مواضيع اليوم

حـوار مـع فخامـة توسـاري ويجـايا سفيـر أندونيسيـا بالمغـرب

شريف هزاع

2011-03-08 15:41:29

0

حـوار مـع فخامـة توسـاري ويجـايا سفيـر أندونيسيـا بالمغـرب

 

حـاوره: عبـد الفتـاح الفاتحـي

 1- تقدم المغرب بمقترح منح الاستقلال الذاتي إلى المحافظات الصحراوية، كيف تبرهنون على وجاهة هذا المقترح لحل النزاع في الصحراء ؟.

بداية أغتنمها فرصة طيبة لأتقدم لكم بالشكر الجزيل، أما بخصوص سؤالكم فإن المقترح المغربي لمنح سكان الصحراء حكما ذاتيا موسعا يعتبر حلا أفضل لقضية النزاع في الصحراء تحت إشراف الأمم المتحدة.

وإننا نقدر مجهودات المملكة المغربية في تعاونها المستمر مع الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للنزاع في الصحراء، حين تقدمت بمقترح منح الحكم الذاتي الموسع لأقاليم الصحراء، إذ بامكان هذا المقترح التسريع بوثيرة المفاوضات في أفق حل نهائي يضمن استقرار المنطقة، في وقت كانت فيه المفاوضات حول الصحراء قد وصلت إلى الباب المسدود.

وعموما فإن أندونيسيا تدعم إيجاد حل سياسي متوافق عليه لقضية الصحراء، مع تأكيدنا أن المبادرة التي تقدمت بها المملكة المغربية لحل النزاع في الصحراء، تعد حلا سياسيا ذكيا، بل هو الحل الأفضل والوحيد لهذه القضية المفتعلة.

وإيماننا بأفضليته، يأتي من منطلق وصف الأمم المتحدة لهذا المقترح بالحل الجدي وذي المصداقية، ومن منطلق نجاح إندونيسيا في تجربة منح الحكم الذاتي لمحافظة أتشيه التي تتمتع اليوم باستقرار سياسي واقتصادي وإجتماعي في ظل الوحدة الأندونيسية.

2- اكتوى بلدكم كثيرا بنار النزعات الانفصالية، هل ترون في عصر التكتلات والأقطاب الاقتصادية العملاقة دواعي موضوعية لاستمرار هذه النزعات ؟.

  اليوم أكاد أجزم أن مستقبل الأمم والقوميات يكمن في التكثل والوحدة، لتحقيق أهداف الرفاهية البشرية، ذلك أننا نعيش اليوم عصر التكتلاث الكبرى لا مجال فيه للدويلات الصغرى. أما بخصوص تجربة أندونيسيا مع النزعات الإنفصالية، فإن بلادنا قد اختارت في بعض حالة تيمور الشرقية حل الاستفتاء، لأنه كان الخيار المناسب في ذلك الزمان، ولاعتبارات تاريخية، ذلك أن تيمور الشرقية لم تكن أصلا ضمن ولايات أندونيسيا، مثل باقي المناطق الأخرى.

ومنه فإن قضية تيمور الشرقية، تختلف اختلافا جوهريا لحالة النزاع في الصحراء، وبالتالي فإن لا مجال للمقارنة بين القضيتين. لكن يمكننا تمثيل النزاع في الصحراء بمطالبة بعض المناطق الأندونيسية بالانفصال؛ كإقليم آتشيه ومنطقة أجيج، وقد توقفت هذه الحركات الانفصالية، بعدما منحتها الحكومة الأندونيسية الحكم الذاتي الاستثنائي، حيث تم إيجاد توافق سياسي ووطني تم التنصيص عليه في نص قانون للبرلمان الأندنوسي.

وتأكد أن الحكم الذاتي يعد تجربة رائدة لحل قضايا الخصوصية الثقافية أو العرقية أو الدينية. بدليل أن كل المؤشرات تؤكد اليوم أن الحكم الذاتي كان حلما متميزا، ليس في حل مجموع القضايا الخلافية، بل كذلك في تحقيق تقدم سريع وفعال.

وتعد آتشيه اليوم من الدوائر الخاصة التي تتمتع بنظام الاستقلال الذاتي، وهي بذلك لها مزايا تشريعية، من قبيل الأحقية في تشكيل نظام قضائي مستقل، وقد جعلت منذ سنة 2003 الشريعة الإسلامية مصدرا أول للتشريع. وهي الآن تعيش وضعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا مهما في إطار السيادة الأندونيسية.

وكذلك هناك منطقة خاصة (يوجياكارتا)، وهي سلطنة يرأسها سلطان ومحافظ ضمن جمهورية اندونيسيا، لها نظام تشريعي وتنفيذي واقتصادي خاص مثل مناطق أخرى بإندونيسيا. وهنالك مناطق أخرى مثل بيبوا والعاصمة جاكارتا عاصمة البلاد، تدار ذاتيا من قبل حكومة تنفيذية وتشريعية خاصة بها يرأسها حاكم.

3- يرى عدد من المتتبعين أن العلاقات الدبلوماسية المتينة بين البلدين لا تنعكس على مستوى التعاون الاقتصادي، إلى ماذا يعزي ذلك، وما هي التدابير المرجو اعتمادها من جانبكم للرفع من قيمة المعاملات التجارية والاقتصادية بين البلدين ؟.

  

في الحقيقة ونحن نحتفل هذه السنة بالذكرى الخمسينية للعلاقات الدبلوماسية بين المغرب وأندونيسيا، نجد أنفسنا مدعون إلى إجراء تقييم أندونيسي مغربي عميق لحصيلة علاقات بلدينا على جميع المستويات.

وعلى المستوى العام فإن المؤشرات الأولى تؤيد عمق علاقاتنا الثقافية والإقتصادية والسياسية القوية، وإن كانت جودة هذه العلاقات ينبغي أن توضع في المكان الأول، وخاصة في الشق الاقتصادي والتجاري لتعاملاتنا، فإن أملنا كبير في المستقبل المنظور.

وأعتقد أن مسار التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي حققه المغرب في كل المجالات. وإننا كبلد مسلم نفتخر بكون المغرب أصبح من الدول الثمانية التي استطاعت بناء ميناء كبير من صنف طنجة المتوسط، كما أن تقوية علاقاتنا الاقتصادية مع بلد يحظى بصفة الوضع المتقدم، يحفزنا أكثر على التفكير في تطوير مبادلاتنا الاقتصادية لما فيه خير البلدين.

ومن جهة أخرى فإن أندونيسيا قوة اقتصادية صاعدة تمتلك هي الأخرى للعديد من المؤهلات الاقتصادية في مجالات الصناعة والطاقة والصيد البحري، إضافة إلى أنها تعد من أكبر الديموقراطيات في العالم، ويعتبر عضوا من الدول العشرين المعروفة بإسم المجموعة ال 20.

ومنه فإن تعاون إندونيسا مع المغرب ينسجم مع انتماءاتنا الدينية والثقافية العريقة، ويحد من التدخلات الخارجية الأجنبية، ومن مصلحة بلدينا أن ينميا علاقاتهما الاقتصادية أكثر من التعاون مع الأجنبي. كما أن تأثر بلدينا بالأزمة الاقتصادية يرجع في رأينا إلى قوة الارتباط بالعالم الغربي، ولذلك فإننا نتأثر عقب كل أزمة تصيب الغرب، ولذلك علينا نحن المسلمين أن نطور علاقاتنا البينية، حتى لا نكون عرضة لمزيد من الصدمات الاقتصادية والمالية الدول المتقدمة.

ولذلك يمكن القول أنه قد حان الوقت لبلدينا التوجه إلى بعضهما البعض، إنا آسيا تشكل مرتعا لاقتصاديات رائدة، وعلى المغرب أن يسجل حضوره هناك، وبإمكانه ذلك إذا جعل أندونيسيا بوابته الرئيسية عليها بين قارتي أسياـ إفريقيا.

وبدورنا وبحسب قوة الواقع فإن معبرنا الأمثل نحو أوربا هو المغرب، خاصة بعد حصوله على صفة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي، وهو ما يمكننا من ولوج السوق الأوربية بطريقة ميسرة.

إننا أمام عدة مؤهلات تدعم الحاجة إلى تعزيز تعاون بلدينا في الكثير من هذه المجالات، ونؤكد أن رقم معاملاتنا التجارية سيتضاعف بشكل كبير إذا ما استطعنا جميعا العمل على تجاوز العراقيل التقنية التي تحول دون ذلك، منها الإزدواجية الضريبية والقواعد التجارية الأخرى.

وإنه وبحكم الروابط الدينية المشتركة التي تجمع بلدينا، فإننا نطالب بأن علاقات التبادل التجاري والاقتصادي بين المغرب والأندونيسي علاقة حرة لا تخضع لرسوم ضريبية، إسوة بالعلاقات التي يقيمها المغرب مع الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.

4- على مستوى التنفيذ يسرنا ومن وجهة نظركم معرفة أهم مشاريعكم المهيكلة لتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، أو بالأحرى الأولويات التي يجب القيام بها في هذا الإطار ؟.

من المعلوم أن المغرب كان مستعمرة لفرنسا واسبانيا وهو الآن ينعم بالاستقلال، إضافة إلى عدة اعتبارات أخرى تاريخية وجغرافية ولغوية، تجعله يستمر في تقوية علاقاته مع هذه الدول، إضافة إلى بلدان المجموعة الأوربية الأخرى. لكن هذا يفرض مزيدا من تنويع علاقات اقتصادية مع شركاء آخرين.
وعليه فإنه قد حان الوقت للمغرب بأن يتوجه إلى آسيا ودول العالم الإسلامي المدعوة إلى تقوية المبادلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية البينية. ونؤكد أن المغرب بإمكانه أن يجد في آسيا مستقبلا جيدا وخاصة مع أندونيسيا، بوصفها دولة حديثة العهد بالصناعة في الاقتصاد والأسواق الناشئة.

ويجب استثمار 50 سنة الماضية لضمان تطور اضطرادي في علاقاتنا الاقتصادية، وعليه فإني أدعو المغرب إلى إيلاء عناية أكبر للبلدان الأسيوية وخاصة الإسلامية، إن أندونيسيا تحتوي على تراث مغربي تاريخي عريق، ويجب أن نعزز أخوتنا الصادقة بما ينفع شعبينا، ويحدوني شعور عميق أننا نستطيع مع إخواننا المغاربة دعم كافة جوانب التعاون، وزيادة حجم تبادل الاستثمارات في مختلف المجالات، خاصة منها المجال التعليمي والفلاحي. ولتحقيق هذه الأهداف سنعمل جميعا على تنظيم زيارات ل مسؤولين ورجال أعمال المغاربة نحو أندونيسيا وزيارات مسؤولين ورجال أعمال أندونيسيين للمغرب، وإقامة معارض مشتركة، ومناقشة كل الإجراءات التي من شأنها تقوية علاقاتنا الاقتصادية إلى مستوى علاقاتنا السياسية والثقافية.

ومن بينا تصوراتنا في العلاقة والتعاون في المستقبل، التفكير أيضا في إنشاء سوق حرة بين المغرب وأندونيسيا، ومن جهة أخرى، فإننا سنعمل على دعم كل ما من شأنه تطوير كل القضايا الوطنية الدفاعية، والتصدي للأخطار الإرهابية.

دعوني أخبركم أيضا، أنه خلال مدة وجودي بالمغرب رصدت عددا من القطاعات التي يمكن فيها للمغرب وأندونيسيا تطوير علاقاتهما، ففي قطاع الفلاحة مثلا بامكان أندونيسيا أن تستفيد من الحركية والدينامية التي سيعرفها هذا القطاع بعد الإعلان عن المخطط الأخضر في المغرب، وذلك على مستوى إقامة منشئات لاستقبال المنتوجات الفلاحية وتهيئتها قبل التصدير.

وكذا إقامة التنمية والتعاون الصناعي لتوفير أدوات التعليب، وإقامة مختبرات لصناعة الأدوية وغيرها من المواد المرتبطة بالقطاع الفلاحي، كتهيئة مختبرات حول الكيماويات الفلاحية، ولوازم ما قبل تصدير المنتوجات الفلاحية. كما يمكننا تطوير مشاريعنا في المغرب عبر إقامة صناعات واستثمارات في عدد من القطاعات الواعدة.

5- تسجل محدودية اجتماعات اللجنة المشتركة للتعاون المغربي الأندونيسي، فهل تضعون في منظوركم تفعيل هذه المؤسسة للرفع من مستوى التعاون الاقتصادي والتجارية ؟.

لقد تأسست هذه اللجنة منذ سنة 2008، لتجاوز العراقيل التي تكبح سبل تطوير علاقاتنا الاقتصادية، ولا تزال تواصل عملها، وإن كان اجتماعها العادي السنوي لهذه السنة من المقرر انعقاده بجاكارتا. ونحن ننتظر فقط الإذن بذلك من العاصمة الأندونيسية لتحديد جدول أعمال اجتماعاها.

كما تجدر الإشارة أيضا، إلى أن هناك اتفاقية بين البلدين على مستوى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المغربية، ووزارة الشؤون الدينية الأندونيسية، وقعت سنة 1994 وغيرها، وسنعمل على تجديدها، خلال الدورة المقبلة للجنة المشتركة، حتى تستجيب للمستجدات.

وتحذونا رغبة نحن والجانب المغربي إلى تطوير أداء هذه اللجنة، التي يجب أن تتقارب مواعيد انعقاد اجتماعاتها السنوية إلى نصف سنوية حتى تضطلع على تقديم اقتراحات وافية لتفعيل كل ما من شأنه تطوير علاقاتنا الاقتصادية التجارية والسياسية والثقافية.

ونحن جد مقتنعين بأن توصيات هذه اللجنة كفيلة بأن ترفع من قيمة تعاوننا الاقتصادي إلى مستوى علاقتنا السياسية والثقافية، ومعلوم أن عمل اللجنة المشتركة للتعاون المغربي الأندونيسي يجب أن يتعزز بدعم شعبي البلدين، دعم يوفر أجواء التعامل المتبادل بين العلماء ورجال الأعمال والمثقفين، من أجل رفع مستوى هذه العلاقات.

6- ألا ترون أنه بات من ضروري فتح خط جوي مباشر بين المغرب وأندونيسيا ؟.
من المؤكد أن فتح خط جوي مغرب ـ إندونيسيا هو من الأهمية بمكان، وأكيد أن مردوديته ستكون بالضرورة مفيدة للبلدين على حد سواء، خاصة إذا علمنا أن هناك اتفاقية تاريخية بين المغرب وأندونيسيا، تسمح لمواطنيهما بحرية التنقل، دون تأشيرة، وهي الاتفاقية، التي ما زالت سارية المفعول إلى اليوم.

وعليه يمكن القول أن التفكير في فتح خط جوي مباشر بين البلدين، سيكون قيد الدراسة في اتصالات المسؤولين الأندونسيين والمغاربة، ويمكن أن يتحقق هذا الحلم الذي يمثل رغبة الشعبين لما لهم من قيمة في دعم قيم الترابط الثقافي والديني بينهما.

إننا نجعل قضية فتح خط مباشر بين المغرب وأندونيسيا ضمن أولوياتنا، لأن ارتفاع تكلفة التنقل بين بلدين جد مكلفة، ونتمنى أن يرتفع حجم النشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين. لكن يجب أن نقدر أيضا إكراهات البداية من قبيل عدم وجود عدد كبير من السياح الراغبين في السفر من وإلى أندونيسيا والمغرب وينبغي النظر فيها معا.

7- هل هناك عروض سياحية في متناول السياح المغاربة، حيث يشتكي البعض من غلاء تكلفة الفاتورة السياحية إلى أندونيسيا ؟.

 

إن القول بأن فاتورة السياحة نحو أندونيسيا أكثر ارتفاعا، قول غير صحيح بل العكس من ذلك تماما، ذلك أن تكلفة القيام بجولة سياحية نحو اندونيسية هي الأرخص بالمقارنة مع دول المنطقة.

ودعني أؤكد لكم بأن حاجة المغاربة للقيام بالسياحة في أندونيسيا تقابلها رغبة قوية للأندونيسيين الراغبين في زيارة المغرب في إطار السياحة الدينية، وهذا ما يفرض علينا نحن المسؤولين القيام بمجموعة من الإجراءات لتسهيل تبادل الزيارات السياحية بين شعبينا.

إن حاجة الأندونيسيين إلى القيام برحلات سياحية دينية نحو المغرب مغرية بشكل جيد، وأسباب ذلك تعود إلى أن دعاة المغرب وشيوخ زواياه الصوفية كان لهم فضل انتشار الإسلام في أندونيسيا، ويعود لهم الفضل في صنع تاريخ عريق للعلاقات المغربية الأندونيسية، إضافة إلى انتهاج البلدين لسياسة تستعير مبادئها من الوسطية والإعتدالية، كل ذلك نتج عنه ألفة وحميمية لشعبنا تجاه المغرب وثقافته وحضارته، ونحن بحاجة إلى تشجيع وتشهيل علاقات بين الشعبين.

ويمكننا ذلك أن نقيم حوارا خاصا حول سبل تطوير هذا النوع من السياحة بين البلدين، وكذا دعم كل العلاقات المرتبطة، في إطار التبادل بعثات الطلاب ورجال الدين والأساتذة بين البلدين للإبقاء على هذا الارتباط الروحي والأخوي بين البلدين.

وبناء على اتفاقية حرية تنقل بين بلدينا يمكننا أن نتوقع تطورا في الزيارات السياحية بين المغرب وأندونيسيا، وما يشجع على ذلك حجم أتباع الطريقة الدينية التجانية المغربية بأندونيسيا، ورغبة التجانيين المغاربة في زيارة أضرحة شيوخ تيجانيين، الذين نشروا رسالة الإسلام في الجزر الأندونيسية، كما للمغاربة رغبة أكيدة لزيارة إندونيسيا لمعرفة الحضارة الإندونيسية وتراث علماء المغرب هناك.

إن أسس تقوية العلاقات الأخوية بين شعبينا لها ما يكفي لاستمراريتها قوية، ونحتاج فقط إلى تفعيل بعض الإجراءات التقنية للاستفادة من عائدات هذا الارتباط.

8- يستهدف المغرب واندونيسيا من حملات التنصير غير المعلنة، كيف تتعاملون في بلادكم لمواجهة التنصير ؟.

نحن، في أندونيسيا، نسلك منهج الوسطية والاعتدال، كما هو الحال، في المملكة المغربية، وهو أمر ليس غريبا، لأننا، في أندونيسيا، نعتز بالقيم، التي يحملها علماء المغاربة، وبالكيفية المعتدلة، التي يطبقون بها الإسلام.

ولعل ذاك ما يجعل اندونيسيا والمغرب من الدول الرائدة في فرض الاحترام المتبادل بين المواطنين والرعايا وان اختلفت دياناتهم.

إن كل الديانات التي يعتقد بها المواطنون الأندونيسيون تتعايش بشكل كبير دون مشاكل، ومحمية بالقانون الأندونيسي الذي يضمن حرية المعتقد لكل الأفراد، وعملا على ضمان الانضباط الديني في البلاد فإننا نفرض مراقبة شديدة يساعد فيها شيوخ الدين في المحافظات الأندونيسية، وينظم ذلك بقوانين أندونيسية، فمثلا لا يمكن بناء كنيسة في منطقة إسلامية إلا إذا قبل السكان بذلك، كما لا يمكن بناء مسجد في منطقة هندوسية الديانة إلا بشرط قبول سكان هذه المنطقة بذلك.

أما إذا سجل شيوخ دين محافظة من المحافظات الأندونيسية وجود أنشطة تبشيرية في محافظاتهم فإنهم يسارعون إلى إخبار السلطات الأندونيسية التي تتدخل مباشرة وكذلك العكس. حيث يتم التنسيق بين الجهات الرسمية وشيوخ المحافظات، اللهم إذا حدثت أعمال إجرامية فإن الدولة تتدخل لإعمال القانون.

9- بعض وسائل الإعلام الغربية وبعض البلدان، أدانت طرد المغرب لمبشرين من فوق أراضيه، كيف تنظرون إلى هذه الإدانات ؟.

إن دعم التبشير والتنصير في دول أخرى تدين بالإسلام أو بأي ديانة أخرى منصوص عليها في دستورها هو أمر مخالف للقانون، وعليه لا يمكن التشجيع على ذلك لأن من شأنه خلق مشاكل أمنية وسياسية. وأعتقد أن احترام سيادة الدول تبتدئ باحترام القوانين المعمول بها في هذه الدول.

ونحن نقدر مجهودات حكومة المغرب في حماية مواطنيه من خطر التنصير. وخاصة إذا تبثت محاولات التغرير بقاصرين أطفال قصد تغيير معتقداتهم أو باستغلال فقر الناس لدعوتهم إلى غير الإسلام دينا. ولكن يجب أن ينظر إليه بأنه إجراء قانوني سليم تجاه فرد أو أفراد دخلوا تراب دولة ولم يحترموا القوانين الجاري بها العمل في هذه الدولة.

وإننا نقدر أيضا المجهودات الكبيرة التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس حينما أطلق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فبالإضافة إلى توفيرها لظروف العيش الكريم للمغاربة، فإنها كذلك تعد حزام أمان لحماية الفقراء من الخطر الذي يخالف القانون ونظام البلد المبني على استغلال حاجة الناس.
فأندونيسا مثلا ولحماية الأحياء الفقيرة من أنشطة تبشيرية تقوم بتقديم مساعدات من عائدات صندوق الزكاة لتقديمها إلى الفقراء والمحتاجين.

10- السيد السفير، عرف بلدكم تطورا في كثير من العلوم، هل بإمكان بلدكم توفير منح دراسية كافية للطلبة المغاربة الراغبين في استكمال دراستهم بأندونيسيا وهل هناك تصور لعملية تبادل الأساتذة والأطر بين البلدين ؟.

علاقاتنا في مجالات التعليم العالي مع المغرب جيدة جدا ولا مشاكل لدينا، ذلك أن المغرب يقدم منحا لكل الطلبة الأندونيسيين الذين يريدون متابعة دراستهم في المغرب، وبالفعل عناك عدد مهم من الطلبة الأندونيسيين الآن يتابعون دراستهم الجامعية بمختلف المواقع الجامعية المغربية بمدن الرباط والقنيطرة وبني ملال وفاس ومكناس وغيرها.

وإن العدد الكبير من الطلبة الأندونيسيون يتوجهون إلى اليمن، والسعودية، ومصر، لكننا نتطلع إلى إرسالهم إلى المغرب، لأننا نعتبره بلدا متقدما في العلوم الدينية، ونشترك معه في المذهب المعتدل، ونفس الرغبة نريد أن يلتحق بجامعاتنا الطلبة المغاربة، ونتوق لاستقبالهم في أندونيسيا. حيث تبدي وزارة التعليم الأندونيسية نفس الاستعداد لتقديم منح دراسية للطلبة الأجانب الراغبين في متابعة دراستهم بالجامعات الأندونيسية.

وأعتقد أن من بين الأسباب التي تحول دون توجه الكثير من المغاربة إلى أندونيسيا لمتابعة الدراسة بكلياتها ومعاهدها يعود إلى أن لغة التعليم في أندونيسيا هي اللغة الأندونيسية، ولأن الطلبة المغاربة لا إمكانية لهم لتعلم اللغة الأندونيسية لا يقصدون أندونيسيا لمتابعة تعليمهم العالي.

وهو ما يجعلونا مدعوين للقيام بجهد كبير مع المسؤولين المغاربة لتعليم اللغة الأندونيسية للطلبة المغاربة حتى نرفع من عدد الطلبة الراغبين في متابعة الدراسة بأندونيسيا.

ولذلك فإن نبدي مشاورات دقيقة اليوم لفتح وحدة لتعليم اللغة الأندونيسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. ولأجل تطوير علاقاتنا في المجال التعليمي والتربوي بادرنا إلى عقد اتفاقيات شراكة مع جامعة القاضي عياض بمراكش لتعزيز التعاون في مجال التربية والتكوين والثقافة وتبادل الخبرات وتبادل الأساتذة وكل ما له علاقة بالتعليم والبحث العلمي. ونجري عدة تدابير في المستقبل لتنظيم زيارة لأساتذة مغاربة لزيارات المؤسسات الجامعية الأندونيسية وكذلك العكس.

11- يقوم محمد السادس بدور ريادي في رئاسته لجنة القدس أين ترون أهمية هذه اللجنة للحفاظ على هوية القدس المحتلة ؟.

أولا أريد أن أؤكد أننا نتشرف نحن الأندونيسيون بأن يكون جلالة الملك محمد السادس على رأس لجنة القدس، ونحن نفخر ونعتز بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها العاهل المغربي من أجل حماية القدس. ومعلوم أن مساهمة المغرب في صندوق لجنة القدس كبير جدا، وأن هذه المساهمة مكنت من تنفيذ عدد كبير من المشاريع لصالح القدس، وأتمنى لجلالة الملك الصحة والسلامة ليرفع الحيف عن هذه المدينة المقدسة.

لكن يجب التأكيد أن مشكلة القدس قضية معقدة ويجب أن تتضافر جهود دول العالم الإسلامي لرفع مختلف التحديات عن هذه المدينة المغتصبة.

ولا بد أن أشير أن المغرب وأندونيسيا كانت وجهة نظرهما دائما مشترك بخصوص مختلف القضايا الدولية والإقليمية، وخاصة في القضية الفلسطينية، فنحن والمغرب لا نتردد في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ودعم حق الفلسطينيين في الحصول على استقلالهم من الاحتلال الإسرائيلي، عبر مفاوضات سلمية وعادلة.

إن لتوافق الرؤية المغربية الأندونيسية يعود أساس إلى وجود أوجه متعددة من القيم المشتركة، أبرزها، أننا نشترك في الدين والعقيدة، واعتماد الإسلام المعتدل أساس سياستنا الوطنية والدولية، وأنا أعتبر شخصيا هذه الأرضية الدينية، أساس عميق علينا استثماره لدعم بعضنا البعض في جميع القضايا الإقليمية والدولية.

السفير الأندونيسي في سطور

تقلد توساري ويجايا مهمة سفير أندونيسيا بالمملكة المغربية في 8 مارس 2010، بعد أن قضى 18 سنة عضوا بالمؤسسة التشريعية لبلاده، منها 10 سنوات نائب رئيس مجلس النواب و الكاتب العام لحزب الوحدة والتنمية. وله كتاب بعنوان : "حياة طفل قروي في السياسة، سيرة ذاتية". وتزوج بالسيدة الحاجة مخصوصة أوجياتي سنة 1940 ورزق بستة أطفال.

ودرس بالجامعة الإسلامية حيث حصل على درجة الماجستر من جامعة فيليبين بمانيلا. وشارك في العديد من المؤتمرات الإقليمية والعالمية، ويحدوه الكثير من الأمل لتطوير العلاقات المغربية الأندونيسية ودعمها، لبلوغ مستوى أكثر عمقا، لما فيه مصلحة البلدين.

  

 

أجرى الحوار مع السيد السفير عبد الفتاح الفاتحي

elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات