حكاية سياسية قبل النوم
شريف هزاع شريف
( خطاب ذرائعي لهوليود )
أيها السادة الأفاضل لكل أمة مميزات تتفرد بها عن الأمم الأخرى ولأنكم سينمائيون سأحاول تبيان بعض خصوصيات العراقي التي قد تنفعكم إذا ما قررتم العمل هنا ، هذه الخصوصية هي (السياسة). فمثلما أصبحت البساطة ميزة الصينيين والبرودة للإنكليز ، النعومة للفرنسين ، الجدية للالمان ، السينمائية للأمريكان كانت السياسة للعراقيين ، والسياسة مشكلة فجائعية نعيشها كل يوم وهي عامل وراثي ظهر بعد عام 1940 وربما قبل ذلك الوقت ولازال أثرها واضحا عندنا
ولكن الغريب أننا بسطاء ولسنا صينيين ولدينا جدية ونعومة وتأمل …إلا أننا فاشلون سينمائيا فكل شيء عندنا حقيقي ، أما السياسة فكانت تشاركنا مائدة الطعام وركوب الحافلة والاستحمام وحتى عبادتنا لله لأننا نادرا ما نصلي ولا ندعو الله أن يخلصنا من جيش القدس أو سيطرة تكريت أو جدول الاحتياط المخزون في ذهن القائد الذي يعلنه قبل أعياد الميلاد…الخ.
صحيح أننا الآن لا نهتم بالسياسة مثل السابق بسبب تحسن الرواتب وتوفر الماء والكهرباء والبنزين والغاز المستوردان من تركيا والأمر الآخر أننا في ضيافة أعظم دولة جعلت من السياسة أفلاماً سينمائية ومن السينما سياسة فممارسة أي دور سياسي سيظهرنا صغارا أمام صروحها العالية ، إلا أنني أجد أن السياسة الحكيمة للولايات المتحدة قد اخطأت خطأ واحدا فقط وهو السماح باستخدام (السطلايت) ـ كلمة مشتقة من الجذر الخماسي مسطول ـ لأننا أصبحنا في مواجهة العربية/ ابو ظبي/ الجزيرة/ دبي… إلخ ، فأصبحنا كل يوم نسمع ونشاهد حكاية (أكشن) سياسية قبل النوم وفي النوم وبعد النوم عن (بلدي) بسيناريو متجدد بلا بروفات لأن كل شيء حقيقي لو أنها تركتنا للجهل الإعلامي الذي كان يخيم علينا سنوات لكان الأمر أفضل وهذا بالتأكيد جيد بالنسبة لكم لأنكم بحاجة الى لقطات حقيقية وحية فأغتنموا الفرصة وتعالوا بكاميراتكم فقط فالفيلم مستمر ولا حاجة إلى تحضيرات أو ديكور وليس هناك دفع للممثلين ولا للضحايا وهو الأمر الأهم، إلا أنني أحذركم تصوير المظاهرات لأن الجيش الأمريكي لا يستخدم القنابل المسيلة للدموع ولا الإطلاقات المطاطية !!!
نشرت في مجلة افق الالكترونية
http://www.ofouq.com/today/modules.php?name=News&file=article&sid=1103
التعليقات (0)