مواضيع اليوم

حكايات أبرياء في غوانتنامو

مصعب المشرّف

2010-09-15 17:26:50

0

حكايات أبرياء في معتقل غوانتنامو
في ذكرى هجمات 11 سبتمبر
الحلقة (3)

مثل ما هو الحال في سجن ابوغريب بالعراق فقد إزدحم معتقل غوانتنامو هو الآخر بالعديد من الأبرياء الذين قادهم حظهم العاثر إلى التواجد في الزمان والمكان الغير مناسبين ؛ أو ممن جرى التبليغ عن بعضهم لأسباب شخصية وقبيلية لمجرد تصفية حسابات أو الثأر والإنتقام ... ومنهم من تم تسليمه للقوات الأمريكية لغرض إستكمال العدد وقبض الأموال وإظهار الموالاة مستغلين في كل ذلك قلة خبرة الأمريكان بأفغانستان خلال فترة بداية الغزو . والرغبة في جني ثمار سريعة للإيحاء للسياسيين في واشنطون وأعضاء الكونغرس والرأي العام الأمريكي أنهم حققوا نجاحا ما في مجال الثار لكرامة الولايات المتحدة وكبريائها الجريحة بعد هجمات 11 سبتمبر المذهلة.
وعند حلول ذكرى هجمات سبتمبر هذا العام 2010م فإن المعتقلين في غوانتنامو ؛ وبعد إطلاق سراح بعضهم ، لا يزال يناهز عددهم 240 معتقل ..... ولابد أن لكل واحد منهم حكايته الخاصة والمؤلمة بالطبع.
وقد زارت لجان من بعض المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان بعض من أطلق سراحهم من المواطنين الأفغان وأعيدوا إلى بلادهم للإستماع إلى شهاداتهم حول الإنتهاكات وجرائم التعذيب التي تعرضوا لها في سجن غوانتنامو . ففاضت من ألسنة البعض ذكريات مؤلمة لا تنسى.

سيد أمير جان .... عمره 38 سنة تقريبا . يعرف الآن بإسم "بادشاه" بعد أن كره نفسه وغير إسمه عقب خروجه حيا من معتقل غوانتنامو.
أحتجز أمير في معتقل غوانتنامو لمدة خمس سنوات قبل أن يخلى سبيله في عام 2007م .
وتتهمه السلطات الأمريكية بأنه مرتبط بحركة طالبان والقاعدة. ولكن أمير يقول أن إعتقاله كان خطأ . فهو كان يعمل ضابطا في الجيش الوطني الأفغاني وليس في حركة طالبان . ولكن مع ذلك تم إعتقاله وتعذيبه بلا ذنب جناه ... ويواصل القول أن سلوك الأمريكان تجاه المعتقلين والأسرى كان فظيعا . ويضيف أنهم لم يحترموا أبدا عقيدتنا الإسلامية ولم يسمحوا لنا بالتصرف كمسلمين أو أداء شعائرنا الدينية في البداية. وقالوا لنا إن هذه مبادئهم وقوانينهم ولن يسمحوا لنا بالصلاة . كانوا يضربوننا بأعقاب بنادقهم وأسلحتهم.

 

عمر علي المادوني ... عمره 30 سنة تقريبا .. أعتقل بينما كان يحاول عبور الحدود من أفغانستان إلى باكستان . وهو من أوائل المعتقلين الذين تم ترحيلهم إلى معتقل غوانتنامو حيث أمضى ست سنوات ونصف شخبتوا له فيها وجهه قبل إطلاق سراحه وإعادته إلى كابول. .... تقول الإستخبارات الأمريكية أنه سبق وأن تلقى تدريبات عسكرية في معسكر تابع للقاعدة . ومن جانبه يؤكد عمر مادوني بأنه لم يمكث في المعسكر سوى فترة وجيزة قبل أن يهرب منه . وأنه لم يكن لديه مشروع أو نوايا عدوانية ضد الولايات المتحدة. ............. وعن فترة إحتجازه في غوانتنامو أفاد أنه تم تعذيبه جسديا ونفسيا بطريقة وحشية مرعبة . ويضيف أنهم حين علموا مدى إعتزازه بلحيته بادروا بنتفها وحلقها لتعذيبه وإغاظته. ثم يواصل قوله أنهم عرضوه لصدمات كهربائية لإجباره على الكلام ... ثم يختم بقوله : "لقد رإعتقلوني ورحلوني من قندهار إلى غوانتنامو وسجنوني هناك أكثر من ست سنوات وإلى هذا اليوم لا أفهم شيئا ولا أعلم لماذا حدث لي كل هذا؟"


جان محمد .... عمره 35 سنة .... من أوائل الذين أطلق سراحهم من معتقل غوانتنامو (عام 2002م) ... يمتهن جان محمد حرفة الزراعة ؛ ويحكي أنه تم تجنيده إلزاميا في صفوف طالبان لكنه حاول الهرب منهم عبر تسليم نفسه طواعية إلى أعدائهم الطاجيك بقيادة لورد الحرب الأفغاني الشهير "عبد الرشيد دستم" الذي إحتفظ به ثم قام بتسليمه إلى الأمريكان بوصفه أحد قادة طالبان العسكريين ....
فرح به الأمريكان المتعطشين آنذاك للقبض على كل من توجه إليه الأصابع . وإعتبروه صيدا ثمينا فنقلوه إلى غوانتنامو ليكتشفوا من خلال التحقيقات أنه فلاح بسيط وأمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يمثل أدنى خطر على أمن الولايات المتحدة الأمريكية وإنما كمالة عدد من نسج خيال الطاجيك . فأخلوا سبيله بعد أقل من عام وأعادوه إلى أفغانستان.

