حماس و تكاليف السلطة و المقاومة؟ بكر ابو بكر
لماذا لا تقوم حماس بأي عمل عسكري ؟ ولماذا لا تمتلك حماس خطة نضالية عسكرية؟ ولماذا لا توجع العدو من غزة وهي القاعدة الآمنة-كما تقول- قاعدة الانطلاق للمقاومة كما هو عهد الثورات العالمية؟ سؤال يطرحه الكثيرون ويردده أنصارها قبل خصومها ؟ وكما فعل عبد الباري عطوان مؤخرا، ويستعيدون التصريحات النارية التي هددت بعدم وقف اطلاق الصواريخ حتى الوصول الى حيفا ؟ أو تلك التصريحات الملتهبة التي توعدت بالثأر لمقتل احمد ياسين واسماعيل أبو شنب و عبد العزيز الرنتيسي، ولكنها توعدات (جمع توعد) تبخرت في الهواء كما تبخرت الرصاصات في بنادق (المجاهدين) الذين تحولوا من مقاومة (استشهادية) ثم (صاروخية) الى مقاومة (فمّية) واعلامية ؟ وأكثر من ذلك فلقد انعطفت بما كان يسمى مقاومة الى قتل و تكسير ركب وأرجل أو اعتقال المجاهدين والمقاومين بأوامر صارمة ؟لماذا توقفت حماس عن العمل العسكري بعد أن اتكأ المتكئون على كرسي السلطة و المال والجبروت ويجيبنا العالمون ببواطن الأمور :-ان تكاليف السلطة غير تكاليف المقاومة، وبالتالي فان اختلاف المراحل يعني تغير المواقف وبالتالي تحوّر الأهداف وتبدل الأولويات، لا سيما والتحالفات الجديدة ترسم وتمول وتهدد وتتوعد. -كان هدف حماس الرئيسي أثناء مذبحة العدو ضد شعب غزة (2008-2009) هو الحفاظ على حكمها وعلى رؤوس قادتها لذا لزموا السراديب وتركوا الناس يلقون مصيرهم بلا ثمن جنوه الا القتل والدمار للناس فقط، بينما حاربت فتح في وضح النهار في مخيم جنين عبر قلة مجاهدة صابرة مثابرة لتكبد العدو خسائر فادحة بنفس حجم كل خسائره في غزة. -من السهل ممارسة المقاومة ضد المجاهد الخالد ياسر عرفات عندما كان حيا وكانت حماس تحبط أي تحرك سياسي يقوم به تماما كما تفعل اليوم مع أبي مازن ولكن بالمدفعية الاعلامية و الثقيلة المغلفة بالقداسة ونصر من الله على السلطة لا على العدو المشترك أو المفترض أنه مشترك أو بالعمليات الاستعراضية المحدودة. -ان الخيوط التي مدتها حماس عبر اللقاءات المتكررة العلنية و السرية مع الأميركان و الأوروبيين أثمرت اتفاقا غير مكتوب يتم الاعتراف من خلاله بسلطة الأمر الواقع لحركة حماس في غزة والصمت على حكمها وعدم زعزعته مقابل حفاظهم على الهدوء التام على الجبهة مع العدو والتي دامت حتى الآن 20 شهرا متواصلا منذ مذبحة غزة، وأكثر من 3 سنوات ونصف حسب عبد الباري عطوان، اثبتت فيها حماس صلابة وقسوة ومارست ارهابا وقمعا متصلا في منعها المجاهدين من اطلاق رصاصة واحدة ما شكرت عليه من الأوساط العسكرية الاسرائيلية.-انصرفت حماس لتوطيد حكمها الذي تدعي انه(الهي) فخاضت حروب (ردة) ضد كل المخالفين (الكفرة) في فتح و الجهاد الاسلامي و الشعبية والديمقراطية وآل حلس و آل دغمش وجماعة عبد اللطيف آل موسى في رفح، وفي سبيل ذلك استشهد المئات وقصفت المساجد ودمرت البيوت ونهبت المؤسسات حتى الآن عدا عن امتلاء السجون.-لم تخض أي من قيادات حماس في تاريخها أي مواجهة مباشرة مع العدو، كما كانت جميع عملياتها أو ما تسميه (مقاومة) من وراء جدر (عمليات استشهادية بلا مواجهات، اطلاق صواريخ عن بعد بلا مواجهات، الاختباء في الملاجيء بلا مواحهات… وهكذا)، وليس كفاحا مباشرا كما فعلت فتح والفصائل الأخرى طوال تاريخها، باستثناء مواجهتها الدامية عبر الانقلاب.-لما لم تفد كافة الاتصالات الأجنبية باعتماد حماس محاورا ومفاوضا حصريا كما طلب خالد مشعل كان لابد من تحرك محدود ينطق بصوت عال ليقول نحن هنا وان كان ثمنه في رصيد (نتنياهو) فانه يدعم دور الأكثرية لا الأقلية المفاوضة كما قال مؤخرا محمود الزهار.-ان الهزيمة التي منيت بها حماس أمام العدو الاسرائيلي في غزة ابان المذبحة جعلها تحصن حكمها بالهدوء التام مع العدو (يقول الزهار تعليقا على عملية الخليل سبتمبر 2010 : نريد غزة هادئة لأننا حررناها ؟ما يفهم أنه لن يطلق رصاصة استجابة للاتفاق مع الاسرائيليين و بمعنى غريب عجيب أن القاعدة الآمنة في الثورات لا علاقة لها بالنضال على عكس كل ثورات العالم؟! وان كل من يحس بالهدوء في أي مكان ليس له أن يكافح؟ فلو تحررت الخليل أيضا ليس لها أن تحارب من أجل نابلس وهكذا؟! ناهيك عن رفع العتب عن كل الأمة بهكذا معادلة فاسدة.-تحاول حماس أن تقوض أسس الاستقرار و الصمود وبناء المؤسسات والمقاومة الشعبية بالضفة عبر دعوات خالد مشعل المشبوهة والمتكررة بالثورة على السلطة وعبر محاولات الاغتيال وتكديس السلاح أو الشروع بأي عمل يوطد حكمها في غزة ولتذهب الضفة الى الجحيم.-يأتينا القول الفصل أيضا في التصريحات الأخيرة الواضحة لأحمد يوسف احد قادة «حماس» حيث قال: (لا يمكن للغرب مواصلة عزل قطاع غزة وتجاهل أهم حركة سياسية فلسطينية، وهي «حماس»، التي فازت في الانتخابات، والرهان على رئيس انتهت ولايته وأن يتوقع من حماس ان تصمت) فالعملية في الخليل سياسية بامتياز حيث نحن هنا ومستعدون للتفاوض واعترفوا بنا ولا تتجاهلونا ولسنا دعاة مقاومة أو حرب أو خلافه بل طلاب سلطة ودور ومراكز فقط. ان حماس تخوض لعبة اقليمية أكبر منها أرتضت أن فيها لاعبا صغيرا وأداة، ليس لها فيها الا متطلبات الأداة التي تخضع لأحكام الآخرين من اللاعبين الاقليميين والدوليين وعلى رأسهم الحكم الحالي في ايران الذي يوتر كل المنطقة العربية في صراعات طائفية وعرقية وسياسية وعسكرية، ونظرا لضعف حماس السياسي وانحدار نظرتهم واقتصارها على مصلحة الحزب بالحكم والهدوء والتمتع بثروات الشعب ودفء كرسي السلطة لا مصلحة الشعب أو الوحدة الوطنية أو الأمة، لذا فانها لن تشعل حربا ولن تقوم بعمل عسكري جهادي متواصل ما دام الهدف الوطني مغيبا والاطار القومي مضروبا و الارادة مكسورة والفهم السلطوي الاستبدادي هو الحكم… فلا تتوقعوا منها الكثير.
التعليقات (0)