندق. جاءته في الموعد وقرعت باب الغرفة ففتح لها، وإذا بها تعتذر منه وتخبره بعدم قدرتها على إتمام الصفقة، ثم أخرجت من حقيبتها نصف المئة دولار وسلمتها له وانصرفت، فعلم أنها فتاة أمينة ومتربية وبنت رجال، تحترم الموعد ولا تخون الأمانة!!!! وعمرو سندي هذا كان فارس عملية تحطيم الطائرة (HZ-AIG) كما تقدم معنا ذكره.
- حسن ملائكة: متزوج براقصة تعري أمريكية، وهو الرئيس المباشر لعمرو سندي. وبالإضافة لوظيفته في الخطوط السعودية؛ كان عميلاً استخباراتياً مزدوجاً يتعاون مع كل من إدارة المباحث العامة السعودية ووكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ، وهي مسألة لم تكن سراً بل يعلمها بعض موظفي إدارة المباحث العامة بالرويس!!!! أما أسرة الملائكة فتنقسم إلى فرعين: فرع شيعي في المدينة، وفرع صوفي في مكة!!!!
- كمال قواص: متزوج بأمريكية. وفي ذلك الوقت كان هو المدير المناوب في الهنقر (رغم كونه حاصلاً فقط على شهادة الإعدادية!)، وهو الذي حدد ساعة الصفر (بالتنسيق مع حسن ملائكة) وأصدر أوامره لعمرو سندي بالبدء في تنفيذ العملية. وبعد نجاح العملية والانتهاء من تزوير وفبركة كافة التحقيقات والتقارير التي أظهروا من خلالها أن الحادث حصل نتيجة لخلل فني، تم تكليف كمال قواص بمهمة أكثر بشاعة: وهي إخراج أسطول الأيرباص بأكمله خارج الخدمة؛ وإلى الأبد. بعدها تمت ترقية القواص ونقله إلى هنقر الصيانة الملكية، ليصبح مسئولاً عن صيانة طائرة الملك وولي عهده!!!! ساهم كمال قواص في تدمير أسطول طائرات الأيرباص بأسلوب السم البطيء الذي لا يمكن اكتشافه من قبل أكثر الأطباء خبرة وبراعة في الطب الشرعي، فبرامج الصيانة الدورية التي تم إعدادها من قبل الشركة المصنعة للطائرة بغرض المحافظة على جودة وفاعلية الأجهزة والأنظمة والهياكل والإطالة في عمرها الافتراضي والتقليل من حدوث الأعطال الفنية والحد –بالتالي- من تأخر الرحلات نتيجة لتعطل الطائرات وخروجها المتكرر من الخدمة وما يتبعه من تكاليف صيانية باهظة خصوصاً لو حصلت هذه الأعطال في المحطات الخارجية؛ جميع تلك البرامج كان يتم التلاعب والتحايل عليها بشتى الطرق والوسائل، وتزوير كافة المستندات التي تفيد بأن هذه البرامج قد تم تنفيذها بالفعل، وبمنتهى الدقة، بينما لا ينفذ منها على أرض الواقع سوى النزر اليسير. تلك سياسة شاملة كان يسير عليها قسم الصيانة بأكمله، ولكن كمال قواص كان أكثر حماسة من غيره في تنفيذها حتى استطاع تحويل كامل أسطول الأيرباص إلى كومة من الخردة في وقت قياسي، فباتت صيانة هذا الأسطول تستنزف من المبالغ أضعاف ربحيتها، ليتم اتخاذ القرار بإيقاف الأسطول عن العمل وبيع كافة طائراته بأبخس الأثمان. أسطول كامل (بكل ما في هذه الجملة من معاني) أخرجه هذا الديوث زوج العاهرة الأمريكية من الخدمة فقط ليحول دون خصخصة المؤسسة، ليكافئونه بعد ذلك بترقية نقلته إلى صيانة الطائرات الملكية!!!! أما الطاقم الفني التنفيذي الذين أختارهم القواص لمعاونته في هذه المهمة؛ فقد تم انتقاؤهم بعناية، وكان أبرزهم ذلك الغلام المدلل، ابن الجميع، المدعو "نبيل قاره". وأم نبيل هذا عاهرة ألمانية كانت سبباً في انضمام والده إلى العصابة منذ تأسيسها، لذلك كان جميع أفراد العصابة يعتبرون نبيل ابنهم البار، فكل منهم قد سقاه جرعة من مائه (أو أكثر)، والمصيبة أن قصة والدة نبيل لم تكن سراً، فالجميع يتحدثون عنها علناً ودون تحفظ، ولكن طريقة الحصول على لقمة العيش في المجتمع المدني حولت الناس إلى حيوانات، يقبلون على أنفسهم أن يتسيدهم أمثال هؤلاء مقابل حفنة نقود.
