على غير المتوقع، سريعا، اندثر العقيد، و تهاوى الجيش الأخضر، و لم تخرج الملايين و لا القبائل و لا الأمم، دخل الثوار طرابلس بأقل الخسائر، خابت حسابات المحللين، قيل أسابيع، قيل حرب شوارع، قيل دمار أخضر و مجازر سترتكب كما هو حال مصراته يوم حولها العقيد و جيشه إلى مدينة أشباح، غير أن أصحاب معمر أبوا إلا أن يكتبوا قصة أخرى لسقوط العاصمة أو بالأحرى تحرير العاصمة، كما قال الشيخ المستشار أو الدكتور محمود جبريل، آمر كتيبة تحرس بوابات طرابلس كان قد انشق و كتم ، نسق مع المجلس و حين ساعة الصفر أعطى أوامره فوُضع السلاح و فُتحت الأبواب، و كان أن تهاوت الكتائب و تحمس الناس فخرجوا فانفك العقد و الخوف و سارع أهل طرابلس للخروج من القيد.....
شهدت الأيام السالفة لأمس، ضغطا كبيرا و نصرا مبينا حققه الثوار، بدعم من الناتو و بهبًَة إعلامية قادتها قنوات متحيزة ( الجزيرة)، فكأن الأمر أشبه بحرب وهمية تديرها جهات معينة لتحقيق نصر ينتهي مع انتهاء شهر رمضان، ليس الأمر بالصدفة، يبدو التدبير و التسيير و لعب الأدوار ، فكان لهم ذلك، و لم تكن انتصارات الثوار انتصارات إعلام و تسويق جهات دولية معينة، لقد تهاوى النظام الليبي و الجسم الماثل للعيان من الجبل إلى طرابلس و من سرت إلى البريقة، كان يأن من الداخل، مشتت منفك الأوصال، ستة أشهر من القصف فعلت فعلتها، الظاهر أن الإتجاه المرحلي لم يكن ليحقق شيئا، فعلى تخوم البريقة توقفت عجلة ثوار الشرق أشهرا، و في الغرب رويدا يهبط الثوار من جبلهم نحو باقي المدن جزرا و مدا، فما سر هذا التخطيط الذي نجح في الوصول إلى المركز العاصمة بسريع الخطى و قليل الخسائر؟
القذافي إلى آخر رمق، ما يزال يفكر في الملايين التي تحبه، و الجماهير المسلحة.....فما بال الرجل كيف يرى الأمور؟ أي مرآة هاته التي تزوده بكل هذه الأكاذيب ؟ إلى حدود الساعة لا يعرف له سبيل، هل في العاصمة؟ هل فر إلى سبها الجنوب؟ أم إلى الجزائر أو دولة أخرى، غاب و خابت و خسرت دول كانت تعيش على شطحاته، من منا لا ينسى صلاته الجامعة في أدغال افريقيا، يجمع الرؤساء و الزعماء على بدعة مستحدثة، من أجل المال لا ريب في اضافة بدعة صغيرة فما أكثر البدع حسنها و سيئها؟
الأمان الأمان، حرص الثوار على عدم تكرار صورة بغداد حين أطهر الإعلام بعضا من الرعاع يسرقون و ينهبون، إنه المظهر الأنيق الملائكي للثورة، انظر كيف جاهدت الجزيرة في أن تنهي قصة محمد القذافي بنهاية سعيدة، اتصل الرجل بالجزيرة، يريد التحدث للشعب، يخفي الاتصال شبكة المعارضة التي توزد الجزيرة و تعينها على مواكبة الحدث و الاتصال بالثوار ، أثناء الحديث تسمع طلاقات نار، يصمت الإبن محمد، يترنح المذيع و يتأسف لعل مكروها وقع للإبن، يتحدث الضيف المحلل عن المسألة و عن الأمان الذي أعطي للابن العقيد و دوره هو في القضية، يغيب ليحرك الإتصالات، فيظهر بعد مدة المستشار يطمئن الناس و يحذر الثوار و يوصيهم، كما يتحدث الإبن محمد معمر القذافي مرة أخرى لمزيد الطمأنة.
ليلة شهدت الكثير من القصص و الحكايا و الملاحظات و العبر، لا يسعنا الحديث عنها جملة واحدة، ماثل السقوط أحداثا مرت على الذاكرة، سقوط بغداد، تهاوي طالبان، معركة إيسلي و دخول الإسبان تطوان........، الآن، تطوى صفحة، لتفتح صفحة جديدة من تاريخ ليبيا، لم يشهد الليبيون ليلة كليلة 20/08/2011، و لم يشهد الليبيون حكما كحكم القذافي، و لأنها ثورة، و تقلب دول و حكام، و شرعية سلاح و أحقية محاربين، و كرسي ملك و ثروات بلاد.....فلن يكون الأمر سهلا، مرحلة مخاطر و نكسات قد تمر بها الدولة، يعطم من هولها البعض لحاجة في النفس، و يتجاهلها البعض حتى لا تتكسر الصورة الملائكية المرسومة، غير أنها حقيقة، نتنمى أن يكون الثوار في حسن ظن شعبهم و أن تمر المرحلة الانتقالية بسلاسة لتصل ليبيا إلى دولة المؤسسات و العدل و المساواة.
التعليقات (0)