حفيدة الجواهري تكشف اسرار حياة الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري

2017-07-27 14:02:32

حفيدة الجواهري تكشف " اسرار حياة شاعر العرب محمد مهدي الجواهري

شاعر العرب,, محمد مهدي الجواهري ,,وأسرار حياته !!

حوار : ميثاق الفياض

تصوير: مريم حازم

Methaq32@gmail.com

محمد مهدي الجواهري ولد في (26 يوليو 1899) وتوفي في (27 يوليو 1997) وهو شاعر عراقي يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث ولقب بشاعر العرب ,شهدت حياته الكثير من الاحداث الادبية والثقافية والسياسية ايضا , ولاجل التعرف عن قرب عن هذه الاحداث طرقت (ارض العطاء ) باب حفيدته المحبوبه لديه بان فرات الجواهري وهي الحفيدة الرابعة في تسلسل احفاد الشاعر محمد مهدي الجواهري وهي ابنة نجله الكاتب والصحفي فرات الجواهري , لتروي لنا اسرار حياة الشاعر جدها الجواهري

وكان هذا الحوار بيننا ..

- من هي بان فرات الجواهري وأين ولدت وترعرعت ؟

ولدت في اذار1961 بمدينة صوفيا في بلغاريا وقد سميت من قبل جدي الجواهري باسم المدينة التي ولدت فيها (صوفيا) الا انه تم اختيار الاسم العربي ( بان ) من قبل ابي فرات ,

و أمضيت السنوات السبع الاولى من حياتي في صوفيا ببلغاريا ثم جئنا للعراق عام 1968 ودرست في مدارسها مابين كربلاء وقرية بهرز في ديالى وبغداد حتى تخرجت من الثانوية والتحقت بكلية الزراعة لأنال شهادة البكالوريوس في المحاصيل الحقلية من كلية الزراعة جامعة بغداد عام 1985 وعملت ضمن اختصاصي كمهندسة زراعية في السياحة ومرافقها السياحية لكنني اليوم متفرغة للنشاط المدني و الانساني في بلدي العراق.

- هل عاصرت الجد الجواهري وماهي ذكرياتك معه وهل تكتبين الشعر ؟

عاصرت جدي الجواهري لسنوات قليلة قياسا لعمره الكبير فالفارق العمري بيني وبين الجد هو 61 سنة وكان اول لقاء لي بالجد هو عام 1969 عندما عاد للوطن بعد غربته في براغ ,

وما زلت اتذكر لحظة وصوله الى مطار المثنى والفرحة التي عمت المستقبلين وهم يهتفون بالترحيب له , وقتها كنت طفلة في الثامنة من عمري متشبثة باذيال عمتي الكبيرة ومبهورة بما يحدث ولم استوعب ان هذه الشخصية الكبيرة التي يرحب بها كل هؤلاء الناس وينادون باسمه هو جدي , ومنذ تلك اللحظة وحتى عام 1980 وهي السنة التي غادر الجواهري فيها الوطن دون عوده , كانت لقاءاتي بالجد أسبوعيا في بيته ولكن لم تكن بالكثيرة لانه كان كثير السفر ويغيب طوال اشهر الصيف عن الوطن ورغم ذلك فان ذكريات الطفولة والصبا مازالت راسخة في ذاكرتي معه وهي ذكريات جميلة وحميمة جدا .

انا لا اكتب الشعر ولا يوجد شاعر في بيت الجواهري من الابناء او الاحفاد ولكن يمكن القول ان ارثه الادبي سيطر على كل اهل بيته فوالدي صحفي وكاتب واعمامي لهم كتابات متنوعة بين الادب والعلوم , وقراءة الكتب والادب تسري في دمائنا .

- حياة الجواهري الاجتماعية وزواجه هل كان تقليديا ؟

ابدا ,,فقد كان جدي الجواهري اقرب للرومانسية واما زواجه فقد تزوج لمرتين الاولى زوجته (مناهل ) التي سرعان ما فارقت الحياة اثر مرض ألم بها في العقد الثالث من عمرها وقد تألم الجواهري لفقدها كثير ورثاها في قصيدته ( ناجيت قبرك) , ومن ثم تزوجت شقيقتها ( آمنة ) والتي كانت اما حنونه لاولاده وصاحبة طيبة له , وللجواهري من زوجتيه سبعة أبناء أربعة من الذكور وثلاثة من الإناث وثمانية عشر حفيدا.

- ماهي ابرز صفات شخصية الشاعر محمد مهدي الجواهري ؟

ابرز صفات الجواهري هي الثورية والتمرد ولو استعرضت حياته ستجد ان هناك اكثر من تمرد فقد تمرد على العمامة وتحول من طالب في الحوزة الى العلمانية الليبرالية ومعظم قصائده تحمل روح الثورة والغضب على كل القيود وخاصة مع وضع العراق السياسي منذ بداية القرن العشرين وحتى وفاته ولعل قصائد الجواهري تحمل تاريخ العراق قرابة القرن من الزمان , وبطبيعة الشاعر فهو حاد المزاج وسريع التقلب والغضب ولكنه انساني بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولربما انسانيته المفرطة هي السبب الأساسي في حدة مزاجه فهو الثائر الرافض لكل وجوه الظلم والقهر الاجتماعي والديني والسياسي ,

اما داخل بيته ووسط اهله فهو الجد مثل كل الاجداد .. عطوف وحنون وضحوك لاتفارق يده السيجارة وحتى في اخر ايام حياته كان لا يدخن كثيرا لكنه يقلبها يمينا وشمالا , وبالتاكيد فان لشيطان الشعر تاثيره على مزاجه فعندما ياتي مخاض القصيدة ينقلب المزاج ويعتزل في غرفته او صومعته حتى يخرج الينا فرحا كالطفل بولادة القصيدة الجديدة .

- ماذا كان يعمل الجواهري وكيف كان يغطي نفقاته ؟

من خلال سيرة حياته ستجد ان الجواهري امتهن الصحافة ورأس تحرير وإدارة العديد من الصحف وهي مهنة لا تدر الكثير من المال على من يمتهنها خاصة في العقود الاولى من القرن العشرين وحتى قيام ثورة 14 تموز ولهذا يمكن اعتبار الجواهري رجلا فقيرا في ذاك الوقت وكان بالكاد يغطي تكاليف عائلته ومعيشته وعانى من ازمات مالية كثيرة في بداية حياته , بعد ثورة 17 تموز اصبح له راتب تقاعدي وامتلك اول دار ملكية خاصة في حي الصحفيين في منطقة اليرموك ببغداد , ولا يخفى انه كشاعر وتنقله في البلاد كان يحظى بين الحين والاخر بالهبات المالية من بعض الرؤساء العرب وملوكها .

- من هم اصدقاء الشاعر الجواهري المقربون في حياته ؟ وهل كان للجواهري صاحبا رفقيا يأتمنه على اسراره ؟

يمكن القول ان كل الناس هم اصدقاء الجواهري ... فالشاعر ورغم كل نزاعاته السياسية والفكرية الا انه لم يخلق له اعداء لا يتعدون عدد اصابع اليد الواحدة ,

وكان اقرب الاصدقاء هو محمد حسين الاعرجي وجواد علي الطاهر ومهدي المخزومي ورشيد بكداش ولعل نجله فرات هو أيضا من اصدقائه المقربين ومؤتمن اسراره لانه عاصر اباه منذ البداية وكان رفيقه في الصحافة والنضال السياسي كما ان ابن شقيقته رواء الجصاني كان رفيقه الدائم في العشرين سنة الاخيرة من عمره .

- هل كان الشاعر محمد مهدي الجواهري ينتمي لجهة سياسية وهل كان شيوعيا ؟

لم ينتمي الجواهري لاي حزب او جهة سياسية كما اودان اشير ان الجواهري منذ مغادرته العراق عام 1980 وحتى وفاته لم يزر أي بلد بصفة سياسي اومعارض بل كان يذهب ويحضر جميع الملتقيات والمؤتمرات كشاعر عراقي لا غير ذلك ولم يمارس أي نشاط سياسي وحتى مؤتمر للمعارضة في عام 1991 الذي عقد في لبنان و حضره الجواهري بناء على دعوة وجهت له كشاعر ,

وهو ليس شيوعيا وان كان قد انتهج المنهج العلماني التقدمي , فالجواهري كان يردد دوما ( لست شيوعيا ولكن لولا الشيوعية لما كنت الجواهري ) وهذا طبيعي مع وجود النضال الشيوعي منذ الاربعينات وحتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي واغترابه في بلد اشتراكي والكل يعلم ان الفكر الشيوعي يحمل من القيم الانسانية النبيلة التي حملتها قصائد الجواهري .

- ماهي العلاقات التي تربط الشاعر الجواهري مع زعماء وملوك دول العالم وهل كان صديقا مقربا من بعضهم ؟

كل علاقات الجواهري مع الزعماء والملوك كانت على مستوى رفيع من الاحترام والتقدير حتى انه لقب بشاعر الملوك وهناك الكثير من قصائد المدح في حق الزعماء والملوك العرب ولكن علينا ان لا نغفل ان هذا المديح لا ياتي تملقا او رياء كما يتصور البعض , فالجواهري ليس طالب شهرة او مال وانما انسان يحمل قيم عالية ولا يمكن إرغامه على المديح ما لم يكن مقتنعا بالممدوح ,ولو استعرضنا قصائد المدح في حق الزعماء والملوك فان ما بين ابياتها هناك التقريع والنصيحة في ان يقدموا لشعوبهم الحرية والانسانية .

- ماهو سر العلاقة الحميمة مع صدام حسين وما هي تفاصيل اللقاء المشهور معه ؟

تنهدت بان الجواهري قائلة ( اوووووووووووووووووووف ) ثم اجابت , لا توجد اي علاقة حميمة بين الجواهري وصدام حسين بل هي علاقة ندية ومنذ البداية , الشعب العراقي كله كان يتأمل خيرا عندما كان صدام حسين نائبا و حينها بدا التودد للجواهري كشاعر كبير وكي يكسب صفة انه محب للادب والشعراء فكان ان دعاه الى بيته في الرضوانية على الغداء وكانت تلك الصورة التي يتصيد البعض بأنها علاقة حميمة بين الشاعر و صدام , ولكن لا يعرف الكثيرون ان هذا اللقاء هو بداية الصراع بين الجواهري وصدام , وحكاية هذا اللقاء الذي جرى أواخر عام 1978 وبالذات بعد انحلال الجبهة الوطنية الديمقراطية في العراق وعندما صدر قرار بإعدام مجموعة من الضباط المنتمين للحزب الشيوعي العراقي طلب الجواهري من صدام عدم تطبيق القرار واستبداله باي عقوبة اخرى الا الموت ونصحه بأن تطبيق هكذا قرار سيجلب له العداء مع الشعب العراقي الا ان صدام حسين اجابه

( ابو فرات نسمح بكل شيء الا التدخل بالامور السياسية ) وعندما عاد ألجواهري في يوما للمنزل كان يتحدث وهو واثق ان صدام سيكون طاغية في المستقبل عند تسنمه الحكم ,

ورغم مغريات صدام بمنح دار ملكية خاصة للجواهري وراتب شهري مغري الا ان طلب الجواهري بالمقابل كان بالابقاء على وجود الجبهة وعدم ضرب الاحزاب وبالذات الحزب الشيوعي والابتعاد عن الفتنة السياسية والابتعاد عن الديكتاتورية والتفرد بالسلطة , وما زلت اذكر بعد عودته من اللقاء وهو يسرد تفاصيله ( كنت في السابعة عشر من عمري حينها ) انه وصف صدام بالاحمق المتعنت وانه لو تزعم البلاد فسيكون طاغية وهذا ما حدث .

وقد غادر الجواهري العراق قبل بدأ الحرب العراقية الايرانية لانه تنبا بالاحداث وتنبأ ان هناك خطر على وجوده في العراق .

ومن الانصاف وللحقيقة يجب ان اقول ان صدام حسين حاول لأكثر من مرة مصالحة الجواهري واستمالة وده منذ مغادرته وحتى وفاته وكان بين الحين والاخر يرسل له مبعوثين من الادباء والشعراء وحتى من خلال نجله فرات متوسلا الرجوع للعراق وفي كل مرة كان يجابه بالرفض من الجواهري

واقول للحقيقة والتاريخ ايضا ان صدام لم يضطهد الجواهري بل العكس الجواهري هو من اضطهد صدام حسين , اما فيما يخص قصيدة سل ضجيعك فهي ليست للجواهري وانما لشاعر من المعارضة اسمه حسين الرفاعي ونسبها للجواهري خوفا من صدام في حينها ولهذه القصيدة قصة اخرى لحادثة مهمة .

- مراحل حياة الجواهري الاخيرة اين قضاها ؟ وماهي اخر ابيات كتبها وهل تحتفظون بمقتنياته ؟

قضى الجواهري مراحل حياته مابين براغ ودمشق حيث كانت لديه اقامه رسمية بضيافة حكومية في البلدين كشاعر كما ذكرت وليس كمعارض سياسي كما كانت له زيارات رسمية متفرقة للعديد من البلدان العربية والأجنبية , اما اخر ابيات شعرية كتبها لا استطيع تحديدها سوى ما موجود في ديوانه المطبوع بطبعته الاخيرة اما مقتنياته فموجودة جزء قليل منها .

- لماذا اعترضت عائلة الجواهري على تمثال الجواهري محاطا بدلال القهوة العربية في المركز الثقافي العراقي ؟

ثمثال المركز الثقافي البغدادي لم يرتقي بالمستوى الفني خاصة بوجود الدلال التي اظهرت الجواهري وكانه بائع قهوة عربية ولا حتى التمثال الذي تم نصبه في اتحاد الادباء في بغداد فهو ايضا ليس بالمستوى الفني المطلوب ولعل التمثال الموجود في السليمانية هو الافضل والارقى فنيا .

- ماذا احبت بان الجواهري من ارث جدها وهل هناك قصيدة او ابيات لازالت عالقة بذاكرتك ؟

ابرز ما احببته في الجواهري هو حبه للناس والحياة واتمنى ان اكون قد اكتسبت هذه الصفة

معظم قصائده محببة الى قلبي ودائما اردد مع اصدقائي مفردت (محبات) ومن ابرز الابيات التي ارددها بيني وبين نفسي

لا تلُم امسَـك فـيما صَنَعــا أمس ِ قد فاتَ ولن يُستَرجَعـا

أمس قد ماتَ .. ولن يبعثه حملُك الهمَّ له .. والهَلـَعــــا

واطَّرِحْه واستَرِحْ من ثِقْلِهِ لا تُضع أمْسَـك والـيـومَ معـا

وختمت حفيدة الجواهري حديثها الجمل بابيات كان يرددها جدها الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري من قصيدته بريد الغربة

ويا أحبابي الاغلين من قطعوا ومن وصلوا

ومن هم نخبة اللذات عندي حين تنتخل

هم اذ كل من صافيت مدخول ومنتحل

سلام كله قبل ، كأن صميمها شعل