التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر
ملتقي جبهة القوميات الإرترية
حق تقرير المصير بما فيه حق الإنفصال لشعب عفر البحر الأحمر
نبذة تعريفية عن القومية العفرية كلمة "عفر" تطلق علي تجمع من القبائل الساحلية والمنتشرة علي أطراف البحر الأحمر حتى هضاب الحبشة متقابلة لعددمن ثلاثة دول المتجاورة إرتريا، إثيوبيا، جيبوتي
، وهذه القومية مختلفة من حيث الثقافة واللغة والعادة عن بقية القوميات وبقية أبناء هذه البلاد رغم أنها تحمل جنسيتها ويجمعها مع كل هذه الدول . تتخلق هذه القومية بأخلاق البحر والصحراء والرعي لأنه موطن معيشتها الأصلي الذي لم تبتعد عنه إلا في العقود الأخيرة بسبب إستهدافها من قبل النظام في إرتريا، أما وصفهم هم طيبو القلب ، ذوو مروءة وصبر علي القتال ، ويعيش في إثيوبيا حوالي مليون ونصف المليون وفي جيبوتي نصف سكان جيبوتي، وفي إرتريا 20%من سكان إرتريا .
ويؤكد نشاط عدد من زعماء القبائل ومثقفيهم في الحديث عن الأصل الواحد والحضارة التليدة ، والقومية الواحدة و "المميزة " عن بقية القوميات التي تعيش بين ظهرنيها وتؤكد الدراسات أن أصل العفر هم حاميين وساميين وسكنوا هذه المنطقة لملايين السنيين، وكان لهم دستور وقانون عرفي يسيرون به حياتهم الإجتماعية والإقتصادية والأمنية، إلا أن ظهور الإستعمار الإيطالي قسم العفر الي ثلاثة أجزاء إثيوبيا، جيبوتي، إرتريا، فإن إرتريا بوضعها الحالي تضم جزئا مهما من جغرافية العفر، وكان للعفر سلطنات وإمارات تحكم قبائل العفر المترامية الأطراف، وكانت هذه الإمارات مستقلة استقلال تاماً عن الحبشة حتى أن بعض الدول الأجنبية والعربية كانت تعقد معهم الاتفاقيات المباشرة بينها وبين هؤلاء السلاطين، مثل مصر والسودان واليمن والبرتغال والإيطاليين إلا أن هذه الاتفاقيات والتاريخ فقدت من يدونها كغيرهم من شعوب هذه المنطقة. إذاً أن الشعب العفري هم أقدم شعب شهدت وجوده منطقة القرن الإفريقي ويعتبر من أقدم الشعوب الحامية التي انتشرت في القرن الإفريقي على امتداد سواحل البحر الأحمرعلى جانب الإفريقي وهضبة الحبشة منذ مئات الألأف السنين .
لماذا يطالب شعب عفر البحر الأحمر بحق تقرير المصير بما فيه حق الإنفصال ؟
المقدمـة
إن حق تقرير المصير ليس من أهم الحقوق الجماعية فحسب ، وانما أيضا لا يمكن الحديث عن حقوق المواطن أو الإنسان دون التمتع بهذا الحق ، الذي يشمل الحق في إقامه حكومة إقليمية مستقلة كامله وفعلية على إقليمها ومواردها والحق في استخدام كافه الوسائل المشروعة لتحقيق ذلك .
وحق تقرير المصير اصبح أحد أهم المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي المعاصر ، ولا ينطوي على الجانب السياسي فقط بل يشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي . ومن هنا تنبع أهمية هذا الحق الذي أكد عليه ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 ، والعهدين الدوليين لعام 1966 ، كما جاء التأكيد على هذا الحق في العديد من قرارات الجمعية العامه للأمم المتحدة في مناسبات عديدة ، إلا أن وجهات نظر فقهاء القانون الدولي ومواقف الدول من مبدأ حق تقرير المصير ، قد تباينت على نحو يتضح معه انه ليس من السهل وضع تعريف جامع مانع لهذا المبدأ ، حيث يعرفه بعض الفقهاء بأنه " حق كل شعب في تحديد مستقبله السياسي ونظام الحكم الذي يوافقه ، وحق الشعب في السيادة على ثرواته وموارده الطبيعية ، وحقه في اختيار ألانظمه الاقتصادية والاجتماعية الملائمة " ، وقد يرونه الأخرين بقولهم " إن حق الأمم في تقرير مصيرها يعني بوجه الحصر حق الأمم في الاستقلال بالمعنى السياسي في حرية الانفصال السياسي عن الأمه المتسلطة المضطهدة "
(1) ، وعرفه محمد شوقي عبد العال بأنه " الإلغاء الفوري والكامل لسيطرة أي شعب على أي شعب آخر ، بما يعني حرية هذه الشعوب في تحديد مركزها السياسي والاقتصادي والثقافي بمعزل عن أي نفوذ أو ضغط مباشر أو غير مباشر اياً كان نوعه وعلى أي صوره وبأي ذريعة تعلل "
(2) ، وغيرها من التعريفات ووجهات النظر المختلفة ، التي نستطيع من خلالها أن نقول أن حق تقرير المصير يعني ، حق شعب ما في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله أو السيادة التي يتمنى إليها.
