تاريخ النشر: الاحد 26/9/2010م الساعة 19:53م
كرم الثلجي/ تبدو الأيام القادمة وردية للشعب الفلسطيني الشعب المغلوب على أمره، يشاهد القنوات الفضائية ويستمع للأخبار ويقرأ الصحف مراراً وتكراراً كل صباح ومساء علها تكتب في عناوينها الإخبارية الاتفاق النهائي على توقيع ورقة المصالحة بين فتح وحماس .
إن مجريات الأحداث في دلالاتها البسيطة تؤدي إلى نهاية النفق المظلم الذي عم على الشعب الفلسطيني، نهاية بقرب انتهاء الفرقة بين حركتي فتح وحماس، ومؤشراتها هو ذاك الحراك السياسي الذي يجوب منطقة الشرق الأوسط، بداية من لقاء رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تلاه بعد ذلك زيارة وفد حركة فتح برئاسة عزام الأحمد للقاء برئيس المكتب السياسي خالد مشعل، تزامناً مع زيارة منيب المصري رئيس وفد المصالحة الوطنية إلى غزة، هذه اللقاءات المتتالية لاقت ترحيب واسع من قبل الجمهور الفلسطيني على أمل الانتهاء من الحالة المرضية التي وصل لها الشارع الفلسطيني بعد الانقسام المرير الذي عاني منه.
ولكن الغريب في الأمر أن ما نحلم به ونفكر فيه بهذا الحراك السياسي ليس هو ما تفكر به حركة حماس ، وإنما نجد أن هناك أجندة خاصة لحركة حماس في هذا الحراك يتم تنفيذها على أرض الواقع ولكن بطريقة مختلفة طريقة الدهاء والمكر، وبتتابع الأمور نجد التالي:-
- أن بدء عملية المفاوضات المباشرة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وبين إسرائيل، أعطت زخما اعلامياً بارزاً للموقف الفلسطيني والمتمثل في الرئيس محمود عباس على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ، ولاقت اقبالاً سياسياً واهتماماً بالغاً على الصعيد العربي والإسلامي والدولي، فما كان من حركة حماس إلا تدبير عملية الخليل ليس من أجل المقاومة والجهاد في سبيل الله بل كانت عملية مدبرة من أجل التشويش على عملية المفاوضات برمتها وخلق صراع بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل بالضفة الغربية وتوتير الأوضاع، وأرادت بذلك ارسال رسالة للحراك السياسي الدولي بأن حماس هاهنا لا تتجاهلوها ، ورسالة ثانية للشعوب العربية والإسلامية بأن حركة حماس مازالت حركة مقاومة وتسعى لتحرير فلسطين كل فلسطين ولا تسعى للعبث بالمفاوضات ، ورسالة أخيرة على الصعيد المحلي بأن حماس ما زال ذراعها العسكري يضرب اسرائيل ، ولكن بالمحصلة خسرت حماس شركائها السياسيين الدوليين الذين تعرفت عليهم في الآونة الأخيرة ، وأدينت حماس على مستوى عربي ودولي واقليمي، وعادت حماس وفكرت ما يمكن أن تفعله حتى تزيل الأوساخ عن وجهها العفن فما كان منها إلا أن تتخذ موقف أخر في ظل التزايد الشعبي والدولي للمفاوضات المباشرة رغم تعثرها هنا وهناك.
رب ضارة نافعة اعتقلت السلطات المصرية محمد دبابش المسئول الأمني لدى حركة حماس ليزيد احتقان حركة حماس على القيادة المصرية وتتوتر العلاقات من جديد مع مصر ، ولكن خرجت فكرة جديدة لدى حركة حماس هو الضغط على القيادة المصرية للإفراج عن دبابش مقابل القيام بتسهيلات للتوقيع على ورقة المصالحة المصرية وبعد توافق الآراء وانتهاء التحقيقات مع دبابش ، قامت حماس بمرونة بعض الشيء للقاء وفد حركة فتح ليتم الإفراج عن دباش، ومن ثم تكسب حركة حماس جولة جديدة في تسليط الأضواء عليها من جديد ، لتزيده بريقاً بالمرونة في ملف الجندي الأسير جلعاد شاليط وعودة الوسيط الألماني إلى الساحة التفاوضية وذلك كله ليس من اجل الوصول لأي حل لا بملف المصالحة ولا بملف الجندي شاليط بل من أجل سحب البساط من تحت الرئيس عباس .
حركة حماس وافقت على التسهيل في ملف المصالحة ، وفتح ملف الجندي جلعاد شاليط من أجل شيئين أولاً: الضوء الإعلامي وهو أن تسلط وسائل الإعلام جل اهتمامها على حماس في ملف المصالحة مع فتح وملف الجندي شاليط ، ثانياً: كسب الوقت حيث تراهن حماس على أن عمر هذه المفاوضات قصير جداً كون ان هناك مشكلات مازالت قائمة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل كقضية الاستيطان وغيرها، فبهذا الوقت تكون انتهت أو تعثرت المفاوضات في ظل التزايد الإعلامي على ملف المصالحة والتي تريد إن تخرج حماس به من أزمتها الداخلية المتمثلة في زيادة العملاء بين صفوف حركة حماس من القاعدة إلى الهرم، وحرق وتدمير وإغلاق لبعض الأماكن السياحية لتسويق أماكن سياحتها وزيادة استثماراتها بالسياحة بغزة، والنصب على أصحاب الأراضي في خانيونس التي أمر بها مؤخرا فتحي حماد (اللمبي) وزير الداخلية بمصادرتها وغيرها من القضايا الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، كما تريد أن تخرج حماس أيضا من هذين الملفين بالتوافق مع إسرائيل في حملتها التي ستوجهها ضد الرئيس محمود عباس، حيث بهذا الكسب الإعلامي لدى حماس وإضعاف أهمية المفاوضات لدى الشعب الفلسطيني تكون حماس بمساعدة اسرائيل استطاعت أن تعزل عباس إعلامياً وتتولى هي الانفراد الإعلامي .
لذا فإن حركة حماس تسعى من خلال تفعيل ملف المصالحة وملف شاليط في هذا الوقت بالذات وإن كان للاستهلاك الإعلامي أن يتم تسليط الأضواء عليها بشكل كبير لكسب مساحة اعلامية في وسائل الإعلام المختلفة على حساب المساحة التي تغطيها وسائل الإعلام للمفاوضات الفلسطينية ، وذلك للتقليل من أهمية المفاوضات ومتابعة الجمهور الفلسطيني لها كون أن ملف المصالحة أهم شي للمواطن الفلسطيني فهو يعاني منه بشكل يومي، وتسعى أيضا لكسب الوقت في فشل المفاوضات وتضارب التصريحات الإعلامية حتى يكون متنفس لها في ضرب الجمهور بالقيادة الفلسطينية وخلق المشاكل، ويساعدها في ذلك أن اسرائيل قررت أن تشن حملة اعلامية للتشويه بالرئيس محمود عباس وهذا يتماشى مع مصالح حماس الإعلامية بتركيز الضوء أكثر فأكثر علي ملف شاليط .
لهذا كله سترجع عقارب الساعة إلى الوراء مرة أخري ليتم دفن الحلم الفلسطيني في مقبرة حماس السوداء ، ولن يحلم الشعب الفلسطيني بالوفاق والمصالحة لأن الحلم الذي يتحقق هو الذي تراه وحلم حماس لهذا الشعب أن لا يرى هذا الشعب النور وليكن في سبات عميق .
التعليقات (0)