 

 

محمد نسيم .. 30 سنة ... أسرته القوات الأمريكية في أفغانستان وأتهم بتبعيته لحركة طالبان .. تم ترحيله إلى غوانتنامو وبقي هناك لمدة أربع سنوات ونصف ..... وعن التعذيب الذي تعرض له في غوانتنامو خلال التحقيق معه يقول أنهم جردوه من كامل ملابسه أكثر من مرة ووضعوه داخل غرفة مثلجة بدون مرتبة أو لحاف حتى مرض وخشي على صحته من آثار التعذيب المستمر فأعادوه إلى أفغانستان ، ولكنه تعافى الآن.

 

عبد الله حكمت .. 30 سنة .... إعتقله لورد الحرب الأفغاني عبد الرشيد دستم ثم قام بتسليمه إلى الأمريكان بوصفه عضوا في حركة طالبان ... لكن عبد الكريم يدافع عن نفسه بأنه أجبر على الإنضمام والخدمة كجندي بسيط في صفوف طالبان .... ويعتقد عبد الكريم أنه أمضى من حياته سبع سنوات في معتقل غوانتنامو دون ذنب . وفي نهاية الأمر قال لي الأمريكان نحن آسفون سنعيدك إلى بلدك.
ويضيف ؛ لقد عذبوني وكسروا لي يدي . كانوا يضعوني داخل غرفة مثلجة عاري الجسد حتى مرضت ونقلت إلى المستشفى . أسوأ شيء كان عندما ماتت زوجتي بسبب حزنها ويأسها من عودتي ، وبعد أن واجهت الأهوال وحدها وقاست كثيرا وهي ترعى أطفالنا الثلاثة وأنا بعيد عنهم . وبعد موتها أصبح أطفالنا بلا أب ولا أم لأنني كنت لا أزال داخل معتقل غوانتنامو بدون ذنب.

 

حاجي نصرت .. 77 سنة ... مهنته مزارع ... هو أكبر معتقلي غوانتنامو سنا .. يعاني من شلل نصفي منذ أكثر من 15 سنة . وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب .... يقول حاجي نصرت أنه لا يعرف لماذا إعتقله الأمريكان ؟ ولكن التقارير الأمريكية من معتقل غوانتنام تقول أنه عضو في حزب قلب الدين حكمتيار الإسلامي الذي عرف بعلاقته الوثيقة مع القاعدة خلال فترة مقاومة الإحتلال السوفيتي . وفي إفادته للمحققين الأمريكان في غوانتنامو قال لهم حاجي نصرت : "كان بعضنا فرحا وينتظر لحظة الخلاص من طالبان وأن يساعدنا الأمريكان في تأسيس عهد ديمقراطي جديد . ولكن أنظروا ماذا فعلتم بشعب أفغانستان ؟ وتعتقلون عجوزا مثلي ؟ لقد حولتم الأمل إلى مرارة".


حجة الله نصرت .. 40 سنة .. إبن حاجي نصرت أعلاه ... مهنته غفير .. أعتقل عندما كان يحرس فناء به 700 سلاح ناري خفيف عتيق ... ويقول حجة الله نصرت أنه أعتقل هو وأبيه لأسباب عرقية بحتة . فهما من قبائل البشتون وأن الذين بلغوا عنهم كانو من قبائل الطاجيك .... أعيد حجة الله نصرت من معتقل غوانتنامو إلى بلاده عام 2007م وقال أنه عومل طوال هذه الفترة في معتقل غوانتنامو كحيوان.

الماضي والحاضر ... الأب والإبن أعلاه (حاجي نصرت) و (حجة الله نصرت) شاركا بعضهما زمالة الإعتقال والتعرض للتعذيب في غوانتنامو .... وهما في هذه اللقطة خلال إدلائهما بشهادتهما لبعض مندوبي المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.

 

تاج محمد ... 28 سنة .. يقول أنه أطلق سراحه عام 2006 بعد خمس سنوات قضاها في معتقل غوانتنامو . ويقول أنه يمتهن شراء وبيع الأبقار ؛ فكيف يعتقلوني بتهمة ممارسة الإرهاب؟ ويتابع أنه ونتيجة إصابته بإنهيار عصبي وللتخلص من وقع التعذيب الجسدي والذهني الذي تعرض له حاول الإنتحار 3 مرات في معتقل غوانتنامو المرعب عبر شنق نفسه . ولكن محاولاته كلها باءت بالفشل لأن موته إنتحارا لم يكن قدره.

 

محمد صديق ... من أوائل الذين أطلق سراحهم من سجن غوانتنامو . ومنذ تاريخ عودته إلى أفغانستان في أكتوبر 2002م يرقد محمد صديق شارد الذهن طريح الفراش في مصحة طبية...... وبرغم صغر سنه إلا أنه أصبح كمن ناهز المائة من العمر .... ويبدو أنه جرى إستغلاله كـفـأر تجارب بشــري لإختبارات تتعلق بقياس مدى قدرة الإنسان على إحتمال التعذيب الجسدي والذهني ... 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات