اتسمت الحروب الحديثة بسمات مختلفة تماما مع أسس ومبادئ فن الحرب وتنوعت مفاصل التخطيط والتنفيذ والإسناد وتبتعد كل البعد عن السياقات العسكرية المهنية التي تعتمد عليها الخارطة الجيوعسكرية وخصوصا المعسكر الشرقي( العقيدة الشرقية) ليطرح مشروع استراتيجي عسكري( خصخصة الحرب) عام 1992في عهد بوش الأب, وتبنى تنفيذه ودعمه "ديك تشيني" رئيس شركة Halliburton "دونالد رامسفيلد" وزير الدفاع السابق" ليظهر جيل جديد من الصراع والحرب القذرة لا تعتمد على المبادئ والقيم الإنسانية التي تقرها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ومواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف, التي حددت بنودها دول وحضارات تؤمن بقيمة الإنسان وقدسية خلقه لزمن مضى وحمل معه أخلاقيات وشهامة ورجولة وإنسانية جيل رسم بالدم حدود لوحشية البشر وإطماعه, وحد السيف لمعاقبته ومقاضاته من اجل الأهداف الإنسانية السامية, وبدخول الألفية الثالثة الحروب الوحشية التي خلفت مجازر ودماء تصل في توصيفها الى مصاف جرائم الابادة البشرية (الابادة للجنس البشري) والتي راح ضحيتها الملايين من المدنيين الأبرياء بعد أن أحادية القطبية وعولمته وقذارة مخططاته التي تجعل من شعوب الدول الأخرى أجسادا مقطعه تنهش بها الغربان والذئاب وتستهدفهم الواحد بعد الأخر لتسود سطوة وجشع رؤساء الشركات الأمنية الخاصة وإنعاش سوق التجنيد الحالي للشباب العاطلين عن العمل والمجرمين ومجرمي الحرب الذين طردوا من جيوشهم, وآخرين يمتهنون الإجرام والقتل في كل زمان ومكان من اجل حفنة دولارات, وارتكبوا جرائم التطهير العرقي والطائفي والمذهبي لتشويه الدين الإسلامي عن طريق منظمات مخترقه تدار وتدعم من قبل المخابرات الأمريكية والموساد والمخابرات الأجنبية من خلال عناصر شركات الخدمة العسكرية الخاصة, لتصبح احد الركائز الأساسية لتنفيذ المخططات الاستراتيجية الشبحية والمهيمنين على تجارة شركات الخدمات العسكرية الخاصة والتي تتخذ من دول العالم الثالث ميدان لجرائمها وأعمالها القذرة, منطلقه من قاعدة مرتكزاتها, جيوش , منظمات ,واجهات ,قواعد جوية , أساطيل ,حصانه لا مثيل لها في العالم , ويمكن توصيفهم سفاحو بغداد الحقيقيين .
شيعت في الآونة الأخيرة فضائح الشركات الأمنية العاملة في العراق, والتي تؤدي أدوارا قذرة وأكثرها فضيحة شركة" بلاك ووتر", التي نسبت إليها جريمة قتل المدنيين الأبرياء في ساحة النسور وموثق ضدها أكثر من 229عملية قتل للمدنيين العراقيين 198منها كان منتسبي هذه الشركة هم البادئون بالقتل والباقي هم البادئون بإطلاق النار وكلاهما الضحية من المدنيين الأبرياء العزل من أبناء الشعب العراقي, وهناك شركات كثيرة تعمل على الأراضي العراقية والبالغ عددهم 138000الف منتسب أجنبي من مختلف دول العالم مهنتهم القتل المجاني المدفوع الأجر , وأثارت قضية التعذيب التي تعرض لها الأسرى العراقيين في سجن أبي غريب من قبل عناصر جنود الاحتلال الأمريكي جدلا كبيرا وعميقا وردود أفعال واسعة وغاضبه على الصعيد الدولي والعربي والإقليمي؟, وسرعان ما استدركت الإدارة الأمريكية والبنتاغون الأمر, وسارعت للدفاع عن سمعة قواتها في العراق لتصرح" أن المتهمين بعمليات التعذيب أشخاص لا ينتمي معظمهم الى الجيش النظامي الأمريكي بل هم عناصر مرتزقة ينتمون الى ما يعرف شركات الأمن الخاصة, التي من ضمن مهامها المشبوهة" انتزاع الاعترافات والمعلومات من الأسرى لصالح قوات الاحتلال" بوسائل تعذيب مختلفة وبالتأكيد أنهم على سباق بل وتفاخر مع القوات النظامية في الإيغال بالدم العراقي, وهنا تجنب المسئولون الأمريكيون-ساسه-عسكر-موظفون-إعلاميون الخوض في تفاصيل هذا الانعطاف في تاريخ الجيوش وخصوصا وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون التي لا تكشف للعلن تنامي قدرات هذه الشركات امنيا وعسكريا في مختلف المجالات الى جانب تشكيلات الجيش النظامي وأدوارها القذرة في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في ما وراء البحار, في مناطق التوتر والحروب التي تتدخل فيها الولايات المتحدة ويعود تاريخ التعاون مابين المرتزقة والجيش النظامي الى حرب فيتنام في الستينات من قبل وكالة الاستخبارات المركزيةCIAوالتي كانت تعمل ضمن برنامج سري يعرف ( العمليات السوداء) ويستخدم فيها المرتزقة لتنفيذ عمليات اغتيال وتخريب ضد أهداف معاديه لا تريد الولايات المتحدة التورط فيها بشكل مباشر وخصوصا أن خسائر هذه الشركات لا تعتبر على الصعيد الرسمي خسائر للجيش الأمريكي.
التعليقات (0)