مواضيع اليوم

حظوظ الرئاسة المصرية

مجدي المصري

2012-05-18 13:26:18

0

حظوظ الرئاسة المصرية


  بعد مرور عام ونيف على اندلاع ثورة الغضب المصرية التي أطاحت بمبارك وولي عهده, والذي لم يجد سوى جدران حجرة في مشفي ليحتمي بجدرانها من غضبة الشعب المصري مدعياً الهرم والعجز والمرض.
مرت تلك الفترة العصيبة من التاريخ المصري بما تعجز الجبال عن حمله من أحداث جسام أُريق خلالها الكثير من الدماء المصرية الذكية, ولكنها على كل حال مرت وحان وقت القطاف, حان وقت انتخاب رئيس جديد للبلاد بطريقة ديمقراطية يختار فيها الشعب المصري من يقود مسيرته اختياراً حراً مباشراً ليطوي بذلك صفحة حالكة من تاريخه ويبدأ صفحة جديدة.
العد التنازلي لموعد سباق الرئاسة ينصرم بسرعة فائقة, وفي تنافس محموم بين ثلاثة عشر مرشحاً هم كل من تبقى من بضعة مئات سحبوا أوراق الترشح, فشل غالبيتهم من الحصول على توقيعات التأييد سواء البرلمانية أو الفردية, ومن تمكن منهم كان ضعف هذا العدد, وتمت غربلتهم إلى النصف بواسطة اللجنة المختصة وبقوة القانون (الاعلان الدستوري) المُستفتى عليه شعبياً.
والمنافسون على منصب الرئيس ينقسمون إلى ثلاث شعاب رئيسية هي:
- إخوانيون وذوي مرجعيات إسلامية
- تابعون للنظام السابق وعملوا معه أو من يطلق عليهم الفلول
- ليبراليون وثوريون ومستقلون
ولن يكفي مقالنا هذا لسرد كل مرشح على حدة لذلك سوف نكتفي بأكثر المرشحين شهرة وأشرسهم منافسة, وأكثرهم حظوظاً وتوقعاً للفوز وهم:
من الاسلاميين محمد مرسي و عبد المنعم أبو الفتوح والاثنان من الاخوان
يقابلهم من الفلول عمرو موسى و أحمد شفيق والاثنان عملا مع مبارك
ويتبقى من الليبراليين الثوريين حمدين صباحي اشتراكي يساري
هؤلاء الخمسة هم من يتمحور بينهم السباق الرئاسي في مصر, ولكن حتى تتضح معالم الطريق لابد من استرجاع الأحداث التي مرت بها مصر في هذه الفترة والانتخابات البرلمانية وفي عجالة حتى نستطع أن نتلمس حظوظ كل منهم.
بمجرد أن نجحت الثورة في تنحية مبارك عن الحكم انقسمت أطياف الشعب السياسية حول السؤال .. ماذا بعد؟
قرر الشباب الثوري البقاء في الميدان حتى تلبى كافة المطالب من جهة المجلس العسكري الذي تولى زمام الأمور في مصر بعد مبارك.
قرر حزب الوفد برئاسة رئيسه السيد البدوي تولي أمر علاقات مصر الخارجية واستأجر طائرة يدور بها على الدول المجاورة والأفريقية في دور لم يكن مطلوباً منه على الاطلاق.
سارعت بعض الجماعات الأخرى والتشكيلات والتكتلات الناشئة بتكوين أحزاب لها وانشغلت في أمر تكوين تلك الأحزاب وهياكلها وتنظيماتها ومقراتها.
بينما هرع الاخوان المسلمون ومن ورائهم التكتلات السلفية إلى المواطن المصري في كل شارع وكل حارة وكل قرية وكل نجع نائي يعرضون بضاعتهم كبديل وحيد أمثل للنظام البائد ذو مرجعية دينية إسلامية تهفو إليها أفئدة الناس.
وأقبلت الانتخابات البرلمانية بغتة على كل التيارات السياسية التي لم تكن قد استعدت الاستعداد الكافي ولم تستطع حشد أنصار ومؤيدين لها في الشارع, إلا جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين فحصدوا بذلك ثلاثة أرباع مقاعد مجلس الشعب بكل سهولة ودان لهم مجلس الشورى بالمثل, مع ملاحظة في غاية الأهمية وهي أن الشعب المصري رفض تماماً فكرة مجلس الشورى وبالتالي لم يخرج للتصويت واختيار أعضاءه, وخرج فقط الاخوان والسلفيون فاتضح حجم كتلتهم التصويتية وهي 7% فقط من جملة الناخبين.
انتشي الاخوان والسلفيون بالنصر المبين وأسكرتهم خمر النصرة فكرروا ما فعله المسلمون الأوائل (يوم أُحد) وتركا الميدان وهبطا من الجبل ليتنازعا الغنائم, فانفض كثير من الناس من حولهم, وانحصر التأييد الجارف من حولهم, ولم يتعظا ولم يعتبرا وإنما دفعتهما العزة بالاثم للمزيد يوماً وراء يوم حتى باغتتهم انتخابات الرئاسة كما باغتت الانتخابات البرلمانية غيرهم من قبلهم, فاستشعرا الأخطار المحدقة بهم, لم يقدما ما يغير أو يجدد صورتهما وإنما حاربا شخوص (الفلول) حرباً شعواء, وهو الأمر الذي أتى بما لا تشتهي سفنهما وزاد من شعبية الفلول ورفع أسهمهما عالياً.
والشعب المصري وإن كان قد سلمهما (الاخوان والسلفيين) مفاتيح التشريع والرقابة على أعمال الحكومة من منطلق أنهم يتقون الله خير تقاته, إلا أنهما فشلا فشلاً زريعاً بأداء هزيل وفضائح مدوية, فجائت المؤشرات الأولى والواضحة والتي تخرج من ألسنة وأفئدة البسسطاء من أبناء الشعب المصري بالرفض لتولي هذا التيار الإسلامي لزمام الأمور في البلاد, وأحداث وزارة الدفاع الأخيرة كانت القشة التي قسمت ظهر البعير بين المواطن البسيط الذي يعشق جيشه وتيارات الإسلام السياسي ومعهم الشباب الثوري, ليصبح الفلول أو بالأحرى عمرو موسي وأحمد شفيق مُتصدران للماراثون الرئاسي, وإن كانت حظوظ شفيق أقوى من موسى.
وأسوأ توقعات النتائج هي دخول شفيق دورة الإعادة مع محمد مرسي مرشح الإخوان ليكتسحه تماماً في جولة الإعادة بفارق كبير, خاصة بعد إعلان حملة عمر سليمان الانضمام لشفيق بكل مناصريه,
أما عمرو موسى فينحصر التأييد له وتتآكل شعبيته وتقل فرصه لصالح شفيق,
أما عبد المنعم أبو الفتوح فقد خسر كل الأحبال عندما لعب عليها كلها معاً, إلا لو صدرت تعليمات مكتب الارشاد في اللحظة الأخيرة لأتباعه بالتصويت لأبو الفتوح,
وأما حمدين صباحي فلا يوجد له في تاريخه ما يدعم فكرة توليه المنصب الجسيم,
والمواطن البسيط لديه رؤية خاصة به وهي أنه لا يتولى هذا المنصب من هو ليس كفوا له, أو له أجندته الخاصة بالتيار المنتمي له.

مجدي المصري




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات