مواضيع اليوم

حكاية عصفور

حسن آل حمادة

2011-03-01 14:42:37

0

حكاية عصفور


حسن آل حمادة

 

كنت واقفاً في قاعة الامتحان أراقب الطلبة، وهم يجيبون على الأسئلة.. فجأة وإذا بعصفورٍ حسن الطلعة يقترب من ممر القاعة.. حدثت نفسي قائلاً: إن اصطدته يا حسن؛ فسيكون هذا اليوم يوم سعدك، إذ بإمكانك أن تُقدِّمهُ كهدية نزلت من السماء وبالمجان، لبتول وأمها.. هكذا كنت أحدِّث نفسي!
ولكي لا يفلت العصفور من بين يديّ تركت أمر المراقبة لزميلي وانطلقت نحو الزائر الكريم، وعندما همّ بالطيران، صفعته بمجلة كنت أحملها بيدي؛ صفعة واحدة -على ذمّة محامي عبد الحسين عبد الرضا-، وكاد أن يُغمى عليه حينها، ليس من قوة الصفعة، بل من هول المفاجأة.. وكأني به لم يتوقع أن أصفعه بالمجلة، ولكنه خبث الإنسان الذي يمسك بأداة المعرفة بيد؛ ليحيلها لأداة صفع بالأخرى! وكما تقول جدتي: وما انقادت الأيام إلاّ لصافعِ!!
العصفور المسكين حلّ بيدي اليُمنى، واختفى بين أصابعي؛ فخفتُ عليه من الاختناق، فبينما أنا محتارٌ في أمري؛ فتحها الله عليّ، واهتديت لوضعه في كأس الشاي الورقي الذي فرغت للتوِّ من شربه، ثم قمت بتغطيته بآخر، والطلبة يبحلقون.. يبتسم بعضهم، ويتلصص آخرون!
الدقائق في القاعة تمر ببطء، وما أن سلّم الطالب الأخير ورقته، حتى غدوت مهرولاً قاصداً الخروج من المدرسة، ولحسن الحظ أن عامل المدرسة كان يُخفي قفصاً تحت السلّم! فساومني على شرائه؛ فطلبت منه إحضاره لي على أن أشتريه إن لم أجد قفصاً قديماً في البيت.
أدرت محرك السيارة سريعاً، ودلفت على عجلة من أمري وأنا أكاد أطير من الفرح، وما أن وصلت إلى البيت حتى وضعت العصفور في صالة الجلوس؛ لأفاجئ به زوجتي وابنتي بتول.. أقبلت زوجتي وهي مذهولة؛ فيما أنا أعيش حالة من الفرح والسرور..
سألتني: «من وين لك هالعصفور»؟!
قلت لها: إنه هدية تقديرية للمراقبين تفضلّت بها السماء؛ لأنها تعلم بأن أهل الأرض لا يُقدِّرون جهد من يقف مبحلقاً في الطلاب؛ كأنه ماكينة مشروبات غازية، كما قال أحدهم ذات صباح!
بينما نحن ندير حوارنا الهادئ، وإذا ببتول تقبل نحونا فرحة مسرورة.. وهي فاتحة فمها بابتسامة عريضة.. شكرتني على الهدية، وقبلتني على خدي..
لم تمر سوى ثوان معدودات وإذا بزوجتي تذيع علّي خبرها المُحزن: إن أردت رؤيتي باسمة الثغر؛ فلتخلي سبيل هذا العصفور، أو فلتبعده عن البيت! سألتها: لماذا؟ فهو مجرد عصفور سيؤنسنا ونحن نستمع لزقزقته! قالت: وماذا لو كان مصاباً بأنفلونزا الطيور؟! قلت لها: لكن... العصفور أ..أ.. واضطررت لإهدائه في اليوم الثاني لصاحب القفص!

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !