حفل إفتتاح أولمبياد لندن وتاريخ مغلوط
دون التطرق إلى تاريخ بريطانيا (الذي عرف بمصطلح الإستعمار) الأسود في مجال غزو وإحتلال أراضي الغير . وإخضاع إرادة الشعوب وإستعبادهم وإذلالهم بقوة البارود والمدفع الرشاش (المكسيم) الذي كان عليهم عرض نموذج منه في حفل الإفتتاح ، والفخر بأنهم أول من إخترعه واستخدمه في حصد أرواح النساء والأطفال قبل الرجال المحاربين الشرفاء من أبناء الشعوب في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والشمالية وأستراليا بل وحتى إيرلندا المجاورة ...
دون التطرق إلى كل هذا وكل الدماء التي سفكت . والشعوب التي أجبر بعضها على تغيير ديانته ونسيان لغته الأصلية ، وجرى التفريق بينها . والأراضي والبلدان التي تم تقسيمها .. ودون التطرق لمأساة الإحتلال الإستيطاني للعرق الأبيض في استراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وسياسة التفرقة العنصرية . ولوعد بلفور ومأساة الشعب الفلسطيني ؟؟؟ حاولت بريطانيا أن يخرج حفل إفتتاح أولمبياد لندن بما تظن أنه كفيل بأن يتيح لها تبييض وجهها الإستعماري الكالح السواد . وأن ويشرعن نفض يدها من مسئوليتها التاريخية والأدبية عن مآسي الشعوب التي تسببت بها خلال عهود الإستعمار التي رسخ لها الملك هنري السابع (1485 – 1509م) وجرى تشريعها منذ عام 1550م بإحتلال إيرلندا وإمتدت طوال قرون . إلى أن أجبرت تبعات الحرب العالمية الثانية بريطانيا (1939 – 1945م ) ، على الخروج من المستعمرات ، والإنكماش إلى وضعها الحالي ولسان حالها يردد "مجبورٌ أخاك لا بطل" عقب الضربات المميتة التي تسببت لها بها الآلة الألمانية الخارقة في عهد الرايخ الثالث بزعامة أدولف هتلر.... ولولا تدخل الولايات المتحدة في الحرب لصالح بريطانيا والحلفاء لكان التاريخ قد تغير مجراه ؛ ولكنا اليوم في عالم غير هذا العالم. ثم أنها مشيئة الله الذي له الأمر من قبل ومن بعد ، ونحن له حامدون.
هكذا إذن جاء حفل الإفتتاح البريطاني لأولمبياد لندن . يحكي دون شفافية عن تاريخ تكوينها بداية من رجال الشمال وأصحاب القوارب والعصور الوسطى المظلمة . وسيطرة الكنيسة والشعوذة والسحر والساحرات ثم الثورة الصناعية. ودورها المؤثر على غيرها.... إلخ .
تاريخ بريطانيا لايخفى على أحد . وكل المساحيق على وجهه لن تنطلي على أحد ... والغريب أنهم أهملوا ضمن ما أهملوا دور الحضارة الإسلامية في إخراجهم وأوروبا وإنتشالهم من بحــور ودهاليز عصور الظلام. وأهملوا ايضا دور الحروب الصليبية في التنوير الذي غزا بريطانيا والغرب الأوروبي عقب إتصالهم بالعالم العربي الإسلامي المستنير.
حتما من حق بريطانيا أو مابات يسمى بالمملكة المتحدة أن تعكس تاريخها ، وتفخر بإنجازاتها عبر العصور.. لكن الذي لم نكن نتوقعه هو إهمالهم لفترة ليست بالقصيرة من تاريخهم الإستعماري البغيض . كان عليهم التطرق إليها وإبرازها ؛ علّ ذلك يعطيهم مسحة من المصداقية .. ومن ثم وكنا نتوقع أن يجد "الإستعمار" مكانه بين صفحات تاريخهم . وأن يحاولوا الإعتذار عن ما تسببوا به من ظلم وجور وآلام جراء إحتلال أراضي الغير بالقوة وحكمهم لهم بالحديد والنار ، وابتداع تجارة الرقيق ، وبث الفتنة وبذورها بين القبائل والمكونات العرقية البشرية والإثنية ، والحرص على عدم منح الدول إستقلالها إلا بعد ترك مايؤدي لاحقا إلى حروب أهلية ، ومشاكل وخلافات وحروب خارجية بشأن الحدود الجغرافية والسيادية بينها وبين جاراتها من الدول الأخرى حتى يظل الناس في شغل بأنفسهم عنها وفي حاجة إليها دائما.
دمية الملكة اليزابيث الثانية تهبط من سماء لندن على أرض الإستاد
عصـور الظــلام
الساحـرات ... من ثمار عصور الظلام .. فأين دور الحضارة الإسلامية في التنوير؟
الخيول الراجلة .. كان جزءاً من تكتيكات ريتشارد قلب الأسد خلال الحروب الصليبية
جميل أن ترينا بريطانيا كرمها تجاه السود .. ولكن ألا يحق لنا أن نتساءل عن من وكيف ولماذا تم خطف وجلب آجدادهم من مواطنهم الأصلية ؟ ومن إستعبد آبائهم للعمل في الحقول وأداء المهام الشاقة ؟.. وهل يجد الأحفاد نفس المساواة ونفس الفرصة التي يجدها الأبيض سليل الدم الأزرق الآري الذي يتسيد بريطانيا؟
-
التعليقات (0)