- عبدالله حفني: من أكبر أساطين العصابة وأخطرهم وأكثرهم قدرة على التمثيل والتلون وتغيير الجلد والنفاق وتقمص الأدوار. يزعم أنه من الأخوان المسلمين، وعلى هذا الأساس رشح نفسه في الانتخابات البلدية، وهو في ذات الوقت يدير أخطر عصابة تزوير في الهنقر تحت مسمى إدارة التحكم (كونترول). بواسطة هذه الإدارة يتم التحكم المطلق بكافة أوراق ومستندات الصيانة وقطع الغيار، ومن خلال الحفني وعصابته يتم التوقيع، الختم، والمصادقة على جميع تلك المستندات والفواتير التي تفيد بأن برامج الصيانة الروتينية وغير الروتينية قم تم إنجازها بمنتهى الدقة، وأن جميع قطع الغيار المطلوبة قد تم شراؤها وتركيبها واختبارها بمنتهى الكفاءة والاحترافية، كل ذلك على الورق فقط. أما على أرض الواقع فالذي كان يحدث غالباً هو فتح الأغطية الخارجية لهياكل الطائرات، والإبقاء عليها مكشوفة فترة من الزمن مع القيام ببعض عمليات الصيانة الصورية (بالتآمر مع قسم التفتيش الفني) كنوع من بث الرماد في العيون، ثم إرجاع الأغطية إلى مكانها، وصلى الله وبارك. وحتى لا تثار التساؤلات حول هذه المهزلة؛ أطلق الحفني لحيته وقصّر بنطاله وقدم نفسه للناس في صورة طالب علم، ليصدر لهم فتوى شرعية بتحريم اتباع كتالوج الصيانة (Maintenance Manuel) باعتباره مؤامرة أمريكية تهدف لسرقة أموال المسلمين. فقد بالغ الأمريكان في درجة الجودة المطلوب توفرها في أداء الأجهزة والأنظمة المشغلة للطائرة بحيث يستلزم ذلك تغيير هذه الأجهزة والقطع لأتفه الأسباب –حسب زعمهم- الأمر الذي يستنزف أموال المسلمين في شراء المزيد من قطع الغيار المصنعة في أمريكا، لذلك فلا يجوز اتباع كتالوج الصيانة القادم من أمريكا، بل ويصبح واجباً مقدساً الضحك على الأمريكان بالالتفاف حول كتالوجهم وتزوير أوراقهم ومستنداتهم خدمة للدين الحنيف ونصرة لله ورسوله وعباده المؤمنين. ولكن الحقيقة أن تلك القطع كان يتم شراؤها بالفعل ودفع ثمنها كاملاً؛ وأحياناً مضاعفاً؛ ولكن فقط على الورق، والله وحده يعلم في خدمة أي دين كان يتم ذلك!!!!انتقوا للحفني شلة من أبرع المنافقين الذين كانوا في وقت سابق قد تتلمذوا على مجموعة من الأشرطة الدعوية أبو ريالين، والكتيبات أبو "طبع على نفقة"، فما لبثت شعيرات العانة تنبت في وجوههم حتى تناثروا في كافة الأقسام مبشرين بالطريقة الحفنية. كان على رأسهم ذلك الديوث البخاري "محمد أنديجاني" الذي جعله الحفني ذراعه الأيمن في قسم الكنترول. ومحمد الأحمدي الذي وضعوه في قسم الجودة والنوعية ليعايروا به جودة الأداء على المقياس الحفناوي. وعضو هيئة كبار القوادين "عصام مغربي" في قسم المحركات. أما قسم الهياكل؛ فنظراً لضخامته وضعوا فيه أساطين العهر والدياثة والنفاق، وعلى رأسهم سمير بغدادي وعبد المعطي كاتب. أما سمير بغدادي فحكايته حكاية، حيث يروي قصة قدوم جده من العراق هارباً من التجنيد، فقد كان من أسرة شيعية لا تؤمن بالقتال في صفوف السنة، حتى ولو كان ذلك في سبيل الدفاع عن الوطن ضد المحتلين الأجانب. ولكي يتهرب جده من الجندية؛ احتال على الحكومة بادعائه الإصابة بمرض الجدري، وذلك بعد أن قام بتلسيع كامل جسده بأعقاب السجائر ليبدو ادعاؤه صحيحاً. وبمجرد حصوله على الإعفاء من الجندية ادعى رغبته في أداء الحج ليهرب من العراق ويستقر في مكة. أما والده فقد كان على علاقة غير شرعية بوالدته