هناك حقيقة لا يتناطح حولها كبشان وهي أننا كمجتمع لسنا بمنزهين عن الوقوع في براثين الفساد بكافة أشكاله وبمختلف تلاوينه وعلى كافة مستوياتنا المجتمعية، أفرادا ومؤسسات وشخصيات عامة وذاتية، فالكل يمارس لعبة الفساد بقصد أو بدون قصد ومن حيث يدري أو من حيث لا يدري وبنسب متفاوتة ، إنها حقيقة قائمة أراد من أراد وكره من كره. فالفساد أضحى عندنا داء خبيث ندعو الله أن يشفي ممارسيه.
لكن عندما يمس الفساد الشـأن العام ويمارس من قبل مؤسسات وشخصيات عامة وقيّمين على الأمور فسيكون الأمر مختلفا .
حديثي اليوم لن يكون عن قضية فساد أو حتى شبهة فساد هنا أو هناك، وإنما أرغب في إشراككم في ثلة من أفكار تنشيطية وتحفيزية تشغل بال الكثير من الزملاء الصحفيين والمدونين الذين آمنوا بدورهم أو ربما يفكرون في أن يكونوا جزءا أصيلا ورقيبا أساسيا إلى جانب عدد من المؤسسات الوطنية التي تسهر على موضوع الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد كشف الفاسدين والمفسدين .
وهنا يبرز مباشرة وبدون أي تردد التساؤل التالي : لماذا لا يكون الصحفي أو المدون المهني سندا وقصاص أثر لمكافحة الفساد حيث تتابع الأخيرة الأخبار والقصص المنشورة في الصحف اليومية والمدونات والمواقع الإخبارية، بصورة منظمة، بغية الاسترشاد بها في كشف قضايا الفساد وكشف الفاسدين والمفسدين. طبعا إستنادا على حقائق موثوقة ليس اختلاق نوازل كيدية أو لي عنق الحقيقة لغرض في نفس يعقوب.
المسألة سهلة ولا تحتاج إلى نباهة أو تسجيل براءة اختراع، فتشكيل فرق أو خلايا بحث ترصد المعلومات الواردة في الصحف، واستيفاء تلك المعلومات بشكل كامل، هذا من شأنه أن يؤدي إلى تكامل الكل من خلال تواصل المؤسسات المهمة في مكافحة الفساد والشفافية مع الصحفيين لمعرفة كافة التفاصيل وصولا إلى التعامل مع المعلومات الصحيحة.
لماذا لا نتفق على خارطة طريق واضحة الرؤية لفضح “المفسدين” بعد التبين وتهدف إلى ترسيخ دور المدون أو الصحفي في ممارسة دور في مناهضة الفساد على الصعيد المحلي والجهوي. أيضا من ملامح خارطة طريق المدونين والصحفيين المناهضين للفساد اعتمادها بناء مجموعات تدوينية الكترونية مهنية على مختلف الشبكات الاجتماعية لأهمية التدوين وإعلام المواطن بمضامين جديدة مهنية ومعلومة دقيقة لا تحتمل الشك أو النكران.
بصراحة أكثر لست مع من يطلق العنان لصفحة “فيسبوكية” تمارس توجيه تهمة الفساد إلى إحدى المؤسسات الحكومية أو إحدى الشخصيات حيث يتم نشر أوراق ولا أسميها وثائق تدعي “فساد” كون من يتصدر هذه الصفحات الفيسبوكية لم يتأكد منها أو يضعها تحت المجهر قبل تمريرها للرأي العام. علما أن البينة على من أدعى .
اليوم بات من الضروري إن يصار إلى تشكيل إطار صحفي أو شبكة من الصحفيين على الصعيد المحلي والجهوي بغرض أن يكونوا شركاء فاعلين في مكافحة الفساد والتصدي إليه وتعزيز الحكم الرشيد والحكامة في تدبير الشأن العام وممارسة ذلك بطريقة مهنية ومنظمة.
إن شبكة محلية وجهوية "صحفيون لمناهضة الفساد وكشف المفسدين" من شأنه إن يكون طرفا وشريكا في مناهضة الفساد وتحالف طوعي يقف على رأسه صحفيين ومدونين وكتاب وحقوقيين وأكاديميين واقتصاديين من المنظقة، وكل هذا يدور في حلقة جهود وأداء هيئة مكافحة الفساد ومؤسسات المجتمع المدني المناهضة للفساد وصولا إلى المواطنين . ولن يفوت على هذه الشبكة أهمية التنسيق والتواصل الدائم مع المؤسسات الرسمية المعنية بمكافحة الفساد وسلطات الدولة التشريعية والقضائية.
وما من شك أن المسؤولية الملقاة على المدونين والصحفيين المحلين كبيرة، وما من شك أكثر أن المعالجات الصحفية الدقيقة والمهنية هي السبيل الكفيل لمناهضة الفساد وكشف الفاسدين والمفسدين على الصعيد المحلي والجهوي.
ونحتاج كمدونين وصحفيين إلى دعم أكثر من المواطن للقضاء على المصاعب التي تمنع من نقل المعلومات بصورة مهنية.
ومربط الفرس من هذه المبادرة -التي أتمنى صادقا أن ترى النور بفضل الإعلاميين المحليين – هو المساهمة في زيادة مساحة الشفافية والمساءلة التي مازالت ضيقة جدا بجهتنا ولا تكاد تبين. وكذلك – وبصفة مكملة أو موازية- إن الشبكة المذكورة عليها الانخراط بقوة في حركية النضال من أجل الوصول بشكل كامل إلى مصادر المعلومات من أجل المصلحة العامة على الصعيد المحلي والجهوي. إن هذه الخطوة من شأنها أن تكون عاملاً محفزا ومساندا لازدهار ثقافة التدوين المحلي وحينها ولادة جيل من المدونين والصحفيين المهنيين المحليين والملتزمين في مكافحة ومناهضة الفساد وكشف الفاسدين والمفسدين المحليين والجهويين.
التعليقات (0)