كانت قضية حل البرلمان إحدى أولويات بعض المترشحين لرئاسيات 2009، لأنهم يرون أنه "فاقد للشرعية الشعبية"، فهو "غير تمثيلي" وأغلبية الشعب لم تنتخبه ثم أن أصبح أداة لرفع الأيدي ليزكي مختلف مشاريع القوانين التي تعرض عليه بدون أي نقاش. لكن مع الأمر الواقع الذي فرضه فوز عبد العزيز بوتفليقة بعهدة ثالثة، خفّ الحديث قليلا دون أن يختفي تماما، فهل يقدم بوتفليقة على حل البرلمان؟، السيناتور السابق الذي استقال من مجلس الأمة في أجواء أحداث الربيع البربري سنة 2001، يستبعد في حديثه لـ"الجزائر نيوز" هذه الفرضية، لأن البرلمان الحال المشكّل في أغلبيته المطلقة من التحالف الرئاسي الذي لم يعارض الرئيس، فما الداعي لحله إذن؟.
وبخصوص حل البرلمان في تاريخ الجزائر المعاصرة، فإن مناسبات الدعوة إلى ذلك أكبر بكثير من مناسبات حله فعلا، وقد تم ذلك في حالات استثنائية. فأول برلمان بعد الاستقلال المنبثق عن دستور 1963 وهو "المجلس التأسيسي" الذي رأسه أولا فرحات عباس قبل استقالته، تم حله بعد انقلاب 19 جوان الذي علّق العمل بالدستور، وفرض حالة الطوارئ وبقي العقيد هواري بومدين يحكم بواسطة "مجلس الثورة" إلى غاية 1977 مع بعد فرضه دستوره الخاص (دستور 1976)، وبقي البرلمان الأحادي الحزب برئاسة الراحل رابح بيطاط الذي استقال سنة 1990، أحد ثوابت سلطة الشاذلي بن جديد وأعيد انتخابه بتغيير بعض الوجوه في مناسبتين، سنة 1982، وسنة 1987، وكان يفترض أن تنتهي عهدة البرلمان الأخير بعد صدور نتائج الدور الثاني من الانتخابات التشريعية في 16 جانفي 1992، لكن وفي يوم 11 جانفي 1992 يقول الشاذلي بن جديد في نص استقالته المثيرة للجدل (البعض يقول بأنها إقالة)، أنه نفذّ قرار حل البرلمان يوم 5 جانفي من نفس الشهر، مع تأكيد رئيس البرلمان حينها عبد العزيز بلخادم أنه لم يتلق أي علم بذلك، وفي الوقت الذي كان "نواب الجبهة الإسلامية للإنقاذ" التي حلت بعد ذلك ينتظرون الدور الثاني لدخول مبنى البرلمان، تلغى النتائج ويحتجز الكثير منهم في معتقلات الصحراء، وانتظر رئيس المجلس الأعلى للدولة وقتا طويلا ليقوم بتعيين برلمان غير منتخب سماه "المجلس الاستشاري" كان مكونا من ستين شخصا، وسرعان ما تم استبدال ذلك البرلمان "غير المنتخب" بآخر غير منتخب (المجلس الانتقالي) الذي كان أكثر عددا لتنتهي مهمة أعضائه مع دستور اليامين زروال سنة 1996، الذي وضع غرفتين للبرلمان ومازال الوضع على ذلك الحال، حتى بعد تعديل الدستور الذي تم في 12 نوفمبر 2008.
والبرلمان الجزائري الذي كرّس بمختلف صيغه، قضية تبعية السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية، بقي أحد ثوابت الأنظمة المتعاقبة، وتبقى مناسبات حله بمثابة استثناءات تؤكد تلك القاعدة.
الخير شوار
التعليقات (0)