مواضيع اليوم

حــكــم القوانين لا حــكــم الأشـخـاص

رانيا جمال

2012-09-06 08:08:57

0

الديمقراطية والدولة والدين. لم ينفصل موضوع الدين عن الدولة منذ عهد الديمقراطية الأثينية. وكان الفلاسفة المسيحيون المؤمنون، حتى خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر وقت انطلاق الأفكار الكبرى عن الحرية والحقوق، يسعون إلى نقد الدين في سلوكه ضد الحريات والحقوق وينتقدون علاقة الحكم الاستبدادي المطلق بالتفويض الإلهي. كثير منهم كان يسعى إلى التوفيق بين السياسة وبين الميتافيزيقا، وفي القرون الوسطى تصاعدت حدة الجدل الفلسفي بشأن الدين والدولة بعد تفشي نظام الحق الإلهي والسلطة المطلقة في أوروبا، كان الربط بين الدين والدولة يوجد لدى كثير من الفلاسفة العقلانيين؛ لأن الدين كان عقلانيا وفق تصوراتهم. وكان المفكر والسياسي الفرنسي جان بودان (1530-1590) قد ألف (كتب الجمهورية الستة)، ولم يبعد الله عن جمهوريته، بل وضع مكانا مميزا له في الدولة؛ لأن الجمهورية لديه (هي الاستقأمة في الحكم)، وهي الجمهورية التي طالما نادى بجوهرها - أي الاستقأمة في الحكم- فلاسفة آخرون وأديان واتجاهات، ولابد أن تكون هذه الاستقأمة مستمدة من التعاليم المسيحية لديه. وقد كانت الاستقأمة في الحكم تعني أيضا مكان الله في جمهورية علي بن أبي طالب في فلسفته للدولة المدنية المستمدة تعاليمها من رقابة الله عليها ومن تأريخ رقابة الرأي العام، المعني الأول بقيام الدولة وقيام الحكم، ومن التعاليم الإسلامية. إن المشكلة الأساسية التي نشأت لدى الفلاسفة بشأن الإطلاقية هي الاستبداد والتسلط، ولم تكن علاقة الدين بالدولة. فالإطلاقية تدعي أنها شرعية؛ لأنها مستمدة من تفويض إلهي؛ ولذلك فإن جبروتها بلا حدود، أي الحكم المطلق؛ لأنه مستمد من الله؛ ولذلك ظهرت مشكلة الملكية، وعلاقة هذه الملكية بالقوانين وبالسيادة وبالمساواة. أي أن الإطلاقية صارت تصطدم مع تطور المصالح واتساعها، ولم تعد منحصرة بالممتلكات الملكية ذات السيادة، فالسيادة، حسب بودان مثلا، مطلقة ولاتتجزأ، والقانون الصادر عنها أقوى من أي شئ ويقول: "أن السيادة المطلقة المعطاة للأمراء وللإقطاعات السيدة المستقلة لاتمتد إلى شرائع الله وإلى القوانين الطبيعية"(10). في كتابه الشامل(أنماط الديمقراطية) يورد ديفيد هيلد في الفصل الثالث المعنون(تطور الديمقراطية الليبرالية: ضد ومن أجل الدولة) كلمات لويس الخامس عشر: "في شخصي وحدي تقوم السيادة ومن شخصي الوحيد يوجد القضاء وتوجد سلطته، سلطته التي تمارس فقط باسمي ومنها تعود لي كافة التشريعات فأنا حارسها الأعلى"(11)، خلاصة الاستبداد هذه قادت إلى رد فعل باتجاه الفردانية ضد الإطلاقية، فظهرت أطروحات العقد الاجتماعي والحرية، يواصل هيلد ويقول: "من المهم جدا أن نتبين المعنى الواضح لليبرالية طالما أنها مفهوم مثير للجدل، وأن معناها قد تحول تأريخيا، إنها تستعمل هنا لتشير إلى محاولة دعم قيم حرية الاختيار".(59,eld .pH) الديمقراطية الحديثة.. يبدأ تأريخ الديمقراطية الغربية في الماجناكارتا، أو العهد الأعظم الذي صدر عام 1215 في عهد الملك هنري -Geofrey Hindely The Magna Carta. صحيح أن هذا العهد شهد اتفاقا بين الملك والنبلاء إثر حملات الإفلاس التي كانت الملكية تعانيها بعد الحروب، لكن هذا العهد الذي حد من سلطات التفرد الملكي صار مقدسا بحيث أنه لم يعد فقط الأساس للنظام الليبرالي، وإنما الحاجز الذي لايستطيع أي قانون جديد أن يتجاوزه أو يعبر فوقه، يقول جيفري هندلي Geoffrey Hindley، مؤلف كتاب(13): "إن صعوبة تجاوز هذا العهد ماتزال فاعلة في الولايات المتحدة وبريطانيا إلى درجة أن مجلس اللوردات الذي أجبر الملك جون على الاعتراف بالحرية وجد نفسه يحارب من جديد في إذار- مارس 2005 لمعأرضة مشروع قانون قدمته الحكومة؛ وذلك لتمديد احتجاز الأشخاص المشتبه بهم بدون محاكمة، وكانت الماجناكارتا قد قررت أنه لايجوز سجن أي شخص إلا بعد محاكمته قانونيا. وفي الولايات المتحدة، في 28 نيسان- إبريل2004، وأثناء النقاش والخلاف الساخن وقبل اتخاد المحكمة العليا أي إجراء ضد المحتجزين في غوانتينامو، أعلن القاضي ستيفن برير حق المشتبه بهم في طلب الإجراءات طبقا للقانون، وفقا للماجناكارتا، أي لايجوز سجن أي شخص إلا بعد محاكمته قانونيا، إنها تستخدم كـ(طلسم للحرية) حتى من قبل المحامين البريطانيين في تشرين الأول- أكتوبر2003 في قضايا اللجوء(13)، يمكن تسمية الحرية والعمل من أجلها بالخرافة أو الاسطورة، ولكن الواقع قد تحقق وأصبحت سلطة الكلمة المكتوبة مقدسة، وهذا هو الدستور. لقد كانت الماجناكارتا تقرر حسم الصراعات التي خاضها الملك جيمس وابنه شارل ضد البرلمان، متمسكين بالنظرية التي تبناها الملك جيمس بأنه يستمد حكمه من الله، وأن البرلمان هو منة ومنحة من الملك وليس حقا. لقد تطور الصراع بين ملوك الحق الإلهي والحكم المطلق وبين أعضاء البرلمان الذين كان جيمس وولده شارل يسجنان من يعأرضهما من أعضاء البرلمان، كان أعضاء البرلمان يتمسكون بجوهر الماجناكارتا وبالقانون الأساسي الصادر عام1297 الذي يذكرون الملك فيه؛ لأنه لايجوز سجن أي شخص إلا بعد محاكمته قانونيا، وكان هذا المبدأ قد تصدّر التماس الحقوق عام1628 الذي قدمه البرلمان إلى الملك شارل للتصديق عليه. كانت هذه المرحلة مرحلة الجذور الليبرالية والعلمانية التي ستقوض نظرية الحكم الإلهي الذي لم يكن يعني سوى استبداد وتسلط وفرض ضرائب تلبي نفقات الملك الباهظة، وسجن من يعأرض، وإصدار المرأسيم الملكية بدل القوانين، وتعمقت الأزمة لتصل إلى أن يقرر أعضاء البرلمان، في خضم الصراع بين الليبرالية وبين الحكم المطلق مبدأ (إما أن يحكم الملك بدون برلمان، أو أن يحكم البرلمان مع الملك)، لكن شارل الأول وهو يعتقد أنه يستمد حكمه من الله، وأن استبداده مشروع، جرد جيشا ضد البرلمان وبدأت الحرب بين الملك والبرلمان، فانهزم الملك وحكم عليه بالإعدام. والسبب أن البرلمان شكل محكمة، وأن المحكمة وجدت أن شارل مذنب لقيامه بالحرب ضد البرلمان، وأنه خائن لوطنه سفاك للدماء وعدو للشعب(14). لقد تحول الحكم المطلق إلى عار في بريطانيا بعد إعدام شارل الأول، وإلى عار في فرنسا بعد إعدام لويس السادس عشر، وظهرت الليبرالية بديلا قانونيا وتمثيلا شعبيا. لقد لعبت النخب السياسية والثقافية الطالعة على السلم الاجتماعي للدولة دورا خطيرا جدا في خوض الصراع لصالح الليبرالية والحقوق، كانت النخب الجديدة تحترم التزاماتها كما تحترم أهدافها العأمة، لقد كانت معركة تمثيل الشعب غاية في الجدية والالتزام، لكنها لم تكن شعارا أو مناورة، وباتت النخب مستعدة للتضحية وتحمل المسؤولية، وكان الفكر الجديد الداعي إلى الحرية والحقوق والعقد الاجتماعي والمواطنة يدعم مطالب الطبقات الوسطى الجديدة ويعكس حاجتها إلى التنوير. لم يكن الدين مشكلة، ولم يكن فصل الدين عن الدولة شعارا أو مخططا، فقد صار العمل يجري على تثبيت الحقوق والحريات، وهو ما قاد إلى أن يخسر الحكم حقه الإلهي ومطلق قراره، ويصبح الدين قضية شخصية وليس قضية حكم، هذا ما تخاف منه جميع الأنظمة السياسية العربية بما فيها تلك التي تدعي أنها علمانية، إنها قائمة على حق إلهي من نوع آخر. إن الدكتاتوريات غير الدينية هي دكتاتوريات منافية للعلمانية؛ لأن العلمانية ليست عدم التدين وإنما صفة للإجراءات الحقوقية والقوانين والمظاهر الليبرالية التي تعترف بالحريات الفردية والحريات السياسية للأحزاب، وحرية المعتقد وحرية الصحافة، وحيادية التعليم وحيادية الخدمة المدنية. هوبز: بداية فكر الإنسان نقل هوبز(1588-1679) فكر الدولة والفكر السياسي نقلة نوعية وواسعة؛ بتركيزه على طبيعة الدولة الوحشية التي وصفها في كتابه الفخم(الليفيتان) بـ (ذلك الوحش الأسطوري البحري)، وأخاف به الكاثوليكيين والأساقفة الإنغليكان، كما نقل الفكر السياسي فصار علما له مفرداته الخاصة وتعريفاته المحددة ووظائفه الخاصة، وربط السياسة بمصطلحات وأطر جديدة، فأصدر(عناصر الحق والقانون)، ثم (المواطن)، وبعده (الطبيعة البشرية والجسم السياسي)، وختمها بـ (الإنسان). هذه إذن مواد طبيعية مقابل ما يقوله من تعريف للدين "أن الخشية من قوة خفية، سواء كانت وهما أو تصورا مأخوذا عن العادات المقبولة عموما، هو الدين" إن تحرير الإنسان من الخوف كان يتطلب فلسفة جديدة تقوم على الواقع، وعلى الطبيعة، فالمجتمع المدني يفترض أن يكون حالة طبيعية ضد الاستبداد والطغيان، أي ضد الإطلاقية. فحق الطبيعة عند هوبز هو حرية كل فرد في استعمال قدراته الذاتية؛ من أجل أن يحفظ حياته الخاصة، إن هوبز شأنه شأن فلاسفة الحق الطبيعي لا يتوقفون عند اكتشاف القانون، بل توظيفه من أجل دولة حرة ومواطن حر، فالمجتمع السياسي ليس واقعة طبيعية بل صناعة ميثاق إرادي للفرد مع الفرد؛ لأن السيادة تقوم على هذا الميثاق أو العقد، كما إن قيام الدولة يستدعي قبول كل فرد بها، وبالتالي تنبثق المواطنة من العقد الاجتماعي بين الأفراد.(15) لكن هوبز لم يرفض الإطلاقية، وإنما طوقها بما أسماه الضميرالمهني للملك، هذا الضمير المستمد من العقل يجعل من الغباء بالنسبة للعاهل ألا يفتش عن مصلحة شعبه؛ لأن مصلحة شعبه بالتالي هي مصالحه هو شخصيا، ورغم أن هوبز ملكي؛ لكنه لا ينطلق من مسيحيته بهذا الصدد؛ ولذلك يسعى في مؤلفاته إلى تقييد الإطلاقية ويعول على الدولة، التي عول عليها فيما بعد هيغل؛ لكي تلبي الوظيفتين الدينية والمدنية، وفي الوقت الذي يقيد هوبز السلطة المطلقة بالضمير المهني، فان هيغل يقيدها بالاخلاقية ويقيد الحرية بهذه الاخلاقية (الاخلاقية، في مجالها الثاني، تعطي شكل الجانب الحقيقي من مفهوم الحرية) (16). إن أحد الأسباب لقوة الإطلاقية هي الحروب الدينية التي جعلت شعوب الدولة المسيحية تدعم الحكم المطلق؛ من أجل السلام في مفارقة تأريخية ستنجلى فيما بعد، وسيكون انفصال انكلترا وفرنسا عن البابوية منطلقا جديدا للدولة المدنية التي خرجت من رحم الدولة الدينية، من التفسير اللاهوتي للحقوق الطبيعية التي ستكون فلسفة العلمانية، ذلك التفسير الذي يصور القانون الطبيعي على أنه التعبير عن الإرادة الإلهية، وسيظهر غروسيوس وبوفندورف لصياغة قوانين الحقوق الطبيعية التي ستكون أساس التطور الحقوقي لليبرالية العلمانية. وقد تضافرت عدة عوامل، سياسية واقتصادية وعلمية، إلى تطور التصورات الحقوقية للعالم والمواطن والدولة، فبدأت التصورات الحقوقية تتشكل، (الحقوق منفصلة عن الدين، والسياسة منفصلة عن اللاهوت، وقوانين التجارة هي قوانين الطبيعة)، وهكذا تجمعت أفكار الفلسفة العلمانية سياسيا واقتصاديا وعلميا، إذ أسهمت العلوم والتجارب العلمية والاكتشافات العديدة في تحولالمعرفة من معرفة دينية إلى معرفة لقوانين الطبيعة. الليبرالية العلمانية وفكرة الحقوق الطبيعية وليست المكتسبة.. لنتوقف عنذ القوانين الطبيعية لأن الديمقراطية ستخرج من معطفها، وستخرج العلمانية منها فيما بعد، إن الفكر المسيحي يختلف عن الفكر الإسلامي وبالتالي سنجد أن مفهوم الدولة سيتطور من خلال هذا الاختلاف.إن فلاسفة المسيحية لم يمتلكوا ثوابت مقدسة كالتي يمتلكها الفكر الإسلامي وخصوصا في موضوع الحكم.لقد خرجت من القرآن فكرة الجدل بشأن القدرية والجبرية، وانتبه الحكام في العصر الأموي إلى خطورة هذه الفكرة على السلطة السياسية، أي أن التفويض الإلهي والحكم المطلق ارتبط بالجبرية والقدرية، وتحولت السلطة الأموية إلى طرح مفهوم الجبرية وإشاعته، وأكدت عليه ومنه استمدت قهريتها واستبدادها ومصادرتها للمال العام، واعتباره ملكا شخصيا للحاكم.لقد هيمنت السلفية من خلال ابن حنبل في مقولاته وعقائده فكرست فكرة أن القضاء والقدر لا يكتمل الإيمان بهما وهما من الله، وإن خلافات الصحابة ( أي الخلاف على الحكم الذي حدث في السقيفة، وتطور مع معاوية، والثورة الإسلامية الأولى ضد عثمان) لايصح الخوض فيها، بل يجب العدول عن ذكرها، والوقوف عند محاسنهم وفضائلهم، وإن ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل وفق ترتيبهم في تولي الخلافة، كما أن علم الكلام منكر، والاشتغال به منكر، وأخذ العقائد بأدلته منكر، وأن مجالسة أهله منكر، وأن طاعة ولي الأمر واجبة حتى لو كان فاجرا فاسقا، والثورة عليه منكر. (17) إن الفكر الإسلامي يقوم على تأكيد عقيدة واحدة أساسية هي طاعة الحاكم، حتى أن الماوردي في (الأحكام السلطانية) يوجب على المسلمين طاعة الحاكم في كل الأحوال؛ ولذلك أصبح موضوع الاستبداد موضوعا ثانويا في الفكر الإسلامي، بل أصبح موضوعا غائبا، وإذا شئنا الدقة التأريخية، فإن الاستبداد أصبح جزءا من الفكر الديني الإسلامي السائد، تُخلق له الاعذار والتبريرات الدينية، كما لدى ابن تيمية الذي أقر شرعية الغلبة العسكرية لأخذ السلطة، وهو نتاج التسلط المملوكي الذي شهد القتل والخلع، ولكن ابن حنبل وابن تيمية وغيرهما لايقرون شرعية الثورة على الحاكم الظالم.لقد انتفى موضوع العدالة وموضوع الحرية وموضوع المساواة وموضوع الحقوق من الفكر الإسلامي، إن الكُتّاب الإسلاميين الجدد لم يفعلوا شيئا مع الأسف سوى إعادة وتكرار مفاهيم غير موثقة واقعيا، عن أن الإسلام يتضمن كل هذه المفاهيم ولكن لم يتم تطبيقها، غير أن بعضهم يؤكد - بدون أدلة تأريخية- تطبيقها في عهد هذا الخليفة أو ذاك دون أن يتغير الوضع المزري للحريات والحقوق في الدول الإسلامية التي ترفض هذه المفاهيم باعتبارها مفاهيم غربية.لقد كتب ماكفيرسون، في تحريره لمؤلف لوك (البحث الثاني حول الحكومة) في الطبعة الصادرة عام1980 مقدمة مهمة جدا، قال فيها وهو يستعرض أهمية الكتاب في بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة التي تاثرت ثورتها بأفكار لوك، ويتساءل: "بعد أن استقرت كل الأفكار والقضايا التي أثارها هذا الكتاب، لمإذا يعتبر هذا الكتاب من كلاسيكيات الليبرالية؟ إن جزءًا من الجواب يكمن في الهجوم الذي تتعرض له الدولة الدستورية الليبرالية في الغرب من قبل العالم الشيوعي والعالم الثالث".ثم تطورت حركة الموطئين التي ظهرت في صفوف جيش كرومويل الذي أعدم الملك شارل الأول، وأطلق الجمهورية وقوانين الإصلاح من خلال الثورة الإنجليزية عام1640، كانت أفكار الموطئين تتركز على حقوق الشعب، ولتلبية وضمان هذه الحقوق يكون البرلمان ممثلا لهذه الحقوق، وكانت فكرتهم تقوم على أساس أن لكل إنسان الحق على الموافقة على القوانين بواسطة ممثله البرلمانين، لقد أكدوا على الحرية الشخصية والمنفعة، كما اعتقدوا أيضا أن الناس يولدون وتولد معهم حقوقهم، وعلى المستوى الديني كانوا يدعون إلى التسامح.إننا نجد أفكار وإطروحات كلٍّ من هوبز ولوك في هذه البرامج، فالبرلمان هو بنك لحفظ حقوق الأفراد، أي أن البرلمان ليس أكثر من خزانة أودع المواطنون فيها حقوقهم ومن حقهم أن يستردوها إذا ما أخل البنك بشروط وظروف حفظ هذه الوديعة. وهذا يعني، كما يـؤكد لوك، حق هؤلاء الناس في الثورة على هذا البنك الذي أخل بشروط عقد حفظ ودائع الناس، وإذا كان هذا مصدرا مهما من مصادر العلمانية، فإن الميرزا حسين النائيني، المجتهد الشيعي الإسلامي الذي اشتهر في مطلع القرن العشرين في العراق وإيران، قد أكد هذا الحق بصورة واضحة في كتابه (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) واضعا خطين متوازين للحياة، الخط الديني: وهو حق الله على الناس، والخط المدني: وهو حق الناس في سلطة مدنية تدير شؤونهم وتحفظ حياتهم وممتلكاتهم؛ وذلك من خلال عقد اجتماعي يفضي إلى هيئة تشريعية منتخبة ممثلة للشعب، تكون الضمانة في عمله التشريعي لتحقيق عدم التعأرض مع الشريعة وجود عدد من الفقهاء والعقلاء(18).




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !