مواضيع اليوم

حقيقة ما يجري في سوريا

حسام الدجني

2013-05-26 12:40:06

0

عملية إيقاف استخدام الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربائية أصبحت هدفًا إستراتيجيًّا للعديد من دول العالم؛ لمخاطره الكبيرة على حياة الإنسان، وللتغيير المناخي الذي يحدثه، وأثره على البيئة، ولذلك وجدت الدول الكبرى أن الغاز الطبيعي هو أفضل الوسائل لتوليد الطاقة الكهربائية؛ لقلة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث منه، وساهمت كارثة فوكوشيما باليابان التي حصلت نتيجة الزلزال الكبير في 11/3/2011م، ونتج عنها زيادة في النشاط الإشعاعي؛ في أن تبدأ دول العالم باستخدام الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، كما فعلت ألمانيا والسويد وغيرهما من الدول.

ما سبق قراءة في أهمية الطاقة للدول الكبرى، ودورها في تأجيج الصراع الدولي، وهنا نعود إلى الثورة السورية، ففي 15/3/2011م بدأت شرارة الثورة السورية، وحملت الجماهير السورية مطالب مشروعة، ولكن لم يقرأ النظام السوري المشهد جيدًا، وعمل على قمع تلك التظاهرات، وتأخر خطاب الإصلاح من الرئيس بشار الأسد كثيرًا، واعتقد الأسد أن شرعية المقاومة والممانعة قد تمنحه شرعية البقاء، فبدأت التدخلات الخارجية، فدول وقفت مع النظام ودول دعمت المعارضة، وكلاهما لم يقفا بجانب الدولة السورية أو الشعب السوري، وإنما عملا لخدمة مصالحهما، وهذا السبب الرئيس وراء إطالة أمد الأزمة السورية.

فما هو موقع الثورة السورية في النظام الدولي؟، وما هي مصالح الدول الإقليمية؟، وما مستقبل الثورة السورية؟

أولًا: موقع الثورة السورية في النظام الدولي:
ما يجري في سوريا يعكس التحولات الكبيرة في بنية النظام الدولي الذي بدأ ينتقل من النظام الأحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب، فالصراع الروسي الصيني مع الولايات المتحدة وحلفائها يعكس وجوده في المشهد السوري، وكلٌّ منهم له أدواته الإقليمية، فأدوات روسيا والصين هي: إيران والعراق وحزب الله، أما الولايات المتحدة وحلفاؤها فأدواتهم هي: تركيا وقطر والسعودية، وهناك دول أخرى أخذت موقف الحياد نتيجة حسابات الربح والخسارة لها.
المستوى المحلي (القُطْري):
أي نظام سياسي في العالم يبحث عن عناصر القوة التي من شأنها ضمان ديمومته واستمراره، وحال نظام بشار الأسد كغيره، فما يبحث عنه اليوم هو البقاء في سدة الحكم، مهما كانت النتيجة، في المقابل هناك شعب له مطالب عادلة، ولكنه اصطدم بواقع مرير، وتخاذل دولي كبير، وهذا مؤشر على قوة المصالح على حساب قوة المبادئ، وهذا ما يحصل في سوريا اليوم: جرائم ومجازر، وتدمير لجيش نظامي من أقوى ثلاثة جيوش عربية في المنطقة.


ثانيًا: الثورة السورية ولغة المصالح:
تنقسم المصالح بين الولايات المتحدة وروسيا، فالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها تكمن مصالحهم مما يجري بسوريا في:
1- تمرير المشروع القطري لضخ الغاز الطبيعي من الدوحة مرورًا بالسعودية وسوريا وصولًا إلى تركيا ودول أوروبية أخرى، وهذا من شأنه كسر الاحتكار الروسي لتوريد الغاز والنفط لدول أوروبا، ودفع تركيا للاستغناء عن الغاز والنفط الإيراني.
2- وقف تدفق السلاح الإيراني عبر الأراضي السورية لحزب الله، ما يضمن أمن واستقرار (إسرائيل).
3- تأجيج الصراع المذهبي بالشرق الأوسط وصولًا إلى محاولة دمج (إسرائيل) في المنطقة.
4- تدمير الجيش العربي السوري، وتفكيك تحالفاته مع إيران والمقاومة الفلسطينية واللبنانية.

أما روسيا وحلفاؤها فتكمن مصالحهم فيما يلي:
1- الحفاظ على القاعدة البحرية العسكرية الروسية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، والموجودة في طرطوس.
2- روسيا تورد لسوريا ما يقارب 10% من صادراتها من الأسلحة، وبذلك يعني تغيير نظام الأسد لها خسارة اقتصادية وإستراتيجية.
3- تمرير مشروع الغاز سيهدد اقتصاد روسيا وسوق الطاقة الروسية؛ لأنه سيكسر احتكار روسيا لتصدير الغاز للقارة الأوروبية، وسيضعفها سياسيًّا.
4- إيران عقدت صفقة مع السوريين لإيصال النفط والغاز الإيراني عبر أنبوب يمر بالعراق وصولاً إلى سوريا، وبذلك ستعمل إيران على الحفاظ على هذا المشروع الإستراتيجي.

ثالثًا: مستقبل الثورة السورية:
تشابك المصالح سيزيد من تعقيدات المسألة السورية، ودخول تيارات قريبة من تنظيم القاعدة يدخل متغيرًا جديدًا يتمثل بالإرهاب، وكل طرف سيحاول أن يستثمر الخطأ الكبير الذي تبنته جبهة النصرة بمبايعتها لتنظيم القاعدة، فالولايات المتحدة وبعض الدول الغربية اتخذته ذريعة للتقاعس عن دعم المعارضة، أما النظام وحلفاؤه فاستثمروا ذلك بتهديد العالم بأن البديل عن الأمن والاستقرار الذي كان يوفره بشار الأسد هو إرهاب القاعدة في منطقة الجولان المحاذية لفلسطين المحتلة.

الخلاصة: يجب أن يعي الشعب السوري ونظامه أن عالم اليوم لا يدعم المبادئ، وإنما يدعم المصالح، ومن مصلحتهم تدمير سوريا، ولذلك وجب التفكير جديًّا بالحل السياسي للخروج من المأزق، وعلى الرئيس بشار الأسد اتخاذ قرار جريء بالتنحي عن المشهد السوري ليكون ذلك مدخلًا لإنجاح مؤتمر (جنيف 2).




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات