فضاء الكلمة
حقوق المرأة.. بالعمل وحده يكون الرد
بقلم : خليل إبراهيم الفزيع
كثيرا ما تقلقنا تقارير بعض المنظمات الدولية، فنهرع إلى تكذيبها والتنديد بها والرد عليها، بالمقالات المطولة التي تفند ما تنطوي عليه تلك التقارير من حقائق أو مزاعم مما لا يتفق مع الصورة التي نريد الظهور بها أمام العالم في حالة من الكمال هي في الواقع مستحيلة بالنسبة لكل الدول والشعوب، لا فرق في ذلك بين دولة وأخرى أو شعب وآخر، فالكمال لله وحده.
وليس ببعيد عنا تقرير هيئة الخبراء لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن حقوق المرأة والأسرة والطفل في بلادنا، والذي اكتفينا حوله بالكلام الجميل بدل الإقرار بالتقصير ومعالجة الأخطاء بما ينسجم مع ديننا الحنيف وتقاليدنا الأصيلة، مما يعتبر شأنا داخليا لا أحد معني به أكثر منا، ودون الالتفاف لمواقف الآخرين الذين يتحركون بدافع سوء الفهم وعدم مراعاة القيم الإسلامية التي تحدد تحفظنا على بعض بنود بعض المعاهدات والاتفاقيات الدولية، انطلاقا من تعاليم ديننا، وفهمنا الراشد للخطوات الإصلاحية في مختلف المجالات، وهي خطوات تمليها مصلحة الوطن والمواطن، ولا تفرضها تقارير لجان منظمات دولية خاصة فيما يتعلق بالبنود التي تم التحفظ عليها لأسباب تتعلق بالثوابت غير القابلة للأخذ والرد والجدل العقيم.
والذين يتحدثون عن حقوق المرأة يتجاهلون ما ضمنه لها الإسلام من صيانة لكرامتها وحفظ لعفتها، وحثٍ لها على طلب العلم باعتباره من اوجب الواجبات للمرأة والرجل على السواء، وما أتاحه لها من فرص المشاركة في بناء الأمة، وإن كان ثمة قصور في هذا لشأن فإنما مصدره الفهم الخاطئ لموقف الإسلام من المرأة، التي تعاني في مجتمعات أخرى ومنها المجتمعات الغربية من الاضطهاد والتمييز والقهر والعنف الأسري والتشرد، ما لا يمكن قبوله في المجتمع الإسلامي، ومع ذلك فإن المواقف المنصفة تغيب عن معدي مثل هذه التقارير الأممية، وهذا سبب وجيه لعدم إعطاء مثل هذه التقارير كل هذا الاهتمام الذي يعني بالضرورة الاعتراف بصحتها رغم بطلانها الواضح، ومجانبتها حقائق الأمور وبعدها عن الواقع في حالات كثيرة.
إن الرد الحقيقي في مثل هذه الحالات هو السعي لتجاوز أوجه القصور في أي مرفق قد يتعرض للنقد من الداخل أو الخارج، وهذا الرد العملي هو المطلوب لسد مثل هذه المنافذ التي تهب منها رياح ليست بالضرورة نقية وسليمة من شوائب الأهداف المشبوهة، مع التأكيد على أن الإصلاح لا يفرض من الخارج، بل ينبع من حاجة المجتمع، ويستجيب لطموحات أبنائه في سعيهم الدائم للمشاركة في صنع حضارة العصر، والإسهام في تقدم البشرية وازدهارها.
إن الانصراف إلى العمل لتجاوز التقصير في أي مجال هو الرد الحقيقي على كل التقارير الأممية، أما الكلام فما أكثره وما أسهله، فلسنا معنيين بالتقارير الأممية التي تتعامل مع واقعنا بشكل استفزازي، متجاهلة معطيات هذا الواقع ومكاسبه الواضحة والملموسة للجميع، وهذا موقف لا يعني أن نتجاهل ما في واقعنا من قصور نحن أدرى به من غيرنا، ونحن ألزم بتجاوزه من غيرنا وذلك عن طريق الإصلاح المتأني والمتوازن مع أهدافنا وغاياتنا وطموحاتنا في واقع مشرق ومستقبل أكثر إشراقا بإذن الله.
التعليقات (0)