حمامة الحي لا تُرعب
لا اعرف سبب عدم الطرب من حمامة الحي هذه ، وهي لا تختلف عن غيرها من الحمام فيما تصدره من اصوات ، فالصوت واللحن واحد اذا كان من نفس جنس ونوع حمام الحي ، فلماذا اذن لا نطرب على صوت حمامة الحي ونطرب على صوت حمامة من خارج الحي نسمعها لاول مرة بالرغم من عدم تميزنا بين الصوتين ؟!
ان عدم الطرب على صوت حمامة الحي ليس لعيب فيها او في صوتها ، والكن العيب يكمن في اهل الحي انفسهم ، فهم من ادعى التمييز بين صوت واخر من اصوات الحمام التي لا تختلف عن بعضها ، والسبب في هذا التمييز هو كونهم لا يريدون ان يعلو شأن حمامة الحي هذه ، بسبب خوفهم ورعبهم من ان يؤثر علو شأنها عليهم ويسلبهم بعض الامتيازات , وذلك نتيجة الانا وانحدار الوعي الثقافي الاجتماعي نتيجة التفكير الضيق والمحدود وتفشي ثقافة الاقصاء وعدم تفشي ثقافة احترام الرأي الاخر ، بسبب تلك الترسبات فهم لا يولون حمامة الحي اي اهتمام ولا يطربون لصوتها مهما كان في صوتها من روعة قد تأسر المستمع اليه . فيسعون الى انكارها و اظهار العيوب ، ، وذلك من اجل ان لا يلتفت احد اليها ولا الى صوتها حتى لا تظهر معهم في الصورة .
كل هذه المحاولات التي يقوم بها اهل الحي من اجل اثارة الضبابية حول حمامة الحي لا تتعلق بمدى طربية صوتها من عدمه ، ولكن ذلك ناتج عن رعب من داخل انفسهم من علو شأنها وظهورها فتزاحمهم في الصورة ، لذلك يسعون دوما الى تهميش دور حمامة الحي في كل مناسبات الحي حتى تلك التي تعنى بشؤون الحمام بصفة عامة فيسعون الى طمس اسمها قدر الامكان .
كثيرا ما ياتي اهل الحي بحمام اخر من خارج الحي لعقد جلسة طرب على اصواتها بين فترة واخرى ، ولا تمنح حمامة الحي الفرصة للاستماع لصوتها والطرب به حتى وان كان في قرارة انفس اهل الحي الايمان التام بان صوتها اجمل بكثير من الاصوات التي يؤتى بها من خارج الحي . ناسين او متناسين بانه قد يعلو شأنهم اكثر اذا ما قاموا بتبني صوت حمامة الحي ورعايته وتقديمه للناس ، وبذلك يصبحون هم الرابح الاكبر في اول الامر واخره ، ومع ايمان البعض منهم بأن حمامة الحي مكسب للجميع فهم يتبنون فكرة (علي وعلى اعدائي ) فيقبل بالخسارة في مقابل عدم ذكرها بالمرة فضلا عن علو شأنها .
محاولة الاقصاء هذه التي تمارس مع حمامة الحي قد تعكس الامر تماما وتحول البوصلة الى خلاف ما يريدون ، فقد تلفت الانتباه اكثر اليها من اهل الاحياء المجاورة ومن اناس اجانب عنها يسمعونها لاول مرة ، فصوتها الجميل هذا الذي تزين به حياة اهل الحي اليومية ومقابلتهم لها ولصوتها بعدم الاكتراث وبالنكران لهو نقطة حساسة ومهمة تثير اهتمام الواعين من الناس ومن عرف عنهم الانصاف للجميع . وانصاف هؤلاء للحمامة وصوتها قد يجذب انتباه اخرين لها من احياء اخرى ، وتتولد لديهم عدة اسألة حول هذه الحمامة ومدى جمال صوتها : ما شكلها ؟ ما لونها ؟ كيف صوتها ؟ لماذا لا يطرب اليها ابناء حيها ؟ بماذا جذبت الاخرين اليها ؟ و...و...و وغيرها الكثير والكثير من الاسئلة التي قد تثار حول هذه الحمامة ونكران اهل الحي لها . الامر الذي يزيد من شعبيتها وعلو شأنها خارج الحي . لذلك فحمامة الحي التي لاتطرب اهل الحي هنا فإنها تطرب اهل الاحياء الاخرى .
وقد لا يعي اهل الحي بانهم هم الخاسر الاكبر من هذا النكران للحمامة الا بعد فوات الاوان وهجر هذه الحمامة للحي او موتها قهرا من التهميش لها ولصوتها . وبعد فقدانهم لحمامة الحي هذه وكعادة الناكرين عندما يظهر لهم ان محاولاتهم باأت بالفشل ،يتباكون عليها ، ويظهرون الاستعداد لبذل الغالي والنفيس في سبيل استعادتها الى الحي مرة اخرى وقد يتم تكريمها من قبل اهل الحي ولكن ؛ بعد فوات الاوان .
التعليقات (0)