ماهر حسين.
أرسل لي أحد القراء مجموعة من الرسائل البريدية لأخبار منشورة بمواقع الانترنت يتحدث بعضهـــا عن (توصية أمنية إسرائيلية بدعم مالي عاجل للسلطة )و(مطالبات إسرائيلية بالتدخل لمنع انهيـــار السلطة) و(استصدار تصاريح للعمال الفلسطينيين في إسرائيل) !!!
فهمت فحوى الرسائل بدون أن يضيف هذا القارئ العزيز أي مداخلة .
أرهقني هذا القارئ الذي لم يضف أي تعليق للإخبار الثلاث... أرهقني بإعداد الرد بعد فهم القصــــد ولكن يمكن استنتاج رأي القارئ الكريم والمرتبط بوعيه وقناعاته السياسية .
على كلا" أعتقد بان محتوى الرسائل يشير وبوضوح إلى أن هنــــاك (خشية إسرائيلية من سقوط السلطة الوطنية الفلسطينية)على خلفية الاحتجاجات التي كانت منذ أيام وبشكل أخر يمكن الاستنتاج بان (لمصلحة الإسرائيلية تقتضى وجود السلطة الوطنية الفلسطينية)وبشكل أخر أكثر فضفاضة قد يعتقد القارئ العزيز بأن (هناك تعاون يصفه البعض بالتنسيق بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل ).
لست مع الاستنتاجات الثلاث وان كنت أفهم إشارة القارئ الكريم ...أنا مؤمن بان الموقف الإسرائيلي الحالي بين السلطة وإسرائيل هو موقف ولقاء على خلفية الوجود وفقط ...اللقاء على خلفية الوجود مرتبط بالجغرافيا وبمصالح الطرفين اليومية والحياتية ..فعندما نتحدث عن الجغرافيا مثلا" فعلى كل منا أن يعي بان وجود مرض أو وباء في الضفة الغربية سيجعل إسرائيل تقوم بحملة تلقيح لمواطنيها والعكس صحيح ولا يمكن القضاء على هذا الوباء بدون تعاون الطرفين وهذا هو اللقاء على خلفية الوجود بجغرافيا كالتي نعيشهــــا نحن وهم .
وهنا وللتذكير فإن المظاهرات المناهضة للغلاء قد بدأت في إسرائيل سابقا" لنـــا وقد كنت قد تناولت تلك المظاهرات بمقال ويحق لي أن أفخر الآن بمساحة الديمقراطية التي تعاملت بها السلطة مع المتظاهرين وهذا لا يوازيه أي نموذج سوى النموذج الديمقراطي في إسرائيل وكيفية تعاطيه مع الاحتجاجات وان كانت عمليات التخريب المصاحبة للاحتجاجات تشير إلى فرق الوعي بين الشعبين وللأسف .
إذا الحياة اليومية ومتطلبات الوجود والجغرافيا تفرض تعاون بمستوى مـــا بين الطرفين ،وبالطبع الأمن لمواطنينا ولمواطنيهم في إسرائيل يتطلب تعاون بين الطرفين لمواجهة العصابات والتخريب والسرقة والإرهاب كذلك وهو ما يطلق عليه التنسيق الأمني وهناك ضرورات أخرى يعيشها أهل فلسطين مرتبطة بالعلاج وغيره من قضايا تقتضي اللقاء والتعاون.
هذا التعاون موجود وواجب أما الخلاف بين الطرفين وأقصد هنا القيادة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية فهو خلاف كبير جدا" وبل هو تناقض واضح وصريح بين حكومة تؤمن بالاحتلال والاستيطان لأرض الغير لفرض وقائع على الأرض وبين حكومة تسعى للتحرر ولإقامة دولتها على ما تبقى من أرض لها وبما يتناسب مع كل القوانين والمعاهدات والقرارات الدولية .
لا لقاء بين الحكوميتين بحكم الاختلاف ولا لقاء بين الحكومتين بحكم تناقض الأهداف ..الرئيس أبو مازن يسعى للسلام ورئيس وزراء إسرائيل يريد فرض وقائع على الأرض بالاستيطان والحدود الجديدة والقدس المٌهودة ...بهذا المنطق أرى العلاقة بين السلطة الفلسطينية وبين الحكومة الإسرائيلية .
من يعتقد بان إسرائيل تريد سلطة فلسطينية قوية فهو واهم وهذا الوهم نابع من ضعف في التحليل فلا نستطيع بعالم السياسة أن نعتمد على خبر من هنا أو هناك لتحليل الموقف ولكن علينا أن نقوم بعملية دراسة شاملة وواسعة للموقف العام لنخرج باستنتاجات حول الموضوع وليكون تحليلنا منطقيا" وهنا أرجو من القارئ الكريم صاحب الرسائل الثلاث أن يسأل نفسه وبدقه :
ماذا فعلت إسرائيل لدعم وجود السلطة الفلسطينية ولدعم الرئيس أبو مازن كوسيلة لدعم خياراته القائمة على السلام والتسوية !!!!!
هل تم أطلاق سراح أسرى كبادرة حسن نية أم تم دعم خيار الخطف !!!!هل ساعدت إسرائيل على تحسين الاقتصاد أم حجبت الأموال الفلسطينية ومارست عليها القرصنة !!!هل وافقت إسرائيل على تقوية الأمن أم أضعفته !!!هل قامت إسرائيل بمنع تجاوزات المستوطنين !!!! ام شاهدتها ووافقت عليها !!!!!هل أوقفت إسرائيل الاستيطان (الشرعي ) أو (الغير شرعي )- أنا مؤمن بان كل الاستيطان على الأراضي المحتلة عام 1967 هو غير شرعي بموجب القانون الدولي - !!!!!هل ساهمت إسرائيل بدعم خيار التسوية والعمل من اجل السلام أم على العكس !!!!كيف تعاطت إسرائيل مع التحرك السياسي وأكرر السياسي الدبلوماسي للسلطة وللقيادة هل دعمته كوسيلة أم اعتبرته حرب !!!!هل تقبلت هذا التحرك السياسي أم رفضته !!!وما هي بدائل التحرك السياسي التي تحاول إسرائيل أن تفرضها علينا لضرب المنجز الوطني والمتمثل بالوجود على الأرض !!!هل إسرائيل جزء من الأزمة الاقتصادية أم لا !!!!هل إسرائيل تتعاطى مع القيادة كشريك أم كطرف أخر وأحيانا" عدو واضح تماما"وأرجو متابعة تصريحات ليبرمــــان وما يوازيها وللأسف من تصريحات حماس حول الرئيس أبو مازن .
لا أريد الاسترسال بالأسئلة ولكني أرجو أن يحاول القارئ الكريم أن يفهم حقيقة الموقف الإسرائيلي من دولة الإخوان بغزة كمثال .
إسرائيل الآن تحقق مصالحها بالهدوء في غزة وتتعاون مع حماس مباشرة وغير مباشرة لوقف أي أشكال من التصعيد بين الطرفين والحرب التي تشنها حماس على من يقوم بإطلاق صواريخ على إسرائيل معلومة للجميع ..إنها حرب الإسلاميين في السلطة على الإسلاميين خارج السلطة في غزة !!!!!
ببساطة يجب أن نعي المواقف الإسرائيلية ونحاول أن نفهمـــا بعمق لا بسطحية ...فها هي إسرائيل تتعاون بهدنة يبدو انها دائمة مع حماس التي تريد (تدمير إسرائيل ) و(تحرير فلسطين من النهر للبحر ) وهذه شعارات تقوم حماس بخداع المواطن الفلسطيني بهــــــــــــــــــا .
إسرائيل لا تريد للقيادة الفلسطينية وللسلطة الفلسطينية الاستقرار والهدوء لان هذا يساعدها على التحرك بشكل أكثر فاعلية على النطاق السياسي والدبلوماسي وهذا التحرك يؤثر على إسرائيل وعلاقتاها ودورها بالمنطقة وأفضل ما يخدم إسرائيل اتجاه السلطة هو :
الانقســــــــام القائم و ضرب الاستقرار السياسي والاقتصادي بالضفة كمقدمة للدولة الفلسطينية التي يقبلها العالم .
بالنسبة لي أنا مؤمن بأن المخرج الحقيقي من أزمة الاحتجاجات على الغلاء هو الانتخابات كوسيلة للاستفتاء على أداء الحكومة وتحديد الرأي بسياستهـــا وكذلك كلي إيمان بأن المخرج من أزمة الانقســــــام هو الانتخابات الديمقراطية ليختار شعبنا من يقوده .
أخيرا" أود التأكيد بأنني مؤمن بان الحل الأفضل للصراع العربي الإسرائيلي هو حل الدولتين وفي هذا الحل استقرار للمنطقة كلها ومن هنـــا أنا أتفهم تصريحات (كاثرين اشتون) عندما قالت :من غير المسموح فشل السلطة الفلسطينية وعلى حكومة إسرائيل أن تفهم بأن دعم خيارات السلطة لا يحتاج إلى تصريحات ولكنه بحاجة إلى إعادة الأمل بعملية السلام وبإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعندها قد نحتج على الغلاء في دولتنا بشكل أفضل حيث لا نستطيع لوم الاحتلال أو (اتفاق باريس).
التعليقات (0)