مواضيع اليوم

حلف الناتو والعالم الإسلامي

ممدوح الشيخ

2009-11-11 14:34:51

0

حلف الناتو والعالم الإسلامي

بعد عضوية تركيا وألبانيا وترشيح أذربيجان:
لماذا يحذر عمرو موسى من عواقب خطيرة لمشاركة إسرائيل في عمليات الناتو؟

17 دولة مسلمة ترتبط بالحلف "على نحو ما"!
تجربة تركيا مع الناتو والاتحاد الأوروبي تؤكد أن الحلف أكثر تعددية من الاتحاد!

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

تصريحات ملفتة تلك التي صدرت عن أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى بشأن مشاركة إسرائيل في عمليات حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط، موسى قال إن هذه المشاركة نوع من التعامل العسكري في محاولة لحصار قضية الشرق الأوسط وحصار فرص السلام والقضاء على أي جو مناسب للتقدم فيه. جاء ذلك رداً على سؤال حول مطالبة إسرائيل قوات حلف الأطلسي بالمشاركة في عملياتها في البحر المتوسط ومدى تأثيره على الدول العربية. وقال موسى: إننا تابعنا هذا الطلب ونرجو أن يكون هناك وعي كامل بخطورة مثل هذه الطلب في إطار نزاع قائم وفي إطار تعنت إسرائيلي واضح وفي إطار مبالغة في الحديث عن الأمن الإسرائيلي. وهذا لا يجب أن يكون على حساب الأمن في البحر المتوسط وإلا سيؤدي إلى ردود فعل خطيرة جداً.
الطلب الإسرائيلي والتحذير العربي كلاهما جاءا في ظرف شديد الحساسية بالنسبة لمساعي التسوية، وبعد إجهاض مطالبة سابقة قبل سنوات بقيام حلف الناتو بدور عسكري من خلال وجود عسكري في غزة، وهو ما يعني أن تمدد الحلف جنوبا هدف يبحث أصحابه عن فرصة مناسبة. فقد بدأ الحلف توسعه جنوبا عام 2006 بتوقيع اتفاقات تعاون مع عدد من دول المنطقة، وفي سياق هذا التمدد أنشأ الحلف القيادة الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" .
وقد نجح هذا الاندفاع حتى الآن في إنشاء شبكة من ترتيبات "الشراكة" مع الناتو تمتد من موريتانيا ومضيق جبل طارق غربا إلى الخليج العربي شرقا. والحلف اليوم يتوسع بهدوء توسعا مضطردا ويحرز تقدما بعد أن أمن وجودا علنيا قويا في تركيا، وهي عضو في الحلف، وفي أفغانستان، حيث له قوة عسكرية قوامها 25000 رجل، وإلى درجة أقل في العراق حيث يقوم بمهام تدريب "الجيش العراقي الجديد". ولم يعد الناتو يجد في طريق توسعه عربيا أية عوائق دولية جادة بعد التغيير النوعي الذي طرأ على الموقف الفرنسي من الناتو ومن أميركا معا وهو ما تعزز بفوز نيكولا ساركوزي بالرئاسة الفرنسية وفق برنامج سياسي يقوم على "الصداقة" الإستراتيجية مع الولايات المتحدة وعلى إعادة فرنسا للمشاركة في الهياكل العسكرية للحلف.
ونجاح الناتو في توسعه الإقليمي منحه من ناحية أخرى ثقة في لعب دور في عملية السلام العربية الإسرائيلية، حسبما أشار أمينه العام أمام مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ عام 2005، وأضاف: "يوجد إجماع متنام بين أوروبا وأميركا الشمالية على وجوب بناء روابط جديدة أقوى مع هذه المنطقة التي لها مثل هذه الأهمية الإستراتيجية. وهناك إجماع أيضا على أن الناتو يستطيع وينبغي عليه أن يلعب دوره فيها".
وإذا كان القانون الأساسي للحلف يحصر توسعه في القارة الأوروبية ومنطقة شمال الأطلسي فإن الناتو قد ابتدع صيغا سياسية للتوسع جنوبا في اتجاه العالمين العربي والإسلامي. ففي سبعينات القرن العشرين بادرت القوى الأوروبية المؤسسة للحلف إلى "الحوار العربي الأوروبي" مع الحرص على عدم ربط الحوار بحلف الناتو. وقد تفرعت عن هذا الحوار الآن "الشراكة المتوسطية" بين أوروبا ومجموعة دول عربية. وفي العام 1996 قرر الرئيس الأميركي آنذاك إبلاغ الكونغرس عزمه إعلان الأردن "حليفا رئيسا غير عضو في الناتو" لأميركا في خطوة تظهر مدى التداخل بين العلاقات العربية الإستراتيجية مع واشنطن كعمود فقري لحلف شمال الأطلسي وبين العلاقات العربية غير المباشرة المترتبة على ذلك مع الناتو.
وشكلت الضربة الجوية التي قام بها حلف الناتو ضد نظام ميلوسيفيتش في يوغوسلافيا عام 1998 منعطفا مهما في تاريخ العلاقة بين الحلف والعالم الإسلامي فلأول مرة يقوم الحلف بعمل عسكري هدفه حماية أقلية مسلمة في مواجهة الإبادة، وهي عملية لم تتم ضد دولة خارج التشكيل الحضاري الغربي بل في قلب أوربا، ما جعل صورة الحلف أفضل في العالم الإسلامي، وبخاصة بين مسلمي البلقان.
وفي مرحلة تالية طور الناتو حواره مع البلدان المتوسطية إلى صيغ عملية للتعاون مع الحلف ضمن ترتيبات تعاون تضم عدة دول عربية كالأردن والجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وغيرها. وفي قمة الحلف التي انعقدت في إستانبول بتركيا عام 2004 تم رفع مستوى هذا التعاون إلى علاقة شراكة وأطلق الحلف لهذا الغرض "مبادرة استانبول للتعاون" (آي سي آي) التي انبثقت عنها "برامج التعاون الفردي" لكل دولة على حدة مع الناتو ، وقد منحت مبادرة استانبول أولوية الانضمام إليها إلى دول مجلس التعاون الخليجي العربية.
في سنة 2005 عكست دراسة للمعهد الدنماركي للدراسات الدولية (دي آي آي أس) الشكوك العربية في دور الناتو الإقليمي وقد لاحظ المعهد أن "الناتو يعيد الآن تدريجيا توجيه إستراتيجيته من أوروبا الشرقية والوسطى إلى الشرق الأوسط" وقالت الدراسة إن هذا التوجه للناتو سيكون "صعبا للغاية" بسبب وجود عقبات عميقة الجذور تحول دون بناء شراكة أصيلة.
والجديد في دور الحلف أن التجربة أثبتت التجربة أنه تجاوز دوره التقليدي كتجمع عسكري ليكون أقرب إلى ساحة اختبار لتحالفات مستقبلية، وبينها تحالف إسلامي غربي محتمل، والآن تنتقل التجربة من الناتو إلى الإدارة الأميركية ومؤسستها الدبلوماسية. فالحلف الذي تأسس في إبريل 1949 لمواجهة الخطر السوفييتي انضمت إليه تركيا كأول دولة مسلمة عام 1952 ولم يكن ينظر لهذا الانضمام كتجربة قابلة للتكرار بل كاستثناء.
وقبل أن يبلغ الحلف عامه الستين كانت قد انضمت إليه ـ في صمت ـ دولة مسلمة أخرى هي ألبانيا التي انضمت للحلف في إبريل 2008. وإذا كانت الدلالات السياسية (التكتيكية) المباشرة لانضمام ألبانيا للناتو مما يمكن الخلاف حوله فإن الدلالات غير المباشرة (الاستراتيجية) ربما تكون مما لا خلاف عليه، فهذه الدولة الصغيرة أول موطئ قدم أميركي في البلقان الذي كان لعقود منطقة نفوذ سوفييتي وفي مرحلة تالية جزءاً رئيساً من التشكيل الحضاري السلافي الأرثوذكسي الممتد حتى موسكو والمعادي سياسة وثقافة لكل ما هو أميركي.
وقد شهد العام 1952 أول انفتاح لأبواب الحلف أمام دولة مسلمة هي تركيا، وبالتالي لم يعد كما يتوهم البعض "نادياً مسيحياً" مغلقاً وهي الفكرة التي سيطرت فيما بعد على بعض القوى المؤثرة أوروبياً فرفعتها شعاراً لتيار يرفض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. ورغم الصعود الهائل لخطاب معاداة أميركا في الكثير من دول العالم الإسلامي فإن هناك أكثر من 17 دولة مسلمة لها صورة من صور الشراكة مع حلف الناتو. وهو تناقض بين "المشاعر" الحادة ضد هذه القوة العظمى و"القناعة" الواضحة بالحاجة.
وإذا كان حلف الناتو قد سبق الإدارة الأميركية في بناء جسور مع العالم الإسلامي فإن هذا قد يعني أنه رأس حربة عسكرية سياسية في آن واحد، ومع كثرة ما يكتب عن الصراع الحتمي بين أميركا والعالم الإسلامي في عالم الأفكار فإن ما يجري في عالم المصالح كان يؤكد أن التلاقي ليس مستحيلاً.
وخطاب أوباما للعالم الإسلامي في جامعة القاهرة مؤخراً، هو من ناحية التوجه العام امتداد لاستراتيجية الحلف الذي نجح في جمع دول غربية من شاطئي الأطلسي ودول أخرى من شرق أوروبا، إلى جانب الدولتين اللتين تقودان مشروع الاتحاد الأوروبي (ألمانيا وفرنسا)، وهو أكد مؤخراً "تعدديته" عبر ضم دولة مسلمة أوروبية هي ألبانيا.
بل إن الدولة الأقرب للانضمام للحلف الآن هي دولة مسلمة "أذربيجان" فقد أكد مؤتمر دولي عقد في عاصمتها (باكو) بعنوان "دور القوات المسلحة والأمنية في تعاون حلف شمال الأطلسي وأذربيجان" أن أذربيجان ستواصل التعاون مع الحلف وستمضي قدما على طريق الاندماج في المجال الأوراطلسي. كما أن وثيقة أمن أذربيجان القومي تعلق أهمية إستراتيجية على التعاون مع الناتو. وهي تنفذ بنجاح خطة أعمال الشراكة الفردية مع الناتو وتقوم بتهيئة قواتها المسلحة لتتماشى مع معايير الناتو.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !