مواضيع اليوم

حلم هارب

soso-n nafee

2009-05-06 10:08:11

0

 

 

 

حلم هارب

 

ماذا ستفعل إذا وجدت نفسك ذات يوم تعاني نضوباً ذهنياً وخواء روحياً؟ لا أعرف كيف ستجيء اللحظة الطفرة لتكتشف ذلك ولا متى، لكن ما أعرفه جيداً أن كل منا يعيش مثل تلك المعاناة أغلب الأحيان. قد لا يشعر بمدى إهماله لها حتى يبدو وكأنها ما عادت موجودة إلى أن تهب رياح تقلق أو تضعضع ثقته بما يعرف أو بأسلوب عيشه فيفاجأ بها تطالبه بتحقيقها.

قل من الاعتياد .. قل من أوضاع كثيرة مقلوبة نعيشها رغم أنوفنا ..  قل كل ما يخطر لك على بال .. فكل ذلك صحيح وأصدقه ، إلا أن تقول إنك لا تعاني ومختلف عن الآخرين.

قد يأتي الاكتشاف بعد استفحال اللامبالاة حين تفاجأ بعدم قدرتك على التفاعل مع هذا الشيء الذي يحرك ذهنك ويدفعك للتساؤل.

كيف تستطيع التخلص من هذا التأرجح بين اليأس من رضوخك الطويل وقبول سياسة الأمر الواقع الذي هو ضد الحياة بكل تفاصيلها، وبين الحنين لأن تكون إنساناً لا يعذبه التناقض بين ما يريده وما يستطيعه، وعن كيفية التغلب على شعورك بأنك محصور بنفق ضيق لا تستطيع الخروج منه ولا قادر على الرضى والقبول كعهدك بنفسك.

يخطىء من يحسن الظن بنفسه بأنه أقوى من كل تقلبات الأيام. وبأنه أقوى منها إن أقبلت عليه وأقوى منها إن أدارت له ظهرها ..

أقوى من تقلبات مشاعره، وأقوى من تقلبات الآخرين.

يخطىء أيضاً من يحسن الظن بالأيام ذاتها، فيخدع بابتسامة تبدو كأنها وعد بالمهادنة، لا يقدّر أنها ليست إلا لحظات استرخاء تمتص فيها غضبنا، أو أي احتجاج قد يؤدي بنا للتحرك أو يوهم أننا في طريقنا إلى الصحو. تعود بعدها لتكبيلنا من جديد في قوالبها الجامدة.

إن كل ما أنت بحاجة إليه هو لحظات صدق مع النفس، وكلما كانت تلك  اللحظات صادقة وعميقة تركت أثراً أكبر يجعلها تدوم أطول وتكون أقدر تتفتق الأذهان عن فكرة تحلق بها الروح.

في هذا المقام تحس كأنك في حالة فوضى واضطراب، تجتاحك رغبة قوية وعنيفة بتحقيق ما ومض في الفكر وما تحمست له الروح فلا تقدر على شيء من هذا.

والإحباط لا ينهي المشكلة وما تحمست له الروح ايضا بل يزيدها تعقيداً .

حين تناقش نفسك، بعفوية وهدوء، ستجد أن هناك بعض أمل. لأن ورود مثل ذلك الاحتياج للذهن يعني أنه موجود مثل الروح ولكنه فاقد لياقته. بصورة أبسط أن ما أصابه شيء ما يشبه الذبول ولكن لم يمت يلوح خياران أمامك: إما أن تستدرك الأمور فتقود نفسك بنفسك إلى حيث يتغذى الذهن لينتعش والى ما يسمو بالروح لتعلو، أو ترضى بهذا الفراغ المروع الكثير الضجيج والتساؤل.

الاكتشاف المذهل حقاً، الذي هو قاسم مشترك بين الجميع، أن لا أحد راض البتة عما هو فيه، عن كل ما عمله أو قاله. يكتشف أن أمامه الكثير ليحقق معنى وجوده. هذا الكثير بات بنوداً تحمل أرقاما متسلسلة في جدول الأهميات، وقد كانت أمنيات وأحلاماً وآمالاً وئدت بطريقة أو بأخرى.

وأسوأ من كل ذلك، أن يكتشف كم أصبح حذراً، كأنه أحد حدي معادلة يخشى أي تغير ان يخل بنسبها وبالتالي بنتائجها. يكتشف أن استسلامه للروتين أدى إلى قتل حيويته ونشاطه وقضى على أحلامه وأنه ألغى روح الطموح والتطلع التي يعبر منها كل جديد وفريد. وحصر نفسه داخل قوالب واهية كأنها قدره.

توهج الذهن وتوقد الفكر وإشراقة الروح احتياج طبيعي للإنسان. يتمكن من خلالها رؤية الحياة كما هي وليس كما يريد أن يراها أو كما يراد له أن يراها. لا شك أنها دار تعب وشقاء. فليرى كل ذلك بوضوح ويستعد لرؤية الغبار المثار من حركتي مدها وجزرها. خيرها وشرها، فلا الخير مطلق ولا الشر مطلق، والوضع الطبيعي أن يكون مع وضد وإلا وقع في سذاجة تبسيط حركتهما الدائبة من أجل أن تستمر الحياة وترتقي الحقيقة ويثبت الإنسان في كل وقت عن جدارة أنه الماضي والحاضر والغد.

لا شك أن أنماط البشر أكثر من أن تحمى، وتغيراتهم أسرع وأكثر من أن تحد. فسواء تلك الفئة الواثقة بأنها ما جاءت إلى الدنيا إلا لكي تختلف مع كل ما فيها وأنها قادرة على فرض رؤاها وإرادتها، أو تلك التي كرست هاماتها للانحناء مع كل هبة ريح، أو أولئك الذين رضوا بالتهميش، كل هؤلاء مدعوون إلى لحظة صدق وتفكر ليكتشفوا كم هم متواطئون مع الحياة ضد أنفسهم. كم مرة أفلتت من أيديهم فرص ليكونوا أفضل. لو أنهم توقفوا وتساءلوا عن كيفية استئناف المسير، لو أدركوا أن الهدف دائم التجدد نتيجة الظروف، بتغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو تغيرات أخرى هامة في حياتهم.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !