الملخص
المملكة العربية السعودية تتصدى للتهديدات والأنشطة الإرهابية منذ عام 2003 بإجراءات تشمل الاحتجاز لأجل غير مسمى بحق الآلاف من المشتبهين، مع منح الكثير منهم فرصة للمشاركة في برنامج للمناصحة الدينية غايته "إعادة تأهيلهم". وقد تم الإفراج عن 1500 محتجز على الأقل من بين المشاركين في هذا البرنامج. وأشادت الحكومات الأجنبية بنجاح الحكومة السعودية الظاهر في برنامج إعادة التأهيل الذي يعمل على مقاومة الأنشطة الإرهابية، متجاوزة بذلك – تلك الحكومات – حقيقة أن المشاركين في البرنامج لم يكونوا مجرمين مُدانين بل رجال محتجزين منذ فترات طويلة دون نسب اتهامات إليهم.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 – بعد خمس سنوات من سلسلة الاحتجازات الأولى – أعلنت السلطات السعودية أن مجموعة قوامها آلاف المقاتلين المشتبهين ما زالوا رهن الاحتجاز، و991 شخصاً منهم من المقدر أن يخضعوا للمحاكمة. ومنذ ذلك الحين، لم تظهر عن الإجراءات القضائية إلا القليل من المعلومات النادرة. وفي 8 يوليو/تموز 2009، أعلنت وزارة العدل أن إحدى المحاكم أدانت 330 رجلاً بجملة من الجرائم المتصلة بأعمال العنف، وأصدرت حُكم الإعدام بحق واحد منهم.
هذا التقرير يقيّم أولاً برنامج المناصحة الدينية الذي توفره السلطات السعودية للمقاتلين المشتبهين المحتجزين، وثانياً، أعمال الاحتجاز المنهجية لأجل غير مسمى بحق المقاتلين المشتبهين من قبل جهاز الاستخبارات الداخلي، وهو المباحث، في خرق للحظر الدولي على الاحتجاز التعسفي ومطالبة القانون السعودي السلطات بأن تحيل المحتجز إلى المحكمة خلال ستة أشهر من القبض عليه، وثالثاً، المحاكمات التي بدأت في عام 2009 بحق بعض المشتبهين.
يبدو أن المملكة العربية السعودية قد اتخذت قراراً متأخراً – وإن كان ضرورياً – بإحالة المحتجزين منذ فترات طويلة إلى المحكمة، من المشتبهين بالتورط في أعمال عنف. إلا أن نقص المعلومات الرسمية وغياب المراقبة العامة لهذه المحاكمات لهو مما يلقي بظلال من الشك على نزاهتها، ومما يلقي الضوء على هذا وجود مؤشرات على أن المدعى عليهم لا يمكنهم مقابلة المحامين أو هم لديهم الوقت أو المعدات الكافية لإعداد الدفاع. وهذا رغم وعود تقدم بها المسؤولون للإعلام في عام 2008، بأن المحاكمات ستكون مفتوحة وعادلة. ويجب أن يُتاح الطعن في الأحكام في محكمة مفتوحة. ويجب أن تعمل السلطات السعودية على ضمان أن تشمل الإجراءات منح المدعى عليهم جميع ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك ضمان إتاحة المحامين المؤهلين لكل محتجز حسب اختياره مع كفالة الوقت الكافي والسبل اللازمة لتحضير الدفاع، والسماح للمحامين بعرض الأدلة والطعن في أدلة الادعاء. ويجب أن تفتح السلطات السعودية الجلسات لحضور الجمهور وأن تسمح للمراقبين بمراقبة عدالة المحاكمات.
