خبر عاجل:
…)تم أسر جنديين إسرائيليين من لدن حزب الله… (
ردود فعل:
زعيم عربي أول: مغامرة…
زعيم عربي ثان: تهور...
زعيم الزعماء: كان لابد من هذه الحرب لاجتثاث الإرهاب من جنوب لبنان و الشرق الأوسط، و بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها...
طائرات، غارات، قنابل...مدافع، قذائف...قتلى، أطفال، نساء، شيوخ...بيوت تهدم، جسور تدمر، بلد بأكمله تحت النار، الحصار برا وبحرا و جوا...و عبد الصبور لا يزال قابعا في مكانه يتابع آخر الأخبار، يحصي عدد الجنود القتلى بين صفوف الأعداء، يعد القتلى من بني جلدته، يفرح حين تدمر الميركافا، أو تسقط مروحية أباتشي، و يفرح أكثر حين تمطر المقاومة مدن شمال أرض العدو و العمق بصواريخ الكاتيوشا...
عبد الصبور يتابع الأخبار الواردة من هناك، يتنقل بين القنوات، كم كان يقرفه مشاهدة الصهاينة على شاشات القنوات العربية وسماعهم يدافعون عن وجهة نظر كيانهم الغاصب، كم كان يحزنه سماع بعض المحللين السياسيين العرب و هم يطلون عليه من واشنطن ، أو لندن، أو باريس، أو حتى من بعض الدول العربية، يهاجمون المقاومة الإسلامية لحزب الله و يدعون لها بزوال سلاحها من خلال القرار 1559...
و حده عبد الصبور أبى أن يترك أرض المعركة، الإعلامية على الأقل، متسلحا بشيشته التي لا ينضب دخانها، و إبريق الشاي الذي أضحى ينتقل ما بين النار و المائدة طيلة أيام الحرب، و حده (كما كان يعتقد اعتقادا راسخا) عبد الصبور يسأل: ما المخرج؟ هل نترك هذا البلد يدمر؟ لماذا لا نتدخل؟ أينهم الزعماء العرب؟ أين هي الجيوش العربية؟
- مدير تحرير صحيفة عربية: الزعماء العرب ألفوا أسطوانة (عدم تكافؤ موازين القوى)،و صاروا يخافون أن يحصل لهم ما حصل لصدام حسين، و الجيوش العربية يا سيدي، لم تعد تصلح سوى لقمع الشارع متى فكر في الانتفاض و التمرد و قلب النظام لصالحه...المسألة يا سيدي هي مسألة ديمقراطية في البلدان العربية، الديمقراطية يا سيدي هي التعبير الحر للإنسان الحر في الوطن الحر...
- عبد الصبور: ينصر دينك
لكنه بحركة مرافقة لهذا التعليق حطم شيشته، ليس مهما، صناعة الشيشة في الوطن العربي مزدهرة و متطورة، والسوق تغلي بالإنتاج...
جاوزت الحرب نصف الشهر، توصل عبد الصبور باستفسار من رئيس إدارته يسأله فيها عن أسباب تغيبه، تناول عبد الصبور قلما و ورقة، وكتب ردا مختصرا جدا: (إنها الحرب يا سيدي...و النصر للمقاومة)، ثم بعث بها لرئيسه في العمل...
جاوزت الحرب نصف الشهر، لم يعد بالمطبخ ما يطبخ، لأنه انقطع عن التسوق منذ بدأت الحرب، جاءت زوجته تحتج: عبد الصبور، لم يعد بالبيت ما أطبخه
- عبد الصبور: أما زلت تحتفظين بشهية الأكل رغم كل ما يقع من موت و دمار؟؟؟ يا له من دم بارد!!!
تابع عبد الصبور شريط الأخبار أسفل الشاشة، أما الزوجة فغادرت إلى بيت أهلها و الأولاد برفقتها، وحده عبد الصبور بالبيت يفكر في كيف يصد هذا الدمار عن بيروت...
خبر عاجل: اجتماع لوزراء الخارجية العرب ببيروت
عبد الصبور: طززز....
المذيع لضيفه: ما هي الآمال المعلقة على هذا الاجتماع؟
عبد الصبور: طززز...
الضيف: (...)
المذيع لضيفه: ما هي القرارات المنتظر اتخاذها في ختام هذا الاجتماع؟
عبد الصبور: طززز...
الضيف: (...)
المذيع: سوف أوقف بث البرنامج الآن لأن هناك من يطزطز و يشوش على مجريات الحوار، عذرا للمشاهدين غير المطزطزين، إلى اللقاء.
عبد الصبور: طززز...
فكر عبد الصبور كثيرا في قرار يمكن لوزراء الخارجية العرب اتخاذه، حتى يحفظ ماء وجهه، و ماء وجه رئيسه الذي قدر دقة المرحلة وحساسيتها، و ماء وجه زوجته التي أعفته من عبء تكاليف "القفة"، وماء وجه الوقت الذي أضاعه في تعداد القتلى و الجرحى و و و...
عبد الصبور: القرار المناسب أمام عدم إمكانية القيام برد عسكري عربي هو إقامة ذروع بشرية
سأله الصحفي الذي كان يقوم بتصوير ريبورتاج بالشارع: كيف؟
عبد الصبور: ليتحرك كل القادة العرب باتجاه بيروت و معهم جميع وزرائهم و مستشاريهم و قواد جيوشهم و سفرائهم
الصحفي: نسيت الجامعة العربية
عبد الصبور: الجامعة العربية هي من ستؤمن لهم الأجواء و تعد لهم خريطة الانتشار فوق كل لبنان
الصحفي: لماذا الانتشار؟
عبد الصبور: لأن إسرائيل لن تقصف أصدقاءها
الصحفي: و إذا لم تعر إسرائيل اعتبارا لعلاقات الصداقة التي تجمعها مع حكامنا و قصفتهم؟!
عبد الصبور: نكون قد ضربنا عصافير كثيرة بحجر واحد، و تخلصنا من عقدة الزعيم
انتباه: هذا الحوار لم تستطع المحطة الإخبارية التي أجرت الريبورتاج بثه نظرا لحساسية الظرف وحفاظا على قواعد "الديمقراطية" من الانهيار.
عبد الصبور: طززز...
ثم عاد إلى الكباريه و راح يعاقر كؤوس الخمر بعد اليوم الثالث و الثلاثين للحرب، و بعدما بدأت ملامح القرار 1701 تتشكل في الأفق...
و الكأس الأخيرة بين يديه، سأل عبد الصبور بائع الكاوكاو حين مر بقربه: من المنتصر؟ إسرائيل أم حزب الله؟
بائع الكاوكاو: التقرميلا... التقرميلا... التقرميلا.... التقرميلا... التقرميلا... التقرميلا... التقرميلا...
التعليقات (0)