حتى حبلت بأخيه الأكبر، عندها قامت عائلتها بتزويجها له خشية من الفضيحة. أما هو فكان أنجس من والده وجده؛ فقد كان على علاقة ببغي مصرية تعمل –صورياً- في إحدى صالونات التجميل، وكان حينها متزوج بيمنية، فعندما فاحت رائحة علاقته بالمصرية خشي من حد الرجم فتزوجها، ولكنها ظلت –وهي في عصمته- تعمل في ذات الصالون، حتى بعد أن أطلق لحيته وقصّر سرواله وادعى الالتزام. وعندما كانوا يسألونه: كيف تدعي أنك مطوع وزوجتك تعمل نامصة؟! كان يجيبهم بأن مدخولها مما تقوم به يزيد عن ضعف مرتبه من الوظيفة!!!!
- خالد فلمبان: كان يعمل مفتشاً فنياً (في الظاهر) بينما يدير هو وزوجته الفلسطينية عدداً من شقق وشاليهات الدعارة وتبادل الزوجات. أما على الصعيد الدولي فقد كانت تعاونه شبكة من القوادين الدوليين، أغلبهم من الغمّد واليمنيين والفلسطينيين العاملين في قسم التفتيش الفني خاصة والصيانة عامة، والذين كانوا يسافرون باستمرار في رحلات عمل مدفوعة الأجر هدفها ترتيب أجواء الانبساط لأفراد العصابة خارج المملكة. فكان لهم في كل بلد مركاز، تتوافر فيه كافة ما قد يخطر ولا يخطر على قلب بشر من أنواع التسليات غير البريئة. وعن طريق الإغراء الجنسي تقوم هذه الشبكة باستقطاب الشباب الجدد وتجنيدهم ضمن أفراد العصابة، وهي شبكة منظمة ومتخصصة تتوزع فيها الأدوار على الأفراد حسب قدراتهم ومهاراتهم، فخالد فلمبان كان يركز على المضيفات الجاويات من بنات جلدته لاجتذابهن إلى الأوكار داخل المملكة، أما في الخارج فكان تخصصه إندونيسيا، ويشترك معه فيها كل من "سعيد السيود" و "سامي مندر" و "نزار ظليمي". ونزار هذا يزعم أنه من الإخوان المسلمين، وأن زوجته الينبعاوية تنتمي لأسرة إخونجية عريقة، وهو في ذات الوقت يجاهر علناً؛ ودون أدنى قدر من حياء أو خجل؛ بأن زوجته تخونه مع السائق، وأنه إنما يحاول الانتقام منها بممارسته للزنى!!!! أما الفلسطيني "كمال حسين" فباعتباره يحمل الجنسية الكندية؛ أوعزوا إليه بنظارة الوقف الكندي، وكان منزله في مدينة لندن (الكندية) مركازاً تديره زوجته، وتعاشر فيه أفراد العصابة سواء السواح منهم والمقيمين في كندا للدراسة. أما أبناء الطوخي الذين انضم والدهم للعصابة عن طريق والدتهم المصرية، فهم –أيضاً- يعتبرون أبناء الجميع، وكانت "جمهورية مصر العربية" تخصصهم. وكان كل من "إبراهيم عابد" و "محمد برناوي" أحقر القوادين، حيث تخصصوا في التكرونيات. أما أبرزهم فهو "عاطف شيخون" الذي يعترف بكل بجاحة وحقارة ودناءة نفس أنه ورث القوادة عن والدته التي كان منزلها في جدة القديمة ملجأ وملتقى للعشاق من شباب وشابات الحي، كانت تجمعهم عندها -من وراء ظهور أهليهم- مقابل مبالغ من المال، ومن بين أولئك العشاق شخص يدعى "فيصل المالكي" هو وعشيقته اليمنية، التي تزوجها فيما بعد وانضم بواسطتها للعصابة وأصبح من أساطينها في قسم صيانة الهياكل. أما المدعو "ناصر ناصر" فلم يكن قواداً وحسب؛ بل كان ابن عاهرة جيزانية معروفة على مستوى جدة، عملت خادمة في عدد من بيوت الأرستقراطيين فكانت تقدم لأبنائهم جميع الخدمات بما فيها الجنسية، حتى تعرفت على أحد الصبيان وتزوجته ليصبح قواداً عليها. وجاء ناصر ثمرة لهذا الزواج المبارك. ومن خلال علاقاتها التحق ناصر بالخطوط؛ وبالتالي بالعصابة، وأصبح مشرفاً ثم مفتشاً فنياً رغم كونه لا يفهم أبجديات الصيانة.

لقد كانت سياسة الدباغ في إدارته للعصابة جد واضحة ومكشوفة، الكل يعرفها، ليس فقط موظفي الصيانة أو الخطوط. كان المتقدمين الجدد بمجرد التحاقهم بالخطوط؛ يحاول كل منهم البحث عن أحد أفراد العصابة للالتصاق به، وإلا فإن حياتهم الوظيفية ستتحول إلى جحيم. أما الطموحين منهم فبمجرد ابتعاثهم للدراسة في أمريكا يسارعون للزواج بعاهرات أمريكيات يسهلن لهم مهمة الالتحاق بالعصابة. شخص مسكين اسمه "نبيل مرسي" يعاني من خلل نوعي في وظائف الدماغ، فهو يرى كل شيء صعب ومعقد وعسير على الفهم، لا يستطيع التعامل مع أجهزة وأنظمة الطائرات إلا بمنتهى الصعوبة، ولكنه يحتاج للوظيفة بشدة، فقرر الانضمام للعصابة، ولكنه كان يعلم أن الثمن باهظ جداً. كان يأمر زوجته بالتبرج الشديد، ويأخذها كل يوم إلى العيادة الطبية الخاصة بموظفي الخطوط ليعرضها هناك، عله يصادف أحد المتنفذين في العصابة فيعجب بزوجته ويقبل بمنحه وإياها عضوية الشرف. شخص آخر من عائلة "رضوي" طلبوا منه الزواج بمومس أمريكية وإحضارها إلى السعودية، ومن شدة رغبته للانضمام إليهم سارع في الزواج بها حتى دون تصريح، ولكنهم غيروا رأيهم بعد فترة وورطوه بها بعد أن حبلت منهم.
عندما كان ذلك العاهر القواد "مازن عبد الجواد" يعرض بضاعته على الـ LBC بكل فخر؛ لم يكن يشعر بأي وخز للضمير، أو يحاك في صدره أي شيء يخشى أن يطلع عليه الناس. وإذا به يتفاجأ بالدعوة التي رفعها ضده بعض البدو، فأصيب بصدمة ثقافية أكبر من قدرته على الاستيعاب. لم يكن يتوقع أن هنالك فئة من البشر لا زالت تعيش في هذه الدنيا وتعتبر القوادة جريمة، أو ترى في الترويج للدعارة عيباً ونقيصة. ففي بيئة الخطوط؛ لا يعتبر الحديث عن الدعارة والقوادة عيباً بل مفخرة وسؤدد، إنها ليست قضية تدعو للخجل؛ بل وسيلة لكسب الشهرة والمجد، هكذا ربّاهم دبابغتهم، وهكذا كشفت قضية مازن عبد الجواد أنه لا يوجد شيء اسمه "المجتمع السعودي"، بل هنالك مجتمعات سعودية مختلفة ومتناقضة تتعارض ثقافاتها تعارضاً جذرياً، جملة وتفصيلاً.
لقد تخرّج الحجازيون من نفس المدارس التي تخرج منها النجديون، درسوا نفس مناهج التوحيد والفقه والثقافة الإسلامية، وأثبتوا أن النصوص الدينية وحدها لا تصنع القيم والأخلاق، وأن المعدن الوضيع لا ينفع معه الصقل، بينما لا يضر الذهب الصدأ.
لو فعل هذه الفعلة شاب نجدي لما اكتفى القضاة بسجنه، بل ربما حكموا عليه بالإعدام، وكأن قضاتنا قد توافقوا على قاعدة فقهية حديثة مفادها: إن تطبيق الأعراف النجدية على أهل الحجاز هو بمثابة تفعيل حد السرقة في عام الرمادة.

"شهيد القرآن". إنه اللقب الذي حصل عليه ذلك الصوفي الزنديق "محمد عبده يماني" بعد هلاكه لعنة الله عليه. وهو لقب يعني –حرفياً- ما يلي:-
"جاء أحد الكفرة الطغاة من آل سعود (خالد الفيصل) إلى الحجاز يحمل معه أجندة صهيونية لمحاربة كتاب الله ونسف الإسلام من جذوره، فتصدى له ذلك البطل المجاهد الذي لا تأخذه في الله لومة لائم (محمد عبده يماني) وأوقفه عند حده وضحى في سبيل ذلك بحياته، لتبقى حلقات تحفيظ القرآن شامخة أبية رغم أنف الطاغية خالد الفيصل".

إن الهالة الإعلامية المفاجئة والضخمة التي أحاطوا بها زنديقهم (محمد عبده يماني) قبيل هلاكه بقليل؛ والتي مكنته من الحصول على هذا اللقب؛ تشير بقوة إلى أنهم كانوا على دراية كاملة بما سيجتاح المنطقة من أحداث مع مطلع عام 2011 للميلاد، وأن هذه الأحداث ستؤول حتماً لتطبيق الملكية الدستورية في المملكة، لذلك كانوا قد أعدوا لأنفسهم رمزاً انتخابياً لخلافة آل سعود في الحكم، رمزاً يتوافق الجميع على انتخابه رئيساً لمجلس الوزراء: أهل الحجاز (لأنه صوفي)، وأهل عسير (لأنه يماني)، والشيعة بطبيعة الحال (لأنه محب لآل البيت).
والآن يبدو أن توافقهم تحول إلى رحيمه "صالح كامل"، وذلك واضح جداً من الطريقة التي يظهرونه بها في برنامج "التجار" عندما يأتون بالشباب ليقبلوا رأسه بينما ينكرون على من يقبل رأس الملك أو يده أو حتى كتفه!!!!
ولمن لا يعرف من يكون هذا الثنائي (صالح كامل/ محمد عبده يماني) فهذه حقيقتهما:-
كان الدباغ مسئولاً عن تحضير البعثات عندما اكتشف غلاماً معدماً وذكياً في نفس الوقت؛ هو محمد عبده يماني الذي كان والده بائعاً متجولاً في حي المسفلة بمكة، فكان يحصل بالكاد على قوت يومه، ولكنه (محمد عبده) كان يتمتع بقدر متميز من الفهلوة والشطارة، أو التي يسمونها في مكة "زناوة"، وقدر أكبر من انعدام الذمة والضمير، ليعثر الدباغ في هذا النكرة على ضالته.
استقطبوه جنسياً عن طريق صنيعهم الباكستاني، فزوجه بابنته اللعوب التي كان أخوها الديوث (صالح كامل) قد تم تحويله من زبّال إلى رجل أعمال بسرعة البرق. وعن طريقهم لم يكمل محمد عبده تعليمه فحسب، بل تدرج في أرفع المناصب الأكاديمية التي تفوق خبراته بمراحل، والتي لم يكن يستحقها البتة، وبسرعة البرق أيضاً، لينتهي به المطاف متربعاً على عرش وزارة الإعلام وهو ما عنده من الخبرة الإعلامية ما عند جدتي.
استطاعوا من خلال اليماني نشر عملائهم وتثبيتهم في كل ركن وزاوية من وزارة الإعلام، تماماً كما فعلوا بالوزارات الأخرى، والتي تأسست جميعها بأيديهم منذ عهد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- عندما منحهم كافة الصلاحيات لتأسيس الهيكل الإداري للدولة الناشئة. فالملك عبد العزيز كان بدوياً خالصاً لا يملك أي خبرة في إدارة شؤون المدن بأنظمتها المعقدة ودهاليزها الأفعوانية المتشابكة، وعندما فتح الحجاز وجد فيها نظاماً إدارياً قائماً وفعالاً تديره عصابة الدبابغة، فقد كانوا هم بطانة الشريف حسين ووزراءه ومستشاروه. عندها كلفهم الملك عبد العزيز بتكوين نظام إداري للبلاد بأكملها على غرار النظام الحجازي. منذ تلك اللحظة؛ انطلقت مسيرة الفساد في المملكة، فجميع وزاراتنا ومؤسساتنا وإدارتنا قد تأسست على الفساد منذ اللحظة الأولى، أسسها أساطين الفساد في العالم، عصابة الدبابغة الدوليين، الذين مازالوا حتى اليوم يديرونها ويتحكمون بمشاريعها وقراراتها وتعييناتها وتفاصيل سياساتها التي وضعوها بأيديهم منذ اللحظة الأولى. فلكي يضمنوا عدم المساس بمصالحهم وقبضتهم الحديدية على كافة الشؤون الإدارية في البلاد؛ اخترعوا نظام الواسطة، فكان يتم تعيين الموظفين في جميع تلك الوزارات والإدارات –فقط- على أساس انتمائهم الأسري لأفراد العصابة، وبالتالي لا يتقاعد جيل من العصابة حتى يخلفهم جيل من أبنائهم وأقربائهم المخلصين لسياساتهم والسائرين على دربهم لا يحيدون قيد أنملة.
عرف عن اليماني أنه رجل الواسطة، فكان يزعم أنه يتقرب إلى الله بالتوسط للمحتاجين والسعي في مصالح الناس، ولكن أي ناس؟
كان "الناس" الذين يحظون بعطف اليماني هم فقط أفراد عصابة الدبابغة، أما غيرهم فهو لا يرى في التوسط والشفاعة لهم قربة إلى الله!!!! كانت الأسئلة الأولى والأساس التي يسألها اليماني لأي محتاج يأتيه لطلب الواسطة هي: ابن من أنت؟ ومن أرسلك إلي؟ وعلى أساسها فقط يتحدد ما إذا كان السائل محتاجاً أم لا!!!!
أما عن وطنيته وولائه لهذه البلاد وحرصه على أصالتها الثقافية وانسجامها الديموغرافي؛ فهو يظهر -أكثر ما يظهر- من خلال سعيه لتجنيس بعض المخلوقات الذين لا يمكن لمن يملك حبة من خردل من وطنية أن يقبل بحملهم لجنسية بلاده.
كانت تتردد على منزل اليماني عاهرة بنغالية مشهورة تدعى "بدرية"، وكان لديها قواداً بخارياً يدعى "موسى نيازي" تزوجته فيما بعد لتنسب إليه أبناءها. وكانت بدرية على علاقة بعبد اسمه "إبراهيم" يملكه تاجر يدعى "سراج دوكي". كان التاجر يعول أخواته وبنات أخته الأرملة الذين قضى حياته يكد عليهم فانشغل بهم عن نفسه ولم يتزوج.
ابتلى الله التاجر بإحدى بنات أخته؛ حيث كانت لعوباً جداً فجلبت له فضيحة جنسية قصمت بها ظهره عندما اكتشف أنها حبلى بالزنى؛ حبلت من أحد الحجاج الإيرانيين الذي تركها عائداً إلى بلده دون أن يعلم بحملها. لم يجد التاجر بداً من البحث لها عن زوج يداري فضيحتها، فلم يجد سوى العبد "إبراهيم"، فاضطر التاجر أن يعتقه ويزوجه بها، ويستخرج له بعد ذلك إقامة مزورة باسم "إبراهيم دوكي" حتى ينفي عنه صفة العبودية.
وبطبيعة الحال؛ لم يكن زواجها من العبد أرحم لها من الفضيحة، بل ربما كان القتل أستر وأكثر رحمة بها وبالذي كانت تحمله في أحشائها. إن مثل هذه الحادثة لو حصلت في البادية لواراها أهلها التراب في التو واللحظة، ولكنهم في المدينة يطلقون على هذا النوع من القتل الرحيم "جريمة شرف"، ويعاقبون فاعله أشد العقاب. لذلك فالستر عندهم في المدينة أن تعالج الجريمة بجريمة أشد وأنكى، جريمة تدفع ثمنها هذه الخاطئة هي والذي في بطنها طيلة حياتهم، ثمناً ربما يكون الموت أرحم منه وأقل إيلاماً. أما في البادية؛ فجريمة الشرف عندهم هي أن يفرّط الإنسان في شرفه.
لقد ارتكب سراج دوكي في ابنة أخته جريمة أبشع من جريمتها عندما زوجها لذلك العبد اللعين الذي وجدها فرصة استثمارية لم يكن يحلم بها، والعبد في هذه المواقف لا ينتظر منه مروءة أو شهامة، بل انتهازية وغدراً وخيانة. وصدق شاعر ربيعة العظيم حين قال: من علم الأسود المخصي مكرمة، آباؤه البيض أم أجداده الصيد، أم أذنه في يد النخاس دامية، أم قدره وهو بالفلسين مردود، لا تشتري العبد إلا والعصى معه، إن العبيد لأنجاس مناكيد.
ولم تكن العاهرة بدرية لتترك فرصة كهذه تمر من بين يديها، فهذا النوع من المخلوقات يقتات على الإفساد والإضلال ليصدق فيهم قوله تعالى: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء). لقد ربّت بدرية أبناءها على الكفر والعهر والدياثة والإجرام، فجميعهم –جميعهم دون استثناء- قد حكم عليهم وأودعوا السجن في قضايا تتعلق بالشرف. فهي عندما ترى شريفاً أو شريفة تتحرق ألماً ويتمزق فؤادها من الحقد والغيرة، وتتمنى لو يتحول الجميع مثلها ومثل أبنائها حتى لا يكون أحد أحسن من أحد. وهنا عثرت بدرية لدى أسرة الدوكي على ضالتها، فسراج دوكي كان معروفاً بالاستقامة والصلاح، وكانت هي وأبناؤها يحقدون عليه ويتحرقون شوقاً للنيل من سمعته. وعندما وقعت الكارثة؛ لم تكن بدرية لتسمح بستر هذه الفضيحة، فتمالأت مع العبد "إبراهيم" الذي كان بدوره لا يحقد على أحد في هذه الدنيا حقده على سيده وأسرة سيده، ليضع يده في يد بدرية ويجعلوا منها فضيحة الفضائح.
كانت الصفقة أن تسهّل بدرية حصول إبراهيم على الجنسية السعودية من خلال علاقتها الخاصة بمحمد عبده يماني وزوجته، في مقابل أن يعمل إبراهيم قواداً على زوجته بالتعاون مع بدرية. وبالفعل؛ كان العبد "إبراهيم دوكي" -عليه لعنة الله وملائكته وكتبه ورسله- يأخذ زوجته بيده إلى منزل بدرية لتقوّد عليها، وكانت زوجته كلما رفضت الانصياع يهددها بفضح قصتها مع الإيراني، والتشهير بابنها الأول (ابن الإيراني) فلا يترك أحداً في هذه الدنيا إلا ويخبره بأن هذا الولد هو ابن حرام.
أنجبت زوجة العبد "إبراهيم دوكي" أربعة أطفال بعد زواجها منه، لم يكن منهم أحد يشبهه، فرباهم –لعنة الله عليه- على الدعارة والعهر، وعندما كبر البنات أرسلهم مع أحد أبناء العاهرة بدرية إلى الرياض، ويدعى "عبد الهادي". فاستأجر لهم شقة مفروشة ليحولوها إلى وكر دعارة، يتصيدون فيها الشباب النجدي. حتى استطاعت إحداهن (حنان) أن توقع شاباً شمّرياً يدعى "أحمد العرجان" في حبائلها، فتزوجته وأصبح يقوّد عليها، أما الأخرى فقد تزوجت من عبد الهادي إبن العاهرة بدرية.
أما فضيلة الشيخ محمد عبده يماني فلم يقصر في تنفيذ الوعد، لقد كان يعرف بدرية جيداً، بكل تفاصيلها وتفاصيل أبنائها، فهم أبناء حارته، وأمهم صديقة زوجته التي هي كريمة فضيلة الشيخ صالح كامل. بل كان كل من محمد عبده يماني وصالح كامل يعرفون العبد إبراهيم دوكي جيداً، يعرفون قصته مع بدرية بحذافير حذافيرها. ومع ذلك سعى اليماني بكل قوته لمنح إبراهيم دوكي الجنسية السعودية!!!!
زوّروا لإبراهيم جميع أوراقه، منحوه اسماً مختلفاً، ومكان ميلاد مختلف، بل وجنسية مختلفة. ثم استغل اليماني طيبة الملك خالد الشديدة، فمرر عليه –بخبث ونذالة- ملف التجنيس الخاص بإبراهيم دوكي، بكل ما فيه من تزوير وتدليس، ليوقّعه الملك خالد –رحمة الله عليه- قبل وفاته بقليل....يتبع

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات