حنان الأســــد
الأســد ذلك الحيوان المفترس المعروف وزوجته اللبوءة بالشراسة والقوة والسطوة والجبروت . قد لا يدرك البعض أن لديهما من العطف والحنان تجاه فلذات أكبادهما من الأشبال ما يماثل عامة اليشر. لاسيما وأن الأسد بوجه خاص وعلى العكس من حيوانات الغابة الأخرى يوطن نفسه على الحياة الأسرية الممتدة بينه وبين أنثاه . ولا يتخذ لنفسه سوى زوجة واحدة تتولى معظم الأعباء من بحث عن الرزق وتربية للأشبال.
يقول الأصمعي " سطلق على أنثى الأسد أحيانا "الأسدة" كما يطبق عليها اللبوءة ... وفي لغتنا الدارجية يطلق عليها "اللبوة" وجمعها في هذه الحالة "لِـبَـوْ...
والأسد هو من شعبة الجبليات ، ومن طائفة الثديات ، ورتبة اللواحم ، وفصيلة السنوريات / وجنس النمر ... والنوع هو الأسد سواء الذكر أو الأنثى.
وفي الثقافة الشعبية لأهل الجزء العربي من وادي النيل "السودان ومصر" . توصف المرأة الولوفة المتحببة لزوجها والمتعلقة به والخدومة له الحريصة على إرضائه بشتى الطرق والوسائل والتصرفات بأنها "لبوة" وهو لقب يقابله في اللغة العربية الفصحى مسمى "عروبية" .. وقد جاء في قوله تعالى في وصف نساء الجنة "عُـربا أترابا" ... كما توصف المرأة الفائقة الحنان لدرجة الهوس تجاه أولادها عادة بأنها "لبوة" كذلك.
هذه اللبوءة سقط شبلها المدلع المشاكس في نتوء جبلي شاهق. ولم يعد بإمكانه التسلق إلى الأعلى .ويتضح من الصورة أن أمه قد خارت قواها وأعصابها من فرط خوفها عليه فلم تتمالك سوى الجلوس على الأرض وإطلاق صيحات الإستغاثة تخاطب بني جنسها الذين سارعوا لتقصي الأمر . وهو ما يدل عمليا على أن لكل فصيلة حيوان لغة يتخاطبون بها ويتفاهمون فيما بينهم . وحيث يقول الله عز وجل " حتى اذا اتوا على وادِ النمل قالت نمله يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون" (18 النمل).
بعد سقوط الشبل وقد خارت قوى أمه . فلم تعد تعرف كيف تتصرف أو تجرؤ على النزول بنفسها إليه خوفا من أن تخطيء فيقع شبلها في الهاوية ويموت. فأخذت تزأر وتنوح مستنجدة ببني جنسها .
سارع بنو جنسها إليها . وتوجه الخبراء منهم لإستقصاء الأمر وتحديد الطريقة والكيفية التي ينقذون بها الشبل الشقي من الهلاك المحدق . أما الأم فنلاحظها (على يمين الصورة) وقد أشاحت بوجهها إلى الناحية الأخرى وسلمت أمرها لخالقها . وهي تتهرب من مواصلة النظر هربا من الأمر الواقع على أمل الفرج من عند الله.
بعد الفحص للمكان . بدأت عملية الإنقاذ الذكية . فنزلت هذه اللبوة الخبيرة إلى أسفل الموقع العالق به الشبل كي لا تدفعه إلى الهاوية ، وكذلك لتتلقفه في حالة سقوطه . ثم تسلقت إليه وتلقفته بفمها.
عملية الإنقاذ تنجح بتفوق
عودة الشبل إلى ظل أمه الوارف بسلام ، والتي سارعت لتنظيف جسمه من التراب العالق ولسان حالها يردد : "يا حبيبي يا ضنايا !!" .... وليتها كانت قد أعطته علقة ساخنة حتى لا يعود لمثل فعلته هذه مرة أخرى.
التعليقات (0)