في المقال السابق كنت قد لمّحت عرضا الى أن ايران تمثّل النجمة القطبية التي يهتدي من خلالها النظام السوري الى تلمّس المسارات السياسية المثلى و التي تمكّنه في كل مرّة من ربح المزيد من الوقت في محاولة لإخماد لهيب الثورة السورية.
فالمتابع للمحطّات الميدانية و السياسية و التي تعاملت من خلالها السلطات السورية مع الوضع الداخلي و الضغوط الخارجية نلاحظ بما لا يدعو الى الشكّ البصمات الإيرانية الواضحة على ذلك التعاطي و الذي لا يستبعد أن يكون نظام الأسد قد تجاوز فيه مجرّد الإستشارة النظرية الى الإستعانة بقيادات ايرانية على أرض الواقع سواء في الجانب العسكري أو السياسي.
فلا أحد ينكر الخبرة و العبقرية الإيرانية في مجال الديبلوماسية و التفاوض و الذي قادت به، و بكل اقتدار، ملفها النووي منذ عدّة سنوات في مواجهة وكالة الطاقة الذرية و من ورائها كل الدول الغربية.
و بالإضافة الى الدعم العسكري، و الذي لا أتصوّر أنه هناك عاقل في هذا العالم ينكر حصوله، فإنّ النظام السوري "يمون" كفاية على حليفه الإيراني حتّى يلقّنه في كل مرّة أصول "الصنعة" السياسية الشئ الذي يؤخر الى حد الآن المصير الذي لاقاه أقرانه العرب في بلدان الربيع العربي.
فكما النظام الإيراني في تعاطيه مع ملفه النووي، نجد أنّ النظام السوري يتبع نفس التكتيك و الأسلوب، حيث كلّما ضاقت حلقة التفاوض و قلّت فرص المناورة يقع التنازل في جانب من الجوانب الهامشية بما يوفّر المزيد من الوقت حتى يقع التقدّم الفنّي في المشروع النووي في ما يخصّ الملف النووي الإيراني، و بما يفتح المجال أمام الحلّ الأمني البحت ليقول كلمة الفصل في ما يخصّ مسارات و نهايات الثورة السورية.
من الواضح أنّ النظامين في سوريا و ايران لا يعيش أحدهما دون الآخر، و ربّما أي هزيمة لأحدهما في التحدي الذي يرفعه هو اتوماتيكيا هزيمة مقابلة للآخر، اذ على ما يبدو أنهما قرّرا امّا العيش معا او الموت معا.
التعليقات (0)