يعتقد الكثير من العرب اللذين أدمنوا جلد الذات بأن المجتمعات اللتي تعيش في الدول الديموقراطية خالية من الأمراض الأجتماعية ومن التعصب والكراهية . ودائما ما نجد هؤلاء "الجلادة" وقد أصبحوا ملكيين أكثر من الملك , وهم يحاولون أضفاء صفة الملائكية على هذه المجتمعات .
ونجدهم دوما يحاولون أقناعنا بأن هذه الأمراض لا توجد ألا في مجتمعاتنا المتخلفة والمريضة كما يصفونها . الى أن وصل الحال بهؤلاء الى الدفاع حتى عن جرائم هذه الدول والمجتمعات بكل ما أوتوا من قوة . مما يجعلنا نتسائل عن الهدف من هذه الأزدواجية المتمثلة بمدح جريمة ما هنا وقدح نفس الجريمة هناك ؟! .
طالعتنا التقارير الأخبارية بأن سويسرا ستجري في 29 من تشرين الثاني (نوفمبر) استفتاء على حظر بناء مآذن جديدة بعد أن جمع سياسيون من حزب الشعب السويسري اليميني والاتحاد الديمقراطي الاتحادي ما يكفي من التوقيعات العام الماضي لفرض اجراء استفتاء على حضر المآذن.
وحزب الشعب السويسري اليميني هذا حصل على 29 بالمائة من الاصوات في الانتخابات الاخيرة ليصبح الحزب الاكبر في سويسرا . وقام بشن حملات مناهضة للهجرة ومن بينها ملصق تظهر فيه نعجة بيضاء ترفس نعجة سوداء بعيدا عن العلم السويسري.
ونحن نتسائل هنا عن السبب اللذي يدفع أكبر حزب في سويسرا الى أجراء أستفتاء من هذا النوع ؟؟.
لا يمكن الأجابة عن هذا السؤال ألا بأنها العنصرية والكره ولا شيء غير ذلك . وهذا ليس رأيي لوحدي , بل أنه رأي الحكومة السويسرية ذاتها . وكذلك رأي 51 بالمئة من الشعب السويسري اللذي أظهر استطلاع للرأي أجري الاسبوع الماضي بأنهم يعارضون الحظر بينما يؤيده 35 بالمائة .
هذا وقد حثت الحكومة السويسرية الناخبين الخميس 15-10-2009 على رفض حظر مقترح على بناء مآذن جديدة قائلة ان هذا الحظر سيتعارض مع الحرية الدينية وحقوق الانسان وقد يؤدى الى اشعال التطرف.
وقالت ايفلين فيدمر شلومف وزيرة العدل السويسرية في مؤتمر نقل على الانترنت من بيرن "انها ليست طريقة مناسبة لمواجهة التطرف الديني بل انها تهدد بتعزيز المتعصبين دينيا". وتجري سويسرا في 29 من تشرين الثاني (نوفمبر) استفتاء على حظر بناء مآذن جديدة بعد أن جمع سياسيون من حزب الشعب السويسري اليميني والاتحاد الديمقراطي الاتحادي ما يكفي من التوقيعات العام الماضي لفرض اجراء استفتاء.
ويعيش في سويسرا التي تقع في منطقة جبال الالب أكثر من 300 ألف مسلم أي حوالي أربعة بالمائة من السكان وبها مئات المساجد عدد قليل جدا منها له مآذن وأدت المطالبات ببناء المزيد من المآذن الى حملة تدعو الى حظرها.
وحظرت بعض الحكومات المحلية ملصقا مؤيدا للحظر ظهر فيها العلم السويسري وهو على شكل صليب أبيض على خلفية حمراء وقد غطته مآذن على شكل صواريخ وامرأة ترتدي برقعا أسود في رمز الى الاسلام المتزمت.
وقال توماس ويف رئيس المجلس السويسري للأديان ان الهوية السويسرية مرتبطة بالتنوع الثقافي والديني لكنه قال إن الدعوة إلى الاستفتاء تشير الى أن الاسلام استثار الاسئلة والشك والخوف بين العديد من السويسريين. وقال في مؤتمر صحفي "مثل هذه الأسئلة يجب أن تناقش علنا لكن مبادرة الاستفتاء تأتي بنتيجة عكسية حيث تعوق الحوار بدلا من تشجيعه " واتهم حزب الشعب السويسري اليميني بالعنصرية .
لذا فعندما يصف بعضنا هذه الأفعال بالعنصرية فأننا لا نفعل ذلك من فراغ . ولا لأسباب التعصب الأعمى . بل لأن هذه الأفعال هي أفعال عنصرية في حقيقتها .
جميل هذا الحوار السويسري الداخلي حول التطرف . حوار يبين أهمية الديموقراطية لمعالجة المشاكل الأجتماعية وغيرها من المشاكل اللتي لا يمكن حلها ألا بعد أن يصبح الشعب حاكما لنفسه . فعندها من الممكن ان نمنع الكثير من جرائم التطرف الأعمى حتى لو كان قد أصاب 35 بالمئة من المجتمع .
التعليقات (0)