يا له من حمار طيب، خدوم ، يحب أن يرى كل من حوله سعيداً ، يعيش في أمان في حظيرة الحمير، يحبه جميع سكان الحظيرة ويرون فيه حماراً مثاليا.
لذكائه البارز بين رفقائه من الحميرقرر الحمار الطيب أن يترك حظيرة الحمير وينتقل إلى هناك.. فعلى مقربة من حظيرة الحمير وعلى بعد خطوات داخل الغابة كانت هناك حظيرة أخرى يسكن فيها ثلاث شخصيات بارزة ... الذئب والثعلب والديك الفصيح. مركب من الشخصيات قل أن يجتمع في مكان واحد ولكن جمعتهم الصفات المشتركة وتعاهدوا فيما بينهم أن يعيشوا معاً في سلام، فكل منهم كان متميزاً في قومه ، حتى أن كل حيوانات الغابة كانت تسمي هذه الحظيرة حظيرة المثقفين.
لملم الحمار الطيب أشياءه المتناثرة هنا وهناك وودع رفقاءه من حمير الحظار, وعل باب الحظيرة نصحه كبير الحمير نصيحة، قال له : يا بني إن لم تجد لك هنا صاحب ، فلن تجد صاحباً في أي مكان آخر. أصر الحمار الطيب على موقفه، فهو يرى أن الفرصة هناك أفضل لحياة أكثر رفاهية وتحضراً. وعلى الرغم من توسلات أصحابه من الحمير وعلى الرغم من أن كبير الحمير قد حذره من أنه لو ترك الحظيرة فلن يسمح له بالعودة إليها مرة أخرى، إلا أن الحمار الطيب استمر في طريقه دون أن يلتفت وراءه.
استقبل حيوانات حظيرة المثقفين الحمار بالترحاب والابتسامات المصحوبة بأجمل وأرق العبارات. وعاش الحمار في حظيرة المثقفين أياما هي أسعد أيام حياته، نعم هو الذي يقوم بأعمال الحظيرة كلها من نظافة وإعداد طعام وغيره، إلا أنه يكفيه فخراً وجوده في حظيرة المثقفين، ويكفيه شرفاً أنه أحياناً يشارك سكان الحظيرة في النقاشات الثقافية بكلمة أو بكلمتين يستمع إليها سكان الحظيرة بإنصات بالغ.
وفي يوم من الأيام أتت دعوة من الأسد ملك الغابة ، يدعو فيها ثلاثة من سكان حظيرة المثقفين للإقامة أسبوعاً كاملاً في عرينه الذي يبعد عن حظيرتهم عدة أميال، يتمتعون في هذه الفترة بكل أنواع المتع من طعام فاخر وشراب لذيذ والعديد من وسائل الترفيه، وذلك تكريما لهم على تميزهم.
أخذ كل واحد من سكان الحظيرة يعد نفسه للرحلة ويجهز ما سيقوم به، فقال الذئب سأحضر لكم الطعام الذي يكفيكم طوال الطريق، وقال الثعلب : وأنا سأجني لكم بعض الفاكهة للاسمتاع بها في طريقنا الطويل، وقال الديك: وأنا أحفظ العديد من الحكايات المسلية التي ستشغلنا عن طول المسافة، وقال الحمار الطيب: أما أنا فسأحملكم فوق ظهري ولن تشعروا بأي تعب.
عندما أنهى الحمار الطيب كلمته توجه سكان الحظيرة له بالكلام، فقال الثعلب: أيها الحمار الطيب، سنكون في منتهى الأنانية حينما نكلفك حملنا كل هذه المسافة الطويلة، ظهرك سيؤلمك، وقدماك لن تتحملا ذلك. وقال الذئب: كما أننا لا نأمن عليك من حيوانات الغابة المفترسة، فربما اتخذوها فرصة لاصطيادك، وقال الديك: صديقي الحمار، أنت حمار ذو أخلاق عالية ، ومثل هذه الاحتفالات يكون فيها رقص وغناء وغير ذلك، هذا سيؤثر على أخلاقك، ونحن لن نجد حيواناً نستأمنه على حراسة المنزل حتى نعود أفضل منك. فما رأيك في أن تبقى هنا لحين عودتنا وسنأتي لك بقصص وحكايات طريفة عن هذا الأسبوع الذي سنقضيه هناك؟
كاد قلب الحمار أن يتوقف من شدة الفرح، فأخيراً وجد الأصدقاء الحقيقيين الذين يخافون عليه ويحبونه ولا يريدون تعبه. فقرر أن يبقى ليحرس المنزل لحين عودتهم.
بعد أيام وفي الموعد المنتظر لعودة سكان حظيرة المثقفين أراد الحمار الطيب أن يعد لأصدقائه مفاجأة. أعد مائدة عليها ألذ المأكولات بعد أن قام بتنظيف البيت وجعله على أحسن صورة. ثم اختبأ في أحد أركان الحظيرة ليفاجئ أصحابه عند عودتهم. دخل الثلاثة يضحكون دون أن يشعروا بوجود الحمار الطيب، تساءل أحدهم : ترى أين ذهب هذا الحمار الغبي؟. فأجابه الثاني : لابد أنه ذهب لينعم بالنهيق هنا أو هناك. فقال الثالث: الأحمق كان يعتقد أن بإمكانه الذهاب وتلبية الدعوة، كيف يمكن له ذلك والدعوة لثلاثة حيوانات فقط؟ هل كان يظن أن أحدنا سيفوت فرصة مثل هذه من أجله؟.
وقعت الكلمات على قلب الحمار كالصاعقة، هل هؤلاء هم أصدقاؤه المخلصون الذين باع أهله من أجلهم وهو في نظرهم لا يساوي متعة أسبوع، هل هذا هو تحضرهم وتميزهم، ولكن لماذا؟ لماذا لم يبادلوه حباً بحب ووفاء بوفاء؟ حيره هذا السؤال طويلاُ ولكن فجأة عرف السبب. السبب ببساطة .. لأنه ...... حمار.
شعر عندها بالندم، فقد كان من الأفضل له أن يعيش حماراً مثالياً في حظيرة الحمير من أن يكون حماراً غبياً في حظيرة المثقفين.
التعليقات (0)