حـصــاد بـاشــدار
قيادات قوى الحرية والتغيير
بعد الإعتذار . لم يعد لإستمرار تحالف قوى الحرية والتغيير المركزي من مبررات للإستمرار على ما هي عليه ، ولا عوامل دفع للأمام . وبالتالي فإنه ينبغي على هذا التحالف أن يفض نفسه بنفسه للتخلص من تبعات الماضي وتجاربه الساذجة التي وإن لم يخالطها فساد ظاهر ؛ إلاّ أن أبرز سلبياتها تتمحور في سلامة النوايا والعذرية والبراءة وإنعدام الخبرات بفنون القيادة وألاعيب السياسة.
مهما حاولت قيادات قحت من سبيل لجبر الضرر ورتق الثوب وترميم الصدع . فإنها ستظل هدفاً سهلاً لملتقطي اللمم من الفلول والملتحين والغربان والثعالب التي تتجارى وتناور وتلهث وتنفث السم الزعاف خلف المكون العسكري وحركات النهب المسلحة ؛ وتسمي نفسها قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني . والوطنية منها براء ، فخم لا يزيدون عن كونهم صائدو جوائز ومناصب ، ومرتادي فساد.
على قوى الحرية والتغيير المركزي أن تنسى إمكانية تشكيل حكومة كفاءات بمفردها أو محاصصات مع الغير كما حدث في الماضي . فهذه الحكومة ستجد نفسها مرة أخرى عالقة في تروس العراقيل التي يضعها تحالف العسكر والمسلحين والفلول والملتحين والغربان والثعالب في طريقها.
وكذلك ستجد نفسها ضحية الوفاء ببنود وأحلام ما يسمى بإتفاق سلام جوبا . والذي شهد لأول مرة في تاريخ البشرية فرض إملااءات مهزوم مندحر على متفوق منتصر . حتى لو كان المبرر من توقيع هذا (السلام) الحصول على قروض ميسرة وإعفاءات نادي باريس..... إعفاءات نادي باريس التي سرعان ما ذهبت أدراج الرياح. ونحمد الله أن تم تجميد الإعفاءات وتبخرت فرص الإقتراض . لأنها لو لم تتجمد لكانوا (المسلحين والفلول والملتحين والغربان والثعالب) قد نهبوها وأكلوها ولاكوها وابتلعوها ؛ وقاموا بتلفتون يمنة ويسرى يتساءلون هل من مزيد؟
في البداية عند توقيع الوثيقة الدستورية . ترك المعسكر المضاد للثورة المجال لقوى الحرية والتغيير وحمدوك ولجنة التفكيك للإستفادة من علاقاتهم وخبراتهم وإتصالاتهم مع القوى الكبرى . وبما يسمح بالحصول على الإعفاءات من الديون وإستدراج المعونات والمنح والقروض ورفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاءات نادي باريس وتسوية تعويضات أكثر من عملية إرهابية. وهي خطوات ما كانت القوى المضادة للثورة أن تحلم بإنجازها من واقع كونها منبوذة أفراداً وجماعات منهم من هو جاهل ، ومنهم من هو مطلوب للعدالة الدولية، ومنهم المرتزقة ، ومنهم اللصوص ورعاة ودعاة الإرهاب.
إن على قوى الحرية والتغيير (قحت) إدراك أن ثورة 19 ديسمبر ليست كسابقاتها من الثورات الشعبية التي لم يتعدى تأثيرها سوى تغيير أنظمة حكم عسكرية وإستبدالها بديمقراطية مدنية لم تستمر طويلاً.
إن من أبرز سمات ثورة 19 ديسمبر أنها بعنفوانها الشبابي لا تسمح للقيادات فيها أن تنفرد طويلاً بالقرار والبريق والسلطة المطلقة خاصة. بل هي ثورة تكاد ينطبق عليها مقولة "أن القطة تأكل أولادها أحيانا".
ثم أن هذه الثورة تمضى وتتصاعد بخطى ثابتة عميقة الثبات راسخة . وتتنقل من مرحلة إلى أخرى كاسحة ؛ وكموج البحر ترخي سدولها بأنواع الهزيمة وتبتلي كل من يقف في طريقها . ولا ينبغي لصاحب عقل أن يتوقع منها أن تكون سهلة الإختطاف والإخضاع مثلما كانت علية 21 أكتوبر 1964م وأبريل 1985م.
إنها ثورة شباب متجددة بتجدد دماء من يبحث عن الشهادة ولا يهاب الموت .... والشباب على مر العصور هم صحابة الرسل والأنبياء وجنودهم وأهل الصبر على المكاره ، والمؤازرة والإيمان والجهاد.
والشباب أيها الكهول والفلول والعجائز والأفندية وأصحاب المصالح على العكس منكم . فهو يستمد قوته من إيمانه بوطنه وتراب أجداده . لا ييأس ولا يفتر ولا تبرد عظامه . وهو لحوح وصبور ... وهذه هي سنة الله وسبب من أسبابه لتعمير الأرض والتغيير بسواعد الشباب . ولن تجدوا لسنة الله تبديلا.
الواقع المعاش القريب يؤكد هذه الحقيقة التي تنفرد بها الثورات العظيمة المفصلية في حياة الشعوب. فعلى سبيل المثال لو راجعنا قائمة الأفراد الذين لمع نجمهم في بداية ثورة 19 ديسمبر وبحثنا عنهم اليوم لما وجدنا أحداً منهم في الساحة، رغم أنهم لا يزالون على قيد الحياة. ولو عاد هؤلاء وحاولوا إعادة إنتاج أنفسهم فإنهم سيجدون أن الأدوار التي لعبوها بداية الثورة ، لم تعد الثورة بحاجة إليها الآن .. وغداً ستتطور الأحوال وتتغير متطلبات وآليات ومعطيات وحيثيات مسيرة هذه الثورة لا محالة. والثابت الوحيد بين كل هذا وذاك هو أن راية هذه الثورة لن تقع أبدا حتى لو أنجزت كل أهدافها ووصلت إلى غاياتها وإنقضت عقود من الزمان.
هي ثورة تذكرنا بواقع ومعطيات ما يسمى بسباق التتابع . وهو السباق الذي يعتمد على مجهود الفرد ضمن مجموعة لايمكن فصله عنها . فكل متسابق يحمل العصا ويتقدم بها ثم يسلمها للتالي ,, وهكذا تتوالى الجهود والإستلام والتسليم . ويكون النصر في نهاية المطاف للمجموعة.
أن تحل قوى الحرية والتغيير المركزي نفسها بنفسها يمنحها الديناميكية والقدرة على إعادة التشكيل بمكونات متناسقة غير متشاكسة فيما بينها أو محسوبة عليها أملتها الظروف عند البدايات. وسيجعلها هذا التعديل تستوعب متطلبات وأطروحات المرحلة الحالية والقادمة دون أن تنوء بحمل أثقال وسلبيات الفترة الماضية التي إنقضت بإنقلاب 25 أكتوبر خاصة. وسيظل تحالف كتلة الإنقلابيين العساكر والنهب المسلّح والفلول والملتحين والغربان والثعالب هم وحدهم الذين ينوءون بأوزار ما بعد 25 أكتوبر وما قبل باشدار.
وحبذل لو تخلت القوى الثورؤة عن مسمى "قوى الحرية والتغيير المركزي" وتركته لقوى الحرية والتغيير التوافق الوطني تلبسه في ظهرها وتنوء بحمله كما تنوء السلاحف تحت أقداحها.
واليوم وبعد إعلان الحزب الشيوعي عن تكوين تجمع جديد يعمل تحت عباءته بمسمى "تحالف قوى التغيير الجذري" . فإن ذلك يعتبر بمثابة الطلاق النهائي، والبينونة الكبرى دون رجعة بين الحزب الشيوعي من جهة وقوى التحرية والتغيير المركزي من جهة أخرى. وبذلك يختفي من ركب قحت أكبر معوّق لمسيرتها منذ توقيع الوثيقة الدستورية التي أصبحت اليوم وبفعل إنقلاب 25 أكتوبر من الإتفاقيات التاريخية في أرشيف ثورة 19 ديسمبر.
مصعب المشرّف
30 يوليو 2022م
التعليقات (0)