خرجت ذات يوم بعد انتهاء الدوام ، في عز ( صنقريرة القايله ) متجها إلى السوبرماركت وعند المدخل الرئيسي ، وجدت عائلة من المتسولين ، تستظل بظل السوبرماركت ، أم وثلاث أطفال ، أصغرهم في حجرها تهزه ، وقد غط في سبات عميق ، وصبي وصبيه ، قد تكانفوا أمهم عن اليمين والشمال ، وقد بدا على وجوهم التعرق ، والجميع قد اسندوا ظهورهم إلى الجزء الثابت من الباب الزجاجي للسوبرماركت ، لعله يخفف من حرارة الجو ، ويصلهم من هواء التكييف شي قليل مع فتح الباب وانغلاقه ، وأيضا ليس هناك مكان أفضل من ذلك ، للفت نظر المتسوقين ، واستدرار عطفهم فيكفيها هز الرضيع في حجرها ، وهو لا يعلم ما يفعل به ، وبماذا يستغل من قبل هذه الأم الظالمة ، فتعجبت من حالهم ومئالهم ، إذ كيف يصبرون على هذه الحرارة والرطوبة ، حتى لو كانوا في ظل ، فهو ظل لا يقيهم الحر والرطوبة ، ولكنه الطمع وحب المال الذي جعلهم يرخصون أنفسهم ويستغلون صغارهم ، تجاوزت هذه العائلة المنكوبة ، وأنا أحسبل أحوقل ، ونفسي على رأس خشمي ، من شدة الحر والرطوبة ، أخذت أدفع عربتي بين أصناف وممرات السوبرماركت ، وبعد أن عاد جسمي إلى وضعه الطبيعي ، وأحسست ببرودة المكان ، وزانت الأخلاق شوي ، وكأني شربت ( تانك ) سفن أب ، استرجعت منظر تلك العائلة ، وهزني منظر هؤلاء الأطفال ، فقررت أن افعل ما بوسعي ، لأجعل الأم تغادر هذا المكان ، اقله لحماية هولا الصغار من الحر والرطوبة ، ومن التصاق أجسادهم الشبه عارية بالزجاج البارد ، عزمت على نهرها وبحثت في قاموسي عن أقوى الألفاظ وأشنعها ، والتي اعتقد أنها إذا سمعتها ، ستحمل أطفالها في ذيلها ، و (تحط رجلها ) ولا تعود على الأقل إلا إذا ( برد ) الجو ، ولكني تذكرت قوله تعالى ( وأما السائل فلا تنهر ) فعدلت عن ( الهواش ) ، وبعد ثواني التفكير ، قلت لماذا لا أجرب تحريك عاطفتها وحنانها وأمومتها تجاه هولا الصغار ، ورجعت إلى قاموسي للبحث عن كلمات ، وإذا بقريني من قهره يصيح في أذني ،.... ( وين رايح يابو الشباب .... قفل قاموسك ... ) بالله عليك لو عندها ذرة امومه ، أو في تركيبتها مسمى حنان وعاطفة ، كان استغلت أطفالها بالطريقة هذي ، قلت إذن هي بلا قلب ، ( ما بدهاش ) ينزع الله بالسلطان مالا ينزع بالقران ، اتخذت هذا القرار و ( شديت حيلي ) ، ودفعت عربتي إلى ( الكاشير ) ثم (رززت ) نفسي وأنا أحدثها ، سأجعلها ترحل بسطوة القانون، قطبت حاجبي ، واكفهريت بوجهي ، حتى يخيل إلى أنني سأنفث من انفي نارا تحرقها بقوة القانون ، وأنا على يقين أنني فالنهاية سأرحم هؤلاء الصغار من هذه الظالمة ، واجعلها ترحل ولا تعود فلا احد تحت القانون ، توجهت إليها وأنا احمل مشترياتي بكلتا يدي ، وكلي انفه وشموخ فسأردعها بإسم القانون ، وقد كتمت بداخلي ضحكة ، وأنا أتخيل منظرها ، وهي تلملم ( قرنشعها ) وتسحب صغارها ، وترجوني بأقوى عبارات الاسترحام والاستجداء ، ألا أنفد تهديدي ، وقفت بجوارها ونظرت إليها ، وقلت بكل ثقة وقوة ( إذا ما مشيتي الآن ....ابتصل عل مكافحة التسول .... يشيلونك ويفكون الصغار من شرك ) أحسست بنشوة النصر، وأنا أراها تخفض رأسها ، وقد ( كسرت ) عينها ، توجهت إلى سيارتي ، وكلي زهو وفخر ، وأنا في نشوة النصر ، سمعت صوتا جهوريا من خلفي ( أقول رح لبيتك لا تجيك حمارة القايلة ) .. وقفت منبهرا ومتعجبا ( حمارة القايلة ) قلت في نفسي ( والله مدري منهي حمارة القايلة ) عدت اليها واقتربت اكثر هذه المرة ، وانحنيت كاني سأعطيها شيئا ، مصطنعاً ابتسامة خفيفة ، وانا احاول أن أحافظ على هدوئي ، حفاظا على شكلي أمام المتسوقين ،قلت لها بصوت مكتوم ( شايفتي ورع تخوفيني بهالخرابيط ، أصلا حتى الورعان معاد يخافون منها ) ردت بثقة وشموخ وقوة وأنفة وكل ما يطري على بالك من عبارات الثقة ( وآنت تخوفني بالمكافحة ، هذي معاد تخوف ) أصابني ردها بذهول ، وكأنها تقول (( اصح يا نايم )) ، هززت راسي ومططت ( بوزي ) مقتنعا بوجهة نظرها ، أعطيتها ظهري وتوجهت إلى سيارتي وأنا اردد صح ( كلهم معاد يخوفون ، كلهم خرافات ) ..
التعليقات (0)