ولقد تطور مبدأ حق تقرير المصير عبر الممارسة الطويلة للمجتمع الدولي ، بحيث اصبح أحد أهم الحقوق التي قررتها مبادئ القانون الدولي ، فهو حق دولي وجماعي في آن واحد ، بمعنى انه مقرر للشعوب دون أن يتناول الأفراد ، وهو حق دولي عام من حيث انه مقرر لمصلحه جميع الشعوب ، دون أن يقتصر على فئة دون الأخرى من شعوب العالم ، فهو يشمل كافه الشعوب المستقلة وغير المستقلة وفقاً للمعنى السياسي القانوني لتعبير " الشعب " كما تحدد في ميثاق الأمم المتحدة .
وإذا كان حق تقرير المصير يقوم على أساس حق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها ، أي التحرر من الهيمنة والسيطرة وتأسيس كيانات مستقلة ذات كيان سياسي مستقل بناءاً على أن الشعوب متساوية في هذا الحق ، فمن الطبيعي أن يكون للشعب عفر البحر الأحمر الحق في تقرير مصيره ، وفي إنشاء كيانه المستقل التي عاش فيها منذ آلاف السنين ، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية .
هدف الدراسة وإشكاليتها :-
تهدف هذه الدراسة إلى بيان القواعد القانونية الخاصة بمبدأ تقرير المصير والتي اقرها القانون الدولي من خلال إقرار هذا المبدأ في ميثاق الأمم المتحدة وعن طريق القرارات الدولية الصادرة عنها ، بالإضافة إلى إقراره في المواثيق والوثائق الدولية الأخرى ، واستكشاف مدى انطباق هذه القواعد القانونية على حق الشعب عفر البحر الأحمر في تقرير مصيره ،
أسباب التي دفعت العفر لطرح هذه الأطروحة في إرتريا : إن ممارسة التمميز العنصري الصريح ضد شعب عفر البحر الأحمر، الذي منح مكانة (الفرع ) في الشجرة الأم (الأصل) وهو ما يعني ان الارض تخص الاصل دون الفرع. وهو ما يجري العمل به لتحويل شعب عفر البحر الأحمر الى شعب بلا ارض وبلا بحر ، ولا هوية له ولا وجود، هكذا تجلت الاهداف المبيتة لدى طغمة هقدف(الحزب الحاكم) من وراء قبول اعلان (الوطنية وحمايتها ) وتكشفت اكثر في اهداف حرب الحدود الذي أشعلها. أباحت الارض والعرض والدم.
فجرى تقاسم اراضي وبحر العفر ومهنته الخاصة والعامة كصيد الأسماك والتجارة بين جنرالات النظام وحماته وثم تحاصص دخل الموانئ الصغيرة والكبيرة حتى الثروة الحيوانية لم تسلم من المحاصصة فنهبواها لجيشهم ،فإن ثروة العفر أصبحت غنيمة لهم .
كما نهبوا كل المؤسسات الإنتاجية المتواجدة في دنكالية وألقوا – بأصحاب الحق –الى ارصفه الجوع واللجوء والتشريد والمهانة فسلبوا مصادر عيشهم وحرموا من ثروات وأراضي بلادهم، التي يسيطرونها أبناء فئة واحدة
زد الى تصفية العفر من كل اجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية والنزوح القسري للآلاف من كوادر وأبناء الفئة الواحدة، ليصبح شعب عفر البحر بكاملة يعيش حالة اغتراب والإبتعاد عن أرضه وبحره، معطل القدرات مصادر الحقوق، مستلب الارادة، منتهك الكرامة، حرم أبناء العفر علي الحلم والطموح الانسانيين.
شعب محروم من ارضه وثرواتها، مفروض عليه ان يعيش في سجن الهزيمة النفسية والمعنوية ، مقطوع الصلة بماضيه، منفي – قسراً – من حاضرة. ليجعلوه شعباً بلا ماضي لا حاضر ولا مستقبل له.
وفي الجانب الاقتصادي، استولى الهقدفاويون على كل شئ : مصانع ومؤسسات التي توجد في منطقة العفر وتملكوا البر والبحر، فارضين – بالعنف – ميزان ظلم لا مثيل له في التاريخ ينص على أن ارضهم لهم وارض وبحر العفر وثرواتها لهم!؟ لا لأهلها
ان استمرار ارتكاب الجرائم والمذابح ضد الانسانية بحق شعبنا ومواصلة نهب وسلب وتملك اراضيه وثرواته، وتدمير مكتسباته يعطي له كامل الحق في النضال للتحرر من النظام الظالم واستعادة كرامته على كامل مناطقه، والحصول على التعويضات الكاملة عن الثروات والممتلكات المنهوبة، الخاصة والعامة، والتعويض العادل عن معاناة شعبنا الجماعية التي بلغت حد الفاجعة، من قبل هذا النظام الفاشستي، فضلاً عن ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية بحق شعبنا حتى يقدموا للمحاكمة في المحاكم الدولية، كغيرهم من مجرمي الحروب في العالم، وسالبي ثروات ومغتصبي الحقوق بالقوة ضداً لأصحاب الحق الشرعي.
ان حق شعبنا في إستعادة كرامته وحقوقه ، هو حق انساني تكفله الشرائع السماء وشرائع الارض .
كما يستند شعب عفر البحر الأحمر لنيل حقه وحريته الإنسانية الى ميثاق الامم المتحدة الذي لا يقر بأي شرعية سياسية لنتائج اللقوة (الحروب) على الغير. وعلى المواثيق والعهود الدولية التي شرعت لنصرة حقوق وحريات الافراد والجماعات والشعوب على السواء. وكذلك على المام المجتمع الدولي بجريمة الحرب العدوانية ضد شعبنا فإننا في التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر نؤمن بأن خلاص شعبنا من هذا النظام الهمجي الذي إستولي على ارضنا وثروات شعبنا وحرمانه منها وممارسة الافقار والاذلال والقمع ضده، وحرمانه من العمل لتعطيل قدراته وتخريب فاعليته.. الخ..الخ. من اجراءات التمييز العنصري الصريحة التي أخضع لها، فإن التخلص منه هو حق شرعي عادل وليس جريمة. الجريمة هوان يرغم شعب بكامله على طمس هويته ومحو وجوده فيخضع للاسترقاق المادي والمعنوي من قبل حفنة حقيرة. فهل يقبل اليوم أن شعبنا يستعبد في عصر انتصر حقوق الانسان وحرياته وسيادة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها؟؟
تلك هي القومية في إرتريا، وبوجودها الموضوعي، غير القابل للتقدم.
وسيناضل شعبنا ، وسيضحي مناضلوه بالغالي والنفيس حتى تنتصر ارادة شعبنا الحرة بإستعادة كرامة شعبنا وسيادتها على ارضها وبحرها التي بها ومن خلالها يستعيد عزته وكرامته ومكانته بين شعوب وقوميات أخرى.
ولن يتنازل عن حقه مهما كانت التضحيات، في التخلص من عقد الاسترقاق الظالم الذي يفرضه عليه الظلمة المغتصبين".
ان شعب عفر البحر الأحمر قد لمس الخطر المحدق به في المرحلة القادمة وعبر عن رفضه الاستمرار في مصيدة الوهم (الوحدة الوطنية ) .
شرعية كفاح الشعب العفري في سبيل تقرير مصيره :-
لقد أكد القانون الدولي بعدم جواز استخدام الدول للقوة ضد بعضها البعض ، ولكنه استثناءاً لهذا المبدأ يعترف للشعوب أو القوميات الخادعة تحت الظلم والإستبداد والإحتلال بالحق في المقاومة بما في ذلك استخدام القوة المسلحة ، للحصول على استقلالها ، ومن ذلك تفسيراً للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة بخصوص حق الدفاع الشرعي الذي اعتبر سنداً أساسياً لتبرير استعمال القوة.
ومن أهم القرارات التي فرضتها وأصدرتها الجهود الدولية المساندة والمؤكدة على حق الشعوب في استخدام القوة كوسيلة مشروعة لمقاومة ورفض وإنكار الدول المسيطرة والمهيمنة على هذه الشعوب وحقها في الوصول لممارسة تقريرها للمصير ، القرارات التالية :-
1- قرار الجمعية العامة رقم 2621 (د-25 ) المؤرخ في 12 أكتوبر 1970 ، والذي ورد في مضمون بنده الثاني " وتؤكد من جديد حق الشعوب المستعمرة والخادعة تحت الهيمنة في الكفاح بكل الطرق الضرورية التي في متناولها ضد حكومات أو دول التي تقمع تطلعاتها " .
2- قرار رقم 2625 الصادر في 12 تشرين أول 1970 ، فقد أضاف لحق الشعوب في استخدام كافة الأعمال القصرية المستخدمة للحيلولة بينها وبين إمكانية الوصول لممارسة الحق في تقرير المصير ، وتقديم الدعم والمساندة لهذه الشعوب في نضالها ، وأشار القرار إلى ضرورة إنهاء كافة مظاهر السيطرة والاستعمار لإتاحة الفرصة للشعوب للتعبير الحر عن إرادتها ، وأيضا لان وجود المستعمر أو المهيمن يتناقض ومبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها وأحكام الميثاق .
3- قرار رقم 3103 الذي أكد على الطبيعة الدولية لكافة ما قد يثور من نزاعات بصدد هذا الحق ، إضافة إلى إدراج مضمونة استخدام القوة المضادة لحق الشعوب في تقرير مصيرها ضمن نطاق الخطر والتحريم المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة الثانية.
4- قرار رقم 3314 الخاص تعريف العدوان أكد على حق ومشروعية كفاح الشعوب في المطالبة بحقها في تقرير المصير ، واستبعاد هذا الاستخدام من دائرة الأعمال العدوانية ومظاهر الاستخدام اللامشروع للقوة .
وأما القرارات التي أشارت فيها الجمعية العامة على حق الشعب ا في الكفاح لاسترداد حقه في تقرير مصيره ، قرار رقم 2778 (د6 ) المؤرخ في 6 كانون أول 1971 ، والذي أجازت فيه الجمعية شرعية الكفاح من اجل تقرير المصير للشعوب الخاضعة للاستعمار والهيمنة الأجنبية ، إضافة إلى قرار 3070 ( د – 28 ) المؤرخ في 30 تشرين ثاني 1973 الذي أدانت في مضمونه الحكومات التي لا تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها خاصة الشعوب الأفريقية ، وأكد القرار على حق استخدام هذه الشعوب القوة وكافة الوسائل المتاحة لها ، من اجل التحرر من السيطرة والهيمنة ، وقرار 3236 (د-29 ) وهو من أهم الوثائق التي أكدت الحقوق الأساسية للشعب مثل عفر البحر الأحمر التي سبق وأقرتها الجمعية العامة وعلى استعادتها بكل الوسائل ،
مما سبق نجد أن قرارات الأمم المتحدة سواء التي تعلقت بحق الشعوب أو القوميات في تقرير مصيرة أو التي تعلقت في حق ومشروعية استخدام للقوة ، وغيرها من وسائل وأساليب من اجل التحرر لأرادته ولأرضه وليتمكن من ضمان الوصول للممارسة العملية المشروعة لهذا الحق ، وبذلك فإن الوسائل التي لجأ إليها شعب عفر البحر الأحمر سواء الكفاح المسلح أو الانتفاضات كوسيلة وأداة لمقاومة السيطرة والهيمنة "الهقدف" ولأزالته كمانع وحائل بين إرادة الشعب وحقه المشروع في الوصول إلى الممارسة الفعلية لحقه ، تندرج وبلا أدنى شك ضمن مضمون القرارات السالفة ومن ثم فهي تكتسي طابع المشروعية .
الخلاصـة :
إن ما حاولنا إثباته في هذه الدراسة يتمحور حول مدى انطباق القواعد القانونية الخاصة بمبدأ حق تقرير المصير ، والتي اقرها القانون الدولي من خلال ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية والمواثيق والوثائق الدولية الأخرى ، على حق الشعب عفر البحر الأحمر في تقرير مصيره .
ما هي الفدرالية؟ طريقة حكم مبتكرة لتقاسم السلطات دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر غير مستقلة (الأقاليم، الولايات)، وتعتبر الفدرالية من أهم دعامات الدستور الأمريكي، الذي يستند بشكل اساسي على (الفدرالية والفصل بين السلطات الثلاث والحقوق المدنية).
لا يخفى عنا جميعا بأن المجتمع الإرتري يتكون من قوميات وأديان مختلفة، وبذلك فإنَّ المجتمع الإرتري مجتمع متنوع يختلف في اللغة والعادات والتقاليد والدين .
بوجود هذه الاختلافات إضافة إلى الوعي الديمقراطي الذي لم يكن متواجدا في السابق ولدت مشاكل كثيرة منها حرمان تلك الاطياف من حقوقهم المشروعة، وبعد ان بدأوا بالمطالبة بحقوقهم جوبهوا بالرفض وعدم الاعتراف بمطاليبهم .
لكن بعد انتشار الوعي الديموقراطي ظهر اتجاه جديد لدى المختصين والمهتمين بضرورة وجود نظام يدخل في صلب هذه المشاكل لحلها، فلابد من ايجاد طريقة تضمن حقوق القوميات المختلفة في المجتمع الواحد للاعتراف من خلالها بمطاليبهم.
وعلى مر التاريخ ظل الانسان يبحث عن نظام يتقبل تنوع المجتمع ووجدوا وإعتراف بخصوصيا الأخيرين ان الفدرالية هي النظام الذي يحل او يضمن حقوق جميع اطياف المجتمع بما فيها القوميات والاقليات الصغيرة مع ارضاء الاغلبية وعدم المساس بحقوقها.
في البداية سنحاول توضيح مفهوم الفدراية بشكل عام والدولة الفدرالية بشكل خاص، اضافة الى بيان طرق نشوء الدولة الفدرالية والاسس التي لابد من وجودها لتكون الدولة فدرالية من حيث الاستقلالية وطبيعة المجتمع والنظام وغيرها، ثم دوافع قيام الفدرالية بشكل عام، والدوافع لقيام الفدرالية في دولة إرتريا المستقلة . مفهوم الدولة الفدرالية :
هي تلك الدولة التي تتكون من عدة حكومات وسلطات محلية مستقلة وتختلف عن بعضها البعض في عدة امور وتتفق في بعضها الاخر ، او تلك الدولة المقسمة الى وحدات مستقلة اداريا ويكون لكل ادارة مستقلة سلطة على قاطنيها ضمن محيطها الاداري.
بعبارة اخرى هي نظام اتحادي تتفق سلطتان او اكثر على اتحاد صلاحياتها او انشاء سلطة واحدة تقوم بتوزيع او تقسيم صلاحياتها على عدة سلطات متحدة مع البعض، حيث تقسم السلطات بين السلطة الاعلى اي المركزية وبين وحدات حكومية اصغر اللامركزية.
يهدف هذا النظام الى ضمان حقوق جماعات متنوعة ومختلفة من حيث العرق او اللغة او المذهب... الخ. بذلك يعطي حق المساهمة والمشاركة لجميع المجموعات في هيئات وسلطات الدولة ولذلك فهي النظام الانسب لدول متعددة القوميات والاقليات اي الجماعات المتنوعة ضمن حدود الدولة الواحدة.
اذا الفدرالية هي استقلال ذاتي او داخلي ضمن حدود دولة معينة مع احتفاظ الكيانات المتعددة بهويتها الخاصة من حيث التكوين الاجتماعي اوالحدود الديموغرافية اواللغة اوالثقافة او الدين إلى جانب مشاركتها الفعالة في صياغة الدساتير ومن ثم صنع السياسات والقرارات. تعريف الدولة الفدرالية : ليس للفدرالية تعريف موحد بسبب اختلاف اراء المختصين حولها واختلاف طبيعتها وتطبيقاتها، لكن جميعهم متفقون على مضمونها و جوهرها ، وهي تتحدد في تقسيم السلطات والصلاحيات، واستقلال داخلي ضمن حدود دولة معينة .
في بادىء الامر لابد من توضيح كلمة الفدرالية اللاتينية الاصل حيث اشتقت من كلمة (foedus ) والتي تعني المعاهدة او الاتفاق وهناك من يرى بان الفدرالية اشتقت من (fides or trust) والتي هي نوع الاتفاق المبني على الثقة المتبادلة بين الاطراف.
فعرفها الفقيه الالماني يلنك jilinek بانها "هي دولة سيدة تتالف من عدة دول غير سيدة وتنبثق سلطتها عن الدول التي تركب منها او التي تترابط فيما بينها بصورة تجعل منها وحدة سياسية"
وكما يراها رونالد ل واتس بانها " انظمة حكم سياسية مركبة تجمع بين وحدات قوية مكونة للحكومة والحكومة عامة قوية مع تمتع كل جانب بالسلطات التي يوكلها اليه الشعب من خلال الدستور"
وعرف روجر ديفيدسون الفدرالية بانها " نظام سياسي عالمي يقوم فيه مستويان حكوميان بحكم نفس المنطقة الجغرافية ونفس السكان"
ويعرفها المحامي جميل عودة بانها "معاهدة تقوم بين طرفين متميزين او اكثر تجمع فيما بينهم روابط متينة، لها قدرة ذاتية على تحفيز الاطراف المعنية في سبيل البحث عن صيغة توافق مركب ووحدة قوية"
ويعرفها الفقيه مرسيل بريلو الفدرالية بانها " اتحاد دول يخضع جزئيا لسلطة مركزية واحدة (السلطة الفدرالية) وتحتفظ جزئيا باستقلال ذاتي ودستوري واداري وقضائي ( سلطة الدول الاعضاء او المتحدة)
طرق نشوء الدولة الفدرالية:
هناك طريقتين لنشوء الدولة الفدرالية والتي هما الاتحاد والتفكيك، وناتي لتوضيح كلتا الحالتين. ا- الاتحاد : يحدث عن طريق اتحاد سلطتين او اكثر تشترك شعوبها في ملامح اجتماعية او جغرافية او تاريخية او دفاعية -القوة- او بدوافع اقتصادية.. والخ بحيث تتنازل كل واحدة منهما عن بعض سلطاتها الداخلية والخارجية للكيان الجديد الذي ينشأ . اي تتوحد سيادتان تحت سيادة واحدة تسمى بالدولة الفدرالية كما حدثت في كل من الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا والمانيا.
ففي الولايات المتحدة الامريكية مثلا، بالرغم من عوامل الافتراق والانفصال العديدة كالاختلاف في الجنسية والانتماء العرقي والاختلاف في موضوع الرقيق ........ تحققت الفدرالية بفضل الاشتراك في الاصل والدين واللغة ب- التفكيك : اي تقسيم سلطات الدولة البسيطة على سلطات جديدة اقليمية (داخلية)، وغالبا يحدث هذا التقسيم بسبب معانات شعوبها من مشاكل اجتماعية او سياسية او اقتصادية او ثقافية كاختلاف في القومية او في اللغة او في العادات او موارد والثروات ... والخ كما حدث في المكسيك والارجنتين والبرازيل .
القومية : تعريفها : هي شعور أبناء الأمة الواحدة بأن هناك رابطة تجمعهم وتميزهم عن الأمم الأخرى .
وهي رابطة عرقية أو لغوية أو ثقافية أو حضارية أو تاريخية أ, إقتصادية أو سياسية .
المطالبة بحقوق القوميات :
ويغيب عن بال جميع هؤلاء الذين لا يعترفون حقوق القوميات والأقليات التي تتشكل منها دولة إرتريا ، وفي زمن صار فيه الأقرار بتلك الحقوق الفيصل الأرأس بين من يعتقد بحقوق الإنسان ، وبين من يستخف بتلك الحقوق ، وبين من يعتقد بوجود تلك القوميات والأقليات وبين من يعتقد أنها انصهرت ضمن المجتمع القومي .
وإذا كانت الشرائع السماوية والقوانين والمعاهدات الدولية ولوائح حقوق الإنسان تمنح الحق لتلك القوميات والأقليات ، ضمن الأطر التي يصار الى الاتفاق عليها ، بل وتساند تلك الحقوق وتسعى في سبيل أقرارها والتوصل الى تجسيد أطار دستوري وقانوني لتلك الحقوق ، فأن عصرا حديثا يوجب الأقرار بتلك الحقوق ومعالجة ترسيمها دستوريا وقانونيا بالطرق السلمية والإنسانية .
فمثلا فإن مجتمع العفري :-
تتباين تأريخه وثقافته وعرقه عن القوميات الإرتريا الأخرى تماما . بل وتلتقي إنتمائاته وثقافته وتأريخه وعرقه ولغته الي إخوانه داخل إثيوبيا وجيبوتي ، فإن إرتريا بحدودها الحالية قسمت العفر بدون إرادتهم الي ثلاثة دولة رغم أن ثقافتهم ولغتهم وتاريخهم واحد . وتطلعات الشعب العفري في منطقة دنكالية وانتمائته تتجه الى إخوانهم داخل أثيوبيا وجيبوتي ، وإرتباطاتهم ومشاركتهم في الأفراح والمناسبات القومية . والشاهد على ذلك هو الواقع العفري الذي يعيشه فمثلاً سلطنة رحيتا تمتد حدودها من رأس بيلول حتى مدينة أبخ داخل الحدود الجيبوتية وتخضع لنفوذها تقوم ثلاثة دول بالإتفاق بدعمه سنوياً وينطبق ذلك في السلطنات العفرية الأخرى مثل سلطنة أوسا في داخل أثيوبيا تمتد نفوذها الى بيلول الإرترية، وسلطنة قريفو (بيرو) تمتد حدودها ونفوذها من داخل أثيوبيا الى نهاية الأراضي العفرية في إرتريا عند خليج زولا وعدوليس وبوري جنوب مصوع .. مما يدل على أن التقسيم الإستعماري الأوربي وعشوائيته لم يقدر له أن يكون ذات تأثير عن الإنتماء العفري لقوميته . فالشعب العفري عموماً لديه وعياً حقيقيا بهويتهم العفرية المشتركة إذ تجمعهم وحدة التاريخ والتراث والثقافة والدين واللغة مما أدى الى غياب أو ضعف إنتمائه الوطنية داخل الحدود الذي أوجده الإستعمار من غير إعتبار لهويتهم القومية المشتركة وبالتالي لايحس مع القوميات الأخرى أي تجانس يذكر .ولذا فإذا كان هناك قوميات أخرى أضطهدت فعليها أن تطالب بحقوق القوميات التي يكفل لها القوانين والمواثيق الدولية .
وبسبب هذا فإن شعب عفر البحر الأحمر قد أستهدف لقوميته التي تتباين مع القوميات الأخرى في إرتريا وأستهدفت من قبل قومية واحدة التي تريد أن تهيمن وتسيطر ثروات الأخرين ، وجود هذه القومية علي إمتداد البحر الأحمر من منطقة راحيتا الى مصوع وجزر دهلك وهي منطقة معروفة بإستراتجيتها الهامة ويوجد فيها أهم الموانئ حيث تعتبر المنطقة ممر الملاحة العالمية وتربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، وتنشط فيها سفن عالمية تنقل الوقود والأمتعة ، وفيها ثروات طبيعية هائلة وفي هذه المناطق المذكورة يعيش فيها شعبنا دون الأخر، ولأجل السيطرة الكاملة لهذه المنطقة وضع نظام الجبهة الشعبية العنصري عدة خطط ومنها إبعاد وتطهيرشعب عفر البحر الأحمر من المنطقة تحت زرائع مختلفة ، منذ وصول الزمرة الحاكمة الى صدة الحكم عملت بتقسيم شعب عفر البحر الأحمر الى منطقتين إداريتين إقليمي شمال وجنوب البحرالأحمر تحت تقسيم إداري جديد، وذلك لإختراق هذه القومية وتفتيتها حتي يتمكن من السيطرة الكاملة ، وبعد ذلك دأب نظام الجبهة الشعبية بمصادرة أراضي وممتلكات شعبنا ومنحها لأبناء المرتفعات وتوطينهم في أراضي شعبنا.
دور العفر في تحرير إرتريا : وفي بداية ستنيات كانت منطقة العفر مصرحا لنشاطات الثورة ومراكزالتدريب ومعقل للجنود ومعبرا لنقل الأسلحة والعتاد الي أمكان مختلفة من البلاد لإعتبارها منطقة إستراتجية ،احتضنت أراضي العفر الثورة الإرترية ومهر أهلها بالغالي والنفيس وسخر كل مايملك من مال وعتاد وقام بتحويل ونقل الأسلحة القادمة من الخارج منذ بداية الثورة حتى الإستقلال هناك عشرات الألأف قتلوا وأعدموا واستشهدوا وشردوا من أجل الإستقلال، وبشهادة من الجميع أن دور العفر في إحياء الثورة الإرترية كان أكبر من غيرهم. ولكن رغم ذلك إرتكبت جبهة التحرير إرتريا في عام 1968م تصفيات جماعية بمنطقة راملو أرعانو ، وفي عام 1974ـ 1978م أيضا إرتكبت جبهة التحرير جرائم بشعة وإختطافات وإعتقالات تعسفية ضد أبناء عفر البحر الأحمر ، وفي عام 1988 قامت الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا على الإرتكاب بمذبحة في عسعيلا ضد شعب عفر البحر الأحمر العزل وراح ضحيتها مئات من خيرة أبناء العفر رغم هذا كل كان الشعب عفر البحر الأحمر مصرا على النضال حتى تحقيق الإستقلال، وفي عام 1993م عندما جرى إستفتاء بحق تقرير للشعب الإرتري صوت شعب عفر البحر الأحمر بنعم للإستقلال بنسبة 98% ولكن بعد تحقيق إعلان إستقلال إرتريا ظل النظام يتنكر لدور العفر في تحرير البلاد ومارس معهم أبشع الجرائم في إنسانيتهم التي لم يشهدوها من قبل ،وهم يعيشون الأن مشردين عن أرضهم ونائيين في غربة هوجاء ، وهذا دليل كافي للنظام يدعي أنه يناضل من أجل الوطن والشعب، عندما نقول أن النظام الإرتري يمارس هذه الجرائم علي كافة الشعب الإرتري ولكنها تختلف علي شعب العفري .
وفي بداية الثورة إنضم من العفر عدد لا يستهان به في الحركات الإرترية في جميع فئاتها بما فيها الجبهة الشعبية – ويعتبر الشهيد (إدريس جمحد) الشرطي العفري من الأوائل الذين استشهدوا في سبيل القضية الإرترية ولكن العلاقات بين العفر والحركات الإرترية كانت دائماً يشوبها الحذر وعدم الثقة والتي كانت تتحول أحياناً الى صراع مرير يظهر على السطح ، وذلك لعدم إستيعاب الحركات الإرترية لخصوصية المسألة العفرية في منطقة دنكاليا فضلا عن السياسات التي كانت تمارسها الحركات الإرترية في منطقة دنكاليا والتي لم تكن تحذى بالقبول لدى العفر من ناحية أخرى . فعلى سبيل المثال جبهة التحرير والجبهة الشعبية كانتا يفرضان اللغة التجرينية التي تعتبرها اللغة الرسمية لإرتريا ، وعدم إعترافها بالقوميات التي تتكون منها إرتريا – بما فيه القومية العفرية – واعتبار لغاتهم لهجات محلية – ومثل هذه السياسات والممارسات التي كانت تنتهجها جبهة التحرير الإرترية وغيرها من الفصائل الإرترية الأخرى كانت سبباً لتوتر علاقاتهم مع العفر واشتعال نيران الحرب الذي أدت الى طردهم واخراجهم من منطقة دنكالية ثلاثة مرات متتالية إبتداء من عام 1968م ومرورا بعام 1973م ونهائياً في بداية الثمانينات (1981-1982)م وبعدها لم تتمكن الحركات الإرترية الرجوع الى منطقة- دنكاليا – إلا في 24 مايو 1991م عندما استولت الجبهة الشعبية على مدينة عصب عاصمة دنكالية وأجزاء كبيرة من مناطق العفر .. لذا نجد أن أول من روج واتهم العفر الى سعيهم بإنشاء دولة العفر الكبرى أو (دنكاليا الكبرى) في أجزاء من أثيوبيا وإرتريا وجيبوتي هم الإرتريون لإثارة هذه الدول ضد العفر لتقويض المسألة العفرية في المنطقة .
وللحقيقة نقول أن كثيرا من العفر كانوا يؤمنون بالوطنية الإرترية وناضلوا بكل إخلاص لأجل هذه القضية ، ولكن إقدام الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا على إرتكاب مذبحة عسعيلا في أغسطس 1988م ضد الشعب العفري العزل ، والتي راح ضحيتها مئات من الشعب العفري وقامت بإقتياد الباقين من أبناء هذه المنطقة وضواحيها ومنطقة بوري الي الساحل مما أوجد رد فعل وتزمر شديد ضد الجبهة الشعبية لدى جميع فئات المجتمع العفري بما فيه المؤيدين والمتعاطفين مع القضية الإرترية فضلاً عن المناهضين لها . وأسرع الشعب العفري بتكوين ميليشيات عفرية مسلحة للدفاع عن منطقة دنكاليا ضد عدوان الجبهة الشعبية على هذه المنطقة أسابيع بعد إنسحاب الجيش الأثيوبي منها .
فإن المسألة العفرية وعواملها في إرتريا يجب أن تعامل بحكمة وتفهم لخصوصيتها ، وذلك لوعيهم القومي الرامي لإيجاد كيان مستقل خاص بهم نتيجة لعدم تجانس العفر مع الأخرين وهذا حق مشروع الذي يكفل له الشرائع السماوية والأعراف الإنسانية علي المر العصور بما فيه القوانين الدولية المعاصرة، وكذلك لإختلاف العفر عن بقية القوميات الأخرى التي تتكون منها دولة إرتريا في شتى النواحي دينيا، ثقافيا، تراثا ، وعرقا .
إن العفر ووعيهم لقوميتهم وموقعهم الإستراتجي الهام علي البحر الأحمر يمكن تحويل المنطقة بأسرها الي ساحة صراع دامية تؤثر علي أمن وسلامة إرتريا ، وأن الأزمة القائمة في إرتريا بين نظام عنصري مهيمن ، والمعارضات الإرتريا بما فيه التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر تنحدر بشدة الي الحروب الأهلية لتصبح شبيهة بالمأسات الصومالية ، والذي يجعلنا نعتقد ذلك إستبعاد الطغمة الحاكمة في إرتريا لأي تسوية سلمية تفضي إليه المفاوضات السلمية بينها وبين مطالبي الحقوق والتي لم يعترف بها ، والذي أن يقلص حجم الفئة المهيمنة والمحتكرة علي السلطة والثروة والبلد ، ولهذا ترفض هذه الطغمة الحاكمة في إرتريا بإعادة الحقوق لأهلها جملة وتفصيلا . ولذا نرى نحن في التنظيم الديمقراطي لعفر البحر الأحمر الإعتراف بحق تقرير مصير الشعوب بما فيه حق الإنفصال المستند الي الدستور الذي يحمي حقوقهم المشروعة وذلك لضمان الحقوق ولسلامة دولة إرتريا.
التعليقات (0)