كما يجب أن تضمن السعودية أن جميع المحتجزين الذين ما زالوا في عهدة المباحث، إما يتم الإفراج عنهم أو تقديمهم للمحاكمة بناء على اتهامات جنائية يمكن محاكمتهم عليها وضمن إجراءات تقاضي تكفل لهم حقوق إجراءات التقاضي السليمة. وعلى أية حال، يجب أن يمثل جميع المحتجزين على الفور أمام محكمة قادرة على الحُكم في قانونية احتجازهم وأن تأمر بالإفراج عنهم إذا ارتأت ذلك، ويجب أن تلتزم السلطات فوراً بالقواعد ذات الصلة الخاصة بديوان المظالم (المحكمة الإدارية السعودية) وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، وقامت الجهتان بمراجعة بعض حالات الاحتجاز وتبينت أنه احتجاز تعسفي. ويجب منح تعويض لمن تم احتجازهم تعسفاً.
وعلى الحكومات الأجنبية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، التي أشادت ببرنامج المناصحة الدينية السعودي لكونه أدى ظاهرياً لمقاومة النشاط الإرهابي، أن تلتزم بمراقبة المحاكمات لتتبين درجة التزامها بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
التوصيات
إلى الحكومة السعودية
•يجب أن تُفرج السلطات السعودية عن محتجزي المباحث أو أن تنسب إليهم اتهامات جنائية يمكن محاكمتهم عليها وأن تقدمهم للمحاكم. جميع المحتجزين يجب أن يمثلوا فوراً أمام محكمة قادرة على البت في قانونية احتجازهم وأن يكون ضمن ولايتها الأمر بالإفراج عنهم.
•جميع محتجزي المباحث الذين طعنوا بنجاح في احتجازهم أمام ديوان المظالم يجب إخلاء سبيلهم على الفور.
•على السعودية أن تعمل على ضمان منح إجراءات التقاضي المدعى عليهم جميع الضمانات الخاصة بالمحاكمة العادلة، ويشمل ذلك:
•ضمان أن كل محتجز لديه محامِ مؤهل من اختياره.
•ضمان أن كل محتجز لديه الوقت والسبل الكافية لتحضير الدفاع.
•السماح للدفاع بعرض الأدلة والطعن في أدلة الادعاء والشهود في المحكمة.
•فتح المحاكمات لحضور الجمهور.
•السماح للمراقبين بمراقبة عدالة المحاكمات.
إلى شركاء المملكة العربية السعودية في العلاقات الثنائية معها
•يجب مراقبة إجراءات التقاضي بحق المقاتلين المشتبهين المحتجزين طرف المباحث، وطرح التساؤلات علناً في حال وقوع أية مخالفات في معرض عرض المدعى عليهم للمحاكمة العادلة.
منهج التقرير
لم تمنح السلطات السعودية هيومن رايتس ووتش الإذن بدخول البلاد بناء على طلبنا المقدم في أكتوبر/تشرين الأول 2008، من أجل مراقبة محاكمات المقاتلين المشتبهين. وأثناء الزيارة الرسمية لـ هيومن رايتس ووتش إلى المملكة في نوفمبر/تشرين الثاني 2006 تراجعت السلطات السعودية عن اتفاقها المبدئي مع المنظمة بالسماح للوفد بزيارة السجون التي تديرها المباحث. وبسبب المعوقات التي فرضتها الحكومة على هيومن رايتس ووتش في إجراءها للبحوث داخل المملكة، فإن هذا التقرير يستند إلى مقابلات تمت عبر الهاتف مع أسر المحتجزين (في العادة يقيمون خارج المملكة العربية السعودية) وبناء على تصريحات واردة في الصحافة السعودية والأجنبية وأقوال لنشطاء حقوقيين سعوديين. كما استفاد التقرير من مقابلات أجرتها هيومن رايتس ووتش في عام 2006 مع مسؤولين بوزارة الداخلية بشأن سياسات مكافحة الإرهاب السعودية. ولم نكشف عن أسماء المحتجزين أو عن أسماء أقاربهم أو نشطاء حقوق الإنسان الذين تمت مقابلتهم؛ خشية تعرضهم لأعمال انتقامية.
المصدر: Human Rights Watch
التعليقات (0)