حقيقة حول المواطنين في صعده
لـ/أحمد أحمد الرازحي
دعوني أقول الحقيقة عن المواطن في صعدة ،فقد حيرتني الحرب بكل تفاصيلها
ومشاهدها ،الحقيقة تلك الجوهرة الضائعة الميتة في النفوس والمغيبة عن
التفكير واللامتناوله في السلوك،المشتقة من الحق التي ماتركت لها صديقاً
كما قال الإمام(ماترك لي الحق صديقا).
بعيداً عن منطق التخوين ،وثقافة البطولية ، والهجوم السياسي
المُبرروتقرباً الى وضع النقاط على الحروف.
إن كلاً منا يحمل حقيقة دفينه ،مخبأة بكل تناقضاتها ومنحنياتها ،موضوعة
في أغوار النفس ،وكلما مضى عليها الزمن دُفعة أكثر وأكثر الى الأعماق
خوفاً من الظهور .
تنتهى الحرب في الظاهر ،لكن هناك حقيقة دفينه باطن العنف الأكثر
حظوراً،يُُتابع الموطن الصعدي مراحل الحرب ويعيشها خطوة خطوة أصبح خبيراً
عسكرياً لتفسير متى تبدأ الحرب ومتى تهدأ...،يتابع جولات المعركة حيث
قضية الحرب ممطورة في الأعماق ،ومحاطة بمخاوف وتناقضات من كل لون.
يعيش المواطن في سرداب التناقضات ،بين الأمل الشبابي الطامح بالمستقبل
واليأس القاتل المتردد من ناحية أخرى ،بين الأصول الغنية السعيدة وبين
أصول المخيمات الفقيرة الخشنة،بين حب الحرية وحب الوحدة،بين القوة
والضعف،بين الروح والجسد ،بين الداخل والخارج ،بين الظاهر والباطن ،بين
ذكريات ماقبل 2004وواقع مابع 2004.
من كل هذا أوغيره ومن ضميريُحيى المعذب بين المتناقض،تتألف الحقيقة حول
الحرب وكيف أصبحت ثقافة مترسخة تهاجم الطفل في المهد والكهل في
اللحد،نزعت التفاؤل والأمل ،أصبح المواطن في حالة غيبوبة تعتريه منذعرف
هذه الحرب ،غيبوبة علاقة ،أصبح فيها مجردكائن لايربطه بها إلا رابطة
خالدة في تكوينه يتحدث عنها ويتخيلها حين تغيب ويحلم بها،في حالة عذاب لم
يشعر به من قبل ،أبشع أنواع العذاب ،إذا سأل نفسه ماذا يفعل عذبه
السؤال،وإذا أجاب عذبته الأجابة ،وإذا حلم تعذب وإذا شكى قاسى مر الهوان
،يجمع كل قواه وطاقاته وإرادته وقدراته محاولاًللبحث عن مخرج فيضل رهين
التيه والضياع ويكون حليفه الخيال الذي يهرب اليه خوفاً من همجية وغدر
الواقع التعيس الذي يهرب منه أهله ولو الى المجهول ،كيانه يزأر ،وكل خلية
تصرخ ،تفكير طويل لغير ماهدف أوفكره على الفاضي،يظل في تلك الدوامة ،بين
أشواقه التي تذكره بعائلته والآف الأشياء التي غادرها ،البيوت الرمادية
الداكنة ،غصون القات الرابية ، المكان الذي لم يكن فيه ضجة ولاطنين ،بل
الهدوء الحافل الكبير هدوء يغري بالهدوء .
لأجل هذا لابد من قول الحقيقة وننهال على نفوسنا بصفعات داخلية ،ونخرج
النفس من جنازة الخجل التي تقطر مرارة وألماً،لاداعي من التفرج على نفس
أخرى غيرنفسك ،نفس أخرى تُحب أن تجد قطرة حب تمتصها فلا تجدها ،فتئن
وتتلوى ،نفس تُحب أن تعيش حياة السلم والأمان حياة التعليم وفتح المدارس
والمستشفيات... ،نفس تحب أن لاتُحمل مالم تكلف وأن لا يلصق بها ماتبرأ
منه.
نفس تُعد ضحية الجميع من أبناء هذا الوطن وإن حاولوا التهرب والتنصل من
المسؤلية ،فالجميع مسؤل حتى عن الصمت لأن المسألة مسألة نفس كُرمت
وقُُدست على كل المخلوقات لكنها أنتهكت وأصبحت أقل قيمة في ظل حياة
الغابة وفي ظل الصمت القاتل
التعليقات (0)