مواضيع اليوم

حلب .. يااااا حلبي ...

يوسف رشيد

2014-07-19 19:30:53

0

 سكنتُ فيها وأنا في الثالثة من عمري .. فسكنتـْني ولم تبرح ..

عاشت فيَّ ، وعشتُ فيها بكل جوارحي ، فملأتْ عليّ كياني ..

تعلمتُ فيها كلَّ مراحل دراستي ..

وفي أحيائها وأزقتها وشوارعها وحدائقها وجوامعها وكنائسها وأسواقها ودوائرها ومكاتبها تعلمتُ ما لم أحصل عليه في مدارسها وجامعتها ومراكزها الثقافية والسياسية والاجتماعية ..

وفي بيوتاتها تعاشرتُ مع لفيف كبير من الأصدقاء والصديقات ، فأثبتت لي محنتنا الراهنة صدق الصداقة والود والمحبة التي جمعتنا رغم اختلاف وتباين آرائنا وأفكارنا وعقائدنا واهتماماتنا وانتماءاتنا وبيئاتنا ..

لقد كانت حلب ـ بكل ما فيها ـ خير مستوعِب لفرحي وألمي وحزني وأسراري ولهوي وحبي وعشقي وجنوني وعبثي وفتوتي وشبابي ..

 

حلب .. حلبي .. ليست الزمان ولا المكان اللذين يعرفهما جميعكم ..

 

حلبي ، أوسع زمانا ، وأفسح مكانا من جغرافية الزمان والمكان ..

 

حلبي ، هي حلبكم مضافا إليها كمًّا هائلا من مشاعري نحوها ، ومن ذوبان من العشق الصوفي الآسر الأثير الحميم ..

 

حلبي ، هي ماضيَّ وحاضري ومستقبل كينونتي وخزان دفئي ..

حلبي هي حلبي ، لا تشبهها حلبكم ولا تدانيها في المحبة سوى نبلي ..

ولا أعرف كيف كانت حالي لولا أن نبلي بضعة من حلبي ..

لطالما أسَرَني الشوق إليهما أينما شطـّت بي الأيام ..

فلقد شرقت وغربت واشتملت واقتبلت ، وظللت متعلقا بعشقهما أنى توجهت أو أقمت ..

فلا اسطنبول جذبتني إلى بهرجتها وشواطئها ، ولا برلين ولا دريسدن ، ولا صوفيا ولا فارنا ، ولا ولا مدينة مشهد ولا عمان ولا الرياض ولا المدينتان المقدستان ، حتى ولا دبي العامرة ، العاهرة بفجورها واناقتها ، المدهشة بريادتها ، حتى ولا أخواتها من مدن ساحل الخليج ..

 

لم يطغَ حبٌّ على حبهما ، بل ، لم يدنُ حبٌّ ـ مهما برَّح بي ـ من مكانتهما في عقلي قبل قلبي ووجداني ..

 

 وكنت أقول ، وما زلت : إنني أحمد الله على كل نعمه ، وأخص ثلاثا :

نعمة الحياة ، ونعمة الإسلام ، وأني أعيش في حلب ..

لذا ، سميت السنوات العشرين التي قضيتها هناك : بسنوات المنفى ، وقلت : لو كان الله تعالى راضيا عني لما جعل لي رزقا بعيدا عن حلب ..

كيف لا ؟ وهي حلبي ..

 

 

29/06/2014

 

 

 

 

يتشهّى الزمان إغفاءة في أحضانكِ ، متلفعا بعباءة السماحة والندى ، ليغزل من منسدل شعركِ أرجوحة الحياة ، لمن يعشق الحياة ..

يندغم البهاء الصاخب بتلادكِ ، وتشمخ التيجان بفتنة عينيك والجبين ..

ولا تهيم الأغاريد إلا بأفياء غياضك ، وبين رموش أفنانك ..

لكِ التراتيل والابتهالات والأناشيد والصوت والصدى ..

ولكِ الأفئدة والمهج ..

أين العُتاة والجبابرة والغزاة و " زناة التاريخ " ، الذين استباحوا طهرَكِ وبراءتك وسموّك وبريق عينيك ؟! ..

كلهم حملوا خذلانهم وخيبتهم وعارهم ، ثم خمدوا وانطفؤوا واندثروا تحت حوافر خيلك ، فبقيتِ وحدكِ عذراء الدنيا ، رغم أنوفهم ..

وستبقيْن معشوقتنا " حبا وطواعية " ..

 

 

الصورة المرفقة ، بعدستي :

حلب ـ شارع المدينة الجامعية

دوار بولمان الشهباء

 

2010/02/04




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !